post

هل يهدّد منح البرلمان الليبي الثقة لحكومة باشاغا بعودة شبح الانقسام؟

المغرب العربي الأربعاء 02 مارس 2022

أعلن مجلس النواب الليبي، خلال جلسته مساء أمس الثلاثاء، عن منح الثقة لحكومة فتحي باشاغا بأغلبية 92 صوتاً من أصل 101 نائب حضروا الجلسة، وذلك رغم إصرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة على عدم التسليم إلا لسلطة منتخبة.

وعقدت الجلسة في مقر المجلس بطبرق برئاسة رئيس المجلس عقيلة صالح، بعدما أجرى باشاغا بعض التعديلات على التشكيلة التي تمت مناقشتها في جلسة الاثنين. وتضم الحكومة 30 وزيراً، وستة وزراء دولة.

وكلّف باشاغا جمعة خليفة محمد لتولي حقيبة التربية والتعليم، فيما ألغى وزارة الإعلام بعد عدة اعتراضات من إعلاميين، خشية تحكم الحكومة في السلطة الرابعة. وأسقط باشاغا وزيري دولة من التشكيلة، هما وزير الدولة للقادة الشباب، ووزير الدولة لشؤون الانتخابات.

وبعد التغييرات التي أجراها باشاغا، تضمنت الحكومة 29 وزارة، و6 وزراء دولة، بالإضافة إلى ثلاثة نواب لرئيس الوزراء بعد إضافة خالد علي الأسطى كنائب ثالث ضمن التشكيلة المعدلة.

باشاغا: منح الثقة تمّ بطريقة واضحة وشفافة

وبيّن باشاغا أن مجلس النواب منح الثقة لحكومته بـ"طريقة واضحة وشفافة وعلنية"، واعتبر أن عملية التصويت "تمت بعملية ديمقراطية نزيهة واضحة، وبإرادة ليبية".

وأوضح باشاغا، في كلمة له إثر إعلان مجلس النواب منح الثقة لحكومته، أن حكومته تهدف لـ"المصالحة والمشاركة والاستقرار والانطلاق نحو الازدهار والنماء". وقال: "لم آت للانتقام أو تصفية الحسابات، بل من أجل بناء الوطن الذي يحتاج للجميع. نمد أيدينا للجميع حتى المعارضين؛ لأنني اليوم أعتبر نفسي مسؤولاً عن كل الليبيين، وخادم الشعب دون استثناء ومفاضلة وتمييز".

وأكد باشاغا التزامه بإجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة بحسب خريطة الطريق التي أعدها مجلس النواب، وأنه سيعمل بمبدأ التعاون مع مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي، وأشار إلى تطلعه لـ"إقامة علاقات طيبة مع الدول الشقيقة والصديقة وفق الاحترام المتبادل".

وتقدم باشاغا بالشكر لبعثة الأمم المتحدة لدعمها لجهود السلام والاستقرار في البلاد، وأبدى تطلعه أيضاً لـ"التعاون معها من أجل إكمال باقي الاستحقاقات الليبية، وفي مقدمتها الدستورية والمتعلقة بالانتخابات والمصالحة".

وخاطب الليبيين قائلا: "أطمئن الليبيين بأن الحكومة ستستلم مهامها في العاصمة طرابلس بشكل سلمي وآمن، وقد باشرنا في إجراء التدابير القانونية، واتصلنا بجميع الجهات الأمنية والعسكرية، ولدينا ترتيبات معهم، وستكون عملية التسليم بشكل سلس وآمن وبدون أي مشاكل".

المجلس الأعلى للدولة: مخالفة للاتفاق السياسي

وفي المقابل، اعتبر المجلس الأعلى للدولة منح مجلس النواب، الثلاثاء، الثقة لحكومة جديدة "مخالفة للاتفاق السياسي". وذكّر المجلس، في بيان مقتضب، برفضه الخطوات التي يقوم بها مجلس النواب منفردا.

وأعلن المجلس عن نيته عقد جلسة يوم الخميس المقبل لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تجاه ما وصفها بـ"المخالفات"، وأكد أن استمرار إغلاق الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا "يعدُّ جريمة إنكار للعدالة".

حكومة الدبيبة: تصويت البرلمان تمّ بالتزوير

من جهتها، اعتبرت حكومة الوحدة الوطنية جلسة منح مجلس النواب الثقة لحكومة باشاغا، الثلاثاء، "تأكيداً لاستمرار رئاسة البرلمان في انتهاج التزوير لإخراج القرار باسم المجلس بطرق تلفيقية".

وقالت الحكومة، في بيان لها عقب إعلان مجلس النواب منح الثقة لحكومة باشاغا: "لقد تابع الليبيون التزوير في العدّ الذي كان واضحاً بالدليل القطعي على الشاشة، إذ لم يبلغ العدّ النصاب المحدد من قبل المجلس لنيل الثقة، على الرغم من عدم وضوح صورة مانحي الثقة".

وأشار بيان الحكومة إلى أن عدداً من أعضاء مجلس النواب نفوا وجودهم في طبرق "على الرغم من احتسابهم ضمن العدّ الذي لم يبلغ النصاب أساساً حتى بذلك"، وفق نص البيان.

وتابع البيان: "لقد بدأ مسار التزوير في رئاسة المجلس منذ تمريرِها سحبَ الثقة من الحكومة بالآلية ذاتها، واختيارِها رئيس حكومة دون نصاب. كما أن كل هذه الإجراءات تمت بمخالفة للاتفاق السياسي الذي نص على آليات واضحة في إجراءات التعديل الدستوري، وتشكيل السلطة التنفيذية، والتي كانت بإجراءات أحادية تعود بالبلاد لمرحلة الانقسام".

وجددت الحكومة ما أكده رئيسها عبد الحميد الدبيبة في العديد من التصريحات السابقة بشأن استمرار عملها، وأنها "لن تعبأ بهذا العبث، وستركز جهودها في إنجاز الانتخابات بوقتها في شهر جوان القادم".

تهديدات حفتر

وقالت وسائل إعلام محلية إن قوات تابعة للقائد العسكري خليفة حفتر، حاصرت مقر البرلمان وفندق إقامة النواب بمدينة طبرق، كما أجبرت طائرة النواب على الرجوع إلى طرابلس فارغة.

فيما أكد النائب الليبي جبريل أوحيدة في تصريحات صحفية أنه لم يذهب إلى طبرق لأسباب أمنية نتيجة تهديدات بالقتل، وأوضح أن الأمن الرئاسي على علم بها ولم يتخذ أي إجراءات حيالها.

ويليامز: أهمية التوافق

من جهتها، جددت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي ستيفاني ويليامز تأكيدها على أهمية "التوافق والشمولية في البيئة السياسية المعقدة في ليبيا"، على حد وصفها.

وخلال لقائها بعض ممثلي الأمازيغ في ليبيا، الثلاثاء، وقُبيل انعقاد جلسة مجلس النواب، شددت وليامز على ضرورة "المضي قدماً في تلبية مطالب الشعب في إجراء الانتخابات من خلال انتخابات حرة وذات مصداقية بناء على قاعدة دستورية سليمة وقوانين انتخابية توافقية".

وتأتي كل هذه التغييرات بعد فشل الفرقاء والقادة السياسيين الليبيين في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كان مقرراً لها أن تنطلق في نهاية ديسمبر الماضي، وذلك بسبب خلافات حول القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات.

وكان مجلس النواب فشل، الاثنين، في منح الثقة للحكومة بسبب عدم توفر النصاب ونشوب خلافات حول التشكيلة بين النواب، ما دفع لتأجيلها إلى الثلاثاء.

وتعاني ليبيا حالة من عدم الاستقرار مع توالي المراحل الانتقالية، واستمرار حالة من الفراغ السياسي عموماً بسبب الخلافات بين الأطراف الداخلية.

inbound1405176556053716855.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً