post

العراق.. الحلبوسي يقدّم استقالته من رئاسة البرلمان والنواب يصوتون عليها غدا الأربعاء

سياسة الثلاثاء 27 سبتمبر 2022

في ظل أزمة سياسية يعيشها العراق حالت دون تشكيل حكومة منذ إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة في 10 أكتوبر 2021، قدم رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، أمس الاثنين، استقالته من منصبه، فيما حدد البرلمان يوم غد الأربعاء موعدًا للتصويت عليها.

وحسب بيان للبرلمان نقلته الوكالة الرسمية (واع)، فإن مجلس النواب سيعقد الأربعاء، جلسة إثر توقف دام لنحو شهرين، يتضمن جدول أعمالها التصويت على استقالة الحلبوسي من منصبه. كما سيتضمن جدول الأعمال انتخاب النائب الأول لرئيس المجلس، في الساعة الواحدة من ظهر الأربعاء، وفق البيان ذاته، دون تفاصيل أكثر حول موعد تقديم الاستقالة وأسبابها.

والجلسة التي سيعقدها البرلمان العراقي الأربعاء هي الأولى منذ أحداث العنف الدامية التي هزت البلاد في 29 أوت الماضي، والاعتصام الذي أقامه مناصرو مقتدى الصدر لفترة وجيزة في محيط المجلس قبل شهرين، بحسب البيان.

وفي 5 سبتمبر الجاري، انتهت الجلسة الثانية للحوار الوطني إلى تشكيل "فريق فني" من القوى السياسية لمناقشة وجهات النظر بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة. وحالت خلافات بين تحالفي التيار الصدري (شيعي) والإطار التنسيقي (شيعي مقرب من إيران) دون تشكيل الحكومة.

وأكد الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" أحد مكونات الإطار التنسيقي قيس الخزعلي، في تصريحات تلفزية، الجمعة، استعداد الإطار التنسيقي لإجراء انتخابات مبكرة والتجاوب مع التيار الصدري بخصوص تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

و"الإطار التنسيقي" (المقرب من إيران) ائتلاف سياسي عراقي تشكّل في أكتوبر 2021 من قوى شيعية بهدف تشكيل حكومة محاصصة توافقية، وعارضه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وطالب بحكومة أغلبية سياسية.

أسباب الاستقالة

وبعد ساعات من إعلان تقديم استقالته من منصبه، أكد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أنه اتخذ قرار الاستقالة من دون أن يتداول مع أحد بشأنها، واعتبر أن الانتقال من الأغلبية السياسية إلى إدارة الدولة بالتوافقية هو أحد أسباب الاستقالة.

وأكد أن هذا القرار كان يراوده "وخاصة بعد اختلاف تركيبة البرلمان العراقي الحالي بسبب انسحاب نواب التيار الصدري ويجب أن تكون العلاقات طبيعية مع النواب الحاليين". وأضاف "علينا البدء بتصفير كل الأزمات وعلى النواب أن ينتخبوا من يمثلهم في البرلمان العراقي بعد انسحاب نواب التيار الصدري ومعالجة الاختلافات السياسية".

وذكر الحلبوسي أن" المناخ العام السياسي الحالي في العراق "مربك للغاية" وأن استقالته لن تعرقل عقد جلسة للبرلمان العراقي، وأشار إلى أن "الخيار الآن للنواب في انتخاب رئيس جديد للعراق استعدادا للبدء بنقاش عقلاني للمرحلة المقبلة يحكمها الدستور العراقي".

وقال الحلبوسي، في كلمته خلال فعاليات "ملتقى الرافدين للحوار"، التي انطلقت ببغداد أمس الاثنين، واستضافت مجموعة من النخب السياسية المحلية والخارجية: "كان من المفترض أن تعقد جلسة مجلس النواب في الـ20 من الشهر الجاري، إلا أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي طلب تأجيل الجلسة بسبب محاذير أمنية". أضاف: "قدمت استقالتي ولم أتداول بشأنها مع أحد، والمناصب هي تكليف وليست تشريفا، ومن تسلم المواقع يجب أن يعرف أهمية المرحلة".

وشدد على أن "خطوة الاستقالة لن تعرقل انعقاد الجلسة البرلمانية، وأنا أحترم رأي البرلمان، ولن أفرض وجودي على أعضاء البرلمان"، وأضاف: "لم أناقش أحداً في موضوع الاستقالة، ويجب أن ينفتح الجميع من القوى السياسية، وما نمر به خطير، والاستثناءات أصبحت هي الأصل في إدارة الدولة".

رؤية سياسية

وأوضح أن "التحالف الثلاثي (التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني والسيادة) لديه رؤية سياسية، ولكن لم يصل إلى تقديم البرنامج الحكومي". وأشار إلى أن "التوجهات في مجلس النواب اختلفت بنسبة 180 درجة، وعلينا البدء بمرحلة جديدة، وإني أمنح الحق لأعضاء البرلمان لإبداء رأيهم بشأن الاستقالة"، وأكد أن "هذه السنة التي مرت هي أصعب سنة بتاريخ حياتي، فيها مشكلات سياسية انعكست على جماهير الأحزاب السياسية".

ودعا الحلبوسي إلى "بذل الجهد من أجل تحقيق المصالحة، ولا بد من تقليل السقوف لتحقيق التفاهم، ويجب أن تكون العلاقة طبيعية بين القوى السياسية بعدما شابتها الكثير من الأزمات". وأشار إلى أن "التظاهر حق مكفول دستورياً، وأن والبرلمان دافع عن عدم الدخول إلى مجلس القضاء، والبرلمان لا يمتلك السلطة لإصدار أوامر القبض بحق أحد".

وجاء إعلان الحلبوسي عن الاستقالة بعد أقل من 3 ساعات على إعلان مكتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لقاءه مع المبعوثة الأممية جنين بلاسخارت في مكتبه ببغداد.

وذكر بيان مكتب رئيس البرلمان أن "رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي استقبل الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين هينيس بلاسخارت"، وأضاف البيان أنه "جرت خلال اللقاء مناقشة آخر تطورات الأوضاع السياسية في البلاد".

النظر في استقالة نواب التيار الصدري

ويتزامن موعد جلسة ظهر الأربعاء للبرلمان العراقي مع جلسة مرتقبة للمحكمة الاتحادية العليا للنظر بالدعوى بشأن دستورية قبول استقالة نواب التيار الصدري بدون عقد جلسة للتصويت عليها، ويعتبر الحلبوسي الطرف الثاني المدعى عليه في تلك الجلسة.

وصرح نائب رئيس البرلمان شاخوان عبد الله بأن رئيس مجلس النواب سيقدم استقالته إلى البرلمان، وسيتم التصويت على طلب الحلبوسي في جلسة الأربعاء.

وقال عبد الله لمحطة تلفزيون "رووداو"، الناطقة بالكردية في إقليم كردستان، إن "الحلبوسي كتب طلب استقالته، وتم تضمين طلبه في جدول أعمال جلسة البرلمان المقبلة، وسيتم التصويت عليه"، لكنه أكد أيضا أنه "ليس من المتوقع أن تتم الموافقة على طلب استقالة الحلبوسي". وأضاف: "في حال قبول الطلب، سيتم تكليفي حينها برئاسة الجلسة، واختيار رئيس ونائب أول جديدين لمجلس النواب".

قانون البرلمان

وبحسب المادة 12 من قانون البرلمان العراقي، فإنها تنص على أنه عند تقديم أحد أعضاء هيئة الرئاسة الاستقالة من منصبه تقبل بعد موافقة المجلس بأغلبية عدد أعضائه الحاضرين.

وفي حال خلو منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل.

ويشهد العراق مأزقا سياسيا شاملا منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021، مع عجز التيارات السياسية الكبرى عن الاتفاق على اسم رئيس الوزراء المقبل وطريقة تعيينه.

تصاعد الخلاف

وعُقد البرلمان آخر مرة في 23 جويلية الماضي، وبعد أيام قليلة من ذلك اقتحم أنصار مقتدى الصدر مجلس النواب، قبل أن يعتصموا لمدة شهر في حدائقه، وبلغ التوتر ذروته أواخر أوت الماضي عندما وقعت اشتباكات بين مناصري الصدر ومناصري الإطار التنسيقي وقتل فيها العشرات.

ويتصاعد الخلاف اليوم في العراق بين معسكرين، الأول بزعامة مقتدى الصدر الذي يطالب بحل فوري لمجلس النواب المكون من 329 نائبا وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة بعدما سحب 73 نائبا، أما الآخر فيتمثل بالإطار التنسيقي الذي يسعى إلى تشكيل حكومة قبل إجراء أي انتخابات.

ويذكر أن رئيس تحالف "تقدم" محمد الحلبوسي فاز يوم 9 جانفي 2022، برئاسة البرلمان العراقي الجديد، بالأغلبية المطلقة، بعد أن شهدت الجلسة الأولى للبرلمان خلافات ومشادات بين ممثلي الكتل.

وجرى العرف السياسي في العراق، منذ أول انتخابات جرت عام 2005، على منح هذه القوى العربية السنية حق ترشيح رئيس البرلمان، بعدها يطرح الأكراد مرشحهم لرئاسة الجمهورية، ثم تقوم القوى الشيعية، الممثلة اليوم بـ"التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي"، بتقديم مرشحها لرئاسة الحكومة الجديدة.

محمد-الحلبوس-1.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً