post

لماذا لا تقدر المنتخبات الإفريقية على الفوز بكأس العالم؟

رياضة الثلاثاء 12 جويلية 2022

مع اقتراب انطلاق مباريات كأس العالم 2022 بقطر، نشر موقع "أجونس كوفان" السويسري تقريرا عن الأسباب التي تجعل المنتخبات الإفريقية غير قادرة على الفوز بكأس العالم.

وقال الموقع، في تقريره الذي أصدره مؤخرا، إنه في مارس 2021، أصر رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، باتريس موتسيبي، على ضرورة أن يفوز فريق إفريقي بكأس العالم في المستقبل القريب، ويأتي هذا التصريح بعد 51 سنة من تصريح مماثل من قبل أسطورة الرياضة بيليه وبعد سبع سنوات من تصريح نجم الفريق النيجيري السابق جي جي أوكوشا الذي بالنسبة إليه؛ كان الفوز الإفريقي في كأس العالم وشيكا.

وبيَّن الموقع أنه في السادس من فيفري الماضي؛ كانت أفريقيا ومشجعو كرة القدم حول العالم يراقبون المباراة النهائية لكأس أفريقيا للأمم (كان)، والتي كانت تتويجًا للمنافسة التي أطلقت العنان للمشاعر؛ حيث انتهت المباراة بين السنغال ومصر بفوز أسود التيرانجا.

من جانبه؛ فاز المنتخب السنغالي، الذي كان يلعب مباراة الدور النهائي للمرة الرابعة، بالكأس للمرة الأولى، منتصرًا على مصر، الدولة التي حققت أكبر عدد من الانتصارات في المنافسة برصيد سبع بطولات قارية؛ حيث كانت تلك المباراة أكثر من مجرد مباراة نهائية، وإنما بمثابة مقياس لمراقبي كرة القدم، الراغبين في تقييم مستوى أفضل الفرق في القارة مع اقتراب نهائيات كأس العالم 2022.

وفي الواقع؛ كما هو الحال في كثير من الأحيان، تأمل أفريقيا في الحصول على أداء جيد من ممثليها في المنافسات الرياضية الكبرى. ومع ذلك، خلال النسخة السابقة من المونديال، التي أقيمت في 2018، كانت المنتخبات الأفريقية بعيدة كل البعد عن كونها الأفضل في تاريخ القارة، فقد تم إقصاء جميع منتخبات القارة من دور المجموعات، بما في ذلك مصر والسنغال، أبطال المباراة النهائية ليوم 6 فيفري 2022.

وفي سنة 2010، بعد أن تأهلت غانا إلى ربع النهائي، مما جعلها ثالث ممثل أفريقي يصل إلى هذا المستوى، بعد الكاميرون في سنة 1990 والسنغال في سنة 2002، توقع العديد من الخبراء أداء جيدا لكرة القدم الأفريقية على المستوى العالمي في السنوات التالية.

وتعزز هذا الشعور من خلال حقيقة أن غانا كانت بطلة في كأس العالم تحت 20 سنة في سنة 2009. وفي الدورة التالية، في سنة 2014؛ لم يتجاوز أي فريق الدور 16، ولفت هذا الموقف انتباه الباحثين من جامعة هارفارد الأمريكية الذين قرروا إجراء دراسة حول إمكانية فوز الدول الأفريقية بكأس العالم. وفي النهاية، هل أوشكت دولة أفريقية على الفوز بهذا الكأس الأكثر شهرة وقيمة؟

ازدياد مستوى القدرة التنافسية

وتتمثل الملاحظة الأولى التي قدمتها الدراسة في أنه على الرغم من زيادة مستوى القدرة التنافسية للدول الأفريقية، إلا أنها لا تزال بعيدة عن مستوى الدول التي فازت بالفعل بكأس العالم. وللوصول إلى هذا الاستنتاج، قام باحثو هارفارد بتحليل أداء أفضل الفرق الأفريقية بين سنتي 1970 و1979، قبل مقارنتها بالأداء الذي تم عرضه بين سنتي 2010 و2019 خلال الخمس سنوات الماضية، وبالدول التي شاركت في كأس العالم في سنة 2010.

وهذه الطريقة تجعل من الممكن تصنيف الجزائر والكاميرون ومصر وغانا وساحل العاج والمغرب ونيجيريا والسنغال وجنوب أفريقيا وتونس كأفضل دول كرة القدم الأفريقية، بناء على أدائها. فمن خلال بعض المؤشرات، ندرك أن مؤشر التنافسية للدول الأفريقية قد ملأ فراغ جزء من تأخرها مقارنة بأفضل الدول في العالم.

ولكن على الرغم من هذا التقدم، لا يزال أداء الدول الأفريقية يضعها في المتوسط العالمي من حيث مؤشرات الأداء. وكمشاركين في كأس العالم؛ تنتقل الدول الأفريقية من مؤشرات تتراوح بين 25 و45 بين سنتي 1970 و1979، إلى مؤشرات تتراوح بين 43 و57، بين سنتي 2010 و2019.

وأضاف الموقع أنه كمنافسين على الكأس، تراوحت مؤشرات أداء البلدان الأفريقية بين 23 و56 من 1970 إلى 1979. وتراوحت بين 39 و62 في الفترة المتراوحة بين سنتي 2010-2019. وبالتالي زادت القدرة التنافسية الأفريقية على مستوى كرة القدم العالمية.

ولكن بالنسبة إلى أفضل الدول في العالم، التي فازت بالفعل باللقب أو من المحتمل أن تفوز به، فقد حققت المزيد من التقدم. وتراوح مؤشر منافسات أفضل الدول في المونديال بين 57 و79 خلال الفترة المتراوحة بين سنتي 1970 و1979. وخلال فترة 2010-2019، تراوح هذا المؤشر ما بين 67 و90.

وببساطة؛ أوضح الموقع أنه من حيث التنافس للفوز بكأس العالم، أحرزت المنتخبات الأفريقية تقدمًا، لكن أفضل المنتخبات في العالم أحرزت تقدمًا أكبر. وعلى سبيل المثال؛ بين سنتي 1970 و1979، كانت الفجوة بين أعلى مستوى للقدرة التنافسية الأفريقية وأعلى مستوى عالمي في حدود 23 وحدة أداء (حيث يبلغ أعلى مستوى عالمي 79، وأعلى مستوى أفريقي 56)، لكنه فيما بين سنتي 2010 و2019، وعلى الرغم من التقدم الأفريقي، اتسعت الفجوة وأصبحت الآن 28 وحدة أداء (أعلى مستوى عالمي 90، وأعلى مستوى أفريقي 62).

وبعبارة أخرى؛ قدمت أفريقيا أداء أفضل من فترة 1970-1979، لكن لديها فرصة أقل للفوز باللقب من أفضل الدول في العالم مما كانت عليه في ذلك الوقت.

أسباب الفجوة

ووفقا للدراسة، كما نقل الموقع، فإن السبب الرئيسي وراء زيادة تنافسية المنتخبات الأفريقية لا علاقة له بالموهبة. ولإثبات ذلك؛ قارن الباحثون نتائج تونس وفرنسا. وفي هذا السياق؛ ينسب مراقبو تونس أداء السبعينيات إلى جيل ذهبي، ولا سيما مختار ذويب ونجيب غميض ورؤوف بن عزيزة وطارق ذياب، فهؤلاء هم الذين جعلوا تونس فائزة محتملة بكأس العالم.

ويعزى صعود فرنسا في أوائل ومنتصف الثمانينيات أيضا إلى جيل ذهبي يضم لاعبين مثل تيغانا وبلاتيني وألان جيراس وجينغيني الذين شكلوا ما أطلق عليه البعض المربع السحري. ومع ذلك، فقد فازت فرنسا بكأس العالم مرتين بينما لم تحقق تونس أي انتصار في هذه المنافسة.

وبالنسبة إلى باحثي هارفارد؛ كان الاختلاف بين الفريقين في الخصوم الذين واجهوهم منذ ظهورهم لأول مرة على الساحة الدولية، فبحسب الدراسة "فإن تجربة فرنسا، التي نشأت عن الفترة المخيبة للآمال في بداية العصر الصناعي، تدل على مثل هذه الإستراتيجية، فقد لعب المنتخب الوطني الفرنسي أربعين مباراة ضد الدول العشر الأولى في العالم في السنوات الست منذ إنشاء المنتخب الوطني. وشاركت في 34 لقاء آخر من هذا القبيل بين سنتي 1984 و1989، وسمح هذا التركيز على جودة المسابقة لفرنسا بزيادة درجاتها من 43 إلى 73 في عقد من الزمن".

وعلى عكس فرنسا؛ لعبت تونس 13 مباراة فقط ضد منتخبات كبرى في السبعينيات والثمانينيات، كما ارتفع معدل فوز تونس على النخبة الكروية من 25 خلال فترة الجيل الذهبي إلى 18 بالمئة في العقود الأخيرة، وهو أقل بكثير من المعدل الفرنسي البالغ 67 بالمئة.

وبالنسبة إلى الباحثين في الدراسة، فإن مستوى القوة التي تواجهها الدول الأفريقية يعتبر السبب الرئيسي لفشلها في كأس العالم، فقد شاركت مصر في عشرة من آخر ثلاثة عشر نهائيات لكأس الأمم الأفريقية، وفازت بأربعة ألقاب وحصلت على المركز الثاني مرتين. ومع ذلك؛ فقد خسرت البلاد جميع المباريات الثلاث التي خاضتها في نهائيات كأس العالم على مدار الثلاثين سنة الماضية.

الأمل مسموح

ووفقًا لنتائج الدراسة؛ تحتاج أفضل الدول الأفريقية لكرة القدم إلى تحسين جودة خصومها لتطوير المهارات اللازمة للفوز بكأس العالم. وفي الواقع؛ للفوز بكأس العالم، يجب أن تكون قادرًا على التغلب على أفضل المنتخبات الوطنية العالمية؛ حيث إن مواجهة هؤلاء الخصوم بشكل أكثر انتظامًا من شأنه أن يعوّد فرق كرة القدم الأفريقية على هذا المستوى من الشدة. ومن الضروري لأفضل الدول الأفريقية في كرة القدم تحسين جودة خصومها لتطوير المهارات اللازمة للفوز في كأس العالم.

وفي هذا الصدد؛ سوف تواجه الدول الأفريقية أفضل الخصوم في كأس عالم 2026، فقد أكدت الفيفا أن نسخة كأس العالم التي تقام هذا العام ستشهد لأول مرة مشاركة تسع دول أفريقية؛ حيث إن مشاركة المزيد من الدول في البطولة سيزيد بشكل طفيف من جودة المنافسة التي تواجهها الدول الأفريقية المشاركة حيث يتم ضمان مباريات المجموعة الثلاث فقط.

ومع ذلك؛ توفر أمثلة بلجيكا وفرنسا، اللتين تعتبران اليوم من أمم كرة القدم العظيمة بفضل مستويات الشدة التي واجهتها، الأمل للبلدان الأفريقية؛ حيث يؤكد الموقع أنه ستفوز دولة أفريقية بكأس العالم، لكن الوقت لم يحن بعد.

وأكدت الدراسة أنه "يمكن لبعض المراقبين تفسير التحسينات المسجلة على مدى العقود الماضية ليقولوا إن دولًا مثل كوت ديفوار وغانا ونيجيريا تسير على الطريق الصحيح للفوز باللقب بين عامي 2030 و2040.

ومع ذلك؛ فإن هذه الحجة غير قابلة للتصديق. عندما نلاحظ حدود الإستراتيجية الضمنية التي يبدو أن البلدان الأفريقية تعتمد عليها لتحسين وضعها مثل هيمنة الخصوم داخل القارات والنصر في البطولات الإقليمية. ولن تكون هذه الإستراتيجية كافية إذا أرادت هذه البلدان الصعود إلى قمة التسلسل الهرمي".

أكثر من مسألة شدة

ونوّه الموقع إلى أن دراسة هارفارد تشير إلى أن الشدائد مشكلة حقيقية لأنها بالتأكيد عامل مهم في القدرة التنافسية للفرق الأفريقية في كأس العالم. ومع ذلك؛ يتجنب هذا التقرير العديد من العوامل المهمة الأخرى التي تؤثر على مستوى المنتخبات الوطنية في القارة، مثل أنه غالبا ما تغيب البنية التحتية والتدريب اللازمين لتدريب لاعبي كرة القدم المحترفين، وبصرف النظر عن بعض الاستثناءات القليلة، يمر تدريب اللاعبين الأفارقة الدوليين عبر أوروبا وأحيانًا لا يعود اللاعبون المتدربون في الخارج للعب مع دولهم الأصلية.

وعلاوة على ذلك، يوجد عدد قليل جدًّا من البطولات الأفريقية التي تقام بانتظام وهذا الوضع له تأثير قوي على جودة المنتخبات الوطنية التي يجب أن تطالب أيضًا بأن تطلق الأندية الأجنبية نجومها الدوليين في المنافسات الأفريقية.

فجوة في الموارد المالية

وينبغي أن لا ننسى القضايا المتعلقة بإعادة توزيع حقوق البث التلفزيوني للمسابقات الأفريقية، والتي تعتبر حاسمة في منح الاتحادات الوسائل لتزويد اللاعبين بأفضل ظروف التدريب أو حتى ممارسة نشاطهم.

ووفقًا لشركة ديلويت، خلال موسم 2016-2017، حققت دوريات كرة القدم الأوروبية 14.7 مليار يورو بفضل حقوق البث التلفزيوني. وفي الوقت نفسه، كانت وسائل الإعلام والمذيعون في أفريقيا مهتمين فقط بالبطولات المحلية منذ عام 2016.

وهكذا؛ تمكنت الاتحادات الأوروبية منذ عدة سنوات من الوصول إلى مكاسب مالية غير متوقعة بالكاد تكتشفها القارة الأفريقية، مما أدى إلى تجاوز الفجوة الموجودة في المستوى الرياضي، فجوة في الموارد المالية المتاحة لتحسين ظروف لعب كرة القدم والتدريب.

والمثير للدهشة أن هذه مشكلة معروفة لدى جامعة هارفارد التي كتبت دراسة حول هذا الموضوع في عام 2017؛ حيث قال باحثو الجامعة إن "دولًا مثل جنوب أفريقيا والجزائر ومصر تمتلك أكبر الأندية في القارة لكن تلك الدول لديها قوة مالية أقل من تلك الموجودة في الدوري الأمريكي لكرة القدم. كما أن البطولات والأندية الأخرى ليست ذات أهمية مالية حتى في دول مثل غانا ونيجيريا. نحن نقدر أن جميع الأندية في القارة الأفريقية تحقق إيرادات أقل من 400 مليون دولار أي أقل من عائدات أي من أفضل خمسة أندية أوروبية".

وبحسب الموقع؛ فلا يمكن التغاضي عن تأثير الوسائل المالية في الوضع الحالي لكرة القدم الأفريقية، فأحيانًا يكون لقضايا المال الأسبقية على المهارات على أرض الملعب. فعلى سبيل المثال في عام 2019، انسحبت مالاوي من مؤهلات كأس الأمم الأفريقية بسبب نقص الموارد المالية.

وصرّح رئيس اتحاد كرة القدم في مالاوي ألفريد جوندا في بيان: "بعد النظر في جميع الخيارات، قررنا الانسحاب من مؤهلات كأس الأمم الأفريقية بسبب نقص التمويل. إن الحالة المحزنة التي يعيشها الفريق، سواء من حيث الموارد المالية والدعم الذي يتمتع به جعلت هذا القرار لا مفر منه". ويبدو أن هذا الواقع، المعروف جيدًا في أفريقيا قد أفلت من باحثي هارفارد.

inbound3349619978116287263.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً