post

ماهي أبرز الاختلافات بين مشروع دستور سعيّد ودستور 2014؟

تونس السبت 02 جويلية 2022

يختلف مشروع الدستور الجديد الذي عرضه الرئيس قيس سعيد على الشعب التونسي قبل موعد الاستفتاء عليه في 25 جويلية الجاري، اختلافا جوهريا عن دستور 2014، الذي علّق الرئيس الحالي العمل به بعد إعلانه تدابيره الاستثنائية قبل نحو عام.

ونشر الرئيس سعيّد مشروع الدستور بالرائد الرسمي مساء أمس 30 جوان، قبل ساعات من انتهاء الآجال التي كان حددها بنفسه، وبعد 10 أيام من تسلمه مسودة الدستور من قبل رئيس الهيئة الاستشارية لصياغة الدستور الصادق بلعيد.

ومن حيث الشكل توزع مشروع الدستور الجديد على توطئة و142 فصلا موزعين على 10 أبواب. أما دستور 2014 فتضمن توطئة و149 فصلا موزعين على 10 أبواب. واللافت أن مشروع الدستور الجديد نص على أنه لم تعد هناك سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، واعتبرها بدلا عن ذلك مجرد وظائف.

ثرثرة في التوطئة

وانتقد خبراء في القانون ما اعتبروه إطنابا في الحديث عما وصفه الرئيس بتصحيح للمسار السياسي. وقال أستاذ القانون الدستوري الصغير الزكراوي إن هناك ثرثرة قانونية في توطئة مشروع الدستور الجديد و"كأن تاريخ تونس يبدأ مع قيس سعيد".

وجاء في هذه التوطئة أنه "كان لا بد من موقع الشعور العميق بالمسؤولية التاريخية من تصحيح مسار الثّورة بل ومن تصحيح مسار التاريخ، وهو ما تمّ يوم 25 من شهر جويلية 2021"، تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيد عن التدابير الاستثنائية التي جمد بها أعمال البرلمان وأقال بها الحكومة السابقة وهو ما اعتبرته المعارضة انقلابا.

التنصيص على الإسلام

وتمثلت أهم التغييرات في الباب الأول من مشروع الدستور الجديد حيث نص على أن "تونس دولة حرة ذات سيادة"، بينما كان البند الأول في دستور 2014 يتضمن أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها".

وفي المقابل، تم التنصيص في الفصل 5 من الأحكام العامة في مشروع الدستور الجديد على أن "تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية".

ووجه مراقبون انتقادا لمشروع الدستور الجديد بدعوى أنه يكرس التمييز على أساس الدين حيث نص الفصل 88 أن "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ودينه الإسلام". ولكن هذا الشرط كان منصوصا عليه أيضا بدستور 2014 في الفصل 74.

مدنية الدولة

ولم ينص مشروع الدستور الجديد على مدنية الدولة. وخلافا للفصل الثاني من دستور 2014 الذي أكد أن "تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون"، لم ينص الفصل الثاني من مشروع الدستور الجديد إلا على أن "نظام الدولة التونسية هو النظام الجمهوري". واعتبر مراقبون أن عدم النص على مدنية الدولة يشكل خطرا على النظام المدني.

اللامركزية والتدبير الحر

ولم ينص الفصل الـ4 في مشروع الدستور الجديد على مبدأ اللامركزية وكل ما جاء فيه هو أن "تونس دولة موحدة ولا يجوز وضع أي تشريع يمس بوحدتها". وفي المقابل نص الفصل الـ14 من دستور 2014 على أن "الدولة تلتزم بدعم اللامركزية".

وبينما نص دستور 2014 على أن السلطة المحلية تقوم على أساس اللامركزية والاستقلالية المالية والإدارية في الفصل الـ132، لم يشر مشروع الدستور الجديد بتاتا إلى ذلك.

الحريات العامة والإضرابات

وتضمن مشروع الدستور الجديد مثل دستور 2014 بنودا تحمي الحقوق والحريات الفردية والعامة كحرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام وحرية تكوين الأحزاب والنقابات والمنظمات وحرية المعتقد والضمير.

ولكن مشروع الدستور الجديد لم يقدم ضمانات لتحييد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي أو منع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف مثلما تضمن ذلك دستور 2014 في فصله السادس.

وتضمن مشروع الدستور الجديد الحق في الإضراب باستثناء الجيش وقوات الأمن الداخلي والجمارك والقضاة، في حين لم يشمل هذا الاستثناء القضاة في دستور 2014. علما أن القضاة يشنون منذ شهر إضرابا عن العمل احتجاجا على ما يعتبرونه تدخلا من الرئيس قيس سعيد في السلطة القضائية بعد عزله 57 قاضيا.

منع السياحة الحزبية

ومنع مشروع الدستور الجديد في فصليه الـ61 والـ62 على نواب البرلمان القيام بوظائف أخرى بمقابل مادي خلال فترة عضويتهم النيابية. كما سمح بسحب الوكالة من النائب إذا أخلّ بتعهداته وفق شروط يضبطها القانون لاحقا.

ومنع مشروع الدستور الجديد التحاق النواب إلى كتل أخرى إذا قدموا استقالتهم من كتلهم الأصلية بهدف منع السياحة الحزبية. ولم يتضمن دستور 2014 هذا الفصل، ما سمح بتنقل النواب بالبرلمان السابق من كتل إلى أخرى، وعرف ذلك بالسياحة الحزبية.

وفي فصله الـ66 أتاح مشروع الدستور الجديد رفع الحصانة عن النواب في كل ما يتعلق بالقذف وتبادل العنف المرتكب داخل البرلمان أو في صورة تعطيله لأشغال البرلمان. وهذا البند لم يكن منصوصا عليه في دستور 2014. علما أن مجلس نواب الشعب شهد حالة من التجاذب والتوتر وأعمال العنف وتعطيلا لسير الجلسات من قبل بعض النواب مما أثر على صورته.

نظام رئاسي أم "رئاسوي"؟

وأقر مشروع الدستور الجديد تحويل النظام السياسي إلى نظام رئاسي مع صلاحيات أكبر للرئيس. وجاء ذلك في باب الوظيفة التنفيذية حيث نص الفصل الـ87 على أن رئيس الجمهورية يمارس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة، فيما ضبط الفصل الـ100 أن رئيس الجمهورية يضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية.

وهذا يتناقض تماما مع ما جاء في دستور 2014 الذي أرسى نظاما برلمانيا معدلا، حيث كان رئيس الجمهورية مختصا فقط بضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي بعد استشارة رئيس الحكومة، بينما كان رئيس الحكومة هو المخول الوحيد بضبط السياسات العامة للدولة وعلى تنفيذها بموجب الفصلين الـ77 والـ91.

وقال أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، في تدوينة على الفايسبوك، إن النظام السياسي بمشروع الدستور الجديد "منقول حرفيا عن دستور النظام السابق لزين العابدين بن علي حيث يضرب في مقتل مبدأ التوازن بين السلطات ويؤسس لنظام السلاطين".

وأتاح الفصل الـ101 من مشروع الدستور الجديد للرئيس تعيين رئيس الحكومة وباقي الوزراء. في حين نص دستور 2014 على تكليف رئيس حكومة من الحزب صاحب الأغلبية في البرلمان كما جاء في الفصل الـ89.

ويخول مشروع الدستور الجديد لرئيس الجمهورية السهر على تنفيذ التراتيب العامة، بينما كانت هذه الصلاحية من مشمولات رئيس الحكومة في دستور 2014 طبقا للفصل الـ94. وفي مشروع الدستور الجديد تسهر الحكومة على تنفيذ السياسات العامة للدولة طبقا لتوجهات الرئيس الذي أصبح بيده الجهاز التنفيذي.

الوظيفة التشريعية والقضائية

وفي الباب الثالث المتعلق بالوظيفة التشريعية، تم اعتماد نظام الغرفتين، حيث تم تقسيم الباب إلى قسمين، قسم خاص بمجلس نواب الشعب (البرلمان)، وقسم خاص بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم (تم استحداثه في مشروع هذا الدستور).

وأصبحت لرئيس الجمهورية أولوية النظر في مشاريع القوانين المعروضة على البرلمان. وقالت أستاذة القانون الدستوري سلوى الحمروني في تصريح إذاعي، إن هناك غيابا كليا للتوازن بين السلطات، واعتبرت أن مشروع الدستور يكرس هيمنة رئيس الجمهورية في نظام رئاسوي وليس نظاما رئاسيا.

من جهة أخرى، لم ينص مشروع الدستور الجديد على تركيبة المجلس الأعلى للقضاء أو طريقة انتخابه، كما لم ينص على استقلاليته مثلما جاء دستور 2014 في فصوله 112 و113 و114. وبينما كانت تقع تسمية القضاة بأمر رئاسي بالتشاور مع رئيس الحكومة، وبناء على الرأي المطابق للمجلس الأعلى للقضاء، أصبحت تسميتهم تتم فقط من قبل الرئيس.

الهيئات الدستورية

وألغى مشروع الدستور الجديد 4 هيئات دستورية ولم يبقِ إلا على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات دون أي تغيير يذكر في تركيبتها أو صلاحياتها. وتم التخلي عن دسترة هيئة الاتصال السمعي البصري (الهايكا)، وهيئة حقوق الإنسان، وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال المقبلة، وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.

inbound8660358784731111674.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً