post

متى يتضامن المحامون مع البحيري؟

تونس السبت 08 جانفي 2022

دعت هيئة الدفاع عن وزير العدل الأسبق القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، أمس الجمعة، جميع هياكل مهنة المحاماة في البلاد، إلى التضامن مع موكلهم الموقوف لدى السلطات.

وقالت الهيئة في بيان لها: "ندعو جميع هياكل المهنة (المحاماة)، وعلى رأسهم عميد المحامين، للتضامن مع الزميل المحتجز (البحيري)، ومع زوجته سعيدة العكرمي عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين، التّي تم الاعتداء عليها بالعنف، وافتكاك هاتفها أثناء عمليةّ الاختطاف".

واعتبرت الهيئة أن "اختطاف البحيري واقتياده إلى وجهة غير معلومة تشكل جريمة مكتملة الأركان، خرقت جميع المواثيق الدولية والضمانات الدستورية، خاصة الفصل 29 من الدّستور".

وينص الفصل الـ29 من الدستور، على أنه "لا يمكن إيقاف شخص أو الاحتفاظ به إلا في حالة التلبّس أو بمقتضى قرار قضائي، مع واجب إعلامه فورا بحقوقه، وبالتهم المنسوبة إليه".

ودعت الهيئة إلى "عقد جلسة عامة عاجلة للتداول حول وضع الزميل، وتدارس تدهور وضع الحقوق والحرّيات في البلاد بشكل عام"، دون توضيح بالخصوص.

وفي نفس الإطار، راسل الاتحاد البرلماني الدولي مجلس نواب الشعب التونسي بخصوص وضعية النائب نور الدين البحيري، الذي وضعته السلطات التونسية رهن الإقامة الجبرية ما تسبب في تردي وضعه الصحي.

وقال مساعد رئيس البرلمان المكلف بالإعلام والاتصال ماهر مذيوب، في تصريح صحفي، إن لجنة حقوق الإنسان بالاتحاد البرلماني الدولي طالبت مجلس النواب بتقرير مفصل عن الحالة القانونية والصحية للنائب نور الدين البحيري، وأشار إلى أنه من الممكن أن يترتب عن ذلك "شكوى ضد الدولة التونسية"، بحسب قوله.

من جانبها، اعتبرت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، أن ما تطلق عليه الداخلية التونسية "إقامة جبرية" على البحيري، "احتجاز تعسفي وغير شرعي".

وقالت المنظمة في بيانها: "إن الإقامة الجبرية المزعومة التي صدرت بحق السيد البحيري لا تستند إلى أي قانون، بل إلى مرسوم رئاسي صدر منذ أكثر من أربعين عاما".

وأضافت أنه "لم يتم تقديم أي إشعار مكتوب إلى السيد البحيري يحتوي على الأسباب الدقيقة لوضعه قيد الإقامة الجبرية وكيف أن هذا التدبير ضروري لحماية النظام العام، علاوة على ذلك، تم حرمان البحيري من الاتصال بمحاميه".

واعتبرت أن "كلا من غياب الإشعار الكتابي الذي يفيد بإجراء الإقامة الجبرية وعدم إمكانية التواصل مع محامٍ يشكلان انتهاكات جسيمة للضمانات الإجرائية للشخص المسلوب من حريته وما يصاحب ذلك من انتهاك لحق الطعن في شرعية الإجراء أمام سلطة قضائية".

وقالت إن "احتجاز البحيري تم في نطاق مكان مغلق لا يستطيع مغادرته، ما هو في واقع الأمر إلا احتجاز بالمعنى الوارد في القانون الدولي وليس مجرد تقييد لحرية التنقل".

وشددت على أن "الاحتجاز تعسفي بالكامل وغير شرعيّ، حيث تمّ الإبقاء على سرّيّة مكان الاحتجاز ونقل المعتقل إلى المستشفى، وبموجب القانون الجزائي التونسي، يمكن وصف هذا الاحتجاز بأنه جريمة اختطاف واحتجاز غير شرعي".

ودعت المنظمة السلطات التونسية إلى "الكف بشكل عاجل عن إصدار الأوامر القاضية بالإقامة الجبرية وغيرها من تدابير الرقابة الإدارية التعسفية والخالية من أي أساس قانوني". كما دعت "السلطات القضائية إلى الاضطلاع بدورها كحامية للحريات".

وقال أمين عام مرصد الحقوق والحريات، مالك بن عمر، إنه لا يمكن لموظف في الدولة مهما كان موقعه فعل ذلك، وأوضح: "الجهات القضائية هي الوحيدة المخول لها توجيه التهم".

وأضاف: "إما أن تتصرف النيابة العامة على أساس تهمة أو شبهة، أو أن يوجه قاضي التحقيق التهم في ختام بحثه، أو دائرة الاتهام مثلا، أو غيرها من الهياكل القضائية فقط".

وأردف بن عمر: "وزير الداخلية نصب نفسه هيكلا قضائيا واعتدى على السلطات القضائية"، وشدد على أنه "من حيث المبدأ، السلطة التنفيذية لا علاقة لها بتوجيه التهم".

وأوضح المحامي مالك بن عمر أنه لا يملك أي فكرة عن الملف مستشهدا ببلاغ المحكمة الابتدائية بتونس، الذي استغرب فيه تصريحات وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين.

وعبرت المحكمة عن استغرابها من تصريحات وزير الداخلية حول تعطيل النيابة العامة لإجراءاتها في بعض القضايا منها ملف الإقامة الجبرية للقيادي بحركة النهضة والبرلماني نور الدين البحيري.

وأكد مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس أن النيابة العامة استغربت من تصريحات الوزير التونسي حول تعطيل النيابة للإجراءات الخاصة بقضية حصول سوري وزوجته على جوازي سفر تونسيين خلال فترة إشراف البحيري على وزارة العدل.

وأوضح البيان أن النيابة "تعاملت بكل جدية ووفق الإجراءات المقرة قانونا مع موضوع قضية الحال ورتبت الآثار القانونية المتمثلة في فتح بحث تحقيقي في أجل لم يتجاوز أربعة أيام من تاريخ توصلها بالتقرير التكميلي الصادر عن الإدارة الفرعية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني".

وأعلن وزير الداخلية، توفيق شرف الدين، الاثنين الماضي، أن البحيري والمسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي، وضعا قيد الإقامة الجبرية لتهم تتعلق بـ"شبهة إرهاب" ترتبط باستخراج وثائق سفر وجنسية تونسية لسوري وزوجته بـ"طريقة غير قانونية".

ورفضت كل من حركة النهضة وعائلة البحيري وهيئة الدفاع عنه صحة الاتهام، ووصفته بـ"المسيس"، وطالبت بالإفراج الفوري عنه، وحملت الرئيس قيس سعيد ووزير الداخلية المسؤولية عن حياته.

وتم نقل البحيري (63 عاما) الأحد الماضي، إلى قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي "الحبيب بوقطفة" في بنزرت، إثر تدهور صحته؛ جراء إضرابه عن الطعام رفضا لاحتجازه منذ 31 ديسمبر الماضي.

وجاءت قضية البحيري في ظل أزمة سياسية تعانيها تونس منذ 25 جويلية الماضي، حين فرضت إجراءات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية. وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية بتونس، هذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلابا على الدستور".

نور-الدن-البحر-3.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً