post

وفد برلماني أوروبي في تونس..ماذا سيناقش؟

تونس الثلاثاء 12 أفريل 2022

بدأ أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، أمس، زيارة إلى تونس لإجراء مشاورات مع المسؤولين حول مسارها نحو تحقيق "الإصلاحات السياسية والعودة إلى الاستقرار المؤسسي".

وفي غضون ذلك، تقدمت عدة قيادات سياسية بمقترحات تتعلق بمسار الإصلاح، الذي يقوده الرئيس قيس سعيد منذ نحو ثمانية أشهر، بهدف تعديل مسار الإصلاح، آملين في أن يوجه البرلمان الأوروبي ضغوطه على تونس للعودة إلى المؤسسات الدستورية.

ووفق عدد من المراقبين، فإن أعضاء البرلمان الأوروبي سيؤكدون خلال مباحثاتهم مع المسؤولين التونسيين الحاجة إلى حوار سياسي شامل، واحترام سيادة القانون، والحريات المدنية وحقوق الإنسان، فضلاً عن الحاجة إلى وجود نظام سياسي يقوم على المبادئ الديمقراطية، خصوصاً مبدأ الفصل بين السلطات.

وانقد العديد من المتابعين للشأن العام تصريحات سعيّد بخصوص الحوار الوطني المزمع إجراؤه، وهو ما أكد اتحاد الشغل حيث قال الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي إنّ مجرّد عقد جلسات ولقاءات بروتوكولية أو لقاءات عامّة لا يتنزل في إطار الحوار الوطني الذي ينشده الاتحاد لأن أيّ حوار وطني يجب أن يقوم على مقاربات واتفاقات حول إدارة الحوار ومن سيشارك فيه ومن سيتولى الصياغة وما هي تواريخ بدايته ونهايته ومحاوره وأولوياته ومآلاتها إلاّ أنّ هذا لم يحصل بعد.

واعتبر الطبوبي أنّ من أبرز مآلات الحوار هو صياغة شروط تكوين الأحزاب ومؤتمراتها وضوابطها لإعطاء المصداقية اللازمة للأحزاب السياسية، وأضاف أنّ تونس كان يمكن أن تخرج بعد 25 جويلية أقوى وأفضل، ولكن إلى اليوم لا نرى سوى الغموض، حسب تأكيده.

كما أوضح عدد من المتابعين للشأن الوطني أن تصريحات سعيد بخصوص احترام حقوق الإنسان وصون الحريات مجرد شعارات لا تتطابق مع الواقع.

وفي نفس الإطار، أدانت مجموعة من الجمعيات والمنظمات الوطنية، إقدام وزارة الداخلية وأعوانها على وصم وانتهاك كرامة المواطنين، وانتقدت بلاغ الوزارة الصادر على خلفية الوقفة الاحتجاجية أمام المسرح البلدي.

وأكدت الجمعيات والمنظمات في بيان مشترك أن بلاغ الداخلية تضمّن وصما لفئة من المواطنين التونسيين اختاروا التعبير عن موقف سياسي بطريقة سلمية. وأكدت ضرورة انسجام الخطاب الرسمي حول احترام الحقوق والحريات مع الممارسات الرسمية في الفضاء العام.

وكانت منظمة العفو الدولية استنكرت في بلاغ لها الجمعة 8 أفريل الجاري، تواصل الملاحقة السياسية للنوّاب. ودعت إلى احترام حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وذكّرت بالتزامات تونس في مجال حقوق الإنسان.

واعتبرت المنظمة أن هذه الملاحقات القضائية ترتقى إلى مستوى المضايقة القضائية وهي محاولة لخنق الممارسة السلمية للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها من قبل أعضاء البرلمان الذي علّقه الرئيس سعيّد بداية ثم حله بمرسوم".

بيان رئاسة الجمهورية

وأكد الرئيس قيس سعيّد، للوفد البرلماني الأوروبي الذي يزور تونس في الفترة الممتدة بين 11 و13 أفريل الجاري، أن "الحوار الوطني انطلق فعلاً وسيكون على قاعدة نتائج الاستشارة الإلكترونية، وذلك من أجل الإعداد لتنظيم الاستفتاء وإجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".

وذكّر سعيّد حسب بيان لرئاسة الجمهورية، "بتمسّكه بالحفاظ على وحدة الدولة التونسية واستمرارها وضمان سيادتها واستقلالية قرارها الوطني، والتصدي لكل محاولات ضربها من الداخل أو الالتفاف على إرادة الشعب التونسي". وشدّد بحسب نفس المصدر، على "حرصه الراسخ على تعزيز احترام حقوق الإنسان وصون الحريات، فضلاً عن بناء دولة ديمقراطية عادلة وقوية توفّر كل الضمانات للشعب التونسي، حتى يُعبّر عن آرائه وتطلعاته بكلّ حرية''.

وبرر سعيّد الإجراءات الانقلابية في 25 جويلية العام الماضي، وقال إن هناك جملة من الأسباب دفعته لذلك، وشدّد في السياق، على "حرصه التام على إنهاء هذه الفترة الاستثنائية عبر تنفيذ الخطوات التي تم إعلانها".

وتطرق خلال لقائه وفد البرلمانيين الأوروبيين، إلى "جملة من المواضيع المتصّلة أساساً بالحوار الوطني والمشاركة فيه والاستحقاقات المقبلة عليها بلادنا، فضلاً عن التأكيد على العزم المشترك على تعزيز الروابط القوية التي تجمع تونس بالاتحاد الأوروبي على أساس القيم والمصالح المشتركة"، حسب نفس البلاغ.

بيان بعثة الاتحاد الأوروبي

وبحسب بيان نشرته بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس قالت فيه إنّ أعضاء في لجنة الشّؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي برئاسة مايكل جالر، يزورون تونس "للقيام بمشاورات حول مسار تونس نحو الإصلاحات السياسية والعودة إلى الاستقرار المؤسساتي"، وبحسب البيان يتكون الوفد من مايكل جالر( رئيس ) وخافيير نارت (عن كتلة تجديد أوروبا) وجاكوب دالوند (كتلة الخضر/التحالف الأوروبي الحر) وأندريا كوزولينو (التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين).

وذكر نفس البيان الأوروبي للبعثة أن الزيارة ستمتدّ من 11 إلى 13 أفريل 2022، "وسيلتقي خلالها الوفد البرلماني بالإضافة لسعيد، بممثلين عن الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لـ"مناقشة كيفية مواصلة الاتحاد الأوروبي دعم تونس في عملية الإصلاحات السياسية وتعزيز الديمقراطية".

وبحسب البيان سيسعى أعضاء البرلمان الأوروبي إلى "إعادة التّأكيد على الحاجة إلى حوار سياسي شامل واحترام سيادة القانون والحريات المدنية وحقوق الإنسان"، فضلاً عن الحاجة إلى "وجود نظام سياسي يقوم على المبادئ الديمقراطية، لا سيّما، منها مبدأ الفصل بين السّلط، الذي يتمّ ضمانه من خلال الضّوابط والموازين المؤسّسية".

وحسب البعثة سيكون للوفد "الفرصة للتحاور مع الجهات ذات الصلة حول إمكانية وكيفية دعم البرلمان الأوروبي لتونس في عمليّة الإعداد للانتخابات المتوقعة نهاية سنة 2022".

وجاء في البيان أيضاً أن الوفد سيولي اهتمامًا خاصًا للوضع الاقتصادي في تونس والطريقة المثلى، التي يمكن بها للاتحاد الأوروبي أن يدعم السلطات التونسية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لفائدة جميع التونسيين في ظلّ أزمة الأمن الاقتصادي والغذائي وجائحة الوباء العالمية وانعكاسات الحرب في أوكرانيا.

ضرورة إلغاء تدابير سعيد

وبمناسبة هذه الزيارة، وجه مساعد رئيس البرلمان ماهر المذيوب، رسالة إلى الوفد البرلماني الأوروبي، أكد فيها أن "حل جميع مشكلات وتحديات البلاد يبقى تونسياً - تونسياً أولاً وأخيراً". وشدد على أنه لا يمكن إيجاد مخرج للأزمة السياسية المستشرية في البلاد، "إلا بمشاركة جميع التونسيين في المؤسسات المنتخبة، وفي مقدمتها البرلمان، ومختلف الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية وجمعيات المجتمع المدني".

واعتبر المذيوب أن بداية الحل "تبدأ من خلال توقيع الرئيس سعيد على القانون المتعلق بإلغاء الأوامر والمراسيم الرئاسية، الصادرة منذ 25 جويلية الماضي، والأمر بنشره في الرائد الرسمي للبلاد، وإلغاء الأمر الرئاسي بحل البرلمان، وإلغاء كل الملاحقات والمحاكمات والأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية والمدنية في حق أعضاء البرلمان، وجميع السياسيين والناشطين ضد قرارات 25 جويلية، واعتبارها كأن لم تكن والقيام بكل ما يلزم قانونيا وعمليا من صميم واجبات الدولة التونسية في إعادة الاعتبار لمن ضحوا بكل شيء من أجل كرامة الشعب التونسي وسمعة دولته وديمقراطيته الناشئة".

إضافة إلى "إطلاق حوار وطني شامل بين التونسيين للخروج من الأزمة الدستورية العميقة والمخاطر الحقيقية، التي تمس التوازنات المالية للدولة التونسية والأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، التي تهدد أمن واستقرار المجتمع التونسي والانخراط الفعلي والحقيقي لأشقاء وأصدقاء تونس في مشروع متكامل ومستدام ذا ابعاد مالية واستثمارية واقتصادية متعدد الأطراف من أجل مساعدتها للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية عبر مؤتمر دولي استثماري يساعدها على تجاوز الأخطار المحدقة ويبني قاعدة حقيقية للاستثمار المثمر والتنمية المستدامة".

مماطلة وتعطيل غير مبرَّر

وكتب رئيس حزب المجد الخبير الأممي السابق عبد الوهاب الهاني: "زيارة وفد برلماني أوروبي لتونس، للاطِّلاع على الأوضاع الدُّستوريَّة والسِّياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة ورفع تقرير للبرلمان الأوروبي في إطار الشَّراكة الأوروبِّيَّة التُّونسيَّة، بعد عرقلة زيارة الوفد سابقاً قبل إذابة الجليد في المقابلة الَّتي جمعت رئيس الجمهوريَّة قيس سعيِّد برئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا تيديسكو تريكاس ببروكسل على هامش القمَّة الأوروبِّيَّة الإفريقيَّة في فيفري الماضي. ولم تصدر لا رئاسة الجمهوريَّة ولا رئاسة حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة ولا وزارة الخارجيَّة أيَّ خبر ولا تفاصيل ولا تعليق عن المقابلة، فيما اكتفى مكتب ورئاسة البرلمان مجلس نُوَّاب الشَّعب بتأكيد نبأ الزِّيارة دون تفاصيل عن برنامجها".

وأضاف في تدوينة أخرى على موقع فيسبوك: "الوفد البرلماني الأوروبي وصل أمس إلى تونس ليجري مجموعة من المقابلات، مع رئيس الجمهوريَّة رئيس الدَّولة دستوريًّا ورئيس السُّلطة التَّنفيذيَّة للتَّدابير الاستثنائيَّة ومع البرلمان (بصفة مباشرة أو غير مباشرة) والأحزاب والمنظَّمات الوطنيَّة ومنظَّمات المجتمع المدني.. وذلك بعد مماطلة وتعطيل غير مبرَّر من وزارتي الدَّاخليَّة والخارجيَّة في حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة لمحاولة فرض شروط للزِّيارة بمنع (أو تلطيف) الجانب البرلماني (في حين أنَّ ماهيَّة وجوهر الزِّيارة وتركيبة الوفد هي برلمانيَّة في الأساس) أدَّت إلى مزيد تشويه صورة وسمعة تونس في الخارج وتأكيد المخاوف الَّتي عبَّر عنها شركاء بلادنا الرَّئيسيِّين".

تشويه الخصوم

واتهم حراك «مواطنون ضد الانقلاب» الرئيس سعيد باستخدام أنصار لاستهداف معارضيه، حيث قال في بيان على فيسبوك: "بعد تكتيك التعطيل والتعفين الذي استعمله الانقلاب للانقضاض على الدستور ومؤسساته الديمقراطية الوليدة من برلمان ومجلس أعلى للقضاء وتدجين الإعلام العمومي، ها هي الخلايا المجهرية الوظيفية المُتطرفة المُلتقية موضوعياً مع الانقلاب تنتهج خطة استدراج الخصوم إلى مربعات العنف والاحتراب، طوراً عبر تَتَبّعها بدقّة للشخصيات السياسية واستهدافهم في أماكن تواجدهم، وطوراً عبر استفزاز المتظاهرين بحثاً عن ردود فعل تكون مطية لاستعمال العنف واستدراك لحظة المواجهة التي وقع تفاديها في 26 جويلية 2021".

وأشار الحراك إلى أن "تكرار استهداف رئيس مجلس النواب في مسكنه خلال مرحلة أولى من طرف حفنة من الموتورين وعبر تحديد مكان تواجده بدقة من طرف عناصر مُتطرفة عنيفة، يؤكد تلقّيها إسناداً معلوماتياً من مجموعات في أجهزة الدولة لم يعد خافياً عداؤها لحراك «مواطنون ضد الانقلاب»، سواء في لغة بياناتها أو استفزازهم ساعة الانسحاب".

كما اعتبر الحراك أن "استهداف معارضي الانقلاب دشنه قيس سعيد نفسه عن طريق خطابات التشويه والشيطنة التي بلغت حدّ استباحة معارضيه تماماً وتعريض حياتهم لخطر يتجاوز الكلمات إلى عنف مادي باتت تهدّد بممارسته عناصر لم تتورع في دعوة السلطة القائمة أن تترك لها المجال حتى تقوم هي بنفسها «بتطهير البلاد» من المعارضين، وهو ما ترجم فعلياً أمام المحكمة الابتدائية في تونس عندما تم استهداف العميد عبد الرزاق الكيلاني ويحدث هذه الأيام أمام المساجد لاستهداف رئيس البرلمان".

وأطلق سعيّد، منتصف جانفي الماضي، الاستشارة الوطنية الإلكترونية بهدف "تعزيز مشاركة المواطنين في عملية التّحول الدّيمقراطي"، واستمرت حتى 20 مارس الماضي. وأظهرت نتائج الاستشارة التي أعلنتها الحكومة، مشاركة قرابة نصف مليون شخص فيها.

وتأتي زيارة الوفد الأوروبي بعد نحو 10 أيام من إعلان سعيد في 30 مارس الماضي، حل البرلمان. وقرار الحل، جاء ردا على تصويت البرلمان في جلسة افتراضية لصالح إلغاء إجراءات استثنائية بدأ سعيد فرضها في 25 جويلية 2021، وهو ما اعتبره سعيّد "محاولة انقلابية فاشلة". وترفض غالبية القوى السياسية والاجتماعية في تونس تلك الإجراءات وتعتبرها "انقلابا على الدستور وديمقراطية البلاد".

inbound7461818181644557628.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً