post

تواصل أزمة نتائج الانتخابات.. متى يحسم العراق الجدل؟

الشرق الأوسط الجمعة 24 ديسمبر 2021

على الرغم من مرور أكثر من 10 أسابيع على الانتخابات العراقية التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، ما تزال القوى المعترضة على نتائج الانتخابات والمنضوية ضمن "الإطار التنسيقي" تواصل رفضها للنتائج، وتؤكد حقها في اتباع السبل القانونية وممارسة الضغوط الشعبية لإجراء تعديل على النتائج، أو إعادة العملية الانتخابية.

وجددت القوات الأمنية العراقية، اليوم الجمعة، انتشارها في العاصمة بغداد، وتحديداً في محيط المنطقة الخضراء، التي تضم مبنى السفارة الأميركية ومقرات البعثات الدبلوماسية الأجنبية، والحكومة والبرلمان؛ تحسباً لاحتجاجات حشدت إليها، أمس، القوى الرافضة لنتائج الانتخابات البرلمانية، والتي لم تصادق المحكمة الاتحادية على نتائجها بعد.

وبدأ الانتشار في ساعة متأخرة من ليل الخميس/ الجمعة، حيث بدأت القوات الأمنية بقطع جسر الجمهورية وسط بغداد، والمؤدي إلى إحدى بوابات المنطقة الخضراء، بحواجز إسمنتية، كما تم قطع عدد من الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، وتوزع العشرات من عناصرها عند البوابات الأخرى، التي أحكم إغلاقها.

ووفقاً لمسؤولين أمنيين في العاصمة بغداد، فإن الانتشار الأمني يعتبر إجراء استباقياً تحسباً لأي طارئ، أو حصول أعمال عنف خلال الاحتجاجات التي سبق وأن سجلت عدة محاولات سابقة لاقتحام المنطقة الخضراء من قبلهم في أسابيع ماضية.

وقال ضابط برتبة مقدم، في قيادة عمليات بغداد المسؤولة عن الملف الأمني في العاصمة، في تصريح صحفي، إن الأوضاع مستقرة في بغداد والانتشار الأمني إجراء بديهي مع أي نشاط احتجاجي تشهده العاصمة.

وأوضح أن "الإجراءات الأمنية التي اتبعت ركزت على الانتشار داخل المنطقة الخضراء وقرب بواباتها، فضلاً عن تأمين المناطق القريبة منها، وتحديداً مناطق الكرادة والجادرية، والعلاوي"، وأشار في الوقت نفسه إلى "توجيهات عليا"، بشأن تجنب الاحتكاك مع المحتجين.

وفي الأثناء، نشرت منصات مقربة من فصائل عراقية مسلحة لقطات مصورة لاحتجاجات سابقة جرت في بغداد رافضة لنتائج الانتخابات قرب المنطقة الخضراء. وأطلقت على احتجاجات اليوم الجمعة (جمعة البصيرة)، وحثت على المشاركة "بخطى واثقة نحو المنطقة الخضراء".

وتواصل القوى الرافضة لنتائج الانتخابات، تصعيدها الإعلامي، وجددت رفضها القبول بها وبناء حكومة جديدة على أساسها. وقال المتحدث باسم تحالف "الفتح" الواجهة السياسية لـ"الحشد الشعبي"، أحمد الأسدي، إن "موقفنا ثابت من نتائج الانتخابات، المشكوك في نزاهتها والمطعون في صحتها والتي لا يمكن بناء تفاهمات على أساسها".

وشدد في تصريح تلفزي: "لا يمكن عكس نتائج الانتخابات على إدارة الدولة لـ4 سنوات مقبلة، وقطعاً لن نقبل بتشكيل الحكومة وفق هذه المعطيات لأنها ستؤدي إلى انتكاسات ونتائج سلبية". وأكد أن "الإطار التنسيقي اقترح إنشاء تفاهمات للمرحلة المقبلة، تمنع الانسداد السياسي وتلتفت لحاجات المواطنين"، وأشار إلى أن "أية حكومة تشكل على حساب طرف آخر لن تستمر".

ومن المرتقب أن تبت المحكمة الاتحادية، يوم الأحد المقبل، بالطعن المقدم من قبل زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، في نتائج الانتخابات.

واتهم العامري خلال عرض لشكواه قدّمه أمام المحكمة الاتحادية، مفوضية الانتخابات العراقية بالتسبب بحرمان نحو 5 ملايين ناخب من المشاركة في الانتخابات لعدم قيامها بإصدار بطاقات بايومترية لهم، رغم أنّ قانون الانتخابات يلزم المفوضية بتسجيل المواطنين الذين تنطبق عليهم شروط التسجيل البايومتري في سجل الناخبين.

من جهته، قال عضو قوى "الإطار التنسيقي" محمد الصيهود، في حديثٍ صحفي، إنهم "تعرضوا لأكبر عملية احتيال وتزوير حصلت في جميع الانتخابات التشريعية العراقية 2021، فقد كانت هناك مؤامرة لدفع قوة شيعية معينة إلى الصدارة وقوى شيعية محددة إلى الخسارة، وهو أمر غير مقبول ولن يتم السكوت عنه".

وأضاف أن "القوى المسلوبة حقوقها مارست أدواراً قانونية ودستورية عبر تقديم الطعون إلى المحكمة الاتحادية، وننتظر رأيها ونحن نحترم القضاء العراقي وما يصدر عنه".

ولفت إلى أن النتائج الأولية وما صدر من نتائج بعد إجراء العد والفرز اليدوي "ليست مُرضية لقوى الإطار التنسيقي، وبالتالي لا بد من إظهار النتائج الحقيقية ومحاسبة المقصرين وترضية الإطار التنسيقي على الغبن الذي تعرض له، جرّاء فشل مفوضية الانتخابات في إدارة عملية الاقتراع والحفاظ على أصوات العراقيين".

من جهته، كشف القيادي في حركة "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله" العراقية، عباس العرداوي، أن "هناك ضغوطاً تمارس من جهات نافذة في العراق على أطراف تعمل في ملف الطعون بنتائج الانتخابات التشريعية العراقية 2021 من أجل الإبقاء على النتائج، وعدم تصحيحها".

أما عضو التيار الصدري عصام حسين، فأكد في تصريح صحفي، أن "على جميع القوى السياسية القبول بنتائج الانتخابات التشريعية العراقية 2021 الأخيرة التي أعلنتها مفوضية الانتخابات العراقية، لأنها باتت واقع حال".

واعتبر حسين أن المعترضين عليها لا يمتلكون أي أدلة تثبت تزوير الانتخابات، بل إنهم يسعون إلى عرقلة العمل السياسي ومنع مشروع "الكتلة الصدرية" الفائزة بالانتخابات من إقرار وتنفيذ مشروعها وهي "حكومة الأغلبية الوطنية" التي تمكن الفائزين من تسيير إدارة الدولة، واحتواء الخاسرين أو توجههم إلى المعارضة السياسية.

ولفت حسين إلى أن "الخاسرين بالانتخابات وعلى الرغم من أنهم طالبوا بإلغاء الانتخابات، لكنهم كانوا في الوقت نفسه منشغلين بالحوارات السياسية في سبيل تحديد منافعهم الحزبية في المرحلة المقبلة، بالتالي فإن هذه اللعبة باتت مكشوفة ولم تعد تنطلي على أي عراقي، واستمرار تعطيل العمل السياسي في العراق بهذه الطريقة سيؤدي إلى انسدادات جديدة".

بدوره، رأى رئيس حزب "المواطنة" غيث التميمي، في تصريح صحفي، أن "نتائج الانتخابات لن تتغير، وظهرت حقيقة كل حزب وكيان سياسي وفصيل مسلح وحجمه الجماهيري، بالتالي فإن تعمّد التأخير السياسي لم يعد يجدي نفعاً على مستوى تغيير النتائج، لكنه كان لعبة ذكية من قوى الإطار التنسيقي التي كسبت الوقت وعقدت حوارات ومفاوضات مع أكثر من جهة، في سبيل الاتفاق على الحصص والمناصب".

ويذكر أن المحتجون طالبوا إلغاء نتائج الانتخابات ومحاسبة مفوضية الانتخابات التي اتهموها بالتلاعب بإرادة الناخبين، كما هاجموا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، واتهموه بمساعدة المفوضية بتزوير الانتخابات.

وتحدث في أكثر من مناسبة رافضو النتائج عن امتلاكهم ما يعتبرونها "أدلة دامغة"، تثبت حدوث عمليات تلاعب بنتائج الانتخابات قالوا إنهم قدموها للهيئة القضائية للانتخابات والمحكمة الاتحادية وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، إلا أنهم لم يكشفوا عن الجهات التي ذهبت إليها المقاعد التي يقولون إنها "سرقت" منهم.

وظهر "الإطار التنسيقي"، أول مرة في المشهد السياسي العراقي عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات، في أكتوبر الماضي، كغطاء يجمع القوى الحليفة لإيران، قبل أن يتحول لتجمع يضم عدة قوى سياسية تشترك في رفضها لنتائج الانتخابات ككل.

ومن أبرز هذه الكتل "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وتحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري، و"عطاء" برئاسة رئيس "الحشد الشعبي" فالح الفياض، إضافة إلى "تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، وتحالف "النصر" بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.

وكانت المحكمة الاتحادية قررت في وقت سابق تأجيل البت بشكوى تقدم بها زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري لإلغاء نتائج الانتخابات، وسط حديث عن ضغوط سياسية تتعرض لها المحكمة من أجل الاستجابة للشكوى.

ويشار إلى أنه وفق النتائج الأخيرة التي أعلنتها مفوضية الانتخابات العراقية، يعد تحالف "الفتح"، الذي يمثل الجناح السياسي لفصائل "الحشد الشعبي" أبرز الخاسرين بحصوله على 17 مقعداً، بعد أن كان ثانياً برصيد 48 مقعداً في انتخابات 2018. كما منيت حركة "صادقون" (الجناح السياسي لمليشيا عصائب أهل الحق)، وحركة "حقوق" (الذراع السياسي لمليشيا كتائب حزب الله العراقية) بخسارة كبيرة بعد حصول كل منهما على مقعد واحد.

وفي المقابل، فازت الكتلة الصدرية التي يتزعمها مقتدى الصدر بـ73 مقعداً من أصل 329، يليها تحالف "تقدم" بـ37 مقعداً، ثم ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي برصيد 33 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني بـ31 مقعداً.

انتخابات-العراق-2.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً