post

في عيد الثورة.. تضييقات أمنية ضدّ معارضي سعيّد وفتح شارع الثورة أمام أنصاره

تونس الجمعة 17 ديسمبر 2021

توافد المحتجون الرافضون لإجراءات الرئيس قيس سعيّد، والتي اعتبروها انقلابًا على الدستور، إلى شارع بورقيبة، اليوم الجمعة، في مسيرة دعت إليها أكثر من جهة معارضة.

وفوجئ الجميع بالتضييق الأمني الكبير على وصول المحتجين، وتقسيم شارع بورقيبة إلى مربعات صغيرة مفصولة عن بعضها، حيث منعت الوحدات الأمنية اليوم الجمعة، ناشطي المبادرة الديمقراطية المعارضين لإجراءات 25 جويلية من الدخول الى شارع الحبيب بورقيبة للتظاهر تعبيرا عن رفضهم للمسار الاستثنائي الذي دخلت فيه البلاد وخارطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الجمهورية مؤخرا.

وعبّر النشطاء السياسيون وقادة الأحزاب التي شاركت في الثورة عن غضبهم من منعهم من دخول شارع الثورة في ذكراها.

واضطر مناصرو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" إلى الابتعاد عن وسط الشارع قبالة المسرح البلدي، فيما تم تحديد مربع ثانٍ لمناصري أحزاب معارضة دعت بدورها للاحتجاج اليوم، بينما تم منح أنصار الرئيس قيس سعيّد فضاءً ثالثاً.

ومُنعت تظاهرة أخرى دعت إليها أحزاب "التكتل" و"الجمهوري" و"التيار الديمقراطي"، من الوصول إلى شارع بورقيبة، وتمت محاصرتها في شارع موازٍ. وندد قادة هذه الأحزاب بهذا الإجراء الأمني، والتضييق على المعارضين، في مقابل فسح المجال أمام مناصري الرئيس، ومنحهم قلب العاصمة للتعبير عن موقفهم.

وقال عضو الهيئة التنفيذية لمبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك، إنه "لا تزال هناك فرصة صغيرة أمام المنقلب للتراجع قبل محاسبته". وأشار إلى أن "حالة البهتة انتهت، وحان الوقت لوضع حدّ للانقلاب". ولفت إلى "أنهم في الطريق الصحيح، واليوم تونس كاملة صارت ضد الانقلاب، وسنكون جميعاً في نفس الساحات، ولن نغادر الساحة والاعتصام في شارع بورقيبة".

وأكد أن "مواطنون ضد الانقلاب" تدعو جميع القوى والمنظمات لتوحيد الصف، ومواجهة الفاشية المتربصة بالبلد". وبيّن أنه بعد "الانقلاب، هناك معركة أخرى مع الشعبوية الفاشية، وسيتم الانتصار في كليهما"، وأكد أن "14 جانفي القادم سيكون يوم فرار المنقلب"، على حدّ تعبيره.

وأعلن بن مبارك عن الدخول في "اعتصام في شارع الثورة إلى حين إزاحة سلطة الانقلاب ومحاسبة المنقلب"، وقال "تم يوم أمس حجز المعدات الصوتية التي تم تخصيصها لمسيرة اليوم الجمعة، المناهضة للانقلاب، وأكد أنها المرة الرابعة التي يقع فيها ذلك. وأضاف أنه وقع أيضا تغيير مكان المسيرة الخاصة بهم "بشكل تعسفي" و"إعطاء المكان السابق (أمام المسرح البلدي) لأقلية من مناصري الرئيس". وتابع بن مبارك: "وزارة الداخلية عادت إلى ممارسات حماية النظام.. احتجزوا الوحدات الصوتية وارادوا من مسيرتنا أن تكون مسيرة صامتة وهو نوع من أنواع قمع حرية التعبير".

بدوره، قال عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" حبيب بوعجيلة، في تصريح صحفي، إن هناك مشاورات متقدمة تبشر بأن الطبقة السياسية في اتجاه تصحيح المسار، حيث تبينت حقيقة الانقلاب بعد بضعة أسابيع لجزء من الطبقة الديمقراطية، والتي كان بعضها شريكاً في البداية في مساندته". وأكد أن "الشارع السياسي له عدة صيغ لمقاومة الانقلاب، من اعتصامات وإضرابات، واحتجاجات". وبيّن أن "الأهم من كل هذا، أنهم يملكون خطاباً سياسياً، ولذلك هم متمسكون بالوحدة الصوتية التي تمّت مصادرتها من قبل الوحدات الأمنية".

ولفت بوعجيلة إلى أنهم ليسوا مجرد شارع يحتج ويصرخ ويرفع الشعارات، بل خطاب ومشروع سياسي لا بد أن يصل إلى الناس. وأشار إلى أن هناك خطابات لسياسيين ونواب ومستقلين لم يتوقع البعض وجودهم اليوم معاً ضد الانقلاب، ولكن مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" نجحت في تجميعهم. وبيّن أن الشارع السياسي المناهض للانقلاب شارع متنوع، عكس ما يروج له الانقلاب على أنه قائم على الاستقطاب الأيديولوجي.

من جهته، قال القيادي المستقيل من حركة النهضة والوزير السابق عبد اللطيف المكي إنه "كان يفترض في هذا اليوم أن نحتفل جميعاً بهذه الذكرى، وأن نكون حول طاولة التفكير في حلول لمشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية، ولكن الرئيس للأسف منع ذلك بسبب مشروع شخصي يمثل انقلاباً على الدستور".

ورأى المكي أن "الإجراءات الأخيرة التي أعلن عنها هي فقط لربح الوقت ومنح نفسه عاماً إضافياً ليغير الحياة السياسية والقوانين، عبر مراسيم يصدرها بنفسه، وهذا غير مقبول لا أخلاقياً ولا سياسياً ولا ديمقراطياً، لأنه أقسم على احترام الدستور، ولكنه نكث بوعده وانقلب على الأمانة".

وشدد على أن سعيّد "رفض كل الإصلاحات، وأسقط الحوار الوطني الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، من أجل الانفراد بالقرار، ولكننا متأكدون من أن التونسيين لن يقبلوا بالاستبداد ولا التنازل عن المكسب الديمقراطي، ووجودنا في الشارع اليوم هو دليل على تمسكنا الأصيل بالشرعية الدستورية، وعلى أن أي تغيير لا بد أن يتم على أساسها".

وقالت عضو "محامون ضد الانقلاب" إسلام حمزة خلال التظاهرة المناهضة للانقلاب: "نحن أمام منقلب حاقد، والتونسيون لا يتأثرون بخطابات الحقد". وأكدت أن الشعب التونسي شعب واحد، وليس لقيس سعيّد التفرقة ولن يتم السماح له بذلك، وبينت أن هذا اليوم هو يوم مصيري، وهي لحظة تاريخية.

وأوضحت أن هناك أحراراً وقفوا ضد من يحاول سرقة الدولة والكرامة والحرية والحقوق، وأشارت إلى أن التاريخ سيذكر وقفة "مواطنون ضد الانقلاب" ضد من حاول سرقة الثورة. ونددت بسجن المحامين والمدونين، وشددت على أن الانقلاب لن يتمكن من تكميم الأفواه.

بدورها، لفتت نائب رئيس البرلمان سميرة الشواشي، إلى أن الانقلاب كان مخططاً له مسبقاً، وأشارت إلى أنها "انتخبت عن طريق الصندوق، وتمثل سلطة تشريعية منتخبة، وأنهم سيحمون المسار الذي يريد المنقلب تقويضه"، وأكدت أنه "يجب وضع الخلافات الأيديولوجية جانباً، وتحصين الديمقراطية ضد الانقلاب ثم فليتنافس المتنافسون"، وأشارت إلى أنه "يجب التخلي عن الأنانية والصراعات من أجل تونس".

من جهته، قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي إن وزير الداخلية توفيق شرف الدين منح شارع الحبيب بورقيبة لأنصار رئيس الجمهورية من أجل أن يهلّلوا له، حسب تعبيره.

وأضاف أن رئيس الجمهورية لا علاقة له بالثورة ولكن للأسف الشديد جاءت الفرصة ليكون رئيس دولة ويقوم بقمع التونسيين ويوظف وزارة الداخلية لذلك. وتابع الشواشي: "هذا لن يدوم طويلا سيسقط هذا النظام  الأرعن وسيحاسب قيس سعيد وكل من قمع التونسيين ومنعهم من التظاهر".

وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي ان "شارع الحبيب بورقيبة يفتح اليوم بأوامر الدولة أمام مناصري وتنسيقيات قيس سعيد بينما يغلق أمام المعارضة، واعتبر ذلك نيلا من الحريات الأساسية للمواطنين التي مازال رئيس الجمهورية يقول بأنه يحترمها".

وقال القيادي في حزب التيار الديمقراطي محمد الحامدي ان الثورة حررت شارع الحبيب بورقيبة والفضاء العام، وأضاف أن ممارسة حق الاحتجاج فيه ليس منّة من قيس سعيّد أو توفيق شرف الدين وزير الداخلية.

وشدّد الحامدي على أن "القوى الديمقراطية ستمارس هذا الحق رغم أنف قيس سعيد وتوفيق شرف الدين". وأشار الى أن معارضي رئيس الجمهورية تجنبوا أي احتكاك مع قوات الأمن وتفاوضوا معها بشكل متحضر من أجل فتح الحواجز الأمنية للاحتجاج بشارع الحبيب بورقيبة.

وتابع القيادي في حزب التيار الديمقراطي "صادروا شارع الحبيب بورقيبة لأنصار قيس سعيد.. الثورة صنعها الشعب وقيس سعيد وأنصاره لم يكن لهم فيها شيء".

واستنكر وزير الفلاحة السابق وعميد المهندسين سابقا أسامة الخريجي التضييق على المتظاهرين، وحصر المحتجين في مربع لا تتجاوز طاقة استيعابه الـ2000 شخصا. اعتبر بأن في ذلك تضييق على المتظاهرين. وقال إن هذه الممارسات تؤكد ان هذا النظام انقلابي، على حد تعبيره.

ويشهد شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وكافة الطرقات المؤدية له والمتفرعة عنه تعزيزات أمنية مشددة منذ صباح اليوم الجمعة. وتم تركيز حواجز على مستوى الأنهج المؤدية لشارع الحبيب بورقيبة الى حدود محطة تونس البحرية ومدخل شارع محمد الخامس وكذلك على مستوى نصب ابن خلدون، وتنظيم تفتيش لكل المتجهين الى الشارع الرئيسي بالعاصمة، الذي يحتضن ثلاث وقفات احتجاجية في اماكن مختلفة.

مسر-17-دسمبر.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً