post

رفض واسع لقرار إحداث هيئة استشارية من أجل جمهورية جديدة

تونس السبت 21 ماي 2022

أصدر رئيس الدولة قيس سعيد اصدر أمس الجمعة، مرسوما بالرائد الرسمي الأخير للجمهورية التونسية يتعلق بإحداث "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، وهي لجنة الحوار الوطني والتي تتركب وفق المرسوم من "لجنة استشارية قانونية"، تتكون من عمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية بتونس، ويتولى رئاستها أكبر الأعضاء سناّ، ستتولى إعداد مشروع دستور "يستجيب لتطلعات الشعب ويضمن مبادئ العدل والحرية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي".

وأيضا لجنة استشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية يترأسها عميد المحامين إبراهيم بودربالة وتتركب من عضو ممثلا على كل من الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد الوطني للمرأة التونسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

وستتولى لجنة الحوار الوطني والتي تتكون من أعضاء اللجنتين الاستشاريتين، التأليف بين المقترحات التي تتقدم بها كل لجنة بهدف تأسيس جمهورية جديدة تجسيما للتطلعات الشعبية المشروعة على أن تقدم إلى رئيس الدولة التقرير النهائي في أجل أقصاه يوم 20 جوان المقبل.

وأثار إحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة جدلا واسعا ولقي القرار رفضا كبير من قبل أغلب القوى السياسية الاجتماعية في البلاد.

هيئة باطلة

ووصفت "جبهة الخلاص الوطني" أعمال الهيئة الوطنية الاستشارية التي أحدثها سعيّد بمرسوم رئاسي والمكلفة بإعداد دستور جديد بـ"الباطلة والفاقدة لكل أثر قانوني".

وأدانت الجبهة ما اعتبرته إصرار سعيد على الانفراد بالسلطة والقرار وتجرئه على دستور 2014. وحملت الجبهة أعضاء الهيئة الاستشارية كل الآثار القانونية المترتبة عن مشاركتهم في الانقلاب على دستور البلاد ومؤسساتها الشرعية.

وقالت الجبهة في بيان، مساء الجمعة، إن ما يسمى بالاستفتاء فاقد لشروطه القانونية وفاقد لأدنى شروط المصداقية. وتوجهت جبهة الخلاص إلى كافة القوى الوطنية بالتحرك عاجلا للدفاع عن أركان الديمقراطية التمثيلية، والكفاح من أجل العودة إلى الشرعية الدستورية والفصل بين السلطات وسيادة القانون.

إسقاط مسار الانقلاب

وأعلنت تنسيقيّة "الأحزاب الاجتماعيّة الديمقراطيّة" عن رفضها وشجبها للمرسوم المحدث "لما يسمّى بالهيئة الوطنية الاستشاريّة من اجل جمهوريّة جديدة" ولكلّ التّوجّه الذي يريد رئيس الدولة الذي وصفته بـ"رئيس سلطة الامر الواقع" تكريسه في ظلّ رفضه لأيّ حوار وتماديه في محاولة يائسة لفرض خياراته الاستبداديّة.

واعتبرت هذه الاحزاب (الجمهوري والتكتل والتيار الديموقراطي) في بيان مشترك أصدرته اليوم السبت، أنّ توجّه رئيس الجمهورية هو دفع البلاد نحو مسار "يقزّم المجتمع ويلغي دور الأحزاب السياسيّة ويهمّش منظّمات المجتمع المدنيّ ويجعلها شاهدة زور على صياغة دستور كتب في الغرف المغلقة بناء على استشارة إلكترونيّة فاشلة لم تعلن حتى نتائجها للرأي العام" .

 ودعت "تنسيقية الاحزاب الديموقراطية" في هذا الصدد كل الأطراف الوطنيّة وخاصّة المنظّمات الوطنيّة إلى رفض المشاركة "فيما يسمّى بلجنة الحوار" وتحمّل كلّ من يقبل الانخراط في مسار الانقلاب مسؤوليّاته القانونيّة المترتّبة عن المشاركة في قلب هيئات الدّولة. كما ناشدت "كل القوى الحيّة المتشبثّة بالمسار الديمقراطيّ من أحزاب سياسيّة ومنظّمات مجتمع مدنيّ وشخصيّات وطنيّة التصدّي لهذه المهزلة وإسقاط مسار الانقلاب على الدّستور."

النهضة تحذر

وفي سياق متصل، جددت حركة النهضة "موقفها المحذر من خطورة محاولات الاستحواذ والهيمنة على الهيئات الدستورية والتعديلية". واعتبرت في بيان صادر عن المكتب التنفيذي للحركة أن "ما رشح من مداولات الهيئة المعينة للانتخابات يعكس بوضوح المسار الخاطئ الذي نهجه الانقلاب في تفكيك مؤسسات الدولة، وتقويض مكاسب الانتقال الديمقراطي والدوس على استقلالية هذه الهيئات وشفافية أعمالها".

مهزلة انقلابية

بدوره اعتبر عضو الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية زياد الهاني، أن اللجنة الاستشارية لكتابة دستور جديد "مخالفة للقانون". وقال الهاني: "الخزي والعار لكل من يقبل بالمشاركة في الفصل "الدستوري" من المهزلة الانقلابية".

خارج القانون

وفي ذات السياق سخر أستاذ القانون الدستوري عبد الرزاق المختار من تكوين الهيئة الاستشارية وقال: "اللجنة الجديدة طويلة الاسم قصيرة العمر". واستنكر المختار بشدة قبول العميد الصادق بلعيد مهمة لجنة لكتابة الدستور وقال: "نحن ما انتخبنا عمداءنا لكتابة دستور فمن شاء منهم ذلك.. فليكن باسمه وصفته العلمية فقط". وقال أستاذ القانون الدستوري في تدوينة له على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "أسلوب استغبائي هجين.. من عقل غريب في تركيب اللجان..".

الفسحة انتهت

من جهته قال الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" غازي الشواشي، إن الرئيس سعيّد بصدد "تسييج الديكتاتورية التي لن تدوم طويلا". وبعث الشواشي لسعيّد برسالة مفادها: "عليه أن يعلم أن الفسحة انتهت وأنه بصدد القيام بمهزلة".

فضيحة موصوفة

بدوره أكد أستاذ القانون الدستوري عبد الوهاب معطر أن الرئيس سعيّد خرج عن أحكام الدستور "بالتمام والكمال"، وأنه "لا يجوز له إطلاقا وضع دستور جديد على مقاسه".

ووصف أستاذ القانون مرسوم "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، بـ"الفضيحة الموصوفة"، وشدد على أنها "غير مستقلة".

إقصاء كل الأحزاب

وقال أمين عام حزب التحالف من أجل تونس سرحان ناصري أن حزبه كان يعتقد أن الاحزاب السياسية الداعمة لمسار 25 جويلية ستكون معنية بالمشاركة في الحوار الوطني وصياغة الدستور الجديد.

وأكد أن رئيس الجمهورية وفق اختياراته التي اعلنها في المرسوم عدد 30 لسنة 2022 المتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من اجل دستور جديد أقصى الاحزاب.

وبين الناصري ان حزبه كان يعتبر ان المشاركة في الحوار الوطني فرصة للأحزاب السياسية لتقديم رؤيتها ومقترحاتها. وأكد أنه لا يمكن الحديث عن الشرعية والمشروعية قبل قراءة مسودة الدستور الجديد الذي ستعمل لجنة من عمداء كليات الحقوق على صياغته.

مشروع سعيّد خطر جاثم

واعتبرت القيادية بحزب قلب تونس آمال الورتتاني في تصريح إذاعي، أن مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيّد أصبح يمثل الخطر الداهم والجاثم على الدولة ومؤسساتها وعلى مكتسبات الجمهورية الوطنية.

وأضافت الورتتاني أن صورة العار التي جابت العالم يوم 25 جويلية هي صورة البرلمان المُغلق بدبابة وليست صورة قيس سعيّد، على حد قولها. وأكدت أن قرارات رئيس الجمهورية "غير دستورية" لذلك قام بحلّ الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين حتى لا تراقبه.

خطر إضعاف الجبهة الداعمة لـ25 جويلية

من جهته، أكد أمين عام حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي، في تصريح إذاعي، أن الخطوات الأخيرة لرئيس الجمهورية من مخاطرها إضعاف الجبهة الداعمة لمسار 25 جويلية في مقابل تقوية الجبهة المعارضة له، وفق قوله.

وقال البريكي إن موقفهم الداعم لمسار 25 جويلية ثابت ولكن بمرتكزات معينة من بينها الحوار الذي يضم المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، على حد تعبيره.

وأشار البريكي إلى أنهم سيقفون ضد كل محاولات الانحراف بمسار 25 جويلية، على حد قوله. ولفت إلى أن هياكل الحركة لم تجتمع بعد لتحديد موقفها من هذه التطورات ومن الحوار بالشكل الذي ارتآه رئيس الجمهورية.

شكر الله سعيك

وقالت المستشارة السابقة برئاسة الجمهورية سعيدة قراش في تعليقها على المرسوم المتعلق بالهيئة الوطنية الإستشارية من أجل جمهورية جديدة إن هذه الهيئة استشارية يعني دورها كدور أي مستشار يعمل لدى رئاسة الجمهورية يعطي رأيه و شكر الله سعيه، وفق قولها.

واعتبرت قراش في تدوينة نشرتها على صفحتها اليوم السبت، أن الاطار العام الذي ستعمل الهيئة على تقديم مقترحاتها فيه وفي إطار دورها الاستشاري هو الامر عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية ونتائج الاستشارة الوطنية والتي يعرف الجميع أنه لم يتم الانخراط فيها حتى تتحول إلى قاعدة لأي اتفاق واسع أو إجماع بل أن عدد المشاركين فيها فضيحة. وقالت: ''على الدولة ان تخجل منها بعد أن كرست كل امكانياتها لإنجاحها".

وأكدت قراش أن ما يحدث سيقود إلى مزيد من التوتر وهو ما سيعزز المخاوف من الانفراد بالسلطة والتوجه نحو تصفية المكتسبات، وأشارت الى أنه أيضا تأكيد على انصراف السلطة السياسية الحالية عن المشاكل الحقيقية وهي أساسا اقتصادية واجتماعية، وفق تقديرها .

دولة منبوذة

بدوره، قال رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس الأستاذ الصغير الزكراوي في تعليقه على تكليف رئيس الجمهورية للعميد الصادق بلعيد رئيسا منسقا للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة إن بلعيد ليس الرجل المناسب في المكان المناسب لعدة أسباب أهمها أنه كان مستشارا في كل الأنظمة منذ عهد بورقيبة.

وأضاف الزكراوي في تصريح إذاعي، أن تونس ذاهبة إلى جماهرية فقيرة وستكون دولة "منبوذة" في حال واصل رئيس الدولة الإصرار على تنفيذ برنامجه الخاص، ووصف الحوار الوطني بالمسرحية.

inbound228183643928924509.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً