post

كيف كانت ردود الأفعال حول قرار سعيّد تعديل القانون الانتخابي للمرة الثانية في أقل من شهر؟

سياسة السبت 08 أكتوبر 2022

جليلة فرج

أثار قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد المتمثل في تعديل القانون الانتخابي بعد ثلاثة أسابيع من دخوله حيز التنفيذ، انتقادات وجدلا واسعا خاصة وأنه لم يمر شهر على تنقيحه من قبله بمرسوم رئاسي، وذلك قبل نحو شهرين من الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في 17 ديسمبر 2022.

وقال سعيّد أمس الجمعة، لدى استقباله رئيسة الوزراء نجلاء بودن بقصر الرئاسة بقرطاج، إن هناك تلاعبًا بالتزكيات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، وأضاف أنه "يجب وضع حد لهذه الظاهرة المتعلقة بالمال الفاسد، وتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات".

وتابع، وفق ما جاء في بلاغ للرئاسة، "تبيّن أن عددًا من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانوناً وصارت التزكيات سوقًا تباع فيها الذمم وتُشترى"، حسب تعبيره.

وأضاف: "إذا كان التشريع الحالي لم يحقق أهدافه فالواجب الوطني المقدس يقتضي تعديله للحد من هذه الظاهرة المشينة خاصة وأن الذين تم إيقافهم ووقعت إحالتهم على العدالة هدفهم، كما تبين ذلك من الأبحاث، هو إدخال الارتباك في صفوف المواطنين وبثّ الفوضى خوًفا من الإرادة الشعبية الحقيقية".

وشبّه نشطاء وسياسيون ومنظمات ما يحصل بـ"العبث"، باعتبار أن القانون الذي يلوح الرئيس بتنقيحه سبق أن نقّحه قبل أقل من شهر، وذكّروا بما حصل عندما سبق أن أصدر سعيّد نسخة أولى من الدستور الجديد في الرائد الرسمي، ثم بعد فترة قصيرة قام بتعديله وأصدر نسخة أخرى مصرحًا بأن "أخطاء تسربت فيه"، وفق تعبيره.

تبريرات مفتعلة

وشدّد رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)، بسّام مَعْطِر، على أن إحداث تغييرات على القانون الانتخابي أثناء السنة الانتخابية مخالف للمعايير الدولية الفضلى المتعارف عليها.

وانتقد مَعْطِر توجه رئيس الجمهورية للقيام بتنقيح للمرسوم عدد 55 المنقح للقانون الانتخابي رغم أن المسار الانتخابي انطلق ومن شأن ذلك المساس بمبادئ النزاهة والشفافية والديمقراطية للعملية الانتخابية، حسب تقديره.

وقال مَعْطِر إن رئيس الجمهورية اختار منذ البداية مسارا انفراديا لا تشاركيا ونحن الآن نرى تبعاته، واعتبر أن تبريرات تنقيح القانون الانتخابي تبدو في جزء منها مفتعل، حسب تعبيره.

ورجح مَعْطِر أن يكون تنقيح المرسوم المتعلق بالانتخابات في اتجاه إقصاء فئة أخرى من التونسيين من حقهم في الترشح وهم أعضاء المجالس البلدية. وتابع أن هناك احتمال لتنقيح شروط التزكيات بالتقليص في العدد المطلوب أو الاستغناء عنها.

تغيير غير جدّي

من جهتها، اعتبرت رئيسة شبكة مراقبون رجاء الجبري في تصريح إذاعي، اليوم السبت 8 أكتوبر 2022، أن قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد القاضي بتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات في هذا التوقيت "غير جدّي".

وشددت الجبري على أن ما يحدث اليوم أثناء عملية جمع التزكيات من شراء أصوات وضغط وتعطيل لبعض المترشحين كان أمرا بديهيا وواضحا لأنه من الصعب تطبيق شروط التزكيات.

واعتبرت الجبري أن هذا حدث بسبب أن المرسوم عدد 55 المنقح للقانون الانتخابي وضع بصفة انفرادية ولم يقع تشريك أصحاب الخبرة في المادة الانتخابية من مكونات المجتمع المدني والخبراء في صياغته.

إنهاء المهزلة

وقال الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، في تدوينة له على فيسبوك: "الواجب الوطني المقدس يقتضي تعديل مرسوم الانتخابات.. هذه ليست دولة وإنما هي مزرعة خاصة".

وأضاف: "الواجب الوطني المقدس يفرض علينا جميعًا التصدي لهذا العبث وإنهاء هذه المهزلة". وأردف الشواشي: "الخطأ الواجب تصحيحه هو ذلك الذي تسرب إلى قصر قرطاج"، في إشارة إلى الرئيس قيس سعيّد.

عهد تصحيح المصحّح

بدوره، اعتبر القيادي بالتيار الديمقراطي هشام العجبوني أنّ ما يقوم به قيس سعيد هو ''العبث'' بذاته، وأشار أنّ قيس سعيد يقوم بتعديل وتغيّير وتصحيح ما قام بتغيّيره بنفسه. ودوّن على الفايسبوك: ''نحن الآن في عهد تصحيح المصحّح وتعديل المعدّل وتغيير المغيّر! ''.

ودعا العجبوني الرئيس سعيد إلى أن يُعيّن نواب البرلمان بمفرده كما فعل في صياغة الدستور وتنقيح القانون الانتخابي. وتوجّه له بالقول: ''أنت كتبت دستور على مقاسك ونقّحت القانون الإنتخابي على مقاسك وقاعد تخيّط في كسوة البلاد على مقاسك، عاد كمّل اختار نواب البرلمان على مقاسك وكفى التونسيين والتونسيات شرّ التزكيات وشرّ التعريف بالإمضاء وشرّ الإنتخابات وشرّ الديمقراطيّة''.

اللعب بالدولة

من جهته، دوّن القيادي بائتلاف الكرامة زياد الهاشمي، على صفحته بفايسبوك، "قيس سعيّد سينقح مرسوم الانتخابات الذي كتبه هو وصادق عليه لأنه قد تسربت فيه أخطاء كالدستور الذي عدله مرتين". واستنكر الهاشمي، في ذات السياق، ما وصفه بـ"العبث واللعب بالدولة"، حسب ما جاء في تدوينته.

ومن جانبها، قالت النائب بالبرلمان رباب بن لطيف، في تدوينة على صفحتها بفايسبوك: "الرئيس قرر عدل القانون الانتخابي الذي أصدره حديثًا، لأنه تبين أن مسألة التزكيات قد تسببت في الفوضى والإرباك بين المواطنين"، حسب تصورها. وأضافت: "هو وحده من يصدر القوانين ووحده من يتفطن بالعبث ووحده من يقوم بمراجعتها".

العبث بالبلاد

من جانبه، نشر القيادي في جبهة الخلاص، جوهر بن مبارك تدوينة أكّد من خلالها أنّ قيس سعيد يعبث بالبلاد وكأنّه مزرعته الخاصّة.

واعتبر أنّ قرار قيس سعيد بمراجعة وتعديل القانون الانتخابي بسبب التجاوزات الحاصلة في جمع التزكيات يعود إلى عدم قدرة أنصاره على جمع 400 تزكية وقاموا بتهديده بالمقاطعة.

ووصف بن مبارك الرئيس سعيد بالتارزي، ودوّن ''عند التارزي قيس سعيّد: كلّ انواع الخياطة على المقاس: دساتير مناشير أوامر مراسيم قيس والبس والخلاص علينا. انتخابات سعيّد مزرعة سعيّد سرك سعيّد عبث سعيّد".

قرارات أحادية الجانب

كما انتقدت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي قرار تعديل القانون الانتخابي، ودوّنت على الفايسبوك: ''أين وين بيها توة''. وندّدت بقرارات قيس سعيد الأحادية الجانب، وقالت "هو من نقّح القانون الانتخابي وهو من يسعى لتعديله".

تونس ليست مختبرًا

وعلق الباحث الأكاديمي وأستاذ في تاريخ العالم العربي المعاصر عادل اللطيفي على تصريح سعيّد قائلًا: "ما تحدث عنه سعيّد سبق أن قلناه منذ أن أصدر القانون الانتخابي الساذج، لأننا نعرف واقع تونس أفضل منه".

وأردف موجهًا خطابه لسعيّد: "من المفروض أن تتحمل مسؤوليتك خاصة وأنك اعترفت أن قانونك به أخطاء.. تونس ليست مختبرًا ونحن لسنا فئران تجارب".

وتساءل اللطيفي "كيف يعقل أن يقع تنقيح قانون انتخابي أثناء العملية الانتخابية؟"، وختم بالقول: "أنت عاجز عن تسيير البلاد، ولتكن لديك الشجاعة لتحمل مسؤوليتك".

فتح أبحاث

ويشار إلى أن الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات أعلنت في بلاغ لها يوم الخميس 6 أكتوبر 2022، أنّه تمّ التفطّن إلى محاولات بعض الراغبين في الترشح لإنتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب يوم 17 ديسمبر 2022، الحصول على التزكيات بطريقة غير قانونية.

وأوضحت الهيئة أنّ ذلك تمّ إما عن طريق استعمال الوسائل والموارد العمومية أو بتقديم مقابل نقدي أو عيني للحصول على تلك التزكيات. وأكدت أنّ النيابة العمومية تعهّدت ببعض تلك الحالات وأذنت بفتح أبحاث والاحتفاظ بالمشتبه بهم.

ويذكر أن سعيّد كان نشر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، المرسوم عدد 55 لسنة 2022 والمتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، وذلك ليل الخميس 15 سبتمبر 2022.

قس-سعد-ونجلاء-بودن.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً