post

التقشَف: أين رئيسنا من هذا ؟!

سياسة السبت 23 أكتوبر 2021

مرآة تونس - إشراق بن حمودة

خلال إشرافه اليوم على اجتماع مجلس الوزراء يوم الخميس الفارط، دعا رئيس الجمهورية، قيس سعيّد إلى التقشّف وترشيد النفقات العمومية والواردات والتشجيع على استهلاك المنتوجات التونسية. وقال في هذا الصدد: " نستطيع أن نتقشف لأننا في معركة تحرير وطني وكنت أتحدث مع رئيسة الحكومة عن السيارات التي يتم توريدها بمئات الملايين فضلا عن المواد التي لا نحتاجها". 

دعوة تُثير جدلا على الساحة الوطنية والدولية

دعوة أثارت جدلا كبيرا في الوسط الوطني والدولي، حيث كتبت جريدة Le Canard enchaîné الفرنسيّة السّاخرة تحت عنوان: 

قيس سعيد..التّقشف القاحل..التونسي المتجهّم المتقلّب ليس من النّوع الّذي ينتقد نفسه، بل هو استبدادي.

قيس

من جهته، قال الخبير الاقتصادي، عز الدين سعيدان"إذا كان المقصود من سياسة التقشّف التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية قيس سعيّد هو التخفيض في نفقات الدّولة، فإنّ ذلك سيساهم في مزيد تعميق الأزمة"، مشيرا إلى أنّه من بين مشاكل تونس هو انخفاض الطلب الخارجي والداخلي وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن..وحذَر سعيدان من التقشف كسياسة تخفيض في نفقات الدولة فقــط لأن ذلك يعمق الأزمة وفق تقديره.

وحاول سعيدان تفسير خطاب قيس سعيَد حول التقشف قائلا: "لكن ربما المقصود من تصريحات رئيس الجمهورية بخصوص سياسة التقشف وترشيد النفقات العمومية والواردات هو ترشيد نفقات الدولة وإعادة توزيعها من النفقات العامة العادية إلى الاستثمار الجديد".

إنَ ترشيد نفقات الدولة هو الأهم اليوم، فمنحة الرئيس تُقدَر ب 17 ألف دينار وهي تساوي أكثر من 40 مرة الأجر الأدنى في تونس ومنح الوزراء تُساوي 4519 دينار ورئيس الحكومة يتقاضى 4670 دينار شهريا.

هذا ولا ننسى السيارات الإداريَة التي تمتلكها الدولة ومختلف الوزارات، ولعلَ ذكرى عيد الجلاء كشفت لنا عن السيارات المُخصَصة لقصر قرطاج، أسطول سيَارات توجه إلى بنزرت بقرابة 70 سيارة فاخرة النوع تقدَر الواحدة بما لا يقل عن 200 مليون. وفي هذا السياق اعتبر النائب علي الهرماسي أنَ تونس تُنفق أموالا طائلة في توريد الكماليات. معتبرا أنَ تونس في حاجة أكيدة لإعادة النظر في المنوال الاقتصادي، واعتماد بنية اقتصادية أخرى أكثر نجاعة وأكثر قدرة على إنتاج الثروة.

248407707_298183041909654_6296222506119077030_n


بالتالي يُمكننا القول أن رئيس الجمهورية اليوم مُطالب بتقديم المثال والبدء بالتقشف من قصره، فمنحته الشهرية قابلة للطرح على العائلات التونسية المهمشَة وبإمكانه الاكتفاء بسيارة أو سيارتين على أقصى تقدير والتبرع بثمن السيارات الأخرى للمواطن الفقير الذي لا يقدير حتى على تحصيل قوت يومه. فالحل الوحيد اليوم لتونس يتمثل في تغيير منوال التنمية، باتجاه خلق النمو والثروة. إذ لم يعد لشعبنا القدرة على التقشف، فالمواطن يحاول جاهدا كل شهر على ترك دنانير حتى الأيام الأخيرة من الشهر.

هل التقشف المادي هو الحل لبلادنا ؟

ما نلاحظه اليوم في خطابات رئيس الجمهورية أنَها تلعب على الحقد الطبقي والكراهية، ومثل هذه الخطابات تُهدَد الديمقراطية والاستقرار الاجتماعي والسلام. ولذلك علينا التقشف في حجم الحقد والكراهية.. فالدول لا تُبنى على البغضاء والضغينة، حيث اعتبرت الأمم المتحدة أنَ الكراهية تجتاح جميع أنحاء العالم في مسيرة زاحفة. وتخشى أن يكون العالم اليوم على شفا لحظة حرجة أخرى في معركته مع شيطان الكراهية. ولذلك علينا اليوم التصدي لخطاب الكراهية ومنع تصعيده بحيث يتحول إلى ما هو أشد خطورة، وخاصة إذا بلغ مستوى التحريض على التمييز والعدوانية والعنف، وهو أمر يحظره القانون الدولي. حيث أكَدت المتحدة أنَه يمكننا أن نخمد الكراهيةَ السارية كالنار في الهشيم وأن نصون القِيم التي تجمعنا كأسرةٍ إنسانية واحدة.

بعد أن بلغنا منعرجا حاسما وخطيرا، نحتاج اليوم تقشفا معنويا عاجلا  لخفض معدل التهديد والسب والشتم وتعزيز أواصر مجتمعنا.

 

galleries/0090-التقشف-ن-رسنا-من-هذا-.png

من الممكن أن يعجبك أيضاً