post

ماهي أهمية مضائق تركيا في حرب روسيا على أوكرانيا؟

صحافة السبت 26 فيفري 2022

تجعل المضائق التركية من أنقرة، لاعبا مهما في الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، بسبب اتفاقية "مونترو" الدولية، ويجعلها كذلك بين أطراف الحرب كعضو في حلف الشمال الأطلسي "الناتو"، وحليف استراتيجي لموسكو.

ويثير ذلك تساؤلات فيما إذا كانت تركيا ستقوم بالاستجابة لأوكرانيا وتغلق مضائقها بوجه السفن العسكرية الروسية بموجب ما تسمح به اتفاقية مونترو، أم إنها ستفضل عدم التدخل في الحرب لصالح أي طرف، أو ربما أداء دور وسيط في الأزمة.

وتفوض الاتفاقية القوات العسكرية التركية بالسيطرة الكاملة على المضائق وإعادة تحصين مضيق الدردنيل، وتسمح لتركيا بإغلاق المضيق أمام جميع السفن الحربية الأجنبية في زمن الحرب، أو عندما تكون مهددة بالعدوان. كما تم التصريح برفض عبور السفن التجارية التابعة لدول في حالة حرب مع تركيا.

طلب أوكراني

ومع تطورات الأوضاع في أوكرانيا والهجوم الروسي، قال السفير الأوكراني لدى تركيا فاسيل بودنار، إن بلاده تعتبر وجود السفن الحربية الروسية بالبحر الأسود قرب حدودها تهديدا، وسوف تطلب من تركيا بحث إغلاق مضيقين أمام السفن الروسية.

وقال بودنار في تصريح للصحفيين؛ إن بلاده "تطالب تركيا بمساعدة أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا"، وأكد أن كييف قدمت طلبا رسميا إلى تركيا من أجل إغلاق المضائق والمجال الجوي التركي أمام روسيا. وطالب السفير الأوكراني، بفرض عقوبات على الأعمال التجارية والمالية لروسيا في تركيا، وتوفير آليات لتعزيز الدفاع والدعم المالي والإنساني.

وأثار الحديث عن تفعيل المادة 19 من اتفاقية مونترو، لأن تكون على جدول الأعمال، وسط مطالبات من المعارضة التركية بالالتزام باتفاقية مونترو. وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية؛ إن وزارتي الخارجية والدفاع تجري تقييما للسيناريوهات كافة التي قد تواجهها تركيا في هذا الوضع.

موقف تركيا

وأكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، وجود طلب أوكراني لإغلاق المضائق أمام السفن الحربية الروسية، وأشار إلى أن بلاده قد تتخذ الإجراءات اللازمة في حال أقرت بأن ما يجري "حرب".

جاء ذلك في تصريحات للوزير التركي لصحيفة "حرييت" التركية، أكد أن موقف بلاده من البداية واضح، وكدولة ذات علاقات جيدة مع روسيا وأوكرانيا، سعت تركيا لبذل الجهد لخفض التوتر.

وشدد على أن بلاده ضد الضم أو الحرب، وضد الاعتراف، وقال: "نحن نؤيد وحدة وسلامة الأراضي الأوكرانية، ولسنا طرفا في الحرب، ولسنا بلدا منخرطا في الصراع.. سنواصل الحفاظ على موقفنا المتوازن، وسيكون لصالح العدالة والقانون الدولي".

وتابع: "سنبذل كل جهد ممكن لإنهاء هذه العملية العسكرية في أقرب وقت ممكن". ولفت الوزير التركي، إلى أن بلاده قد تغلق المضائق أمام السفن الحربية في حال أقرت بوجود حالة حرب بين روسيا وأوكرانيا. وأضاف تشاووش أوغلو، أن أوكرانيا طالبت بإغلاق المضائق أمام السفن الحربية الروسية، ولكن مواد اتفاقية مونترو واضحة للغاية.

وذكر أن بلاده التزمت بتطبيق الاتفاقية بدون تردد، وأشار إلى أن هناك تدابير يمكن أن تتخذها ضد البلدان المتحاربة في حرب هي ليست طرفا فيها، مع منع عبور السفن الحربية من المضائق. ونوه إلى أنه يوجد بند في اتفاقية مونترو، تشير إلى أنه في حال طلبت البلدان المتحاربة عودة سفنها إلى قواعدها، فيجب السماح لها بذلك.

وقال؛ إن الخبراء الأتراك يدرسون ما إذا كان هناك حالة حرب، وإذا تم إقرار ذلك بشكل قانوني، فسنقوم بمنع عبور السفن الحربية من المضيق. ونوه إلى أنه "حتى لو أقرت تركيا بذلك، فيحق لروسيا استخدام المضائق وفقا للمواد 19 و20 و21 التي أضافتها إلى اتفاقية مونترو، حيث تنص على السماح للسفن التابعة للبلد المطل على البحر الأسود بالعبور من المضائق، في حال طالبت بالعودة إلى قواعدها".

وأكد أن ذلك يتطلب أولا من تركيا وصف الهجوم الروسي على أوكرانيا بأنه "حرب". وقال: "هل تقوم روسيا باتخاذ إجراء أمني داخل أوكرانيا للقيام بعملية عسكرية في دونباس؟ لأن الأماكن الأولى التي هوجمت مناطق عسكرية ومطارات وقواعد عسكرية".

وتابع: "روسيا تضرب أماكن استراتيجية، ويقال إنها ضربت أبراج الاتصالات في بعض الأماكن، كما وقع هجوم على مطار كييف، وحراك بري في بعض الأماكن في منطقة خيرسون بالقرب من شبه جزيرة القرم". وأضاف أن "أوكرانيا تعرف ما يجري بأنها عملية عسكرية لاحتلالها بأكملها".

وحول تأثير العقوبات الأوروبية والأمريكية على روسيا بالنسبة لتركيا، أكد تشاووش أوغلو أن كل عقوبة تؤثر على الجميع، وتركيا تشدد على أن هذا المسار لا يحل المشاكل.

وتابع: "يعتمد مدى تأثير العقوبات على مداها ونطاقها.. هل ستشمل الغاز الطبيعي والنفط؟ بالتأكيد يؤثر ليس عليها فقط، بل أيضا على أوروبا، كما أن الوضع الجاري يؤثر على القطاع السياحي، وكل ذلك يعتمد أيضا على المدة التي ستستغرقها العملية".

استثناءات

وذكر القانوني التركي عميد كلية الحقوق في "جامعة بوغازجي" سلامي كوران، في حديث لقناة "خبر ترك"، أن المادة 19 تنظم حركة السفن الحربية الأجنبية في زمن الحرب والسلام بالتفصيل، وما يجري حاليا يقع تحت البند الثاني من المادة ذاتها.

وأضاف أن الوضع الجاري يوصف بـ"حرب"، لأن كلا الجانبين الروسي والأوكراني يستخدمان القوة العسكرية، ومن ثم الحديث عن "حرب مفتوحة". وتذكر المادة 19 أنه "يمنع مرور السفن الحربية للأطراف المتحاربة من المضائق".

وقال القانوني التركي؛ إن هناك ثلاثة استثناءات للمادة 19 في حالة الحرب، أولها: "تستطيع السفن الحربية المرور من المضيق، في إطار العملية التي ستنفذ ضمن قرار مشترك للأمم المتحدة". والاستثناء الثاني: "تستطيع السفن الحربية التابعة للدول المطلة على البحر الأسود، العودة إلى بلادها عبر المضائق لتصل إلى موانئها الخاصة". والاستثناء الثالث: "تستطيع السفن الحربية العبور وفق أحكام اتفاقيات المساعدة التي وقعت عليها تركيا أو هي طرف فيها".

وأكد القانوني التركي، أنه دون الاستثناءات الثلاثة، لا يسمح بمرور السفن الحربية أو تلك الحربية للدول المتحاربة عبر المضائق. وشدد على أن المجال الجوي التركي سواء فوق المضيق، أو في أراضيها لا تخضع لاتفاقية مونترو.

وتابع بأنه من غير الوارد استخدام المقاتلات والطائرات الحربية المجال الجوي التركي فوق المضائق، وهو مفتوح فقط أمام الطائرات المدنية التي يتطلب منها أيضا تقديم إبلاغ مسبق.

ورأى أن تركيا، قد تنفذ الأحكام ذات الصلة بموجب الاتفاق الدولي، ولاسيما اتفاق مونترو، كما فعلت مع الحرب الجورجية عام 2008، وفي أثناء احتلال شبه جزيرة القرم في عام 2013.

وأوضح رئيس أركان القوات البحرية السابق الجنرال جهاد يايجي، بأن الوضع الحالي لم يحول الأزمة إلى حرب مفتوحة بين البلدين، وعليه لا يوجد موقف يستدعي إغلاق المضائق.

وتابع في حديث لصحيفة "يني شفق"، أنه وفقا للمادة 19، إذا اندلعت حرب بين أوكرانيا وروسيا، فلا يمكن للسفن الحربية الروسية والأوكرانية المرور عبر المضائق التركية. ولفت إلى أن روسيا سحبت بالفعل عددا من سفنها من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأسود. وشدد على أن تركيا ملزمة باستخدام السلطة الممنوحة لها في إطار أحكام اتفاقية مونترو، والقيام بما يلزم.

بنود الاتفاقية

ودخلت معاهدة "مونترو" حيز التنفيذ عام 1936، بهدف تنظيم حركة مرور السفن الحربية والتجارية عبر المضائق التركية إلى البحر الأسود وفترة بقائها فيه، وتشمل سفن الدول المطلة (أوكرانيا وروسيا وجورجيا وتركيا وبلغاريا ورومانيا) على البحر الأسود وغير المطلة.

وتحمل معاهدة مونترو أهمية كبرى بالنسبة إلى أنقرة، كون بنودها تحدد عدد السفن الحربية والتجارية التي ستمر من المضائق التركية، وأنواعها، ووزن الحمولة المسموحة لها، إذ تم اتخاذ الأمن التركي أساسا في صياغة هذه البنود.

وتتكون الاتفاقية من 29 مادة وأربعة ملاحق وبروتوكول واحد. تتناول المواد (2-7) مرور السفن التجارية. وتتناول المواد 8-22 مرور السفن الحربية. فالمبدأ الأساسي لحرية المرور والملاحة منصوص عليه في المادتين 1 و 2. فالمادة 1 تنص على "إقرار وتأكيد الأطراف الدولية المتعاقدة مبدأ حرية المرور والملاحة في المضائق".

ونصت المادة 2 على "تمتع السفن التجارية بالحرية الكاملة للمرور والملاحة في المضائق في وقت السلم، ليلا ونهارا، وتحت أي علم وأي نوع من البضائع".

كما فرضت الاتفاقية بعض القيود الدقيقة جدا على نوع السفن الحربية المسموح لها بالمرور. فيجب على الدول التي ليس لها شواطئ على البحر الأسود وترغب في إرسال سفينة، إخطار تركيا قبل 8 أيام من موعد المرور.

كما لا يجوز لأكثر من تسع سفن حربية أجنبية مجموع حمولتها الإجمالية 15 ألف طن أن تعبر في وقت واحد. وأيضا لا يمكن لأي سفينة يزيد وزنها عن 10 آلاف طن بالمرور.

ويجب ألا تزيد الحمولة الإجمالية لجميع السفن الحربية غير التابعة للبحر الأسود في البحر الأسود عن 30 ألف طن (أو 45 ألف طن في ظروف خاصة)، وسمح لها بالبقاء في البحر الأسود لمدة لا تزيد عن 21 يوما. ويحق فقط لدول البحر الأسود عبور سفنها الرئيسية بحمولة مفتوحة، وألّا يزيد مرافقوها عن مدمرتين.

وبموجب المادة 12 يسمح لدول البحر الأسود بإرسال غواصاتها عبر المضيق مع إشعار مسبق، طالما سفنها في طور البناء أو الشراء أو أرسلت للصيانة خارج البحر الأسود.

inbound2457064466441280903.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً