استنكر الرئيس قيس سعيد التسريبات الأخيرة المنسوبة لنادية عكاشة واعتبرها إشاعات، وقال ''بث الإشاعات المكذوبة، هتك للأعراض''، وأكد أنّه من المفترض أنّ المصالح المعنية يجب أن تعرف مصدر هذه التسريبات التي تعمّدت هتك ومس الأعراض.

وأضاف سعيد "لن يعلموننا الأخلاق والقيم والوطنية، نحن جئنا لهذه المسؤولية للحفاظ على الوطن". وشدّد أنّه لا مجال للتسامح مع كلّ من تعمد تسريب ما وصفه بالأراجيف وقال ''العرض أطول من العمر، العُمر ينتهي ولكن يبقى العرض".

ويعيش الشارع التونسي وأوساطه السياسية منذ أيام على وقع الصدمة بعد سلسلة تسريبات متواصلة منسوبة لنادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي السابقة للرئيس قيس سعيد، والتي توصف بصندوق أسراره ومهندسة انقلاب 25 جويلية، وفق وصف معارضيه.

وفيما لم تعرف حتى اللحظة الجهة التي قامت بتسريب المحادثات الخاصة المنسوبة لنادية عكاشة، أعلنت النيابة العامة فتح تحقيق وإجراء الاختبارات الفنية بخصوص محتوى التسجيلات الصوتية المنسوبة لها.

وأوضحت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في تونس -في بيان لها- أنها كلفت الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب والجريمة الماسة بسلامة التراب الوطني بالبحث في محتوى التسجيلات الصوتية المنسوب مضمونها إلى مديرة الديوان الرئاسي سابقا.

مضمون التسريبات

وتناولت التسريبات المنسوبة لمديرة ديوان سعيد السابقة، التي توجد حاليا خارج تونس، تفاصيل خاصة وحساسة تتعلق بحياة الرئيس وصحته النفسية والجسدية، فضلا عن تدخل محيطه العائلي في القرارات السياسية، وعلاقته برؤساء دول وسفراء.

وكشفت تسريبات صوتية جديدة منسوبة للمديرة السابقة للديوان الرئاسي عن تفاصيل مثيرة داخل قصر قرطاج، وأكد بعض المراقبين صحة التسريبات بينما اعتبرها البعض الآخر "خيانة عظمى".

وقالت عكاشة في التسريب الصوتي الأخير المنسوب إليها، إن علاقة الرئيس قيس سعيد بزوجته القاضية إشراف شبيل، متوترة، وأضافت أنه كان يريد أن يتزوج شقيقة زوجته المحامية عاتكة شبيل.

وأكدت المديرة السابقة للديوان الرئاسي، أن شقيقة الزوجة لها تأثير كبير على الرئيس سعيد، حيث إنه خصّص لها غرفة في منزله، وأشارت إلى أن زوجته تحقق كلّ ما ترغب فيه عن طريق أختها عاتكة، وفقا للتسريبات الصوتية. وأكّدت عكاشة أن أخا الرئيس، نوفل سعيد، هو من كشف علاقة أخيه قيس سعيد بشقيقة زوجته.

وأظهر تسريب صوتي آخر منسوب لعكاشة، تهكم المديرة السابقة للديوان الرئاسي، على الجنرال محمد صالح الحامدي، الذي شغل منصب مستشار الأمن القوي لدى الرئيس سعيد، ورئيس أركان القوات المسلحة سابقا.

وسخرت عكاشة من طريقة مشي الجنرال الحامدي، وأكّدت أنّ الجنرال الحامدي مهما كانت مميّزاته فإنّه لا يمكنه الفوز في انتخابات أمام رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي أو حتى أمام الناشط السياسي نزار الشعري.

وتضمنت تسجيلات أخرى، حديثا منسوبا لعكاشة بشأن متاعب صحية للرئيس سعيد، كما أشارت إلى غضبه من التدخل الأميركي بشأن الأزمة السياسية في البلاد، واعتزام الرئيس طرد السفير الأميركي قبل أن تتدخل عكاشة لثنيه عن قراره، وفق ما جاء في الحديث المنسوب لها.

عكاشة تنفي

وفي وقت سابق، نفت نادية عكاشة صحة التسريبات المنسوبة لها، واعتبرت أنها مفبركة واستكمال لحملة التشويه بحقها، غير أن زميلتها السابقة في القصر رشيدة النيفر التي ذكرتها نادية بالاسم في تسريبات سابقة، أكدت أنها ستضع نفسها على ذمة القضاء للإدلاء بشهادتها.

ومنذ نحو 4 أشهر قدمت نادية عكاشة أو "حاملة أسرار الرئيس وظله"، كما يصفها كثيرون، استقالتها من منصبها كمديرة ديوان سعيد، بعد أن شغلت الرأي العام بكسرها كل الأعراف الدبلوماسية وحضورها لقاءات الرئيس واجتماعاته في مجلس الأمن القومي، ومع رؤساء دول وقيادات محلية وأجنبية سامية.

ومنذ صعود سعيد إلى السلطة عام 2019، شهد فريق مستشاري الرئيس ما لا يقل عن 10 استقالات، كانت آخرها من نادية عكاشة التي بررت قرارها بـ"اختلافات جوهرية في وجهات النظر".

القوماني ينفي

وبعد اقحام اسمه في إحدى التسجيلات المنسوبة لرئيسة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة، وحديثها عن علاقة تجمع شقيق الرئيس نوفل سعيد به، نفى القيادي في حركة النهضة محمد القوماني وجود علاقة بينه وبين شقيق الرئيس ونفى تعرضه لعرض الرئيس قيس سعيد أو لزوجته. وقال "أفنّد قطعيا ما ورد بخصوصي من افتراء حول صداقتي الطويلة بشقيق الرئيس نوفل سعيد، قبل 2019 خاصة، التي لم نتعرض خلالها يوما، من قريب أو بعيد، لعرض شقيقه وزوجته".

واعتبر القوماني في تدوينة نشرها على صفحته على الفايسبوك أمس الخميس، أنّ ما ورد في المقطع يعدّ هتكا للأعراض، وقال: "أدينه شخصيا وأحذّر منه ومن مثله. وهو سقوط أخلاقي ورسالة خطيرة، سيما إذا تعلّق الأمر بهتك أعراض رئيس الجمهورية وعائلته من قبل مسؤول مرموق سابق في الدولة".

وأضاف القوماني في التدوينة: "إنّ أخلاقي تأبى عليّ الخوض في مثل الموضوع المذكور أو نقل حديث حوله، وإنّ سلوكي الذي يشهد به من يعرفونني يُغني في ذلك".

ودعا القوماني الجهات المعنية إلى فتح تحقيق جدّي حول مجمل تسريبات عكاشة، والكشف سريعا عن الحقيقة للتونسيين، نظرا لخطورة ما ورد من معلومات ولما فيها من إساءة لبلادنا، وقال: "وأشدّد على ضرورة النأي بالمصالح العليا لتونس عن الحسابات الشخصية لأيّ طرف".

سقوط سياسي وأخلاقي

وصف الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي التسريبات بأنها "سقوط أخلاقي مدوٍّ صادر من محيط الرئيس وممن يعتبرهم ثقاته من الصادقين والمخلصين".

ولفت الشابي، في تصريح صحفي، إلى أن "ما كشفته مديرة ديوان سعيد السابقة يثير القلق ويضاعف المخاوف حول مستقبل البلاد وكيفية إدارة دواليبها، ويعزز موقف المعارضة واستماتتها في النضال لإنقاذ البلاد من الانهيار".

وتابع بأن "جميع من اختارهم الرئيس منذ توليه السلطة من مستشارين ووزراء ورؤساء حكومات انفضوا من حوله، وأثبتت الوقائع قلة كفاءتهم وافتقارهم لصفات رجال الدولة".

وشدد الشابي على أن سردية الرئيس بالحوار مع الصادقين دون غيرهم من "طينة عكاشة والمحيط القريب منه" سقطت أخلاقيا وسياسيا مع خروج التسريبات، ودعا القوى الوطنية والحزبية لحوار وطني ينقذ البلاد من السقوط.

مغبة حدوث شغور

وفي تدوينة عبر حسابه على فايسبوك، طالب الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي بتوضيح رسمي حول الحالة الجسدية والنفسية لرئيس الجمهورية، وحذر من مغبة حدوث شغور في المنصب في ظل تضارب النص الدستوري مع الأمر الرئاسي، الذي تولى بموجبه الرئيس زمام كل السلطات منذ 25 جويلية الماضي.

تأكيد التسريبات

من جانبه، أكد أستاذ القانون الدستوري، الصغير الزكراوي، في تصريحات إعلامية، أن صوت المتحدثة في التسريبات هو صوت المديرة السابقة للديوان الرئاسي نادية عكاشة.

وأضاف الزكراوي أنه يستطيع تمييز صوت عكاشة بحكم زمالته لها في مهنة التدريس بالجامعة، وتساءل: "كيف يتم تعيين هذه المرأة في قصر قرطاج؟".

ضرب لشعبية الرئيس

وأدان القيادي في التيار الشعبي محسن النابتي هذه التسريبات، واعتبر أنها تهدف بالأساس لضرب صورة الرئيس قيس سعيد بسبب الشعبية الكاسحة التي يحظى بها، وفق قوله.

وحمّل في الوقت ذاته، أطرافا لم يسمها مسؤولية نشر هذه التسريبات على نطاق واسع عبر الشبكات الاجتماعية لضرب صورة الدولة وعلاقاتها الخارجية.