post

دستور "التدابير الاستثنائيَة" ؟!؟

سياسة الجمعة 24 سبتمبر 2021

مرآة تونس - إشراق بن حمودة

صحيح أنَ منظومة الحكم ما قبل 25 جويلية لم تكن مثالية ولم تحقق أهم مطالب الثورة التي حرَرت شعبا من قيود حكم الطاغية لعقود.. منظومة ما قبل 25 جويلية ننتقدها ونحتجَ ضدَها حتى تمتثل لمطالب الحرية والكرامة.. منظومة ما قبل 25 جويلية كنا نتصارع معها لكن كنا على يقين أنَها لن تعيدنا إلى مربع ما قبل الثورة.. فحتَى رؤسائنا المتداولون على السلطة لم يتجرأ أحد منهم على المسَ من الحريَات أو الانقلاب على الدستور.


  فؤاد المبزَع                                                                                                                           
عقب فرار الرئيس المخلوع بن علي، تولَى فؤاد المبزَع رئاسة الجمهورية في 14 جانفي 2011 وواصل مهام الرئاسة المؤقتة حتى إجراء انتخابات المجلس التأسيسي في 24 جويلية 2011. بالرغم من أنَ المبزَع من رموز النظام البائد، حيث شغل مناصب كبرى حينها ولكنَه استجاب لثورة الشعب ولم يُهدَد التجربة الديمقراطية.


المنصف المرزوقي                                          
تولَى المنصف المرزوقي في ديسمبر 2011 رئاسة المرحلة الانتقالية لتونس.
المرزوقي حقوقي داعم لمسار الثورة، قدَم عديد المبادرات خلال تقلَده الرئاسة حيث بإحداث المحكمة الدستورية الدولية، كما تمَ اختياره من قبل المنتدى كأفضل شخصية مغاربية لسنة 2013 لاعترافه بحقوق المواطنة المغاربية. وكانت له الجرأة للمطالبة بإطلاق سراح محمد مرسي في منبر الأمم المتحدة. وعند خسارته في الانتخابات الرئاسية 2014، سلَم مقاليد الحكم لمنافسه الباجي قائد السبسي.


الباجي قائد السبسي
تولَى الباجي قائد السبسي رئاسة الجمهورية في ديسمبر 2014، وقد حكم البلاد آنذاك على قاعدة التوافق السياسي وقام بتعيين 2 رؤساء حكومات، وبالرغم من مناهضته الإسلاميين إلاَ أنَه تمكَن من التعامل معهم تحت راية الديمقراطيَة. وفي سابقة من نوعها، خسر السبسي آنذاك قضيَة رفعها ضدَ مواطن. حيث ألزم القضاء السبسي بدفع مصاريف وأتعاب القضية التي رفعها ضد عماد دغيج ما يُمثَل إنتصارا كبيرا للثورة.
وفي 25 جويلية 2019، أعلنت رئاسة الجمهورية عن وفاته بعد تعرَضه لوعكة صحيَة حادَة.


 محمد الناصر 
إثر الشغور النهائي الحاصل في منصب رئاسة الجمهورية تبعا لوفاة السبسي، تولَى محمد الناصر القيام بمهام رئيس الجمهورية وأداء اليمين الدستورية يوم 25 جويلية 2019، طريقة سلسلة للانتقال الديمقراطي في ظرف استثنائي تعكس درجة الوعي السياسي للسياسيين والتي شهد لنا العالم بها. فمحمد الناصر رئيس مؤقت ساهم في إنجاح المسار الديمقراطي لتونس وكان وفيا للخط السياسي الذي رسمه السبسي. 
رؤساء من بينهم من اشتغل مع النظام البائد، وبالرغم من حدَة اختلافات البعض مع دستور 2014 لم يتجرَأ أحد منهم على الانقلاب على الدستور أو المساس من الحريات.

قيس سعيد
يُفاجئنا قيس سعيد الرئيس الحالي بانقلابه الناعم الذي انطلق في 25 جويلية 2021، حيث أعلن عن تفعيل الفصل 80 من الدستور بعد أن رأى ضرورة "حفظ كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة". واتخذ بذلك جملة من القرارات تقضي بإعفاء رئيس الحكومة من مهامه وتجميد البرلمان لمدة غير معلومة، إضافة إلى رفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضاء مجلس نواب الشعب وتوليه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة يعيّنه هو لاحقا.
هاهو اليوم يُصدر أمرا رئاسيا يتعلق بـتدابير استثنائية جديدة:
حيث قرَر سعيد مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه. ومواصلة العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية، إضافة إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.
تدابير استثنائية تقوم بعملية فرز واضح داخل الدستور، يترك سعيد الفصول التي يرى أنَها صالحة له، ويُعطّل الفصول والأبواب التي يمكن أن تُعطّل مساره أو تُزعجه. بالإضافة إلى ذلك قرَر بعث لجنة "يتم تنظيمها بمقتضى أمر رئاسي" لإعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية. لجنة هو من سيختار أعضاءها وهو من يحدَد مهامها وهو من يرسم حدود صلاحياتها..وهو فقط سيستعين بها عند الحاجة.
قرارات تعكس في مجملها أنَ رئيس الجمهورية أيَ سلطة رقابية عليه، حيث أكدَ مواصلة العمل بالتدابير الخاصة بممارسة السلطة التنفيذية والتشريعية.
وبالرغم من أنَ سعيد يؤكد أنَه لا يجوز عند سن المراسيم النيل من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة بالمنظومة القانونية الوطنية والدولية، نجد أنَه أعطى لنفسه حق إصدار مراسيم في "الحريات وحقوق الإنسان والإعلام وغيره. 
لا ننسى أهم نقطة وردت في المرسوم 117 وهو القانون الانتخابي، أي أنَ الرئيس هو من سيختار قانونا انتخابيا ومنافسين على هواه..هو من سيُحدَد القائمين على العملية الانتخابية..إنَها الدكتاتوريَة قادمة.

أنا الدستور

قيس سعيد عبء على ديمقراطيتنا.. فالحاكم الذي يختطف كل السلطات، معارضته واجبة على شعبه..فلا يجب اليوم التنازل عن بلادنا بعد أن ضحَينا لسنوات من أجلها منذ اندلاع الثورة. فهناك على "هذه الأرض ما يستحق الحياة".

 

galleries/دستور-التدابر-الاستثنا-01.png

من الممكن أن يعجبك أيضاً