أتمّ الملياردير إيلون ماسك صفقة الاستحواذ على "تويتر" مقابل 44 مليار دولار في وقت متأخر من مساء أمس الخميس، وكانت خطوته الأولى بعد إتمام الصفقة هي إقالة القيادة العليا لشركة التواصل الاجتماعي التي اتهمها بتضليله بشأن عدد حسابات البريد العشوائي على المنصة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع السيارات الكهربائية تسلا إنه يريد «هزيمة» روبوتات البريد العشوائي على تويتر، وجعل الخوارزميات التي تحدد كيفية تقديم المحتوى لمستخدميها متاحة للجمهور، ومنع النظام الأساسي من أن يصبح غرفة صدى للكراهية والانقسام، حتى لو كان يحد من الرقابة.

ومع ذلك، لم يقدم ماسك تفاصيل حول كيفية تحقيقه لكل هذا ومن سيدير الشركة. وقال إنه يخطط لإلغاء الوظائف، مما يترك حوالي 7500 موظف في تويتر قلقين بشأن مستقبلهم. وقال أيضا الخميس إنه لم يشتر موقع تويتر لكسب المزيد من المال ولكن «لمحاولة مساعدة البشرية التي أحبها».

إقالات

وقالت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز"، إن ماسك أقال الرئيس التنفيذي لـ"تويتر" باراج أجراوال، والمدير المالي نيد سيجال، ورئيسة الشؤون القانونية والسياسات فيجايا جادي. وأضافت المصادر أن أجراوال وسيجال كانا في مقر "تويتر" في سان فرانسيسكو عند إتمام الصفقة وجرى اصطحابهما إلى خارج المقر. ولم ترد "تويتر" ولا ماسك أو المسؤولون التنفيذيون بعد على طلبات للتعليق.

وكانت وكالة "بلومبيرغ" قالت قبل أيام إنّ إيلون ماسك تعهّد بإتمام صفقة شرائه منصة التواصل الاجتماعي "تويتر" بحلول اليوم الجمعة، بعد أشهر عدة من المفاوضات مع مسؤولي الشركة، كما العديد من المؤسسات المالية التي ستقوم بتمويل الصفقة.

وفي لقاء عبر تقنية "فيديو كونفرانس"، يوم الإثنين الماضي، أتم ماسك اتفاقه مع مسؤولي البنوك الذين سيموّلونه بنحو 13 مليار دولار، ضمن الصفقة التي تصل قيمتها لنحو 44 مليار دولار، وفقاً للوكالة.

ويخطط ماسك للتخلّص مما يقرب من 75% من العاملين في "تويتر"، البالغ عددهم 7500 عامل، لينخفض عدد موظفي الشركة إلى ما يزيد قليلاً عن ألفي موظف.

وأفادت "بلومبيرغ" قبل إتمام الصفقة، بأنّ إدارة الشركة الحالية وبغض النظر عن الصفقة تخطط لخفض رواتب العاملين بنحو 800 مليون دولار بحلول نهاية العام المقبل، وهو رقم من شأنه أن يعني رحيل ما يقرب من ربع القوى العاملة، وفقاً لوثائق الشركة والمقابلات مع أشخاص مطلعين على مداولاتها.

إغلاق صفقة الاستحواذ

الاستحواذ الذي تبلغ قيمته 44 مليار دولار هو تتويج لسلسلة رائعة، مليئة بالتحولات والمنعطفات، أثارت الشكوك حول ما إذا كان ماسك سيكمل الصفقة. وبدأت في 4 أبريل، عندما كشف ماسك عن حصة 9.2% في الشركة، مما جعله أكبر مساهم فيها.

ووافق أغنى شخص في العالم بعد ذلك على الانضمام إلى مجلس إدارة تويتر، لكنه رفض في اللحظة الأخيرة وعرض شراء الشركة بدلاً من 54.20 دولاراً للسهم، وهو عرض لم يكن تويتر متأكداً مما إذا كان سيفسره على أنه نكات أخرى من ماسك عن القنب.

وكان عرض ماسك حقيقياً، وعلى مدار عطلة نهاية أسبوع واحدة فقط في وقت لاحق من شهر أفريل، توصل الجانبان إلى اتفاق بالسعر الذي اقترحه. وحدث هذا دون أن يقوم ماسك بأي إجراءات واجبة بشأن المعلومات السرية للشركة، كما هو معتاد في عملية الاستحواذ.

شكوك ماسك

وفي الأسابيع التي تلت ذلك، كان لدى ماسك أفكار أخرى. واشتكى علناً من اعتقاده أن حسابات البريد العشوائي على تويتر كانت أعلى بكثير من تقدير المنصة، المنشور في ملفات تنظيمية، بنسبة تقل عن 5% من المستخدمين النشطين يومياً الذين يمكن تحقيق الدخل منهم. ثم اتهم محاموه تويتر بعدم الامتثال لطلباته للحصول على معلومات حول هذا الموضوع.

وأدت الحدة إلى قيام ماسك بإخطار تويتر في 8 جويلية بأنه أنهى صفقتهم على أساس أن تويتر ضلله بشأن الروبوتات ولم يتعاون معه. بعد أربعة أيام، رفع تويتر دعوى قضائية ضد ماسك في ولاية ديلاوير، حيث تأسست الشركة، لإجباره على إتمام الصفقة.

وبحلول ذلك الوقت، تراجعت أسهم شركات وسائل التواصل الاجتماعي وسوق الأوراق المالية الأوسع بسبب مخاوف من أن رفع أسعار الفائدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في إطار سعيه لمحاربة التضخم، سيدفع الاقتصاد الأمريكي إلى الركود. اتهم تويتر ماسك بأنه يريد الخروج من الصفقة لأنه يعتقد أنه دفع مبالغ زائدة.

وقال معظم المحللين القانونيين إن تويتر لديه أقوى الحجج ومن المرجح أن يسود في المحكمة. لم تتغير وجهة نظرهم حتى بعد أن تقدم رئيس الأمن السابق في تويتر، بيتر زاتكو، بصفته مُبلغاً عن المخالفات في أغسطس، لادعاء أن الشركة فشلت في الكشف عن نقاط الضعف في أمنها وخصوصية البيانات.

وفي 4 أكتوبر، تماماً كما كان من المقرر أن يطيح محامو تويتر بإقالة ماسك قبل بدء محاكمتهم في وقت لاحق من الشهر، أجرى منعطفاً جديداً وعرض إكمال الصفقة كما وعد. وأعطاه قاضي ديلاوير 28 أكتوبر كموعد نهائي لإغلاق الصفقة وتجنب المحاكمة.

رئيس تويتر

ومنذ ذلك الحين، انغمس ماسك في ضجيج الصفقة، ثم قام بتغيير وصفه في ملفه الشخصي على تويتر إلى رئيس تويتر. كما حاول تهدئة المخاوف بين الموظفين من حدوث تسريحات كبيرة للعمال، وأكد للمعلنين أن انتقاداته السابقة لقواعد تعديل المحتوى في تويتر لن تضر بجاذبيتها. وكانت أنهت أسهم تويتر التداول يوم الخميس في نيويورك مرتفعة 0.3% عند 53.86 دولاراً، بخصم صغير إلى 54.20 دولاراً لسعر السهم الواحد.

تويتر لن يصبح موقعاً مجانياً للجميع

وقبل الموعد النهائي لإتمام صفقة تويتر وتجنب موعد المحكمة الجديد، سعى الملياردير إيلون ماسك إلى طمأنة المعلنين أن النظام الأساسي لن يتحول إلى مكان بغيض للغاية لإنفاق دولاراتهم.

وغرد رئيس شركة تسلا وأغنى رجل في العالم في رسالة موجهة إلى معلني تويتر: «من الواضح أن تويتر لا يمكن أن يصبح مكاناً مجانياً للجميع، حيث يمكن قول أي شيء دون عواقب!».

ويرد البيان على الخوف الذي أعرب عنه بعض التقدميين من أن تويتر الذي يديره ماسك سوف يتغلب عليه خطاب الكراهية والمعلومات المضللة منذ أن قال ماسك إنه سيتراجع عن الاعتدال في المحتوى. وأخبر ماسك المعلنين في المذكرة أن معظم التكهنات حول سبب شرائه للمنصة «كانت خاطئة».

السبب الحقيقي للاستحواذ 

وكتب: «سبب استحواذي على تويتر هو أنه من المهم لمستقبل الحضارة أن يكون هناك ساحة مدينة رقمية مشتركة، حيث يمكن مناقشة مجموعة واسعة من المعتقدات بطريقة صحية، دون اللجوء إلى العنف»، مضيفاً «يوجد حالياً خطر كبير من أن وسائل التواصل الاجتماعي سوف تنقسم إلى أقصى اليمين المتطرف وغرف صدى في أقصى اليسار تولد المزيد من الكراهية وتقسيم مجتمعنا».

وأشار ماسك إلى أنه لم يشتر تويتر؛ «لكسب المزيد من المال، لقد فعلت ذلك لمحاولة مساعدة البشرية، الذين أحبهم». وقال ماسك إن تويتر يجب أن يكون منصة تتبع قوانين الأرض وأن تكون «دافئة ومرحبة بالجميع، حيث يمكنك اختيار التجربة التي تريدها وفقاً لتفضيلاتك».

قلق 

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم الخميس، أن العديد من المعلنين قلقون بشأن خطط ماسك المتوقعة لتقليص الاعتدال في المحتوى وتضارب المصالح المحتمل مع إعلانات السيارات، لأنه أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة تسلا. وذكرت الصحيفة أن بعض المعلنين يخشون حتى من أن يقوم بإزالة الإعلانات من المنصة تماما.

ولكن ماسك أعرب عن ثقته في الإعلان، وقال إن «الإعلان، عندما يتم بشكل صحيح، يمكن أن يسعدك ويسليك ويعلمك». وأضاف ماسك: "بشكل أساسي، يطمح موقع تويتر إلى أن يكون أكثر منصة إعلانية تحظى باحترام في العالم والتي تعزز علامتك التجارية وتنمو مؤسستك".