post

غضب واحتجاجات في جرجيس.. الأهالي يطردون الوالي والمعتمد

تونس الجمعة 14 أكتوبر 2022

يتواصل الاحتقان بمدينة جرجيس من ولاية مدنين وتتواصل احتجاجات الأهالي على خلفية حادثة غرق مركب مهاجرين غير نظاميين من أبناء الجهة على متنه 18 مجتازا من أصيلي الجهة.

وفي تحرّك احتجاجي جديد، عمد الأهالي إلى طرد والي الجهة ومعتمد جرجيس اللذين غادرا مقر المعتمدية تحت حماية أمنية وسط موجة كبيرة من الغضب والاحتقان خاصة بعد التصريحات الإعلامية للوالي التي اعتبرها متساكنو جرجيس ''مستفزة'' لعائلات المفقودين وأهالي الجهة عموما.

وتظهر مقاطع فيديو متداولة، حالة من الاحتقان والاحتجاج اليوم الجمعة 14 أكتوبر 2022، أمام معتمدية جرجيس. وتُظهر الصور الوافدة من المعتمدية مغادرة والي مدنين سعيد بن زايد وسط هتافات "ديقاج" ومحاولات للاعتداء عليه، حيث تمكن من الخروج من مقر المعتمدية إلى سيارته التي لحقها بعض المواطنون بالحجارة، وتم تداول الصور بوسم: 'هروب والي مدنين'.

وعاشت جهة جرجيس في 21 سبتمبر الماضي على وقع فاجعة غرق مركب هجرة نظامية. وعرفت الجهة تحركات احتجاجية على خلفية دفن عدد من جثث يتوقع أن تكون لأبنائهم المفقودين في مركب الهجرة غير النظامية، في مقبرة 'الغرباء' دون اخضاعها للتحليل الجيني وللطب الشرعي، ما اعتبروه "جريمة تستوجب فتح تحقيق ومحاسبة"، قبل أن تقرّر السلطات لاحقا اخضاع تلك الجثث للتحليل الجيني.

وكان والي مدنين أكد خلال ندوة صحفية أمس الخميس، أنه تم استخراج أربعة جثث من مقبرة الغرباء بجرجيس وإيداعها في المستشفى الجهوي بجرجيس للتثبت بواسطة الحمض النووي في إمكانية كون الجثث تعود إلى حادث غرق مركب حرقة بالجهة. وقال إن عددا من الأهالي اعتبروا أن جثثا تعود إلى ابنائهم، وأكد أنه لا يمكن الجزم بذلك نهائياً إلا بعد صدور نتائج التقاطع الجيني.

20 منظمة وجمعية تندّد

ونددت عشرون منظمة وجمعية تونسية، في بيان مشترك أصدرته اليوم الجمعة، بسياسات الدولة و"أجهزتها المحبطة" وما وصفته بـ"الدعاية المضللة والتي لم تراع لا واجباتها تجاه مواطنيها ولا معاناة أهالي المفقودين وأهالي جرجيس"، وذلك على خلفية الأزمة الإنسانية التي عاشت على وقعها مدينة جرجيس منذ 21 سبتمبر الماضي بعد فقدان الاتصال بمركب للمهاجرين غير النظاميين.

كما طالبت بتعامل إنساني يحفظ كرامة ضحايا الهجرة غير النظامية ويضمن دفن جثث المهاجرين بطريقة لائقة وفي احترام للتراتيب التي تتيح لعائلاتهم من داخل تونس وخارجها التعرّف عليها واسترجاع الجثامين، وحمّلت السلطات مسؤولية وضع استراتيجية وطنية للهجرة إدماجية وضامنة للحقوق.

ودعت المنظمات والجمعيات الموقعة على البيان، إلى الاستجابة لمطالب عائلات الضحايا وأهالي هذه المدينة بما يمكن من كشف الحقيقة ومن البحث عن بقية المفقودين ومعرفة مصيرهم في أسرع وقت.

واستنكرت التعاطي السلبي للدولة وأجهزتها وتعتيمها عن المعلومات في ظل احتقان اجتماعي بالجهة واضطرار الأهالي للتعويل على امكانياتهم الذاتية للبحث عن المفقودين ومعرفة مصيرهم. ولفتت إلى أنه لاتزال إلى اليوم عائلات عديدة تنتظر معرفة مصير أبنائها في غياب مخاطب وحيد من طرف الدولة يقدّم المعلومة الصحيحة والإجراءات الواجب اتباعها.

كما أقدمت السلطات الجهوية، حسب البيان، على عمليات دفن سريع لجثث مهاجرين دون احترام التراتيب الواجبة أثناء هذه الأزمات وهو ما فاقم من معاناة العائلات واحساسهم بمحاولة الدولة التعتيم على معاناتهم واقفال الملف في أسرع وقت ممكن.

ودعت المنظمات والجمعيات، جميع المواطنات والمواطنين لوقفة تضامنية مع ضحايا فاجعة جرجيس وكل ضحايا الهجرة غير النظامية اليوم الجمعة 14 أكتوبر، على الساعة 17:30 أمام المسرح البلدي بالعاصمة.

ووقع على البيان كل من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وأصوات نساء واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس وجمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات والمنصة التونسية للبدائل واتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل والائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الاعدام .

كما أمضت البيان جمعيات نوماد08، والكرامة للحقوق والحريات، وتفعيل الحق في الاختلاف، ونشاز ورؤية حرة وجسور المواطنة والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ومنظمة مساواة والجمعية التونسية للوقاية من العنف فضلا عن جمعية التنمية والدراسات الاستراتيجية بمدنين.

فاجعة جرجيس

وتخيم أجواء من الحزن والاحتقان على مدينة جرجيس التي خسرت العشرات من أبنائها في غرق مركب هجرة غير نظامية منذ سبتمبر الماضي، وعدم التمكن من العثور على 17 من الشبان المفقودين عرض البحر والذين كانوا على متنه. ويحتج الأهالي على دفن 4 من الضحايا التونسيين، في مقبرة الغرباء دون اعلام عائلاتهم، أو النيابة العمومية أو مستشفى الجهة.

وعثر عدد من بحّارة جرجيس أثناء حملة تمشيط كبيرة بسواحل جرجيس على 8 جثث يشتبه أن تكون لمفقودين غادروا من سواحل جرجيس مند 21 سبتمبر. وتم انتشال الجثث، الاثنين 10 أكتوبر، من قبل فرق الحرس البحري، ونقلهم إلى المستشفى الجهوي بجرجيس، في انتظار الإذن بعرضهم على الطّبّ الشّرعي والتثبت من أهالي المفقودين.

كما أذنت النيابة العمومية بإخراج 4 جثث من مقبرة المهاجرين أو الغرباء بجرجيس، التي يطلق عليها اسم "حديقة إفريقيا"، حيث قام فريق الطب الشرعي ضمن المخبر المتنقل الذي تواجد على عين المكان بأخذ عينات منها للتحليل من أجل التثبت مما إذا كانت تنتمي إلى المجموعة المفقودة منذ فترة ضمن حادثة غرق مركب هجرة غير نظامية من جرجيس، على أن تودع في غرفة الأموات، إلى حين صدور النتائج.

وحسب عدد من العائلات، تم التعرف على 3 جثث لدى حضور أفراد من هذه العائلات عملية إخراج الجثث، بضغط منهم، فيما لم يتم التعرف على الجثة الرابعة بسبب تآكلها.

جرجس-1.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً