post

مشروع الدستور الجديد بين الرفض والقبول

تونس الجمعة 01 جويلية 2022

أثارت مسودة الدستور الجديد التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، مساء أمس الخميس، جدلا واسعا بين من انتقد مشروع الدستور وبين من أشاد به.

هذيان شاهق

وعلّق أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك على تفاصيل مشروع الدستور الجديد، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع الفايسبوك، ووصف التوطئة بالهذيان الشاهق، واعتبر أنّ فيها تصفية حسابات سياسية مع خصومه..

وقال "نظام سياسي منقول حرفيا عن دستور بن علي يضرب في مقتل مبدأ التوازن ويؤسس لنظام السلاطين البالي... وقبل هذا الكل دستور الانقلاب مرفوض شكلا وأصلا دون تفاصيل... نعم لدستور البلاد 2014 لا لدستور المنقلب البالي"، حسب تعبيره.

دستور أنا ربكم الأعلى

من جهته، علق أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي على مشروع الدستور الجديد الذي نشر بالرائد الرسمي ليلة أمس والذي سيعرض على الاستفتاء يوم 25 جويلية المقبل. وفي هذا الإطار ، قال الشواشي :"دستور أنا ربكم الأعلى...،" من خلال صفحته الرسمية  على الفايسبوك.

توطئة تحفة

بدوره، علّق الناشط السياسي سمير ديلو على مشروع الدستور الجديد. ودوّن ديلو على صفحته على الفايسبوك قائلا إن "التّوطئة هي الصّعود الشّاهق الحقيقي في الصّياغة والمضمون والمتانة مبنى ومعنى..!"

وتابع أن "مقدّمة بن خلدون كانت أشهر من كتاب العبر.. والأرجح أنّ هذه التّوطئة التّحفة ستكون أشهر من "الدّستور.. لم أجد أيّ أثر لسطر واحد من مخرجات عمل اللّجنة الاقتصاديّة والاجتماعيّة لصاحبها الأستاذ بودربالة.. ربّما يصدر ملحق تكميليّ قبل منتصف اللّيل".

الدستور يكرس نظاما رئاسويا مشوّها

وأفاد القيادي بجبهة الخلاص الوطني رضا بلحاج بأن مشروع الدستور الجديد يكرّس لنظام رئاسوي مشوه ولحكم فردي استبدادي. وأضاف أنه "مرتبط بشخص رئيس الجمهورية وليست لديه مقومات البقاء وسيزول عاجلا أم آجلا"، وفق توصيفه.

وأوضح بلحاج، في تصريح إذاعي، اليوم الجمعة، أن مشروع الدستور يكرّس توجه قيس سعيّد الانقلابي وفيه قراءة شخصية للرئيس. وتابع قوله "الدستور مكتوب بطريقة متسرعة وليست هناك أية صياغة للتوطئة والدساتير لا تكتب هكذا".

واعتبر بلحاج أن رئيس الدولة زاد نظرية النظام القاعدي من خلال إحداث مجلس وطني للأقاليم والجهات، وأشار إلى أنه، طبقا لمشروع الدستور، لا يمكن لأي طرف محاسبة سعيّد أو إعفائه وهو الذي يسمي الحكومة ويعفيها مع الحد من صلاحيات البرلمان.

مشروع الدستور لا يرتقي إلى مستوى دستور ثورة

واعتبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي في تصريح إذاعي اليوم الجمعة أن مشروع دستور الجمهورية الجديدة الصادر يوم أمس لا يرتقي إلى مستوى دستور ثورة وشعب يحلم بالكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وفق قولها.

وشددت الزغلامي على أن الدستور لم يضمن التناصف والمساواة التامة والفعلية في القانون وأمام القانون وأبقى الترشح لرئاسة الجمهورية غامضا بالإضافة إلى وضع جملة من القيود على الحريات والحقوق وتقييدها بالآداب العامة والامن العام مبدية رفضها في ذلك. وأضافت أن الدستور يفتقد إلى الفصل بين السلط، والمحكمة الدستورية أصبحت عبر التعيين إلى جانب غموض في المسار الانتخابي القادم.

وقالت الزغلامي "ما نريده هو دولة مدنية تقوم على المواطنة والمساواة الفعلية"، وأضافت "لم نلتمس ذلك في مشروع الدستور بل وجدنا عبارات مقاصد الشريعة ودين رئيس الجمهورية لا بد أن يكون الاسلام".

تكريس هيمنة الرئيس في نظام رئاسوي

من جانبها، اعتبرت أستاذة القانون الدستوري سلوى الحمروني أن الحقوق والحريات العامة بقيت تراوح مكانها في مشروع الدستور الجديد الذي جاء ببعض التراجع في هذا الخصوص حيث أورد في مواضع مختلفة في عدد من الفصول تكرار الإحالات على القانون بما يحد من بعض الحقوق والحريات، وفق تقديرها.

وأوضحت الحمروني في تصريح إذاعي، اليوم الجمعة، أن ما يميز مشروع الدستور الجديد،  الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي  يوم 25 جويلية الجاري، الغياب الكلي للتوازن بين السلط، واعتبرت أن مشروع الدستور يكرس هيمنة رئيس الجمهورية في نظام رئاسوي وليس رئاسي، وفق تقديرها.

وبينت الحمروني أنه لا يمكن للرئيس في النظام الرئاسي حل مجلس نواب الشعب غير أن مشروع الدستور الجديد جمع كل السلطات بيد الرئيس دون أن يكون مسؤولا أمام أي سلطة أخرى، في حين تبقى الحكومة فقط مسؤولة أمام الرئيس ومجلس نواب الشعب مع إمكانية إقالة الحكومة.

وقالت الحمروني إن إحداث وظيفة تشريعية متكونة من غرفتين يضعف مجلس نواب الشعب الذي سيكون مشتتا بين الغرفتين ومجالي اهتمام مختلفين، وأشارت إلى تراجع مقلق في ما يتعلق بالضمانات المتعلقة بالوظيفة القضائية، وفق تعبيرها.

ولاحظت أن مشروع الدستور الجديد افرغ المحكمة الدستورية من العناصر التي يمكن أن تتقدم بالحقوق والحريات واحترام الدستور باعتبار أن الرئيس هو الذي سيعين في نهاية الامر اعضائها رغم انهم سيكونون معينين بصفاتهم القضائية تلك وفق وصفها.

مشروع الدستور ليس ما قدّمته الهيئة الاستشارية للرئيس

وأفاد عميد المحامين وعضو "الهيئة الوطنيّة الاستشاريّة لجمهوريّة جديدة" ابراهيم بودربالة أنّ نصّ الدستور الذي نُشر، مساء أمس الخميس، بالرائد الرسمي ليس النسخة نفسها التي قدّمتها الهيئة إلى رئيس الجمهوريّة.

وحول عدم تخصيص حيّز للجانب الاقتصادي بالمشروع النهائي للدستور، كما تمّ التصريح بذلك سابقا، قال بودربالة في تصريح صحفي اليوم الجمعة، إنّ ذلك كان من المسائل التي لم يتم أخذها بعين الاعتبار من قبل رئيس الجمهوريّة.

وكذلك أكدت العضوة في اللجنة فاطمة المسدي، التي شاركت في صياغة المسودة، ما أعلنه بودربالة. واكتفت بتعليق مقتضب على صفحتها الشخصية في "فايسبوك" بالقول: "وقع تعديله".

القضاة سلطة

وأبرز رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي، على هامش  لقاء جمع اليوم الجمعة، بين ممثلي مختلف الهياكل القضائية ووفد من المجتمع المدني يضمّ رؤساء المنظّمات الوطنية برئاسة الاتّحاد العامّ التونسي للشغل وحضور للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنقابة الوطنية للصحفيين وجمعية النساء الديمقراطيات، أنّه إلى حدّ اليوم القضاة غير ممنوعين من الإضراب. وشدد على أنّ مشروع دستور الجمهورية الجديدة الصادر أمس لم يدخل حيّز التنفيذ.

وقال الحمايدي إنّ هناك معاهدات دولية صادقت عليها الدولة التونسية أعلى من الدستور والتي تضمن ممارسة الحقّ النقابي وحقّ الإضراب للقضاة. واستنكر الحمايدي أن يضمن دستور 2014 حقّ الإضراب ويسحبه رئيس الجمهورية بصفة انفرادية وأحادية حسب تقديره، وشدد على تمسّك القضاة بحقّهم في ممارسة الحقّ النقابي. وتابع الحمايدي أنّ القضاة هم سلطة بحكم دستور 2014 والمعاهدات الدولية، وقال إنّه "لن يكون مهما كانت المألات وظيفة يطوعها صاحب السلطة التنفيذية كما يشاء".

استجاب لأغلب النقاط المطروحة في الحوار الوطني

من جهته، قال أمين عامّ حزب حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي إنّ الموقف الرسمي للحزب من مشروع الدستور المطروح سيتحدّد خلال اجتماع للمجلس المركزي المنعقد بصفة استثنائية مساء اليوم الجمعة 1 جويلية 2022، سيتمّ على إثره تحديد الموقف إمّا التصويت بنعم أم لا خلال الاستفتاء يوم 25 جويلية الجاري.

وبيّن البريكي في تصريح إذاعي، أنّ قراءته الأوّلية لمشروع الدستور بيّنت أنّه يستجيب لحوالي 80 بالمائة أو أكثر للنقاط التي طرحت خلال الحوار الوطني صلب اللجان الاستشارية.

مشروع الدستور أعاد للدولة وحدتها 

واعتبر حزب التحالف من اجل تونس أن نص مشروع دستور الجمهورية الجديدة الذي سيعرض على الشعب في استفتاء 25 جويلية، "أعاد للدولة وحدتها وتماسكها وللحكم نجاعته وإمكانية تحميله المسؤولية من خلال نظام رئاسي لا يخول لأي رئيس الترشح لأكثر من دورتين".

واشار حزب التحالف في بيان اصدره اليوم الجمعة اثر صدور امر رئاسي ليلة امس متضمن نص مشروع الدستور، ان هذا الدستور ضمن للشعب تمثيلية واسعة من خلال إقرار مجلسين منتخبين هما مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والاقاليم الذي ستكون وظيفته معاضدة ومكملة لوظيفة مجلس نواب الشعب، مع احكام التوازن بين السلط وتكامل وظائفها دون تشتت أو انحلال أو ما يؤدي لتصادمها مع وجود محكمة دستورية تحكيمية يصبح رئيسها رئيسا مؤقتا للدولة في حالات الشغور التي نص عليها الدستور لحين تنظيم انتخابات رئاسية خلال المدة التي حددها الدستور.

أمر رئاسي

ويشار إلى أنّ أمرا رئاسيا عدد 578 لسنة 2022 مؤرخ في 30 جوان 2022، صدر مساء أمس الخميس، بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وتعلّق بنشر نصّ مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية، موضوع الاستفتاء المقرّر ليوم الإثنين 25 جويلية 2022. وتضمّن مشروع الدستور الجديد توطئة و142 فصلا موزّعة على 10 أبواب.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد تسلّم يوم 20 جوان بقصر قرطاج، من العميد الصادق بلعيد، الرئيس المنسّق لـ "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، المكلّفة بإعداد دستور جديد، مشروع الدستور الذي تمّ إعداده. وأكّد رئيس الجمهورية، بالمناسبة، أنّ هذا المشروع ليس نهائيا، وأنّ بعض فصوله قابلة للمراجعة ومزيد التفكير.

inbound4044160077469800939.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً