post

كيف سيتصرف البرلمان الليبي مع حكومة باشاغا؟

المغرب العربي الثلاثاء 01 مارس 2022

أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا إجراء بعض التعديلات على التشكيلة الوزارية لتعرض على مجلس النواب الثلاثاء، لنيل الثقة، في وقت قال فيه رئيس المجلس الأعلى إن مشروع الحكومة المقترحة هو بمثابة "إدخال للمعتدين على العاصمة".

وتقدم رئيس الحكومة الليبية المكلف، فتحي باشاغا، مساء الاثنين، للبرلمان الليبي، بتشكيلة حكومية تتكون من 41 عضوا، منها 30 وزيرا وثمانية وزراء دولة بالإضافة إلى رئيس الحكومة ونائبين للرئيس.

ونشر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الليبي المكلف، فتحي باشاغا، الاثنين، تشكيلته الحكومية قبل جلسة مرتقبة لمجلس النواب للتصديق عليها، في وقت يرفض فيه رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، التخلي عن منصبه قبل إجراء انتخابات تشريعية.

تأجيل وخلافات

وانطلقت مساء أمس الاثنين، جلسة مجلس النواب الليبي في مدينة طبرق دون نقل مباشر لوقائعها، على عكس ما اعتاد عليه المجلس خلال الأسابيع الأخيرة. ولم يتمكن النواب من الوصول للنصاب القانوني المؤهل للتصويت، وذلك بحضور 70 نائباً فقط، فيما يبلغ النصاب 120 عضواً.

وأعلن الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، مساء الاثنين، تأجيل جلسة الاثنين التي كانت مخصصة لعرض ومنح الثقة للحكومة المقدمة من رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا، وذلك "لعدم اكتمال المشاورات حول التشكيلة الوزارية للحكومة".

وفي السياق ذاته، تحدثت وسائل إعلام محلية عن وجود خلافات داخل أروقة مجلس النواب حول منصبي وزارتي الدفاع والداخلية، ومنصب النائب الأول لرئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، وذلك قبيل الجلسة المخصصة لاعتماد التشكيلة الحكومية.

الدعوة للانتخابات

إلى ذلك، دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا إلى اعتماد قاعدة دستورية والذهاب إلى الانتخابات سريعا.

وقال المشري في منشور على "فايسبوك" إن "مشروع الحكومة المقترحة هو بمثابة إدخال للمعتدين على العاصمة من النافذة بعد فشلهم في دخولها بالقوة". وأضاف: "أتمنى على أخي وصديقي فتحي باشاغا، الذي كان له الدور الأبرز في الدفاع عن العاصمة الانتباه لهذا الأمر جيدا". وتابع المشري بالقول: "رؤيتنا هي اعتماد قاعدة دستورية وقوانين انتخابية توافقية، والذهاب إلى الانتخابات في مدة زمنية محددة وسريعة".

وكان المجلس الأعلى للدولة أعلن رفضه التعديل الدستوري وتغيير السلطة التنفيذية، يوم الخميس الماضي، وذلك مع إعلان باشاغا أنه أعد التشكيلة الحكومية وأحالها إلى مجلس النواب.

وأعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في 10 من فيفري الجاري، التصويت لصالح مقترح لتعديل "الإعلان الدستوري"، بأغلبية الأعضاء الحاضرين. وأثار القرار ذاته انقساما جديدا بين المؤسسات الليبية، فيما تمسك رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بمنصبه إلى حدود إجراء انتخابات جديدة، بدعم أممي.

ورغم إعلان الدبيبة، فإن المؤسسات الليبية لم تتوافق على موعد لإجراء الانتخابات، ما يهدد بتعذر تنظيمها من جديد في الموعد، لا سيما أن خلافات حول قانون الانتخاب ودور القضاء في العملية الانتخابية، عطّلت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كانت مزمعة في 24 ديسمبر الماضي.

قلق مصري

وكشفت مصادر مصرية، عن حالة من القلق تعيشها الإدارة المصرية، لشعورها بأن سيناريو تثبيت وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا رئيساً للحكومة الليبية، بات أقرب إلى الفشل، مع سيطرة رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد الدبيبة على الأوضاع في العاصمة طرابلس، واستحواذ قواته على المقار الحكومية والدواوين، إضافة إلى وضعه الدولي القوي، إذ أنه لا يزال رئيس الحكومة المعترف به دولياً.

الرهان الخاسر

وقالت المصادر، في تصريحات صحفية، إن المشرفين على الملف الليبي في الإدارة المصرية، وتحديداً في جهاز المخابرات العامة "لا يزالون يتمسكون بسياستهم في ما يتعلق بالأزمة الليبية، وذلك على الرغم من شعورهم بالقلق تجاه الأوضاع في الجارة الغربية".

وكشفت أن هذا يحدث "على الرغم من تلقّي المسؤولين عن الملف في جهاز المخابرات العامة، نصائح من قبل جهات في الدولة مثل هيئة الأمن القومي (تابعة للمخابرات العامة)، ووزارة الخارجية، تفيد بضرورة تبني رؤية واستراتيجية مختلفة في السياسة المصرية تجاه ليبيا".

وأشارت إلى أن "تلك الجهات قدمت تقارير تفيد بأن الرهان على وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا قد يكون رهاناً خاسراً آخر، مثل الرهان السابق على اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلا أن المسؤولين في الجهاز يصرون على دعم باشاغا".

برنامج الدبيبة وباشاغا

وقالت المصادر إن "رئيس الوزراء الليبي الحالي عبد الحميد الدبيبة، لديه برنامج واضح لإدارة الأوضاع في ليبيا، وأهم عناصره هو تأكيده على إجرائه الانتخابات البرلمانية الليبية في جوان المقبل، بينما وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني السابقة فتحي باشاغا والذي أعلن البرلمان الليبي عن تكليفه بتشكيل الحكومة، في 10 فيفري الماضي، لم يحدد زمناً معيناً لإجراء الانتخابات، وقال إنها ستجرى بعد 14 شهراً، وهو ما يهدد بدخول البلاد في سيناريو فوضوي دموي كما حدث في السابق".

ولفتت المصادر إلى أنه "على الرغم من أن باشاغا يعد شخصية قيادية ومؤثرة في الغرب الليبي على الصعيدين العسكري والسياسي، إلا أن رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة يعد أيضاً شخصية قيادية قوية، ويتمتع بدعم من القوات العسكرية في العاصمة طرابلس، وفوق ذلك كله يحظى بدعم واعتراف دولي، خصوصاً من الأمم المتحدة، وتركيا صاحبة النفوذ الواسع في ليبيا".

وأشارت المصادر إلى أنه "بينما يتسابق الدبيبة وباشاغا من أجل الحصول على الدعم الشعبي والتأييد، لا سيما بين سكان مدينة مصراتة، مسقط رأسيهما ومعقل أبرز المجموعات المسلحة، التي تسيطر على طرابلس، ووسط مخاوف من احتدام معارك مسلحة في المدينة، تم حشد بعض المليشيات المسلحة داخل العاصمة الداعمة للدبيبة، تزامناً مع اجتماع عقده باشاغا، يوم السبت الماضي، مع عدد من قادة مليشيات مدينة مصراتة في المنطقة الغربية، بالإضافة إلى قياداتها الاجتماعية".

التقارب التركي الإماراتي

وفي هذا السياق، قالت المصادر "إنه على ما يبدو، وفقاً لتقديرات أجهزة مصرية، فإن رئيس الحكومة الحالي يسيطر بشكل أكبر على الوضع الميداني داخل مدن الغرب الليبي، لا سيما مع الدعم التركي الذي يتلقاه على الصعيدين الأمني والعسكري".

واعتبرت أنه "بالنسبة إلى الموقف التركي من الأوضاع في ليبيا فإنه لم يتغير، إذ لا يزال داعماً لحكومة الدبيبة المعترف بها دولياً. وهو ما كان إحدى نقاط الاختلاف مع مصر في المفاوضات التي عقدت قبل فترة، لكن الجديد الآن هو التقارب بين تركيا ودولة الإمارات، ومدى التفاهم الذي وصل إليه البلدان في ملفات عدة بينها ليبيا".

وأوضحت المصادر أن "ذلك التفاهم قد يوفر دعماً إضافياً لحكومة الدبيبة، في مقابل محاولات البرلمان الليبي الدفع بفتحي باشاغا لرئاسة الحكومة". وأكدت المصادر أن "التقارب التركي الإماراتي الأخير والتفاهم بينهما في الملف الليبي، أزعج المسؤولين المصريين بشكل كبير، وولّد لديهم شعوراً بأن الإمارات تخلت عنهم في مقابل مصالحها مع تركيا".

وفي مقابل ذلك، قالت المصادر إنه "بالنسبة إلى علاقات مصر في الخليج العربي، لا تزال السعودية هي الأقرب للرؤية المصرية في ما يتعلق بالملف الليبي، لأن الرياض تقف بوضوح وراء الدعم المصري لفتحي باشاغا".

وقالت مصادر إعلامية من داخل المجموعة "المتحدة" التابعة للمخابرات العامة المصرية، المالكة لمعظم القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية في البلاد، إن تعليمات صدرت للمسؤولين في تلك المؤسسات بضرورة توفير تغطية إعلامية "قوية" لأنشطة باشاغا، لا سيما إعلان مكتبه "الانتهاء من وضع التشكيلة الحكومية، وإحالتها لمجلس النواب"، يوم الخميس الماضي.

أزمة ديبلوماسية

ويأتي ذلك، فيما وقعت ما تشبه الأزمة الدبلوماسية بين كل من مصر وليبيا، الأحد، بعد استدعاء وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية القائم بأعمال السفارة المصرية في طرابلس تامر مصطفى، بسبب ما وصفه بـ"الاستخفاف بالسيادة الليبية" عبر وسائل الإعلام المصرية.

وكان المذيع عمرو أديب شبه في برنامجه الذي يذاع على قناة "أم بي سي مصر" السعودية، الوضع بين مصر وليبيا كالوضع بين روسيا وأوكرانيا، الأمر الذي اعتبرته طرابلس إساءة للدولة الليبية.

وأبلغت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش القائم بأعمال السفارة المصرية احتجاج الحكومة الليبية على التصريحات التي وصفتها الوزيرة بـ"المسيئة"، والصادرة عن أحد الإعلاميين المصريين، والتي استخف فيها بالسيادة والحكومة الليبيتين، بتشبيه ما يحدث بين أوكرانيا وروسيا بالعلاقة التي تربط مصر وليبيا.

من جهته، رفض المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد حافظ التعليق على بيان الخارجية الليبية، حول ما ورد على لسان أحد الإعلاميين المصريين بشأن العلاقة بين البلدين، لكنه في الوقت ذاته ذكر في بيان نشرته الوزارة عبر صفحتها على "فايسبوك"، أن "كافة وسائل الإعلام والصحف والقنوات المصرية والأجنبية تعمل في مصر بحرية كاملة، وأنها تُعبر عن وجهة نظرها إزاء مختلف القضايا".

كما شدّد على أن "الموقف الرسمي لمصر يتم التعبير عنه من خلال البيانات الصادرة عن الحكومة المصرية"، وأكد في الوقت نفسه أن علاقة مصر بليبيا على مدار السنوات الماضية "اتسمت بالحرص على الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها وتلبية إرادة شعبها من دون تدخل خارجي".

وأضاف البيان أنه "من الأحرى على كافة الأطراف تركيز جهودها من أجل إذكاء هذه المبادئ وتعضيدها من خلال القنوات الرسمية والاتصالات التي تجمع مصر بكافة الأطياف السياسة الليبية".

inbound8360246975552903772.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً