post

ما أسباب كلّ هذا الحقد الغربي على العرب؟

تونس الإثنين 28 نوفمبر 2022

كتب الصحفي وليد التليلي مقالا نشر في العربي الجديد اليوم الاثنين28  نوفمبر 2022، جاء فيه ما يلي:

شهد الأسبوع الماضي في تونس احتجاجات معلنة وقوية على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش القمة الفرنكوفونية في جزيرة جربة التونسية، والتي اعتبرتها المعارضة "داعمة للرئيس قيس سعيّد ومشروعه السلطوي وللدكتاتورية".

صدرت تلك المواقف عن شخصيات وأحزاب كثيرة من كل الطيف السياسي في تونس، وكان أكثرها وضوحاً موقف جبهة الخلاص الوطني المعارضة، التي ذكّرت في بيان بما كانت أتته وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة ميشال أليو ماري، عشية الثورة التونسية في 2011، من محاولة دعم ضرب التحركات الاحتجاجية وقتها، ودعمها للنظام القائم.

طبعاً لن يعتبر مناصرو سعيّد أن ذلك تدخّل أجنبي في الشؤون الداخلية ولا استقواء بالأجنبي كما يرددون بشأن معارضيهم في كل لقاء لهم بمسؤول أجنبي، ولكن اللافت والمهم في هذا الوضع هو الأحقية التي يمنحها ماكرون لنفسه للتدخّل بشكل فاضح في شؤون بلد آخر، عندما يدعو لمواصلة المسار، هذا المسار الذي أطلقه سعيّد، والذهاب إلى انتخابات تشريعية قاطعتها أغلب الأحزاب التونسية.

وتداول النشطاء الصور التي جمعت الرئيسين، وفيها من الإيماءات والإشارات التي تعكس محاولة الاستعلاء الفرنسية التي عجزت عن تجاوز نظرتها الاستعمارية، ليس في تونس فحسب، وإنما في كل أفريقيا، ما بعد الاستعمار الفرنسي.

وذكر عضو "مواطنون ضد الانقلاب"، أحمد الغيلوفي، بأن أفريقيا "المتفرنسة" هي الأكثر فقراً والأكثر انقلابات عسكرية من غيرها على مدى العشريات الماضية.

يصاب المتابع للقنوات الفرنسية هذه الأيام بالاستغراب نفسه من كمّ هذا الصلف الفرنسي، وهذا الاستعلاء في مقاربة أحداث كأس العالم في قطر. دروس لا تنتهي حول حقوق الإنسان وحول ما ينبغي ولا ينبغي، بينما تمتلئ شوارع فرنسا بالمشردين والمهاجرين المنبوذين، ويجاهر قادتها بعنصرية لا يرقى إليها شك، بل أصبحت مباراة بينهم في كل انتخابات محلية أو وطنية.

ألمانيا أيضاً شهدت تصرفات تشي بالمواقف نفسها، على الرغم من أن المواطنين الألمان الحاضرين في قطر والذين حاورتهم قناة "دويتشه فيله" الألمانية كانوا بوضوح ضد هذا الموقف السياسي وضد مزج الرياضة بالسياسة. ولخّص مواطن ألماني الموقف بكل وضوح قائلاً: "هذه ليست مواقف مبدئية، كل شيء يتعلق بالغاز وبالبترول".

نظرة الاستعلاء هذه في الحقيقة لا تخلو من حقد على العرب، بسبب هذا السعي نحو التحرر مما يكبّلهم، أو بسبب قدرتهم المتزايدة على الإنجاز والإسهام في الجهد الإنساني، وبكل اقتدار وجدارة، وبكل نجاح، يفوق نجاح الغرب أحياناً، وهذا ما يفسر في الواقع كل هذا الحقد الغربي.

سعد-وماكرون.jpeg

من الممكن أن يعجبك أيضاً