post

لتسوية النزاع في الصومال.. هل يتفوّق الحوار على لغة الرصاص؟

العالم الثلاثاء 28 ديسمبر 2021

بعد أقل من شهرين على إعلانهما التوصّل إلى اتفاق (في أكتوبر الماضي)، ينهي خلافات استمرت أشهرا، بعد اختفاء ضابطة في جهاز المخابرات، في قضية أثارت جدلاً واسعاً في البلاد، برزت خلافات سياسية جديدة بين الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورئيس الحكومة الفيدرالية محمد حسين روبلي، وتبادلا التهم بـ"التقصير" وعرقلة الانتخابات.

وتفاقمت الأزمة السياسية إثر إعلان الرئيس الصومالي، توقيف رئيس الوزراء وقائد القوات البحرية عبد الحميد محمد درير عن العمل، بتهمة التورط في ملفات فساد واستغلال السلطة في نهب أراضي تابعة للدولة، وفقاً لبيان نشره حساب الرئاسة الصومالية في موقع "فايسبوك".

وأوضح البيان أن أعضاء الحكومة الصومالية سيؤدون واجباتهم، وفقاً للقوانين ودستور البلاد، ودعا في الوقت نفسه مسؤولي المؤسسات الرسمية إلى تجنب سوء استغلال السلطة، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يمس بالممتلكات العامة، واحترام القوانين واللوائح الدستورية. واتهمت رئاسة الوزراء فرماجو بمحاولة السيطرة على مكتبها "بقوة السلاح".

وقال نائب وزير الإعلام عبد الرحمن يوسف عمر، إن انتشار قوات الأمن حول مكتب روبلي لن يمنعه من أداء مهامه. وأشار في منشور له على موقع "فايسبوك" إلى أن "ما جرى هو انقلاب غير مباشر لكنه لن ينتصر (فرماجو)".

وكان رئيس الوزراء الصومالي، أجرى تعديلاً وزارياً، الأحد، شمل تبادل حقيبتي العدالة والدفاع. وذكر مكتب رئيس الوزراء في بيان، أن روبلي عيّن عبد القادر محمد نور، الذي كان يشغل منصب وزير العدل، وزيراً للدفاع، فيما أسند حقيبة العدالة إلى حسن حسين حاج، الذي كان يتولى حقيبة الدفاع، كما أمر جميع قوات الأمن بتلقي الأوامر منه مباشرة.

ويأتي هذا التطور كتصعيد لأزمة الخلافات السياسية حول الانتخابات والتي تدور رحاها بين كبار مسؤولي الدولة، بعد أن اتهم روبلي رئيس البلاد بعرقلة سير عملية تنظيم الانتخابات البرلمانية، والسعي للعودة إلى الحكم من جديد عبر تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية مزوّرة، فضلاً عن محاولات الرئيس الصومالي وضع عراقيل أمام اللجان الانتخابية الفيدرالية، لإفشال جهود الحكومة الرامية لتنظيم انتخابات عادلة ونزيهة.

وحذّر خبراء أمنيون من أن يتطوّر النزاع السياسي في البلاد إلى أزمة أمنية بين القوات الصومالية في العاصمة مقديشو، في حال استمرار الخلافات السياسية واللجوء إلى لغة الرصاص لتسوية النزاع، بدلاً من الحوار والمفاوضات.

وهو ما ينذر بدخول فصائل مسلحة إلى العاصمة، في تهديد أمني يمكن أن ينال من المكاسب الأمنية والاقتصادية التي حققتها البلاد في الفترة الأخيرة، إلى جانب تأثيراتها المزدوجة على مستقبل تنظيم الانتخابات وإجرائها في العام المقبل.

واتهم اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية، الرئيس الصومالي المنتهية ولايته بعرقلة الانتخابات، وأن قراراته الأخيرة غير حكيمة، ولا تخدم مصلحة البلاد، بل تدفعها نحو الهاوية. واعتبر الاتحاد أن المصلحة تقتضي دعم جهود رئيس الحكومة الفيدرالية في تصحيح مسار الانتخابات عبر مؤتمر تشاوري حول الانتخابات.

ويرى قانونيون أن رئيس البلاد لا يحق له إصدار قرارات من شأنها تعليق عمل رئيس الحكومة الفيدرالية، وأن البرلمان المكون من 275 عضواً يحق له فقط سحب الثقة من رئيس الوزراء الصومالي، في حال اكتمل النصاب القانوني (50+1)، بعد تقديم مشروع طرده أكثر من 20 نائباً في البرلمان.

وهذه الطريقة القانونية الوحيدة التي يمكن أن تعطل عمل رئيس الحكومة، فيما لا تتضمن صلاحيات رئيس الجمهورية بنوداً يمكن من خلالها توقيف عمله، كما أن مدة صلاحيات رئيس البلاد تقتصر فقط على فترة رئاسته وهي أربع سنوات، وهي التي انقضت في فيفري الماضي.

وتحصل هذه التطورات في ظل غياب دور المحكمة الدستورية لفض النزاع والخلافات بين القيادات السياسية في البلاد، سواء بين الرئيسين، أو لجهة فصل الخلافات بين المركز والأطراف، والنزاعات التي تنشب أحياناً بين الولايات الفيدرالية، خصوصاً في توزيع الثروات وتقاسم موارد الدولة.

ومع التأجيل الذي رافق عملية تنظيم الانتخابات البرلمانية منذ شهر ماي الماضي، برزت مخاوف من عدم إمكانية تحقيق تداول سلمي للسلطة في البلاد، وفشلت الحكومة الفيدرالية في تحقيق تقدم يذكر لدفع البلاد نحو تنظيم الانتخابات البرلمانية في موعدها (24 ديسمبر الحالي).

وهو ما شكل أزمة سياسية ودستورية في البلاد، حول أهلية الحكومة في مواصلة عملها كحكومة تصريف الأعمال، وشرعية بقاء الرئيس الحالي في الحكم.

من جهتها، حثّت السفارة الأميركية في مقديشو، في تغريدة على "تويتر" قادة الصومال على "اتخاذ خطوات فورية لنزع فتيل التوترات في العاصمة والامتناع عن الأعمال الاستفزازية وتجنب العنف".

وقال مكتب وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية على "تويتر" في وقت متأخر من يوم الإثنين، إن واشنطن مستعدة للعمل ضد من يعرقلون مسار الصومال نحو السلام.

وبدورها، كتبت السفيرة البريطانية لدى مقديشو، كيت فوستر، تغريدة عبر "تويتر" دعت فيها "قادة الصومال إلى اتخاذ خطوات فورية لنزع فتيل التوترات في العاصمة، لأن العنف غير مقبول".

الصومال.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً