post

إلى متى تتواصل دوامة انتخاب الرئيس العراقي؟

الشرق الأوسط الأربعاء 23 فيفري 2022

من المنتظر أن تعقد المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأربعاء، جلسة جديدة هي السادسة من نوعها المتعلقة بالأزمة السياسية المتواصلة في البلاد منذ نحو أربعة أشهر، وذلك للنظر بالطعن المقدم للمحكمة حيال دستورية قرار البرلمان الأخير بإعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.

وهذا الأمر ترفضه قوى "الإطار التنسيقي" الذي يضم أبرز القوى الحليفة لإيران، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الخصم التقليدي للحزب الديمقراطي الحاكم في إقليم كردستان العراق.

تدخلات المحكمة

وتدخلت المحكمة الاتحادية مرات عدة على طول أسابيع الأزمة الماضية، كانت أولاها للنظر في طعن بصحة نتائج الانتخابات وشكوى التلاعب بها، قدمته قوى "الإطار التنسيقي"، في نوفمبر الماضي، وهو ما رفضته المحكمة، وأقرّت بشرعية الانتخابات ونتائجها.

والتدخل الثاني تمثّل في قرار قضائي من المحكمة بناءً على طلب لنواب من التحالف ذاته بتحديد "الكتلة الكبرى" التي يحق لها تشكيل الحكومة. إذ أكدت المحكمة في قرارها أن تحديد هذه الكتلة يكون من قبل رئيس البرلمان المنتخب وليس الأكبر سناً الذي يتولى إدارة الجلسة الأولى، وذلك على عكس ما كانت تأمله قوى "الإطار التنسيقي" التي قدمت في الجلسة الأولى للبرلمان طلباً لاعتمادها الكتلة الكبرى.

كذلك، تلقّت المحكمة طعناً ثالثاً من "الإطار التنسيقي" أيضاً، بشأن شرعية الجلسة الأولى للبرلمان، وترتب على هذه الشكوى تجميد عمل البرلمان بأمر من المحكمة، قبل أن تقرر بعد نحو أسبوعين من ذلك بدستورية الجلسة وما ترتب عليها، والتأكيد على قانونية انتخاب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبيه.

ورابع تدخل للمحكمة كان بطلب من الرئيس الحالي المنتهية ولايته، برهم صالح، بشأن استمرار صلاحياته من عدمها بعد تجاوز مهلة اختيار الرئيس الجديد التي حددها الدستور، وهو ما دعا المحكمة إلى عقد جلسة جديدة أقرت فيها باستمرار صالح بأداء مهامه الدستورية.

ثم حصل تدخل خامس استبعدت بموجبه المحكمة مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، من سباق الترشح لرئاسة الجمهورية، بناءً على شكوى وصلت المحكمة بشأن ذلك.

واليوم، ينتظر أن تبت المحكمة بالطعن المتعلق بشرعية قرار رئاسة البرلمان إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بعد إغلاقه ضمن المهلة الدستورية.

ولا تمتلك القوى السياسية في بغداد أي تصور واضح حيال ما ستفرزه جلسة المحكمة الاتحادية اليوم، بسبب التفاوت في تفسيرات المواد 66 و68 و70 و73 و75 المتعلقة باستحقاقات تسمية رئاسة البرلمان، ثم آلية قيامها بخطوات اختيار رئيس جديد للجمهورية.

وكان هذا التفاوت في التفسيرات أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، قبل نحو أسبوع، إلى المطالبة بتعديل الدستور العراقي، ما يعني أن أياً كان قرار المحكمة اليوم في حال اتخاذه، فإنه سيكون عرضة للتشكيك والاعتراض أيضاً.

البرلمان يعلن قائمة المرشحين

وكشفت رئاسة البرلمان العراقي، مساء الثلاثاء، عن قائمة بالأسماء المتقدمة للتنافس على منصب رئاسة الجمهورية، وذلك قبل يوم واحد من جلسة مرتقبة للمحكمة الاتحادية للنظر بالطعن المقدم حيال دستورية إعادة البرلمان فتح باب الترشح مرة أخرى، إذ تتهم قوى سياسية رئاسة البرلمان بخرق الدستور الذي حدد مهلة ثلاثين يوما للترشح إلى المنصب من تاريخ أول انعقاد جلسة للبرلمان والتي جرت في التاسع من جانفي الماضي.

وذكر بيان صدر عن رئاسة البرلمان أن 59 شخصا تقدم للترشح لتولي منصب رئيس الجمهورية، وجرى استبعاد 26 منهم لأسباب عديدة ذكرها البيان، من بينها عدم اكتمال أوراق المرشحين أو وجود مشاكل قضائية بحقهم، وبيّن أن الأسماء النهائية للمرشحين، وهم 33 شخصا، تمت المصادقة عليها.

وتضمنت أبرز الأسماء المرشحة الرئيس الحالي برهم صالح، الذي يصر الاتحاد الوطني الكردستاني، الخصم التقليدي للحزب الديموقراطي بزعامة مسعود البارزاني في إقليم كردستان، على ولاية ثانية له، كما ضمت الأسماء المرشح الجديد للحزب الديموقراطي الكردستاني، وهو ريبر أحمد خالد، الذي يشغل حاليا منصب وزير داخلية إقليم كردستان، إضافة إلى قاضي محكمة الرئيس الأسبق صدام حسين، والقاضي رزكار محمد أمين، والقيادي في الاتحاد الوطني عبد اللطيف محمد جمال، إلى جانب أسماء أخرى حزبية وسياسية كردية وعربية

وعلى خلاف التوقعات، لم يُقدم الحزب الديموقراطي بديلا عن هوشيار زيباري لشغل منصب رئيس الجمهورية، بعد قرار قضائي باستبعاده، غير وزير الداخلية الحالي في الإقليم، ريبر أحمد خالد، وهو ما يعني أنه في حال قبول المحكمة الاتحادية العليا اليوم الطعن المقدم بشرعية إعادة فتح باب الترشيح من قبل البرلمان، فإن سيناريو الذهاب إلى مرشح تسوية بين الحزبين الكرديين هو الأقرب.

ووفقا للدستور العراقي، فإن رئاسة البرلمان لها الحق بفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية لمدة 30 يوما من تاريخ انتخابها، وهذا ما حدث بالفعل حين قام رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بعد انتخابه في التاسع من الشهر الماضي بفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، ثم عمدت رئاسة البرلمان بعد ذلك إلى إعادة فتح الترشيح مجددا لمدة ثلاثة أيام، ما تسبب بجدل سياسي واسع لعدم تضمن الدستور ما يشير إلى إعادة الترشيح.

العرف السياسي

وجرى العرف السياسي في العراق بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 على أن يكون منصب رئيس الجمهورية من حصة القوى السياسية الكردية، والمنصب وفقا للدستور يعتبر تشريفيا ولا يمتلك صلاحيات تنفيذية.

ويصر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، من معقله التقليدي في مدينة السليمانية بزعامة بافل الطالباني، على تجديد الولاية للرئيس الحالي برهم صالح، وهو ما يرفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، بزعامة مسعود البارزاني، والذي طرح رسمياً وزير الداخلية في إقليم كردستان (ريبر أحمد خالد) مرشحاً منافساً لصالح، بعد استبعاد مرشحه هوشيار زيباري بقرار من المحكمة الاتحادية العليا.

ويفرض الدستور وجود ثلثي أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 329 في الجلسة، ليتحقق نصاب انتخاب رئيس الجمهورية. في المقابل، يحق للبرلمان عقد جلساته الأخرى بتحقق الأغلبية البسيطة (نصف الأعضاء + 1)، وهو ما لم يتحقق أيضاً في الجلسة التي كانت مقررة للبرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في 7 فيفري الحالي.

inbound9197676694607800199.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً