post

سعيّد يطلق آخر صواريخه على الدستور: الإسلام دين الأمة لا الدولة

تونس الثلاثاء 19 أفريل 2022

انتقد الرئيس قيس سعيد، من يتشبثون بالفصل الأول من الدستور الذي ينص على أن الدولة دينها الإسلام. وقال سعيد إن "الإسلام هو دين الأمة وليس دين الدولة، ونحن لا نصلي أو نصوم بناء على الفصل الأول من الدستور وإنما بأمر من الله".

وأضاف سعيد، خلال إشرافه على موكب تسليم جوائز الفائزين في الدورة 53 للمسابقة الوطنية لحفظ القرآن الكريم لسنة 1443هــ/ 2022 مساء أمس الاثنين، أن "الدولة ذات معنوية مثل الشركات فما معنى أن يكون لها دين". ورأى أن "العلاقة مع الله وليست مع من يدعي أنه الجهة الوحيدة المخولة لعبادة الله".

وشدّد سعيّد على أنّ "مقاصد الإسلام الحقيقية هي الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية"، واعتبر أنّ "علاقتنا مع الله وليس مع الدولة"، وتابع: "الله طلب منا التوحيد، ولكن للأسف هناك من يوحد الله ويشرك به الحكام وتعرفون التاريخ القديم والحديث".

وقال سعيد: "سنقف أمام الله وسنحاسب فرادى، ولن يأتي معنا لا مجلس نيابي ولا حكومة تقف إلى جانبنا ونحن على الصراط، ولن نرى دولة أو مجلسا نيابيا أو حكومة تمرّ على الصراط أو تتساقط على الصراط يمينا وشمالا". وأضاف: ''أحيانا نجد مظاهر الخشوع في المساجد وبمجرّد الخروج من باب المسجد تختفي تلك المظاهر، في حين أنّ الإسلام الاستقامة والإيمان بالله".

وتابع: "أمرنا الله بصدق الحديث والتقوى، فأين صدق الحديث من الذين يتحدّثون ولا يصدقون ولا يخلصون حتّى مع أنفسهم"، وقال: "الله أمرنا أيضا بأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم".

ويبدو أن الخطاب الديني الذي كان حاضرا طيلة فترة حكم سعيد أي منذ 2019، والرسائل التي كان دائما يرسلها والصورة التي كان يثبتها مع الجمهور (عامة الجمهور) تعتمد في كيانها الأساسي على جانبين وهما رصيده الاعتباري خلال الحملة الانتخابية: الطهورية والالتزام الديني وأيضا نظافة اليد.

ونتذكر جيدا كيف كان يلتقط صورا وهو في "حالة" صلاة، بل إن إحدى المرات (في جامع حي التضامن) تناول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا "مُركبة" بالكمامة ودونها مع مُلاحظة تغير مكان أداء الصلاة بشكل يوحي آليا بأنها عملية مُصطنعة (Shooting) او mise en scène.

وهذا الخطاب الذي يوحي بالتناقض (إمكانية حذف الفصل الأول من الدستور) من جهة، وإدارة الدولة للشأن الديني من جهة أخرى، لا يعبّر حقيقة عن رؤية واضحة لمعالم إدارة "الحقل الديني" في تونس.

وهذا الطرح أقرب لمثال نظام زين العابدين بن علي الذي كان يعتمد الشأن الديني لإدارة الشأن العام وتوجيهه لفائدة حزبه ونظامه وحتى الدعاء له، والتحكم في خطب يوم الجمعة من خلال توحيدها وإرساء منظومة الوُعاظ والاشراف على المناسبات الدينية الفولكورية.

ويبدو أنه من خلال هذا الخطاب، يحاول سعيّد استعطاف واستمالة المزاج الشعبي المُشبع بالعاطفة والخشوع خلال شهر رمضان، ويريد حشر خصمه وغريمه السياسي الأول (النهضة) في زاوية التجارة بالدين وتوظيفه من خلال إرساء منظومة قانونية (الفصل الأول من الدستور الذي لا نحتاجه) ومن خلال تجريدها من خطابها وتوجيه خطاب أكثر سلاسة وبساطة (وهو الذي حذفته النهضة من أدبياتها حتى لا تتعرض للانتقاد والاتهام باستغلال الدين ووصلت حد فصل الجانب الديني عن الدعوي).

ولا ننسى كذلك كيف أن سعيد، تاجر بالدين، لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية، حيث أعطى تعليمات للمراجع الدينية لدعوة التونسيين إلى التبرع لصالح الخزينة العامة الخاوية، وبالتالي المساهمة في سداد رواتب الموظفين في الدولة وتمويل بنود الدعم سواء للوقود أو الأغذية وغيرها، وربما لاحقا الدعوة لسداد أعباء الديون الخارجية التي تكاد الدولة تتوقف عن الالتزام بها بسبب الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد وتراجع الإيرادات.

حيث خرج علينا في جانفي الماضي، مفتي الديار التونسية عثمان بطيخ، الذي أحيل للقضاء في شهر أوت الماضي بسبب شبهات في قضايا فساد تتعلق بملف الحج في العام 2015، يدعو رجال الأعمال وأهل الخير إلى المساعدة في إنقاذ البلاد وإخراجها من أزمتها، وذلك في بيان رسمي صادر عن ديوان الإفتاء. كما طلب من المقتدرين مساعدة البلاد للخروج من الظروف الصعبة التي تمر بها. واعتبر المفتي أن "مساعدة البلاد للخروج من الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها هو واجب أخلاقي وديني".

ولم يكتف المفتي بذلك، بل اعتبر أن "البذل والعطاء من أجل رفاهية شعبكم ليس تضحية ولا فداء ولا خسارة، بل هي تجارة مع الله عز وجل لن تبور". كما لم يكتفِ مفتي الديار بالدعوة للتبرع لسد عجز الميزانية العامة من منطق اقتصادي، بل ربط التبرع بالوطنية وتحديد مصير المواطن يوم القيامة حينما اعتبر أن "الانخراط في إنقاذ وطننا واجب من أهم الواجبات، فلا تبخلوا على تونس العزيزة علينا جميعا ولا تترددوا في دعمها وفي التناصح والتكافل والتضامن تكمن مواطن القوة والعزة والكرامة. وبدون ذلك فهو، والعياذ بالله، السقوط والانهيار، ويوم القيامة خزي وعذاب".

inbound8865482466683287083.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً