post

ردود أفعال حول قرار صندوق النقد إرجاء النظر في ملف تونس

اقتصاد وأعمال الخميس 15 ديسمبر 2022

أرجأت أمانة صندوق النقد الدولي النقطة المدرجة بجدول أعمال مجلس إدارته المقرر عقده في 19 ديسمبر 2022، والمتعلقة بالمصادقة على تسهيل الصندوق الممدد EFF لفائدة تونس؛ وذلك قصد منح السلطات التونسية متسعا من الوقت لوضع اللمسات الأخيرة لمتطلبات برنامج الإصلاحات المقدم من قبل السلطات التونسية.

وأفاد مصدر من البنك المركزي التونسي اليوم الخميس 15 ديسمبر 2022، أنه سيتم الاتفاق على موعد جديد لإدراج النقطة المتعلقة بالمصادقة على تسهيل الصندوق الممدد لفائدة تونس، بجدول أعمال مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، بعد التشاور بين الطرفين، خلال الايام المقبلة، بهدف "منح السلطات التونسيّة متسعا من الوقت لوضع اللمسات الاخيرة لمتطلبات برنامج الاصلاحات، الذّي قدمته لهيكل التمويل الدولي".

وتعتزم تونس إعادة عرض ملف الإصلاحات عند استئناف اجتماعات إدارة صندوق النقد الدولي بعد عطلة السنة الادارية أي خلال شهر جانفي 2023، وفق المصدر ذاته.

وكان صندوق النقد الدولي قام بتحيين رزنامة اجتماعات مجلس ادارته مساء أمس، الأربعاء، على موقعه الإلكتروني، مع تغييب النقطة الخاصة بتونس، الذّي كان من المبرمج النظر فيها خلال اجتماع 19 ديسمبر 2022، دون ان يدرجها في جدول اعماله حتّى يوم 22 ديسمبر 2022. ولفت الصندوق إلى أنّ هذه الرزنامة تبقى قابلة للتغيير وأن جدول أعمال كل اجتماع يتم الانتهاء منه عادة في اليوم السابق له.

وتعوّل تونس على موافقة صندوق النقد الدولي على منحها قرضا بقيمة 1،9 مليار دولار لإصلاح توازناتها المالية وتمويل ميزانيتها وفتح الآفاق لإبرام اتفاقات مالية مع أطراف مانحة أخرى.

وكان ممثل صندوق النقد الدولي، مارك جيرار، اكد في ختام تظاهرة “أيّام المؤسسة” بسوسة، يوم 10 ديسمبر 2022، أن النقاش حول البرنامج الإصلاحي، الذّي تقدمت به تونس سيتواصل على مستوى مجلس إدارة صندوق النقد الدولي وأضاف: “نحاول تقديم خبرتنا وأعتقد أن الإصلاحات ستعود بالفائدة على تونس”.

وأوضح أن الصندوق سعى الى أن يحظى برنامج الإصلاحات التونسية بموافقة جميع الأطراف، ولفت الى أنّ المشاورات، التّي أجراها الصندوق مع الاتحاد العام التونسي للشغل كانت جيدة، على حد تعبيره، وأكد أهميّة تعزيز العدالة الجبائية وتحسين مناخ الأعمال.

واعلن صندوق النقد الدولي، يوم 15 أكتوبر 2022، عن التوصل الى اتفاق مع السلطات التونسية على مستوى الخبراء لمنحها قرضا بقيمة 1،9 مليار دولار لمدة 48 شهرا من اجل مساندة السياسات الاقتصادية للبلاد.

وأكد صندوق النقد الدولي في بلاغ نشره، آن ذاك، أن الاتفاق النهائي يبقى مرتبطا بموافقة المجلس التنفيذي للصندوق والذي من المبرمج أن يناقش طلب تونس في شهر ديسمبر 2022.

قرار التأجيل لا يعني إلغاء الاتفاق

ودعا مدير عام السياسات النقدية السابق في البنك المركزي، محمد صالح سويلم، الى التريث وانتظار التوضيح من الجهات الرسمية في الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي، بخصوص قرار سحب ملف تونس من اجتماعات الصندوق.

وأضاف سويلم، في تصريح إذاعي، اليوم الخميس 15 ديسمبر 2022، أن هذا القرار لا يعني سحب عضوية تونس من الصندوق او الغاء الاتفاق المبدئي. وشدد، على ان الاقتصاد الناجح يُبنى على الثقة ووضوح الرؤية، وهو ما لا يتوفر اليوم في المشهد الاقتصادي والسياسي التونسي.

أسباب سحب ملف تونس

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن الخطاب غير الموحد بين رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل من بين أبرز الأسباب وراء سحب صندوق النقد الدولي ملف تونس من الاجتماع الذي كان يوم 19 ديسمبر الحالي.

كما اشار في تصريح إذاعي، اليوم الخميس، الى أن الحكومة قدمت لصندوق النقد الدولي مشروع قانون مالية 2023 غير موقّع عليه من طرف رئيس الجمهورية.

وأكد أن السلطات التونسية لم تتمكن من تعبئة الموارد الكافية لإنجاح برنامجها بالتوازي مع تمويل صندوق النقد الدولي وبالتالي مدى قدرتها على تنفيذ الاصلاحات التي قدمتها لصندوق النقد الدولي .

مؤشر سلبي جدا

بدوره، قال الخبير الاقتصادي محسن حسن، إن "تأجيل عرض الملف التونسي على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي مؤشر سلبي جدا".

وأضاف في تدوينة نشرها على صفحته بالفايسبوك: "إدارة الملف الإقتصادي والمالي في تونس تستدعي المراجعة قبل فوات الأوان".

خطط للتفاوض تحت الضغط

من جانبه، كشف تقرير نشره المرصد التونسي للاقتصاد حول ديون تونس، أن الحكومة التونسية عمدت تحت الضغط إلى تطبيق 4 خطط استراتيجية في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من بينها تفعيل الإصلاحات والدبلوماسية الاقتصادية وسط تعتيم محلي قيّد دور المجتمع المدني .

وأشار التقرير الذي صدر تحت عنوان "الطريق نحو التداين رصد رحلة مفاوضات تونس المكبلة بالديون مع صندوق النقد الدولي"، الى ان الحكومة اعتمدت كذلك على الترويج للتوصل الى عقد اجتماعي على المستوى الوطني مع الاتحاد العام التونسي للشغل الى جانب اعتماد سياسة اتصالية قامت على دعوة الصحفيين في مواعيد محددة لتوجيه خطاب معين بشان الاتفاق.

وقالت الباحثة ومنسقة البرامج بالمعهد التونسي للاقتصاد، ندى الطريقي، خلال ندوة افتراضية خصصت لتقديم التقرير ان ديون تونس تتشكل من 65 بالمائة على شكل قروض خارجية و 35 بالمائة تتضمن قروضا داخلية.

وبيّنت ان 50 بالمائة من ديون تونس الخارجية تعود الى مؤسسات متعددة الاطراف، ويمتلك صندوق النقد الدولي منها حصة في حدود 20 بالمائة الى جانب 30 بالمائة للبنك الدولي و24 بالمائة للبنك الافريقي للتنمية فيما يستحوذ صندوق النقد الدولي على 10 بالمائة من الدين الخارجي لتونس.

ولاحظت الطريقي أن تونس وصندوق النقد الدولي توصلا منذ سنة 2011 الى 3 اتفاقيات مالية وكانت على التوالي خلال سنوات 2013 و2016 و2020 وان الاتفاق المرتقب مع الصندوق يمثل رابع اتفاق مالي معه.

وبينت الطريقي ان صندوق النقد الدولي لا يخفي عن المقترضين الشروط التي يفرضها لمنح القروض والتي تتضمن المعايير والاصلاحات الهيكلية والاجراءات المسبقة والتي تتضمن اصلاحات هيكيلة مرتبطة بجدول زمني الى جانب الشروط الكمية المرتبطة بالمعايير الاداء الكمية والاهداف الارشادية.

ويركز تقرير المرصد بالأساس على السلم الزمني للمفاوضات والاحداث ذات الصلة على المستوى الوطني والمرتبطة بالقرارات الحكومية على غرار زيادة الحكومة في اسعار المحروقات قبل اجتماعات الربيع التي تمت في 14 افريل 2022 واتخاذ تدابير الطوارئ الاقتصادية بعد مشاركة الوفد الحكومي في الاجتماعات .

وخلصت الطريقي في تحليلها للتقرير الى وجود نوع من الديناميكية تتحكم في مسار التفاوض بين تونس وصندوق النقد الدولي الا انها غير معلنة الى جانب تلازم مسارات التفاوض وتنفيذ الاصلاحات، علما وانه يوجد عديد الاطراف التي تتدخل في مسار التفاوض على غرار الدول الكبرى والاسواق المالية ووكالات التصنيف الدولية.

واعتبرت أن الضغط على الحكومة التونسية خلال فترة التفاوض مع صندوق النقد الدولي دفعها الى تبني خطط استراتيجية قامت اساسا على الغموض والتعتيم وتقليص دور المجتمع المدني على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل وموقعي "بوصلة" و"انكفاضة".

صندوق-1.jpg

You might also like!