post

هل تؤثر التفاهمات الإقليمية بشكل إيجابي في ملف الأزمة الليبية؟

المغرب العربي الأربعاء 12 جانفي 2022

بدأت في الفترة الأخيرة، عمليات التحسن في العلاقات الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط، في التأثير بشكل إيجابي في ملف الأزمة الليبية.

ويأتي ذلك على وقع الخطوات الأخيرة، والتي كان من بينها التقارب التركي الإماراتي، علاوة على التفاهمات المصرية التركية الجارية بشأن عدد من الملفات، وعلى رأسها الملف الليبي.

وشهد الملف الليبي خلال الأيام الأخيرة، مجموعة من التطورات واللقاءات، التي تعد بمثابة مؤشرات حقيقية لحراك من شأنه إحداث تقدم نحو تهدئة المشهد الليبي، والتوصل لتسوية بين معسكري الشرق والغرب، في أعقاب التعطيل الذي ضرب المسار الانتخابي، الذي كان مقررا له الرابع والعشرون من ديسمبر الماضي.

ويأتي في مقدمة تلك التطورات، اللقاء الذي جمع رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس الفريق محمد الحداد، والقائد المكلف قيادة مليشيات شرق ليبيا الفريق عبد الرزاق الناظوري، في سرت.

وتم خلال اللقاء "الاتفاق على وضع خطة شاملة لتنظيم واستيعاب التشكيلات المسلحة"، بحسب بيان صادر عن رئاسة أركان حكومة الوحدة الوطنية. وأشار البيان إلى أنه "تم خلال الاجتماع بحث وضع آليات وخطوات منظمة وأساسية لتشكيل لجان مشتركة لتوحيد المؤسسة العسكرية، وبناء جيش ليبي موحد".

وتكمن أهمية اللقاء، الذي جرى الاثنين الماضي بمدينة سرت، في كون الطرفين ممثلين لمعسكرين بتشابكاتهما الإقليمية والداخلية، وهو ما يعني أنه كان هناك ضوء أخضر من الرعاة الإقليميين للجانبين. وتتلقى مليشيات شرق ليبيا دعماً مباشراً من مصر والإمارات، إضافة إلى روسيا، فيما تتلقى قوات غرب ليبيا دعماً مباشراً من تركيا.

التطور الآخر، والذي جرى بعيداً عن أعين وسائل الإعلام، تمثل في اللقاء الذي جمع في المغرب مطلع جانفي الحالي رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري، الذي يعد أحد أقطاب معسكر غرب ليبيا المدعومين تركياً، ورئيس مجلس النواب، والمرشح الرئاسي، عقيلة صالح. وانضم لهما بلقاسم حفتر، نجل زعيم مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، بالإضافة إلى قائد مليشيا "النواصي" التابعة لطرابلس مصطفى قدور.

ويأتي اللقاء في وقت لم يصادق فيه البرلمان حتى الآن على الموعد الجديد المحدد في 24 جانفي، الذي اقترحته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وقبلته لجنة الانتخابات النيابية برئاسة هادي الصغير. لكن الإجماع على إجراء الانتخابات لم يعد قائماً، حيث يرغب العديد من الفاعلين، ومنهم عقيلة صالح، بشكل أساسي في استبدال الحكومة الانتقالية الحالية.

من جهة أخرى، أكدت المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، إمكانية إجراء الانتخابات الليبية، في وقت تكثف فيه الأطراف الليبية اللقاءات والمشاورات، وسط مراقبة دولية للأحداث والتطورات الميدانية.

وقالت ويليامز في مقابلة تلفزيونية على شبكة "سي إن إن": "أنا على ثقة من أنه يمكننا الاستمرار في رفع أصوات جميع الليبيين الذين يتوقون إلى التوجه لصناديق الاقتراع والذين يرغبون في إنهاء هذه الفترة الانتقالية الطويلة، والمضي نحو مستقبل أكثر ديمومة للبلاد".

وتابعت المستشارة الأممية: "ليبيا تعاني من الأزمة والفوضى منذ 10 سنوات، وجميع مؤسساتها الوطنية تواجه أزمة في مشروعيتها، ومن غير الممكن أن تُحلّ سوى عبر السماح لليبيين بالتوجه نحو صناديق الاقتراع".

كما ناقشت المستشارة الأممية مع الممثلة الخاصة لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي لدى ليبيا، وحيدة العياري، تطورات الملف الليبي.

وشدد الطرفان بحسب تغريدة على حساب ويليامز عبر تويتر على ضرورة تنسيق الشركاء الدوليين لعملهم ضمن إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعملية برلين لدعم عملية انتخابية تحترم الإطار الزمني لخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي وإرادة ما يقرب من 3 ملايين ليبي سجلوا للتصويت.

وقبل ذلك، أعلنت ويليامز لقائها بالقائم بالأعمال في سفارة روسيا الاتحادية في ليبيا، جَمشيد بولتايف، حول التطورات الأخيرة في ليبيا. وأكدت ويليامز تشديد الطرفين على الحاجة إلى الحفاظ على الزخم الانتخابي ومواصلة العملية السياسية التي تشمل مختلف الأطياف الليبية.

من جانبه، أعلن السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند عن "دعم الولايات المتحدة لأي عملية من شأنها أن تمنح الليبيين الحكومة القوية والموحدة وذات السيادة والمنتخبة التي يستحقونها".

وأعرب نورلاند خلال محادثة أجراها مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، عن "دعم الولايات المتحدة لجهود استعادة الزخم للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا" بعد تأجيلها في ديسمبر الماضي.

وأشارت السفارة الامريكية في تغريدة على تويتر إلى أن "الرئيس المشري ذكر في معرض حديثه أن حوالي 3 ملايين ليبي مستعدون للإدلاء بأصواتهم" ، وتحدث عن "جهود مكثفة مع مجلس النواب للاتفاق سريعا على خارطة طريق من شأنها أن تمنح عامة الشعب الثقة بأنّ الانتخابات ستجرى في أقرب وقت ممكن".

بدورها، عقدت اللجنة المكلفة من البرلمان بمتابعة المؤسسات السيادية اجتماعها الثاني في مقر فرع ديوان مجلس النواب بمدينة طرابلس، وذلك في إطار مناقشتها لآلية عملها.

ويأتي هذا الاجتماع بعد أسبوع من انعقاد اللجنة  اجتماعها الأول الذي عقد بمدينة طبرق ونوقش خلاله آلية وخطة العمل التي ستسير عليها، ووعدت أثناء ذلك أنها ستعد تقريراً خلال عشرين يوما من بداية عملها .

وبالتزامن مع ذلك، شدد رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، خلال لقائه سفيرَ دولة إيطاليا لدى ليبيا جوزيبي بوتشيني غريمالدي، بحسب منشور للمكتب الاعلامي على فيسبوك، على ضرورة إصدار قوانين توافقية سليمة تُجرى عليها الانتخابات، لضمان عملية انتخابية نزيهة، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في بناء دولته المنشودة على أسس دستورية سليمة.

وأكد السفير، أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز التعاون المشترك، ودعم الخطوات المتخذة لإنجاح المسار السياسي، بحسب منشور المجلس.

لبا-4.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً