post

هل يواصل المجلس الأعلى للقضاء ممارسة صلاحياته؟

تونس الإثنين 14 فيفري 2022

طالب المكتب التنفيذي لجمعيّة القضاة التونسيين، المجلس الأعلى للقضاء، بالتمسك بوجوده ومواصلة ممارسة صلاحياته، وشدّد على أن المجلس "يمثل ضمانات دستورية للقضاة وصونا لحقوق التونسيات والتونسيين وحرياتهم".

وأكد المكتب، في بيان، أنّ المرسوم الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد بتشكيل مجلس قضائي جديد "عديم السند القانوني والدستوري"، وجدّد تمسكه بالمجلس الأعلى للقضاء كـ"هيكل دستوري شرعي منشأ من سلطة تأسيسية لا يمكن لأي سلطة أخرى المساس به".

وأضاف المكتب أنّ "المساس بوضع السلطة القضائيّة ليس من مقتضيات مرحلة الاستثناء التي يبقى القضاء فيها الضامن الوحيد للحقوق والحريات في ظرف تُجمع السلطات لدى السلطة التنفيذية".

وأكد البيان على أنّ "ما كشف عنه المرسوم رقم 11 يمثل إلغاء للسلطة القضائية وإلحاقا لها بالسلطة التنفيذية وبسطا لنفوذ رئيس الجمهورية على كامل مفاصل السلطة القضائية، ورفعا للحماية المكفولة للقضاة في مساراتهم المهنية بإلغاء المجلس الأعلى كهيكل مستقل يشرف على تلك المسارات بعيدا عن تدخل السلطة السياسية".

ورفض البيان بشدة "إحداث المجلس المنصّب بموجب مرسوم خارج مبادئ الشرعية والتأسيس لوضع يتعارض مع الدستور". وعبر مكتب الجمعية عن "الرفض بشدّة المسّ بالحق النقابي للقضاة المكفول بباب الحقوق والحريات بالدستور وبالمعاهدات الدولية الضامنة لاستقلال القضاء ويعتبر هذا المنع ترهيبا وضغطا على القضاة في معركتهم الشرعية والمصيرية من أجل سلطة قضائية مستقلة".

الأحزاب ترفض

من جهتها، عبّرت مجموعة من الأحزاب والجمعيات التونسية عن رفضها الشديد لقرار قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بآخر مؤقت، وإصدار أمر رئاسي يمكنه من تعيين وعزل وترقية القضاة.

واعتبرت القيادية بالتيار الديمقراطي، سامية عبّو، في تصريح صحفي، أن ما أقدم عليه الرئيس سعيّد "فيه ضرب للقضاء ولمرفق العدالة وهو أمر مخجل ومن أخطر ما أعلن عنه منذ 25 جولية 2021".

وأشارت إلى أنه "كان أحرى برئيس الجمهورية محاسبة القضاة الذين تعلقت بهم شبهات فساد وفتح ملفاتهم، لا التدخل في الشأن القضائي ومخالفة القواعد الدستورية، بالعزل والتعيين وضرب حق الإضراب وكذلك ضرب مصداقية القضاء، التي لم يتجرّأ بن علي نفسه على القيام بذلك في العلن، مثلما يفعل قيس سعيّد اليوم".

كما ذكرت أن رئيس الدولة "استثمر أزمة القضاء وأزمة البلاد وغضب الشعب على حركة النهضة، لتحقيق مشروعه، لكنه ومن خلال ما اتخذه من قرار، كشّر عن دكتاتوريته التي يستبطنها ولا يعترف بها".

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري إن "مرسوم قيس سعيّد حول مجلس القضاء المؤقت هو تكريس فعلي وتدشين عملي لقضاء سعيّد".

وأضاف الخميري في تدوينة له على "فايسبوك"، أن المرسوم يترجم "التراجع على كل المكتسبات التي ناضل من أجلها التونسيين والتونسيات في قضاء مستقل، بهذا المرسوم نعود الى قضاء تحكمه السلطة التنفيذية بالكامل وتتحكم في تعييناته، وفي المسارات المهنية للقضاة، ولها الحق في معاقبة القضاة وعزلهم".

وأكد أنه "لا علاقة لهذا المرسوم بالإصلاح، وإنما تحركه رغبة قيس سعيد في الاستحواذ على السلط كل السلط وتكريس حكم فردي ستكون له عواقب وخيمة على مستقبل البلاد".

بدوره، انتقد رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل أحمد نجيب الشابي المرسوم الرئاسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، واعتبر أن استبدال المجلس بهيئة مؤقتة يخوّل لرئيس الجمهورية التدخل في تعيين القضاة وترقيتهم ومؤاخذتهم ونقلتهم وإعفائهم.

وقال الشابي في تدوينة على صفحته بـ"فايسبوك" إن " قلعة أخرى من قلاع الحرية وحصن من حصونها يسقط امام اعيننا وبمباركة منا، عقبة أخرى تنزاح على طريق العودة الى الحكم المطلق، في كساء شعبوي رديء هذه المرة".

وأضاف: "سوف يدفع المجتمع وفي مقدمته النخب بلا شك ثمنا باهظا من الألم والشدة والتضحية بالنفس والنفيس، ولكن هل سيعيد هذا الإجراء للبلاد استقرارها؟ وهل سيسهم في معالجة أي من الأزمات التي تعصف بها وتهدد كيانها؟ كلا، بل سوف يزداد الانقسام السياسي تفاقما والازمة الاجتماعية حدة وتعفنا".

وتابع: "ندائي الى أصحاب الضمائر الحية في بلدي ان تتشابك ايديها فتعيد بناء قوة التوازن وتفتح الطريق لإنقاذ امنا- تونس- من الهلاك المحدق".

من جانبها، قالت النائب الأول لرئيس مجلس نواب الشعب سميرة الشواشي: "كنا نعلم منذ البداية أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد لن يكتفي بغلق مجلس نواب الشعب بل سيستمر إلى باقي السلط ليستولي عليها وعلى ما تحقق بفضل الثورة".

وأضافت الشواشي، خلال المظاهرة المناهضة لحل المجلس الأعلى للقضاء أمس الأحد، أنهم سيتحملون أمانة الحفاظ على البلاد وعلى مؤسساتها وعلى الشرعية وأنهم سيواصلون البناء رغم مواصلة الانقلاب سياسة الهدم، على حد تعبيرها.

جمعيات القضاة ترفض

وعبّر رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبّان مراد المسعودي في تصريحات إذاعية عن رفضه للمرسوم الرئاسي المتعلق بإحداث مجلس مؤقت للقضاء يحل محل المجلس الأعلى.

ووصف المسعودي المجلس المؤقت بالبناء الفوضوي الذي سيتم التصدي له من أجل إزالته، وأوضح أن هذه الهيئة ستكون تابعة لرئاسة الجمهورية ولا تملك حتى حق الاقتراع.

وكشف القاضي المسعودي أنه لن يتم التقيد بما جاء في المرسوم من منع الإضراب وغيره، وأكد أن رئيس الجمهورية قيس سعيد لا يملك أي سلطة دستورية ولا يمتلك نصا قانونيا لإرساء هيئة وقتية، وفق تعبيره.

وذكر المسعودي أنه سيتم التنسيق بخصوص التحركات القادمة الرافضة لإحداث مجلس مؤقت للقضاء، وأكد تمسكه بالمجلس الأعلى للقضاء الذي تم إحداثه على أساس قانوني.

بدوره، اعتبر اتحاد القضاة الإداريين، الأحد، أن المرسوم الرئاسي باستحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء يشكل "انقلابا على السلطة القضائية".

وقال الاتحاد، في بيان، إن "المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء فاقد لأدنى مقومات استقلالية السلطة القضائية من ناحية الشكل والمضمون".

وأشار إلى "خطورة المقتضيات الواردة بالمرسوم، والذي يكرس في الواقع مجلسا صوريا للقضاء، ويمثل انتهاكا صارخا لمبدأ الفصل بين السلطات، خاصة من خلال تقويض حق القضاة الديمقراطي في اختيار نظرائهم بالمجلس عن طريق الانتخاب، وتمثيليتهم في جميع الرتب".

وقال إن "المرسوم فيه مساس خطير بالحق النقابي، بما في ذلك الحق في الإضراب المكفول بالفصل 36 من الدستور، والذي لا يزال ساري المفعول". وينص الفصل 36 من الدستور التونسي على حق ممارسة النشاط النقابي للمنظمات والجمعيات، بما في ذلك الحق في الإضراب.

وأفاد الاتحاد، بأن المرسوم "يكرس التدخل المباشر في المسارات المهنية للقضاة، وإقرار آلية الإعفاء بصفة أحادية من طرف السلطة التنفيذية، بما يشكل إفراغا للسلطة التقريرية للمجلس من محتواها".

وتابع: "ما أقدم عليه سعيد تحت شعار الإصلاح ومحاربة الفساد، يشكل انقلابا على السلطة القضائية، وإلغاءً كليا لوجودها، بما يلغي معه دور القضاء في حماية الحقوق والحريات، وتكريس دولة القانون".

وأعلنت الرئاسة، السبت، أن الرئيس قيس سعيد وقع مرسوما باستحداث "المجلس الأعلى المؤقت للقضاء"، وذلك بعد إعلانه قبل أيام أن المجلس الحالي "أصبح من الماضي".

وكشفت تفاصيل المرسوم الذي نشر في الرائد الرسمي، الأحد، أنه يتضمن نصا يحظر إضراب القضاة، وآخر يعطي الرئيس "الحق في طلب إعفاء كل قاض يخل بواجباته المهنية".

ويرفض المجلس الأعلى للقضاء حله "في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك"، وأعلن الخميس، أنه بتركيبته الحالية هو "المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية" بالبلاد.

المرزوقي: لا حوار مع الانقلاب

من جانبه، قال الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، الأحد، إنه "لا حوار مع الانقلاب"، وطالب بعزل الرئيس قيس سعيّد؛ لأنه "أصبح غير شرعي"، ودعا المعارضة لإعداد البديل.

جاء ذلك في كلمة للمرزوقي من باريس عبر الفيديو، في الوقفة الاحتجاجية التي نفذها بالعاصمة تونس، حراك "مواطنون ضد الانقلاب – المبادرة الديمقراطية"، لمساندة استقلال القضاء، ورفض قرارات سعيد المعلن عنها منذ 25 جويلية 2021، وسط تعزيزات أمنية.

وقال المرزوقي: "ليس هناك أي حل مع الانقلاب إلا نهايته". وأضاف: "أنا رجل الحوار وأحب الحوار، لكن التجربة أثبتت أنه لا حوار مع الاستعمار، ومع الصهيونية، ومع الفصل العنصري، ومع الاستبداد".

وشدّد المرزوقي على أنه "يجب عزل الرئيس الذي أصبح غير شرعي". وطالب بـ"اجتماع كل الديمقراطيين في تونس أولا (يقصد المعارضة)، لقيادة هذه المرحلة الدقيقة والصعبة لإسقاط الانقلاب، وثانيا لإعداد البديل".

inbound1975830930818421957.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً