post

ماذا يحدث عند تجاوز سرعة الضوء؟ دراسة تضع إجابة افتراضية

أخبار الخميس 05 جانفي 2023

مرآة تونس- "لا شيء أسرع من الضوء"، تلك هي القاعدة الفيزيائية المطلقة التي تنحني لها كل قواعد الفيزياء الحديثة، وتمثل جوهر نظرية "النسبية الخاصة" لأينشتاين، فكلما زادت سرعة جسم ما، تجمد الوقت بالنسبة له من منظور هذا الجسم حتى يصل إلى السكون والتوقف التام.

نهاية السببية

إذا انطلقت جسيمات بسرعة أعلى من سرعة الضوء -مثل جسيمات "تاكيونات" (Tachyon)- فإنها ستواجه معضلات تتعلق بعكس الزمن، وستقلب مفاهيم السببية رأسًا على عقب.

والسببية هي المبدأ الأساسي في الفيزياء، فإذا كانت هذه الجسيمات قادرة على إرسال المعلومات بسرعة تفوق سرعة الضوء، وفقًا لنظرية النسبية الخاصة، فإن التاكيونات ستكسر علاقة السببية.

لتبسيط الأمر، إذا كان هناك حدثان أحدهما يمثل إرسال الإشارة من مكان ما، والثاني يمثل استقبال تلك الإشارات في مكان مختلف، فما دام أن الإشارة تتحرك بسرعة الضوء وأقل، فإن رياضيات الوقت تؤكد أن كل اللحظات المرجعية تتفق على أن حدث الإرسال قد حدث قبل الاستقبال.

أما بافتراض إشارة تتحرك بسرعة فوق ضوئية، فإن علاقة السببية ستنعكس، وستحدث النتيجة قبل السبب! وستكون هناك لحظات تم فيها استقبال الإشارة قبل إرسالها، لذا فإن هذه الإشارات تسافر إلى الماضي لأن إحدى الفرضيات الأساسية لنظرية النسبية الخاصة تقول "إن قوانين الفيزياء يجب أن تعمل بالطريقة نفسها بكل لحظة، وإذا كان من الممكن للإشارات أن تسافر للماضي في لحظة ما، فيجب أن يكون ذلك ممكنا في كل اللحظات".

فإذا كان المراقب (أ) يرسل إشارة للمراقب (ب)، وكانت هذه الإشارة تسير بسرعة فوق ضوئية، فإنها ستصل إلى المراقب (ب) في لحظة سابقة في الزمن، وحينها سيرسل المراقب (ب) إشارة أخرى كـ"رد" ستتحرك أيضا بسرعة فوق ضوئية لتصل إلى المراقب (أ) في لحظة أسبق من الزمن أيضًا. باختصار، سيستقبل المراقب (أ) الرد قبل إرسال الإشارة الأصلية.

نظريات فيزيائية جديدة

لكن باحثين من جامعة وارسو في بولندا وجامعة سنغافورة الوطنية قرروا فتح حدود جديدة في نظرية النسبية للوصول إلى قواعد لا تتعارض مع الفيزياء الحالية، بل تمهد كذلك الطريق أمام نظريات فيزيائية جديدة، ونشروا دراستهم البحثية في دورية "كلاسيكال آند كوانتم غرافيتي" (Classical and Quantum Gravity) يوم 30 ديسمبر/كانون أول الماضي.

ووفقا لما جاء في البيان الصحفي للدراسة -المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" (Phys.org)- فقد قدم الباحثون تصورا يدفع نظرية النسبية الخاصة لآفاق جديدة يقوم على 3 أبعاد زمنية وبعد مكاني واحد (زمكان 3 +1)، وذلك بخلاف ما قدمته نظرية النسبية التي تقوم على 3 أبعاد للمكان وبعد واحد للزمان.

وحتى لا تكون سببًا في تناقضات منطقية صارخة، قدمت الدراسة الجديدة مزيدا من الأدلة التي تعزز تصور أن الأجسام قد تتجاوز سرعة الضوء من دون أن تكسر قوانين الفيزياء الحالية.

تعتمد هذه الدراسة الجديدة على الدراسات السابقة لبعض الباحثين المشاركين، التي تفترض أن مفهوم تجاوز سرعة الضوء قد يسهم في مد جسور التوافق بين ميكانيكا الكم ونظرية النسبية الخاصة لأينشتاين، وهما فرعان من الفيزياء لا توجد نظرية شاملة موحدة توفق بينهما وتصف الجاذبية كما تصف القوى الكونية الأخرى.

ووفقا للإطار الذي تطرحه الدراسة الجديدة، لن يتم تصوير الجسيمات أو وصفها كعناصر تشبه النقط كما هي الحال في التصورات الحالية الشائعة ثلاثية الأبعاد للكون (بالإضافة إلى الوقت). وبدلًا من ذلك، لفهم ما قد يراه المراقب وسلوكيات الجسيمات الأسرع من الضوء، تستعين الدراسة بأنواع نظريات المجال أو الحقل الكمي التي تقوم عليها فيزياء الكم.

وفي إطار النموذج الجديد، ستبدو للمراقب (الناظر) الأجسام الأسرع من الضوء مثل جسيمات تتسع وتتمدد مثل فقاعة في الفضاء، وهي في ذلك لا تختلف عن الموجات التي تمر في مجال معين. ومن ناحية أخرى، فإن هذا الجسم الأسرع من الضوء سيشهد العديد من المسارات أو الخطوط الزمنية المختلفة.

*الجزيرة 

You might also like!