post

حملة الاستفتاء: نسق بطيء.. مخالفات انتخابية.. 'هجوم إلكتروني' وأعوان هيئة الانتخابات يرتدون الشارة الحمراء

تونس الجمعة 15 جويلية 2022

انطلقت حملة الاستفتاء، وفق الرزنامة التي أعدتها هيئة الانتخابات، منذ الثالث من جويلية الجاري وتتواصل إلى 23 من ذات الشهر. ولم تشهد الحملة، على عكس الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها تونس إبان ثورة 2011، نشاطًا دعائيا لافتا وهو ما تمت معاينته وأكده نشطاء وصحفيون ووسائل إعلام.

نسق بطيء

وفي هذا السياق، نقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء في برقية بتاريخ 12 جويلية 2022 أن "الأنشطة الدعائية للحملة بدائرة سوسة تسير بنسق بطيء جدًا حيث لم يبادر المشاركون في الحملة وللأسبوع الثاني على التوالي بتعليق المعلّقات والبيانات الدعائية المؤشر عليها في الأماكن المُخصّصة للغرض".

كما نشرت في برقية ثانية، تحمل ذات التاريخ، أن رئيسة الهيئة الفرعية للانتخابات بمنوبة، سماح المدوري أكدت أن حملة الاستفتاء شهدت إلى حدود الثلاثاء 12 جويلية الجاري، أي بعد 10 أيام من انطلاقها، "تنظيم نشاط دعائي وحيد مناصر للتصويت على الدستور".

مخالفات

وإضافة إلى قلة الأنشطة المرافقة لحملة الاستفتاء، تم تسجيل عدد من المخالفات للقانون الانتخابي، من أبرزها "الإشهار السياسي عبر وسائط إشهارية ثابتة تدعو لموقف معيّن وفي غير الأماكن التي خصصتها هيئة الانتخابات وكذلك باستعمال شعارات مخالفة لما ورد بالقانون"، وهو ما أكدته المكلفة بالإعلام بالهيئة الفرعية للانتخابات بسوسة منية لطيّف، في تصريح صحفي.

ومن المخالفات المسجلة أيضًا ما ذكرته رئيسة الهيئة الفرعية للانتخابات بمنوبة، في تصريح صحفي، من كون أعوان المراقبة المكلفين بمتابعة سير الحملة الدعائية بالدائرة الانتخابية بمنوبة، قاموا برفع مخالفات تتمثل في حجز للافتات تدعو لموقف معيّن، بما يخالف القانون الانتخابي ولافتة مركزة على معلقة إشهارية ثابتة تدعو للمشاركة في الاستفتاء، وذلك بمحطة النقل سليمان كاهية، وتحمل علم الجمهورية التونسية، والذي يحجره الفصل 61 من القانون الانتخابي.

وكان نشطاء وصحفيون تداولوا، منذ الخميس 7 جويلية 2022، صورًا للافتات كبيرة الحجم رفعت في مناطق متفرقة من تونس العاصمة وتضمنت محتوى يروّج للاستفتاء ويدعم الرئيس قيس سعيّد.

وتنتشر هذه اللافتات خلال حملة الاستفتاء على مشروع الدستور والتي انطلقت في 3 جويلية الجاري ولا تزال متواصلة بينما ينص القانون الانتخابي في فصله 62 حول ذات الفترة أنه "تخصص البلديات والمعتمديات والعمادات طيلة الحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء تحت رقابة هيئة الانتخابات أماكن محددة ومساحات متساوية لوضع المعلقات (…) ويحجر كل تعليق خارج هذه الأماكن".

كما ينص في الفصل 61 أنه "يحجر استعمال علم الجمهورية التونسية أو شعارها في المعلقات الانتخابية والمتعلقة بالاستفتاء"، وبناء على ذلك تم اعتبار هذه اللافتات من المخالفات للقانون الانتخابي، وتساءل الكثيرون على منصات التواصل حول دور هيئة الانتخابات ومدى حرصها على تطبيق القانون الانتخابي والتزام الجميع بأحكامه.

رد الهيئة

وكرد على هذه اللافتات المخالفة، أصدرت الهيئة بيانًا، الاثنين 11 جويلية 2022، قالت فيه إنه "يحجّر استعمال علم الجمهورية التونسية أو شعارها في المعلقات الانتخابية والمتعلقة بالاستفتاء وأن كل مخالفة لهذا التحجير تعرّض مرتكبها إلى خطايا مالية، وذلك عملًا بمقتضيات الفصل 61 من القانون الانتخابي".

وذكّرت الهيئة بـ "واجب حياد الإدارة وعدم استعمال الأعوان العموميين ووسائل السلطة العمومية ومواردها في حملة الاستفتاء على مشروع الدستور تطبيقًا لمقتضيات الفصول 53 و54 و55 من القانون الانتخابي".

شبكة مراقبون تحذّر

وحذرت شبكة مراقبون (من عدم حياد الإدارة واستغلال موارد ومؤسسات الدولة في حملة الاستفتاء والدعاية الانتخابية الحالية. وأوضحت في بلاغ نشر مساء الخميس 7 جويلية، أن وزير الشباب والرياضة الحالي قام يوم الأربعاء 6 جويلية الجاري خلال تصريح إذاعي، "بتفسير مزايا بعض فصول مشروع الدستور موضوع الاستفتاء (الفصل 13 والفصل 18 والفصل 50) وصرّح بأنه "لا يمكن له كوزير للشباب والرياضة أن يكون ضدًا لها"، وهو خرق لمبدأ حياد الإدارة خلال الحملات الانتخابية وحملات الاستفتاء".

وتابعت المنظمة المختصة في مراقبة نزاهة الانتخابات والاستفتاء أن الوزير صرّح خلال نفس البرنامج "بوضع دور الشباب على ذمة حملات الاستفتاء وذلك بقوله "دور الشباب ستكون فضاءات مخصّصة لاستكمال هذه العملية الوطنية وستفتح المنشآت الشبابية لهذه الحملة كما كان دورها خلال الاستشارة الوطنية"، وهو إجراء فيه خرق لأحكام القانون الانتخابي (الفصول 52 و53 و55) المتعلقة بمبدأ حياد الإدارة وتحجير استعمال الإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية لصالح أنشطة دعائية مهما كان شكلها أو موقفها خلال الحملات الانتخابية وحملات الاستفتاء.

اختراق موقع الهيئة

من جانب آخر، قالت رئاسة الجمهورية، في بلاغ مساء الثلاثاء 12 جويلية 2022، إنه "تم فتح بحث عدلي إبان حصول اختراقات للموقع الإلكتروني لهيئة الانتخابات المتعلق بتسجيل الناخبين وتغيير مراكز الاقتراع".

وجاء في بلاغ الرئاسة أيضًا أن "هذه الاختراقات تأتي في محاولة يائسة لإدخال الفوضى والإرباك يوم الاستفتاء"، ووقع الكشف، حسب البلاغ، "عن 1700 هجوم إلكتروني أو اختراق، وتمّ سماع 7 أشخاص من قبل الجهات الأمنية المختصة في انتظار سماع كل من سيكشف عنه البحث".

انتهاكات

وفي سياق متصل، طالبت الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، وهي منظمة تهتم منذ سنوات بمراقبة وملاحظة مسار الاستحقاقات الانتخابية، هيئة الانتخابات بـ"الشفافية الكاملة حول عملية تسجيل الناخبين، وكشف ما شاب السجل من انتهاكات"، وفق بيان أصدرته الأربعاء 13 جويلية 2022.

وطالبت منظمة عتيد كذلك بفتح تحقيق فيما يخص "التفطن لتغيير مراكز الاقتراع لمسجلين دون علمهم ونشر نتائجه، ونشر وتوضيح الخصائص الفنيّة لمنظومة التسجيل الآلي وضمانات السلامة المعتمدة ومدى نجاعتها والكشف عن مواطن الخلل والثغرات التي مكنت من تغيير مراكز الاقتراع لمسجلين دون علمهم".

وكذلك دعت هيئة الانتخابات إلى "نشر نتائج التدقيق في السجل الانتخابي وتوضيح الطريقة والآليات المعتمدة في هذا التدقيق ونشر إحصائيات التسجيل والتحيين وتوضيح الطريقة المعتمدة للتسجيل الآلي فيما يخص توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع". واعتبرت الجمعية أنّ مصداقية السجل الانتخابي وسلامته ونزاهته تعدّ من أهم المعايير التي يجب احترامها والحرص الشديد عليها.

ولكن رئيس هيئة الانتخابات الحالية فاروق بوعسكر قال في تصريح إذاعي، الأربعاء 13 جويلية الجاري، إنه "قد تم اكتشاف محاولات محدودة لأشخاص حاولوا الولوج إلى منظومة تحيين الناخبين وحاولوا تغيير مراكز الاقتراع الخاصة ببعض الشخصيات السياسية المعروفة.. لكن الهيئة اكتشفت ذلك بعد سويعات قليلة وأوقفنا هذه المحاولة".

تنديد واستنكار

وفي الأثناء، استنكرت عديد الأحزاب والجمعيات تعدد المخالفات والتجاوزات خلال حملة الاستفتاء، ونددت بـ"خرق مبدأ حياد الإدارة والمبادئ المنظمة لحملة الاستفتاء وتوظيف أجهزة الدولة وإمكانياتها بشكل واضح من طرف الداعمين للرئيس قيس سعيّد".

وطالب كل من حزب آفاق تونس، وائتلاف صمود (مجموعة من الجمعيات)، وحزب الشعب يريد، وحركة عازمون، وحزب الائتلاف الوطني التونسي، في بيان نُشر الأربعاء 13 جويلية 2022، وزارة الداخلية بـ"تحمّل مسؤوليتها في حماية الحرمة الجسدية للمشاركين في الحملة وتأمين الاجتماعات والأنشطة الميدانية"، وذلك إبان منع حزب آفاق تونس من عقد اجتماع ضمن حملته بـ"لا" على الاستفتاء في ولاية سيدي بوزيد.

ودعوا هيئة الانتخابات إلى "فتح تحقيق فوري في مصادر تمويل حملة المساندة "نعم" واتخاذ قرارات فورية لردع المخالفين"، ورفضوا "عدم احترام مبدأ حياد وسائل الإعلام العمومية واستغلال منابرها لحملة المساندة".

كما استنكروا "استباحة الفضاء العام من خلال تعليق اللافتات في أماكن غير مرخّصة واستعمال علم وشعار الجمهورية التونسية والإشهار السياسي في مخالفة صريحة لقانون الانتخابات والاستفتاء". وأكدوا أنهم "بصدد توثيق هذه التجاوزات بكل الوسائل القانونية لتقديم مؤيدات الطعون ومحاسبة كل من يثبت تورطه في ارتكاب جرائم ومخالفات انتخابية".

استهتار بالقوانين

من جانب آخر، اعتبرت أحزاب "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء" (العمال والتيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل والقطب)، الأربعاء 13 جويلية 2022، أن تعديل مشروع الدستور المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بعد انطلاق حملة الاستفتاء "يمثل استهتارًا بالقوانين وخرقًا حتى للمراسيم التي أصدرها الرئيس".

وأكدت، في بيان مشترك، أن إدخال 46 "إصلاحًا وتعديلًا" على نسخة مشروع الدستور هو دليل آخر على "الطابع الشخصي والارتجالي" الذي حف بعملية كتابة هذا المشروع الذي قالت إنه "لم يراع فيه حتى مقترحات اللجنة التي كلفها بصياغة دستور والتي تبرأ رئيسها  نفسه مما نشره قيس سعيّد".

وشددت الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء على أن "تلك التعديلات كانت بمثابة المساحيق التي حاول من خلالها سعيّد تجميل دستور يؤسس للحكم الفردي ويمهد لعودة النظام الاستبدادي في تعارض تام مع مبادئ الدولة المدنية الديمقراطية وأركانها"، وفق تقديرها.

وكانت أحزاب "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء"، أودعت الاثنين 11 جويلية 2022، عريضتين لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس للإعلام بجرائم، الأولى هي عريضة تم إيداعها ضد رئيسة الحكومة وكافة أعضاء حكومتها من أجل المشاركة في الانقلاب على الدستور وتبديل هيئة الدولة وتبديد المال العام والإضرار بالإدارة طبقًا لمقتضيات الفصلين 72 و96 من المجلة الجزائية، كما تم إيداع العريضة الثانية ضد رئيس وأعضاء هيئة الانتخابات من أجل الجرائم نفسها.

قضية لإيقاف حملة الاستفتاء

من جهته، أعلن الحزب الدستوري الحر، الأربعاء 13 جويلية، في ندوة صحفية، أنه قرر رفع جملة من الشكايات في علاقة بمسار الاستفتاء من ذلك نشر قضية استعجالية أمام المحكمة الابتدائية بتونس يوم الجمعة 15 جويلية 2022، في طلب إيقاف حملة الاستفتاء طبقًا للخطر الداهم المتمثل في تزوير إرادة الناخبين عبر التستر على الفساد المالي والتمويل الأجنبي المشبوه،. كما أعلن رفع قضايا أخرى منها:

*إحالة ملفات في الفساد الإداري والمالي الذي تم ارتكابه خلال الأشهر الفارطة من طرف رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة المالية وهيئة الانتخابات إلى النيابة العمومية.

*تقديم شكاية إلى التفقدية العامة بوزارة العدل ضد ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل المماطلة في فتح ملف الشكايات المقدمة بخصوص تدليس الاستشارة وإهدار المال العام.

*تقديم شكاية ضد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية نظرًا لتجاوز القانون وعدم البت في طلبات تأجيل وتوقيف تنفيذ الأوامر الرئاسية رغم مرور الآجال القانونية المحددة بشهر.

*شكاية ضد القيادات الأمنية الميدانية التي مارست العنف ضد مواطنين سلميين أثناء وقفة احتجاجية للحزب الدستوري الحر في 7 جويلية 2022 أمام مقر هيئة الانتخابات بالعاصمة وخرق واجب الحياد وعدم الالتزام بمبادئ الأمن الجمهوري.

*رصد وتوثيق كل الجرائم المرتكبة من الميليشيات الفيسبوكية والتي تقدم نفسها ذراعًا مساندًا لقيس سعيّد وتقديم شكايات ضد مرتكبيها.

ارتداء الشارة الحمراء

من جهة أخرى، دخل أعضاء النقابة الأساسية لموظفي وأعوان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التابعة لاتحاد الشغل أمس الخميس 14 جويلية في تحرك احتجاجي حضوري بمقر الهيئة.

وحمل المحتجون الشارة الحمراء بالهيئة المركزية وجميع الهيئات الفرعية، رافضين ما دعوه بـ''ظروف العمل المهينة والمتردية و التسويف والمماطلة لكل حقوق الاعوان".

وطالب الأعوان بتعديل المسار المهني للأعوان تجاه الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية وتسوية الوضعيات الاجتماعية وسد الشغورات.

وأكدت النقابة في بيان لها، أنه سيتم التصعيد في الأيام القادمة وتنفيذ وقفة احتجاجية، نظرا لعدم جدية الهيئة والإدارة التنفيذية في تسوية الوضعيات المهنية للأعوان والموظفين.

وتعيش الهيئة العليا للانتخابات العديد من الإشكاليات خاصة على مستوى مجلسها الذي يشهد صراعات بين أعضائه و"محاكمات" لعدم الالتزام بالواجب المهني كان المتهم فيها عضو الهيئة سامي بن سلامة. وأكد هذا الأخير أنه يتعرض للضغط بسبب تصريحاته ومواقفه وأن التهم الموجهة له من قبل رئيس الهيئة فاروق بوعسكر تهدف لإعفائه.

inbound2124611234488957622.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً