post

المرزوقي يعلّق على الحكم بسجنه وسياسيون وحقوقيون يحذّرون

تونس الخميس 23 ديسمبر 2021

علّق رئيس الجمهورية الأسبق محمد المنصف المرزوقي على الحكم القضائي الغيابي الذي صدر ضده والقاضي بسجنه 4 سنوات مع النفاذ العاجل. واعتبر المرزوقي في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على الفاسيبوك مساء أمس، أن الحكم "أصدره قاض بائس بأوامر من رئيس غير شرعي".

وقال المرزوقي "حوكمت أكثر من مرة  في عهد بورقيبة وحوكمت أكثر من مرة في عهد بن علي والآن  يصدر ضدّي حكم في عهد قيس سعيّد". وأضاف "رحل بورقيبة وبن على وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها وبنفس الكيفية المهينة وسيرحل هذا  الدكتاتور المتربّص وستنتصر القضايا التي أحاكم من أجلها ولا بد لليل أن ينجلي."

وأثار الحكم الصادر في حق الحقوقي والرئيس السابق المرزوقي موجة استنكار وتضامن من قبل عدد من السياسيين والحقوقيين الذين عبروا عن مساندتهم لحرية التعبير وحق المرزوقي في معارضة سعيد.

ووصفوا الحكم الغيابي بأربع سنوات سجن على المرزوقي، بالفضيحة والانتكاسة الخطيرة في مجال الحقوق والحريات، وحذّروا من خطورة تدخل الرئيس قيس سعيد في القضاء لمحاكمة خصومه.

وأصدر حزب حراك تونس الإرادة اليوم الخميس، بيانا على إثر إصدار الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الإبتدائية بتونس حكما ضد الرئيس الأسبق والرئيس المؤسس لحزب حراك تونس الارادة محمد المنصف المرزوقي، بالسجن لمدة أربع سنوات مع النفاذ العاجل. واعتبر البيان أن "هذا الحكم يمثل خطرا داهما على حريات جميع المواطنين واختراقا خطيرا للقضاء من طرف سلطة الانقلاب وهو يدشن حقبة سوداء جديدة من المحاكمات السياسية".

كما طالب الحزب في بيانه "كل القضاة الشرفاء بالتبرء من هذه الأحكام والوقوف جبهة واحدة ضد العودة بالقضاء إلى مربع التعليمات وانتهاك استقلاليته". وأعلن الحزب "أن هذا الحكم لن يثني الرئيس المرزوقي عن العودة الى أرض الوطن الذي قدم من اجله اكبر التضحيات وسيعود عندما يقرر رفاقه ذلك".

وأكد الناطق الرسمي باسم حزب "حراك تونس الإرادة" عمر السيفاوي، في تصريح صحفي، أنه إذا "صح خبر الحكم الغيابي الصادر على الدكتور المرزوقي بهذه السرعة في ظرف شهر أو شهر ونصف، فإن هذا يعني أننا في غابة ولسنا في دولة". وأكد أنه "لا الدكتور المرزوقي ولا محاميته على علم بهذا الإجراء".

وأشار السيفاوي إلى أنه "لم تتوفر المعايير الأساسية للمحاكمة قبل الحديث عن المحاكمات العادلة، بل إنها لا تنطبق عليها معايير بمحاكمات القرون الوسطى". وبيّن أنّ "الأبحاث والتحقيقات الجنائية والإجراءات للإحالة على الدوائر الجنائية تتطلب سنوات، فلا يمكن أن يتصور العاقل أن تصدر أحكام جزائية مستوفية للإجراءات في تونس خلال شهر ونصف".

وأضاف أنه "إذا صح خبر صدور الحكم بناء على التتبع الناجم عن تعليمات قيس سعيد، فهذا يعني أن الحكم صدر في قصر الرئاسة في قرطاج".

وأكد السيفاوي أنّ "هذه المحاكمة سياسية بامتياز وستزيد من اهتزاز صورة تونس وضرب مكتسبات الثورة وهذا أمر خطير جدا وهي رسالة للجميع". وتابع "هذا الحكم فضيحة كبرى وهو وصمة عار في جبين القضاء التونسي لا يمكن أن يشفى منها، فحتى زمن بن علي لم يحاكم المرزوقي ولم يسجن رغم معارضته الشديدة". وبيّن أنّ "بن علي لم يجرؤ في 1994 على سجن المرزوقي عند عودته لتونس رغم وجود حكم بالسجن، بل أمر بترحيله من المطار خشية الضجة الحقوقية الدولية".

بدوره، علّق الناشط السياسي والقيادي السابق بحركة النهضة سمير ديلو على الحكم بسجن المرزوقي 4 سنوات مع النفاذ العاجل بـ''هنا تصدر الأحكام خلسة''.

وأضاف ديلو خلال مداخلة إذاعية، أن ما كان للقضية ضد المرزوقي أن تكون، وعبّر عن استغرابه من اتهامه بالإعتداء على أمن الدولة الخارجي خاصة وأن المرزوقي كرس حياته للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية والديمقراطية وأبدى رأيه بخصوص دعم ''النظام الانقلابي'' في تونس، وفق قوله.

وأوضح ديلو أن الأنظمة الدكتاتورية تواجه الآراء بالتعسف والقمع أو المحاكمات الصورية، واعتبر أن المحاكمة ليست الأولى أو الأخيرة في مسيرة المرزوقي ولن تغير شيئا في حياته، وفق تعبيره.

من جهته، أكد الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك أنه يتضامن مع الرئيس السابق المنصف المرزوقي بعد الحكم الابتدائي الصادر بحقه 4 سنوات. وقال "ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء".

واعتبر المتحدث باسم "التيار الديمقراطي" محمد العربي الجلاصي، أنّ الحكم "ليس فقط وصمة عار على السلطة القائمة، بل هو إعلان بداية نهايتها، قوس وسيغلق".

وقال المدير التنفيذي لحزب الأمل رضا بلحاج، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على الفايسبوك: "يتأكد يوما بعد يوم أن من اعتبر من القوى الديمقراطية وأن ما وقع بالفعل هو انقلاب بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، فما حدث للرئيس المنصف المرزوقي في محاكمة صورية من أجل إبداء رأي وكذلك الإيقافات التي شملت ناشطي مواطنون ضد الإنقلاب بالإضافة للإنتهاكات الأخرى، كل هذه الممارسات تثبت أن قيس سعيد ماض في تركيز دكتاتورية بحكم فردي مطلق".

وتابع "بات اليوم الأمر واضحا ولم يعد من المقبول مواصلة الحديث عن حركة تصحيحية، الأمر في غاية الخطورة ووقفة كل القوى الديمقراطية وخصوصا منظمات حقوق الإنسان التي لم تفق إلى حد الآن من البهتة التي أصابتها منذ 25 جويلية، بات أكثر من مؤكد". وشدد على ضرورة توحيد كل القوى السياسية المناهضة لما وصفه بالإنقلاب لوقف زحفه، على حد تعبيره.

ونددت كل من أحزاب التيار الديمقراطي والتكتل والجمهوري، في بيان لها اليوم الخميس، بالحكم بالسجن الصادر في حق المرزوقي، واعتبرت أنه صدر بتوجيه مباشر من رئيس السلطة القائمة وهو ما اعتبرته سابقة خطيرة يتوجب الوقوف في وجها قبل استفحالها. واستنكرت الأحزاب ما اعتبرته تواصل الانتهاك الممنهج للحقوق والحريات عبر تواصل محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية والضغط على القضاء في محاولة لتسخيره للتنكيل بالخصوم السياسيين والتضييق عليهم.

وقالت الحقوقية بشرى بلحاج حميدة، على صفحتها في الفايسبوك: "إذا كان هذا الخبر صحيحاً فهو فضيحة، لأنه مهما نقدناه وعارضناه لم يسرق ولم يخطف ولا قتل ولا عذّب ولا أدخل عائلته في الحياة السياسية ولا ارتكب جريمة ضد أمن الدولة، إنّ سمعة تونس أصبحت في القاع".

واعتبرت الحقوقية نزيهة رجيبة، في منشور على حسابها في الفايسبوك، أنّ الحكم "فضيحة وعار لا يمحى حين نتذكر أن قضايا الإرهاب والفساد الأكبر تنام في رفوف ويعلوها الغبار لسنوات طويلة، رئاسة المرزوقي كانت فاشلة ولكن رئاسة سعيد شريرة وغشيمة".

وقال الحقوقي والناشط رفيق الحلواني على صفحته في الفايسبوك: "قضايا الإرهاب نائمة، وقضايا التسفير نائمة أما رئيس سابق يحكم عليه بأربع سنوات لأنّه نقد رئيس الدّولة وعبّر عن رأيه كما يحبّ! هذا اسمه عبث واعتداء على حرية التعبير".

وأصدرت المحكمة الابتدائية في تونس، أمس الأربعاء، حكماً ابتدائياً غيابياً في حق الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه "مدة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل"، وذلك بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي".

وأفاد بلاغ لمكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس، بأنّ القضية التحقيقيّة المتعلقة بالرئيس السابق "من أجل الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، بتعمد تونسي ربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها، أو كانت نتائجها، الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية"، انتهت بإحالته على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل نفس التهم، وصدر الحكم فيها يوم الأربعاء 22 ديسمبر 2021، وهو "يقضي ابتدائياً غيابياً بسجن المتهم مدّة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل".

وكانت محكمة الاستئناف في تونس، فتحت بتاريخ 15 أكتوبر الماضي تحقيقاً في تصريحات للرئيس السابق المرزوقي، يوم 12 أكتوبر لقناة "فرانس 24" الفرنسية، قال فيها إنّه "يفتخر بسعيه لدى المسؤولين الفرنسيين لإفشال عقد القمة الفرنكوفونية في تونس باعتبار أنّ تنظيمها في بلد يشهد انقلاباً تأييد للدكتاتورية والاستبداد".

وأفاد المتحدث باسم محكمة الاستئناف، الحبيب الترخاني، وقتها بأن ّ"وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس أذن بفتح البحث التحقيقي في حق المرزوقي، بناءً على الإذن الصادر من وزيرة العدل ليلى جفال".

وإثر ذلك، أعلن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، أنه "سيتم سحب جواز السفر الدبلوماسي من كل من ذهب إلى الخارج يستجديه لضرب المصالح التونسية"، في إشارة إلى سفر المرزوقي بجواز سفر دبلوماسي إلى فرنسا، والتصريح حول القمة الفرنكوفونية. كما طالب وزيرة العدل بـ"أن تفتح تحقيقاً قضائياً في هذه المسألة، لأنه لا مجال للتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

وفي تعقيب على تصريحات سعيّد، ذكر المرزوقي، في بيان نشره على الفايسبوك، أنه "غير معنيٍّ بأي إجراءات يتخذها رئيس البلاد ضده على خلفية مواقفه الرافضة لإجراءات 25 جويلية".

منصف-المرزوق-12.jpeg

من الممكن أن يعجبك أيضاً