post

"جبهة الخلاص الوطني".. أيّ حظوظ للنجاح في إنقاذ البلاد؟

تونس الخميس 05 ماي 2022

بعد أن كشف الرئيس قيس سعيد، أمس الأربعاء، عن طبيعة ومهام اللجنة الوطنية لتأسيس جمهورية جديدة، واشترط أنها ستكون مفتوحة لكل من ساند مسار التصحيح يوم 25 جويلية 2021، أعلنت جبهة الخلاص الوطني أنها ستعقد ندوة صحفية طارئة اليوم الخميس 5 ماي 2022 على الساعة الثانية ظهرا.

وتسعى جبهة الخلاص لتنظيم حوار وطني للإنقاذ، إذ أكد منسق المبادرة أحمد نجيب الشابي، أن "المبادرة ستعقد حوارا وطنيا بمشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيد أو دونه".

وأوضح، في تصريح صحفي أن "رئيس الجمهورية معنيّ بالحوار الوطني الذي ستعقده جبهة الخلاص". واعتبر أن "أطراف الأزمة هي مفاتيح حلّها، وقيس سعيد أحد أطراف الأزمة".

وأضاف: "سعيّد لم يأت على ظهر دبابة فقد تقلد منصبه بعد حصوله في دور أول لانتخابات نزيهة على 600 ألف صوت وفي الدور الثاني وفي ظروف خاصة تحصل على ما أكثر من 3 ملايين صوت، وبالتالي نحن لا نُغلي الواقع الذي يؤكّد كذلك أن سياسته الشعبوية أو الغوغائية عمَّقت الأزمة لكن لديه ثقل لا ألغيه ونحن في نفس المركب في النهاية".

وتابع الشابي: "في حال رفض قيس سعيد المشاركة في الحوار الوطني الذي نطرحه وسنعمل على عقده، فسينعقد كما كان الحال خلال الحوار الوطني لسنة 2013 الذي لم يشارك فيه الرئيس آنذاك المنصف المرزوقي وحزبه، وستكون له مخرجات تُطبّق وتُنقذ تونس من الغرق، فمستقبل البلاد ليس رهينة شخص واحد".

أية حظوظ؟

وقال عضو الهيئة التسييرية لجبهة الخلاص الوطني محمد القوماني في تصريح صحفي سابق، إن "الجبهة لم تأت من فراغ، بل بعد أشهر من الانقلاب وبعد مشاورات وتحركات كبيرة بين مختلف الأطراف، حركة النهضة تثمن هذه المبادرة وستعمل على نجاحها وضمان مشاركة أكثر عدد ممكن من الأحزاب والشخصيات والمنظمات".

وأكد القوماني أن "الجبهة مفتوحة للجميع لأجل إنقاذ البلاد وخلاصها"، وشدد على أن "حركة النهضة كانت وما زالت ترفض الإقصاء لأن الجميع مطالب بإيجاد الحلول وإخراج البلاد من أزمتها".

وعن حظوظ نجاح الجبهة خاصة في ظل غياب أسماء حزبية وشخصيات وطنية عنها، أجاب القوماني: "الجبهة لها كل مقومات النجاح وستنجح، الكل على وعي بما تمر به البلاد من تفكك، فالأزمة خانقة وتتطلب تجاوز جميع الخلافات وتكاتف كل الجهود دون استثناء لبلوغ طريق الخلاص".

شروط النجاح

واعتبر الوزير السابق ورئيس المعهد العربي للديمقراطية خالد شوكات في تصريح صحفي سابق، بخصوص أفق نجاح مبادرة جبهة الخلاص أن "الإعلان عنها مؤشر نوعي وهام في السير نحو وحدة المعارضة الديمقراطية المطالبة بعودة البلاد إلى المسار الانتقالي واستكمال مؤسسات النظام الديمقراطي".

وأضاف الوزير السابق: "لا شك أن قدرة الجبهة على تحقيق أهدافها في وضع حد للانقلاب رهين بقدرتها في تعبئة المزيد من المعارضين، وتجاوز صغائر الأمور والتركيز على الهدف الأساسي وهو التصدي للردة والانتصار للشرعية الدستورية".

وأكد شوكات أن هذه المهمة ليست مستحيلة، خصوصا مع النضج السياسي الذي أظهرته جل قيادات الجبهة خلال الأشهر الماضية، حيث نجحت في تعبئة آلاف المواطنين في مظاهرات حاشدة خرج فيها مواطنون ومواطنات يرفعون شعارات الحرية والديمقراطية وهو أمر نادر الوقوع في العالم العربي الذي لا تتحرك فيه الشعوب عادة إلا في هبات ذات طبيعة اجتماعية دفاعا عن الخبز أغلب الأوقات لا دفاعا عن الحريات.

اجتماع المعارضة

وأكد متابعون للشأن العام أن الرئيس سعيد ينزعج من معارضيه، وأحيانا يتعجب كيف يكون هناك معارضون أصلاً، ويرى أنه من الغريب أن يجتمعوا وأن يحصل تقارب بينهم، حيث قال "كانوا خصماء الدهر مثل الأوس والخزرج وصاروا اليوم حلفاء، لكن ذاكرة التونسيين ليس بالقصيرة"، وكأن قدر المختلفين أن يبقوا على خلافهم أبد الدهر، وفق قولهم.

وأضاف سعيد في تصريح سابق "من يريد أن يزرع بذور الفتنة بالإعلان في المنفى عن حكومة أو برلمان موازيين، فليلتحق بالمنفى"، أي أن على معارضيه أن يغادروا البلاد إذا لم يعجبهم الوضع.

وأوضح مختصون أن "سعيّد في الحقيقة محق أحياناً، وهو يستفيد من الخلافات التي لا تزال تُلقي بظلالها على تحركات معارضيه، وهناك من لا يزال يأمل ويفكر ويتوهم أن يكون وحده بديلاً سياسياً في هذه الأوضاع."

وقالوا "مع الأمل الذي تحمله مبادرة أحمد نجيب الشابي لتوحيد المعارضة، فإن فشلها سيشكّل ضربة قوية لمعارضي الانقلاب، ولكن يبدو أنها تسير في الاتجاه الصحيح إلى حد الآن".

وأضافوا "يبدو أن هذه المبادرة حاملة آمالاً فعلية في توحيد جزء كبير من المعارضين، بينما لا يزال آخرون يتهربون من مشاركة حركة النهضة حتى في المعارضة، وكأنهم يملكون خياراً بالفعل بينما تأكل النيران كل شيء من حولهم. أحياناً تحتار في فهم العقل السياسي التونسي وتعجز عن تفكيكه، أنقذوا بلادكم أولاً، ثم اختلِفوا على تقسيمها".

إنقاذ تونس

وأكد متابعون للشأن العام أن البناء الجبهوي، يتطلب أكثر من أي وقت مضى، ربط السياسي بالاقتصادي. ويجب أن تكون لأي جبهة تُشكّل في تونس حزمة من الإجراءات العاجلة لإنقاذ البلاد من الانهيار والإفلاس والمجاعة، وهي المخاطر التي تهدد الدولة التونسية. لكن لن يحصل ذلك إلا بعد تغيير المشهد السياسي الراهن، أو بالتوازن معه.

وبيّنوا أن كل المؤشرات تدل على أن الحكومة الحالية مرشحة للسقوط في وقت قريب، وأن أخرى قد تكون بصدد البحث عن اختيار وزرائها، لكن ما لم تتغيّر الرؤية والمنهج، فإن التخبط سيستمر. لهذا السبب، رفع أصحاب "جبهة الخلاص الوطني" مطلب تشكيل "حكومة إنقاذ" و"تنظيم حوار وطني للإنقاذ"، لكن هل سيستمع سعيد إلى ذلك أم أن سياسة الهروب إلى الأمام ستتواصل مهما كانت النتائج؟

inbound2202925444253282629.jpg

You might also like!