post

28 عاما على مجزرة الحرم الإبراهيمي.. جرائم متواصلة من أجل التهويد

الشرق الأوسط السبت 26 فيفري 2022

صادف أمس الجمعة، الذكرى الـ28 لمجزرة الحرم الابراهيمي، التي أسفرت عن استشهاد 29 مصليا، وإصابة 150 آخرين. ففي يوم الجمعة الخامس والعشرين من فيفري 1994، الخامس عشر من شهر رمضان، نفذ المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين، المجزرة عندما دخل الحرم الابراهيمي واطلق النار على المصلين.

وأغلق جنود الاحتلال الإسرائيلي المتواجدون في الحرم أبواب المسجد لمنع المصلين من الخروج، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وأثناء تشييع جنازات الشهداء، ما رفع مجموعهم إلى 50 شهيدا، 29 منهم استشهدوا داخل المسجد.

وفي اليوم ذاته، تصاعد التوتر في مدينة الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية، وبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة المواجهات مع جنود الاحتلال إلى 60 شهيدا ومئات الجرحى.

وإثر المجزرة، أغلقت قوات الاحتلال الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة لمدة ستة أشهر كاملة، بدعوى التحقيق في الجريمة، وشكلت ومن طرف واحد لجنة "شمغار"، للتحقيق في المجزرة وأسبابها، وخرجت في حينه بعدة توصيات، منها: تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين، وفرضت واقعا احتلاليا صعبا على حياة المواطنين في البلدة القديمة، ووضعت الحراسات المشددة على الحرم، وأعطت للاحتلال الحق في السيادة على الجزء الأكبر منه، حوالي 60% بهدف تهويده والاستيلاء عليه، وتكرر منع الاحتلال رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي مرات عديدة. ويضم القسم المغتصب من الحرم: مقامات وقبور أنبياء، وشخصيات تاريخية، إضافة إلى صحن الحرم، وهي المنطقة المكشوفة فيه.

كما وضعت سلطات الاحتلال بعدها كاميرات وبوابات إلكترونية على كافة المداخل، وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه في وجه المسلمين، باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءات عسكرية مشددة، إضافة إلى إغلاق سوق الحسبة، وخاني الخليل وشاهين، وشارعي الشهداء والسهلة، وبهذه الإجراءات فصلت المدينة والبلدة القديمة عن محيطها.

ويذكر أن الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي كان يبلغ من العمر (42 عاما) عند ارتكابه المجزرة يعد من مؤسسي حركة "كاخ" الدينية، وقدِم من الولايات المتحدة الأميركية عام 1980، وسكن في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي مدينة الخليل.

وما زال الاحتلال الإسرائيلي يحاول، ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على المسجد الإبراهيمي وإلغاء السيادة الفلسطينية، وإلغاء اعتباره وقفا إسلاميا خالصا، ففي عام 2020، اغلق الاحتلال المسجد الإبراهيمي 77 يوما ومنع رفع الاذان فيه 599 وقتا.

كما شهد المسجد، طيلة العام المذكور، اقتحام العشرات من جنود جيش الاحتلال، إضافة إلى قيام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتياهو، يرافقه عدد من وزرائه، باقتحامه، وهو أمر أدى إلى زيادة الاقتحامات والانتهاكات للمسجد، وأدى إلى تجرؤ المستوطنين على نصب "شمعدان" كبير على سطح الحرم الابراهيمي.

ولا يزال الحرم الإبراهيمي الشريف، يتعرض منذ ذلك التاريخ، لأبشع أشكال العدوان وعمليات التهويد المستمرة من جانب قوات الاحتلال ومنظمات وجمعيات المستوطنين بهدف السيطرة عليه بالكامل.. والأسوأ من ذلك، أن الحرم يتعرض لمحاولات تشويه لواقعه الديني والتراثي والحضاري، وهو جزء من مخطط إسرائيلي واسع يهدف لتغيير الواقع التاريخي والقانوني والحضاري القائم بالأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لخدمة أغراضه الاستعمارية التوسعية.

وتعد أعمال الحفريات الجارية حاليا في محيط الحرم وأسفله انتهاكا للقرارات الأممية، لأنها تغيّر معالم وهوية المسجد التاريخية، الذي تعتبره قرارات أصدرتها مؤسسات دولية جزءًا من التراث الإنساني ومكانًا مقدسًا للمسلمين والفلسطينيين بشكل خالص مما يتوجب توفير الحماية له.

ويعتبر استمرار العدوان على الحرم الإبراهيمي المدرج على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) باعتباره موقعا تراثيا فلسطينيا، وحرمان الفلسطينيين من الوصول إليه، خرقا لكل القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية العبادة، وهو ما يستدعي تدخل المجتمع الدولي والنهوض بمسؤولياته في توفير الحماية الدولية للفلسطينيين ومقدساتهم وتوقيع عقوبات رادعة على دولة الاحتلال.

وأكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، في بيان صحفي بهذه المناسبة، حرمة المسجد وإسلاميته ومكانته التاريخية والدينية وانه وقف إسلامي خالص للمسلمين، لا يشاركهم في هذا الحق أيا كان.

وطالبت منظمة اليونسكو، بتحمل مسؤولياتهم تجاه الحرم الابراهيمي، لوضع حد لهذه العنجهية والعبث الخطير بحاضر ومستقبل المسجد الإبراهيمي من قبل الاحتلال ومستوطنيه.

كما طالبت بعودة المسجد كاملا للسيادة الفلسطينية، وإخراج المستوطنين من القسم المغتصب فيه، ووقف كل أشكال التعديات والانتهاكات والإجراءات التي تعرقل وصول المصلين المسلمين إليه. ودعت "الأوقاف" أبناء شعبنا الصابر والمرابط إلى ضرورة إعماره وزيارته وحمايته على مدار الساعة، لحمايته من أطماع المستوطنين.

inbound549694478886446201.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً