post

توسّع الاحتجاجات.. أحزاب ومنظمات تدين استخدام قوات الأمن المفرط للقوّة للتصدّي للمحتجّين

تونس الجمعة 21 أكتوبر 2022

حي التضامن، الانطلاقة، سيدي حسين، الزهروني، حي الزهور، مرناق، المكنين، الحامة، جرجيس، بنزرت.. وغيرها من المناطق تتواصل فيها الاحتجاجات والمواجهات مع قوات الأمن، منذ أيام.

وتختلف أسباب الاحتجاجات في هذه المدن، ولكنها تشترك في حالة الغضب عند الأهالي حتى بلغت حد التصادم مع القوات الأمنية، فمن وفاة شاب إثر مطاردة أمنية، إلى غرق قارب على متنه عدد من الشباب، ثم المطالبة بالتشغيل وتحسين الظروف الاجتماعية، كلها أسباب جعلت عددا كبيرا من التونسيين يحتجون ويعيشون في حالة من الاحتقان وسط تحذيرات ومخاوف من غضب شعبي عارم وعنيف، وفق مختصين.

وامتدت الاحتجاجات الليلية والمواجهات مع الأمن، ليل الخميس الجمعة، إلى الجنوب، وتحديداً إلى مدينة الحامة من ولاية قابس. وتجددت الاحتجاجات والمواجهات لليلة السابعة على التوالي، في عدد من الأحياء الشعبية في العاصمة، فبعد حي التضامن والانطلاقة والزهروني..، طالت الاحتجاجات دوار هيشر والملاسين..، حيث لجأ المحتجون الى حرق الإطارات وغلق بعض الطرق، واشتبكوا مع رجال الأمن.

وعبر محتجون من حي التضامن عن غضبهم من الاستعمال المفرط للغاز، وأكدوا أن الغاز المسيل للدموع وصل إلى المنازل وأن هناك أطفالا وشيوخا تضرروا من ذلك. وأوضحوا في فيديوهات، عبر صفحات فايسبوكية، أنهم يطالبون بالمحاسبة وأن يأخذ القانون مجراه.

مظاهرات

وكانت جبهة الخلاص الوطني نفذت مظاهرة كبرى يوم السبت 15 أكتوبر الجاري، دعت خلالها لعزل الرئيس وحملته مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد. كما نفذ الحزب الدستوري الحر مظاهرة منفردة معارضة لمسار الرئيس ورافضة للانتخابات المرتقبة في 17 ديسمبر المقبل.

وزاد ما شهدته مدينة جرجيس جراء غرق مركب يقل 18 شخصا كانوا في طريقهم للهجرة إلى أوروبا، من حالة الاحتقان. وتم انتشال 14 جثة من البحر، وتم التأكد من هويات 6 ممن كانوا على متن القارب.

وشهدت جرجيس اجتماع الآلاف أمام مقر المعتمدية حيث انتظمت وقفة احتجاجية، ورفع الحاضرون لوحات كتبت عليها شعارات من قبيل "وين دفنتوا البقية؟" و"القضية قضية رأي عام" و"18 /18" (في إشارة إلى عدد المفقودين على القارب).

وتشهد جرجيس منذ نحو شهر حالة احتقان خاصة بعد اتهام الأهالي للسلطات بالتراخي في البحث عن أبنائهم المفقودين في البحر، إضافة إلى دفن 4 جثث في مقبرة حدائق أفريقيا 'الغرباء' (مخصصة لدفن الجثث مجهولة الهوية) دون التثبت من هوياتهم.

اقتحام بنك

كما أعلنت وزارة الدّاخلية، في بلاغ لها مساء الخميس 20 أكتوبر 2022، بأنّ مجموعة من المنحرفين قاموا ليلة الأربعاء، باقتحام مقرّ فرع بنكي بجهة الزّهروني وتهشيم الأبواب البلّورية الخارجيّة للمقر وبعثرة بعض محتوياته، بالإضافة إلى غلق الطّريق وإشعال عجلات مطّاطية ومحاولة الاعتداء على الدوريّة الأمنيّة التي تحوّلت على عين المكان، بالرّشق بالحجارة والزّجاجات الحارقة.

وتمّ تحرير محضر بحث في الغرض، موضوعه “اقتحام مؤسسة بنكيّة والإضرار بها”، حسب بلاغ الداخلية الذي أشار إلى أنّ الأبحاث متواصلة.

كما كشفت الوزارة أنه تمّ أيضا في الليلة ذاتها، “تهشيم ومحاولة سرقة المغازة العامّة بالمكنين من ولاية المنستير، إثر تجمّع مجموعة من الأشخاص وغلق الطريق العام وإضرام النار بالعجلات المطاطية وتمّ تفريقهم باستعمال الغاز المسيل للدّموع والاحتفاظ ب6 أشخاص”.

اعتقالات

وأعلنت وزارة الداخلية أمس الخميس، عن إيقاف 4 أشخاص في القصرين بتهمة تكوين وفاق قصد الاعتداء على أمن الدولة الداخلي قالت إن من بينهم شقيق مترشح سابق لرئاسة الجمهورية، وأشارت إلى أنه تم إدراج ابن رئيس حزب سياسي بالتفتيش.

وأكدت الوزارة في بلاغ صادر عنها نشرته على صفحتها بموقع فايسبوك أن "فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالقصرين تمكنت مؤخرا من القبض على شخصين بصدد توزيع مبالغ ماليّة على شخصين آخرين مرفوقين بفتاة على مستوى الطريق الحزاميّة بالقصرين".

وأشارت إلى أنه بالتحرّي معهم اعترفوا بـ"تلقي مبالغ ماليّة قصد توزيعها للقيام بأعمال شغب وإثارة الهرج وذلك بإشعال الإطارات المطاطيّة وتأجيج الأوضاع في أحياء المدينة". وأكدت أنه "تمّ حجز مبلغ مالي قدره 4720 دينارا بحوزة الشخص الأول و1320 دينارا لدى الشخص الثاني في مرحلة أولى".

وأضافت: "أن النيابة العمُوميّة أذنت لدوريّات تابعة للإدارة الفرعيّة للأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بمداهمة محلات سكنى ذوي الشبهة بمشاركة الوحدات التابعة لإقليم الحرس الوطني بالقصرين وأنه بتفتيشها تفتيشا دقيقا عثر على مبلغ مالي قدره 15980 دينارا ومبلغ من عملة أجنبيّة غير رائجة بالبلاد.

وأفادت بأنه بمزيد تعميق التحريات مع المظنون فيهم بإذن من النيابة العمومية اعترفوا بتسلمهم مبالغ ماليّة من شخص قاطن بجهة حي النصر من ولاية أريانة، وأكدت أنه شقيق أحد المترشحين السّابقين للانتخابات الرّئاسيّة سنة 2014 وأنه سبق أن تعلقت به قضية في تبييض الأموال.

ولفتت إلى أنه بجلب هذا الأخير أفاد بأنه التقى مؤخّرا شخصا بتركيا مقرّبا جدّا من أحد رؤساء الأحزاب بتونس، وأضاف أنّهما قاما بالتخطيط بتعليمات من ابن رئيس الحزب المشار إليه والمقيم حاليّا بين تركيا وإنجلترا وأنه وعد بتمكينهما من التّمويلات اللازمة قصد تأجيج الأوضاع بالبلاد وتكليفه بـ "قطاع" القصرين (حسب ذكره) وإحداث الفوضى والقيام بأعمال شغب والتحريض على العصيان.

وأكدت الوزارة أنه تم تمكين أحد المظنون فيهم من مبلغ مالي قدره 5000 دينار صبيحة يوم 15 أكتوبر الجاري كتسبقة أولى، وأبرزت أنه تبعا لذلك تولت دوريّات تابعة للإدارة الفرعيّة للأبحاث بمشاركة الفرقة المركزيّة الأولى للاستعلام إيقاف المشتبه به الرّئيسي بجهة حيّ النصر من ولاية أريانة، وأكدت أنه بتفتيش سيّارته أمكن حجز 7600 دينار.

وأضافت أن النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بـ 4 أشخاص من أجل "تكوين وفاق قصد الاعتداء على أمن الدّولة الدّاخلي المقصود منه تبديل هيئة الدّولة وحمل السكّان على مهاجمة بعضهم البعض وإثارة الهرج والسّلب بالتراب التونسي" وأنها أذنت بإدراج ابن رئيس الحزب السّياسي المشار إليه والشخص المقرّب منه بالتفتيش وإحالة الموضوع عليها بتاريخ 20 أكتوبر 2022.

إدانة الاستعمال المفرط للقوة

وأدان الحزب الجمهوري، الخميس 20 أكتوبر 2022، "الاستعمال المفرط للقوة والغاز المسيل للدموع للتصدي للمحتجين في مختلف المدن والأحياء"، وحمّل السلطة تبعات "تأجيج الأوضاع بدل حلها عبر وسائل الحوار الناجع والإجراءات المنصفة".

وسلط، في بيان له، الضوء على ما تشهده مدن وأحياء من احتجاجات "بما يشبه الانتفاضة احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين وغياب الدولة وعجزها عن توفير الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم في ظل فقدان المواد الأساسية وتردي الخدمات في القطاعات الحيوية، واعتمادها في المقابل على الحل الأمني لقمع المحتجين والتغطية على سياسة الإفلات من العقاب".

وجدد الحزب، دعمه "التحركات السلمية للمحتجين ومطالبهم المشروعة وطموحهم في العيش بكرامة في بلاد يسود فيها العدل والقانون وفي ظل دولة تنهض بدورها في رعاية مصالحهم وتقديم أفضل الخدمات لهم".

كما حذّر من "تداعيات أي توجه لرفع الدعم عن المواد الأساسية ومزيد الضغط على ضعاف الحال وتحميلهم أوزار سياسة اقتصادية لم يشاركوا في وضعها"، وطالب بالكشف عن الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وفق ما جاء في نص البيان.

إدانة العنف غير المبرر

من جهتها، أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الخميس 20 أكتوبر 2022، بيانًا، عبّرت فيه عن إدانتها الشديدة للعنف غير المبرر خلال الاحتجاجات السلمية بالأحياء الشعبية، وطالبت بإطلاق سراح جميع الموقوفين.

وجاء في بيان الرابطة الممضى من رئيسها جمال مسلم، أنها تابعت "بانشغال كبير تتواتر الحركات الاجتماعية في عديد الجهات ومناطق تونس الكبرى على غرار حي التضامن والانطلاقة والزهروني وحي الزهور الرابع ومرناق وجرجيس وبنزرت، التي رافقتها اعتداءات أمنية على المحتجين وإيقافات شملت عشرات المواطنين".

وشدّدت الرابطة على أنّه بلغ إلى علمها أنّ هؤلاء المحتجّين تعرضوا إلى العنف والاعتداء على حرمتهم الجسدية وإحالة العديد على القضاء، وطالبت السلط ووزير الداخلية بـ"الكف عن استعمال العنف الممنهج من طرف الأمنيين تجاه الحراك الاجتماعي السلمي ومحاسبة المعتدين تكريسًا لعدم الإفلات من العقاب وتحملهم مسؤولية ما قد ينجر من مضاعفات وتطورات".

وأعربت الرابطة عن رفضها للإحالة على أنظار القضاء بتهم غير مسنودة بأدلة وبراهين مثل الإضرار بملك الغير دون إثبات، والاعتداء على الأعوان بدون شهادات طبية، كذلك الإحالة بمقتضى الأمر العلي لسنة 1954 زمن الحماية لقمع التحركات الشعبية من طرف المستعمر، وفقها.

وذكّرت الرابطة بموقفها المساند للحركات الاجتماعية السلمية، وشجبت في هذا السياق، "العنف المصاحب للإيقافات والمداهمات واختطاف النشطاء على غرار ما وقع يوم 19 أكتوبر 2022، لعضو فرع الرابطة بباردو سيف العيادي من طرف أربعة أشخاص بالزي المدني واقتياده لمنطقة الحرس الوطني بالتضامن".

احتجاجات-4.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً