post

هل تقبل رئاسة الجمهورية بشروط الاتحاد الأوروبي لإنقاذ البلاد؟

تونس الثلاثاء 21 ديسمبر 2021

مثلت لائحة الشروط الواردة من قبل الاتحاد الأوروبي عبر مكتب البعثة الأوروبية في تونس حالة استنفار من قبل رئاسة الجمهورية.

وعلمت "مرآة تونس" أنه بتكليف من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، ترأست مديرة ديوان رئاسة الجمهورية نادية عكاشة اجتماعا ضم كلا من وزير الخارجية عثمان الجرندي ومستشار رئاسة الجمهورية المكلف بشؤون الأمن القومي الفريق أول عبد الرؤوف عطا الله ومستشارة رئيسة الحكومة سامية الشرفي.

وعقد الاجتماع لمناقشة التقارير الواردة من قبل مكتب وزير الخارجية عثمان الجرندي إلى القصر الرئاسي والمتضمنة نتائج المشاورات التي أجراها خلال الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري على مستوى بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس ممثلة بمكتب رئيس البعثة ماركوس كورنارو.

وقدم الجرندي خلال الاجتماع معلومات تفيد بأن مكتب بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس رفض الطلب الرسمي الذي قدمته الخارجية التونسية لتشكيل لجنة مشتركة لمناقشة الموقف الأوروبي.

كما ناقش الاجتماع لائحة المطالب التي قدمتها الخارجية التونسية نهاية نوفمبر الماضي والمتضمنة مطالب تتعلق بالدعم السياسي والاقتصادي للحكومة التونسية لمواجهة الأزمات الحادة التي تعاني منها البلاد.

وأكدت مصادر "مرآة تونس" أنه وفقا للمعلومات التي قدمها وزير الخارجية، فإن الجانب الأوروبي أبلغ الخارجية التونسية عدم إمكانية توفير أي شكل من أشكال الدعم في ظل استمرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وتمسك الاتحاد الأوروبي بضرورة إعادة النظر في قرار تجميد المؤسسة البرلمانية في البلاد، ورفضت البعثة الأوروبية في تونس أي تعديلات جذرية في دستور 2014، وأكدت عدم إمكانية توفير أي دعم للحكومة التونسية في حال تم تمرير الإجراءات المتعلقة بتغيير نظام الحكم في البلاد الى النظام الرئاسي دون موافقة الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في تونس.

وأشار الجرندي خلال هذا الاجتماع، إلى أن الموقف الأوروبي متمسك برفض أي إجراءات منفردة عن دائرة الرئاسة ومتمسك بضرورة وجود توافق على مستوى دائرة الرئاسة ورئاسة الحكومة من جهة والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى.

وأفادت مصادرنا أن رئيس البعثة الأوروبية في تونس ماركوس كورنارو قدّم مبادرة لرئاسة الجمهورية عبر وزارة الخارجية تضمنت إمكانية دعم الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيد وفي مقدمتها تجميد البرلمان في حال تم إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد.

وأكد كورنارو استعداد البعثة الأوروبية في تونس لطرح مبادرة وساطة على مستوى الأحزاب السياسية المؤثرة في البلاد في حال تمت الموافقة من قبل دائرة الرئاسة على المبادرة.

ولكن تمسكت دائرة الرئاسة بموقفها المتضمن عدم إمكانية تنظيم أي انتخابات برلمانية في البلاد قبل تمرير التعديلات الشاملة لدستور البلاد والانتقال الى النظام الرئاسي.

أما بالنسبة إلى المقترحات التي قدمتها وزارة الخارجية خلال المشاورات مع بعثة الاتحاد الأوروبي والمتعلقة بإمكانية الحصول على تمويل مالي لدعم الحكومة في مواجهة الازمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد، فقد تم إبلاغ الجانب التونسي بشكل رسمي من قبل مكتب رئيس البعثة الأوروبية في تونس بعدم إمكانية توفير أي دعم مالي للحكومة التونسية نتيجة عدم وضوح برنامج الحكومة في مواجهة الفساد وعدم نجاح الرئاسة التونسية في تنفيد المراحل الأولى من خطة الإصلاح الاقتصادي في البلاد.

ورفض رئيس البعثة الأوروبية في تونس الطلب الرسمي الذي قدمه الجرندي والمتضمن ضرورة تجميد كافة قنوات الاتصال المباشرة بين رئاسة البعثة والأحزاب السياسية وضرورة التزام البعثة الأوروبية بالقنوات الرسمية عبر وزارة الخارجية للتواصل مع أي من الأطراف المحلية.

وتم إبلاغ وزير الخارجية من قبل رئيس البعثة كورنارو التزام البعثة الأوروبية بكافة القوانين الدولية الناظمة لعمل البعثات الدولية وبأن الاتصالات التي تجريها رئاسة البعثة تأتي في إطار الجهود المبذولة من قبل الاتحاد الأوروبي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المحلية.

ولكن دائرة الرئاسة تسعى الى احتواء التوتر مع رئاسة البعثة الأوروبية في تونس حيث تم إبلاغ الجرندي من قبل رئيسة ديوان الرئاسة نادية عكاشة بالتعليمات الصادرة عن الرئيس قيس سعيد والمتضمنة عدم الضغط على رئاسة البعثة الأوروبية فيما يتعلق بالمشاورات التي تجريها على مستوى الأطراف المحلية تجنبا لعدم التصعيد في الموقف الأوروبي تجاه دائرة الرئاسة والحكومة خلال هذه المرحلة.

من جهته، يترأس مستشار رئاسة الجمهورية المكلف بشؤون الأمن القومي الفريق أول عبد الرؤوف عطا الله تيارا داخل قصر قرطاج للضغط على الرئيس قيس سعيد للتجاوب مع الشروط التي قدمتها البعثة الأوروبية في تونس لا سيما المتعلقة ببند الانتخابات البرلمانية المبكرة في خطوة للالتفاف على الضغوط المفروضة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الرئاسة التونسية.

وفي المقابل، تمارس مديرة الديوان الرئاسي ضغوطا بهدف عرقلة أي مشروع انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد، حيث قدمت في تقييمها المشترك بالتنسيق مع مكتب المستشار الأمني في القصر الرئاسي تقييمها لمقترح الانتخابات البرلمانية المبكرة والذي تضمن معلومات تفيد بأن القاعدة الشعبية للأحزاب السياسية الكبرى في البلاد وفي مقدمتها حركة النهضة وائتلاف الكرامة والحزب الدستوري الحر لا زالت متماسكة وأي انتخابات مبكرة في البلاد ستؤدي الى استعادة سيطرة الأحزاب السياسية الكبرى على قرار البرلمان، بالإضافة الى أن مشروع الانتخابات البرلمانية المبكرة سيعرقل مشروع التعديلات الدستورية المقررة من قبل دائرة الرئاسة.

وبدأ الفريق أول عبد الرؤوف عطا الله اتصالاته على مستوى قيادة المؤسسة العسكرية بهدف ممارسة ضغوط أكبر على دائرة الرئاسة من خلال قيادة الجيش والاستخبارات العسكرية. ومن المقرر أن يجري اجتماعا بشكل غير رسمي مع الجنرال الحبيب الضيف خلال هذه الفترة لمناقشة لائحة الشروط الواردة من قبل الاتحاد الأوروبي عبر مكتب البعثة الأوروبية في تونس.

تونس-والاتحاد-الوروب.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً