post

أحزاب ومنظمات وطنية ومؤسسات أوروبية تضغط لعودة سريعة للنظام الديمقراطي في تونس

تونس السبت 28 ماي 2022

رأت لجنة البندقية في تقرير أنّه يتعيّن إجراء انتخابات تشريعية في أقرب وقت ممكن في تونس من أجل إعادة تركيز برلمان، قبل تنظيم الاستفتاء. وأضاف التقرير، الذي صدر أمس الجمعة، أنّه إذا كان يتوجّب إجراء تنقيح على القانون الانتخابي فإنّ ذلك يجب أن يكون مسبوقا باستشارات واسعة تضم القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني من أجل التوصّل إلى توافق حول القواعد الانتخابية.

واعتبرت ضرورة أن تتعهّد الهيئة المستقلة للانتخابات بتركيبتها السابقة قبل تنقيح قانونها الأساسي،  بالإشراف على هذه الانتخابات. وأوضح التقرير أنّه يمكن بعد ذلك للمجلس النيابي الجديد تغيير قانون هيئة الانتخابات وتحسينه وأيضا النظر في تعديل الدستور.

وذكر التقرير أنّه في حال رفض الرئيس قيس سعيّد تأجيل الاستفتاء، فإنه يتعيّن التمديد قدر الإمكان في آجال إعداد التنقيحات والتغييرات التي سيتمّ إدخالها على الدستور وتأجيل موعد الاستفتاء. وأوصت اللجنة بتشكيل لجنة تمثّل جميع القوى السياسية وكامل مكونات المجتمع التونسي توكل إليها مهمّة صياغة نصّ المشروع الذي سيعرض على الاستفتاء.

كما نصّ رأي اللجنة على أنه يتعيّن الإعلان بشكل صريح أنّه في حال رفض المشروع الجديد من الناخبين يبقى دستور 2014 ساري المفعول إلى حين تعديله من قبل مجلس نيابي منتخب. وشدد التقرير على تحديد عتبة دنيا للتصديق على نتائج الاستفتاء مع تكليف هيئة الانتخابات بتركيبتها القديمة بالإشراف على الاستفتاء.

واعتبرت اللجنة أنّه بقطع النظر عن مدى شرعية إجراء تنقيحات على الدستور خارج الأطر المنصوص عليها في دستور 2014 أو الجزء المفعّل منه، فإنّه ليس من الواقعية في شيء تنظيم استفتاء يتمتّع بالمصداقية والشرعية في غياب قواعد واضحة وموضوعة مسبقا وفي غياب نصّ الدستور الجديد الذي سيطرح على الاستفتاء.

واعتبرت اللجنة في تقريرها ردّا على طلب مستعجل من بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس حول مدى تطابق قرارات الرئيس قيس سعيّد بخصوص تنظيم استفتاء وتنقيح القانون المحدث لهيئة الانتخابات مع الدستور والإطار التشريعي، أنّ إلغاء المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المنقّح لتركيبة هيئة الانتخابات ضروري من أجل شرعية ومصداقية أي انتخابات أو استفتاء.

وخلصت اللجنة في تقريرها إلى أنّ الأمر الرئاسي عدد 22 لسنة 2022 غير متطابق مع الدستور (في فصوله المفعّلة) ولا مع الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 ولا مع المعايير الدولية في هذا الخصوص.

وكان سفير الاتحاد الأوروبي في تونس ماركوس كورنارو، أكد الخميس، بأنّ برلمانيين أوروبيين يدعمون "العودة السريعة" إلى النظام الدستوري في البلاد. وأفاد كورنارو في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس، بأن وفدا من "اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان" بالبرلمان الأوروبي، أجرى زيارة لتونس من 22 ـ 24 ماي الجاري؛ بهدف إدراك الرهانات الديمقراطية الموجودة حاليا بالبلاد.

وأوضح أن "زيارة البرلمانيين الأوروبيين، تأتي في إطار العلاقات المتميزة بين الطرفين، وأنها مثلت فرصة لهم للقاء عدد هام من رؤساء المنظمات والمؤسسات الوطنية وممثلين عن المجتمع المدني التونسي". وقال كورنارو إنّ "اللقاءات تمحورت حول مسائل تهمّ دولة القانون وخاصة منها القرارات المتتالية لحل المؤسسات الدستورية وحل البرلمان والمخاطر المتصلة بتجميع السلطات".

وأضاف أن البرلمانيين "عبروا عن الكثير من المخاوف إزاء تجميع السلطات في يد شخص واحد والانحراف بالسلطة وهو ما يمثّل تهديدا حقيقيا للمكتسبات الدّستورية للبلاد". كما شدّد السفير على وجوب "المحافظة على ترسيخ الديمقراطية في البلاد واحترام دولة القانون واحترام الدستور أيضا"، وأشار إلى أن "الاتحاد الأوروبي سيبقى مع ذلك مساندًا للشعب التونسي".

والأربعاء الماضي، صرف الاتحاد الأوروبي 300 مليون يورو لتونس ضمن برنامج المساعدات الكلية لدعمها في معالجة تداعيات فيروس كورونا.

موقف الأحزاب والمنظمات الوطنية

وداخليا، انضم الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري إلى قائمة المعارضين للحوار الوطني الذي طرحه الرئيس قيس سعيّد، كما جددت حركة النهضة تنديدها بسياسات الرئيس وما وصفته باستهداف الثورة ومكتسباتها.

وجاء في بيان نقابة الفلاحين، التي ينخرط ضمن لوائها نحو 480 ألفا من فلاحي البلاد، أنه "غير معني بالحوار في شكله وصيغته الحالية"، وأكد أن "المشاركة فيه أمر تحسمه وتقرره مؤسسات الاتحاد وهياكله". وأضاف الاتحاد: "منظمتنا وإن لم تتلق إلى حد الآن دعوة رسمية للمشاركة في هذا الحوار لكنها تبقى منفتحة على كل مبادرة من شأنها أن تجمع كل التونسيين والتونسيات".

وكان الرئيس سعيد أعلن يوم 20 ماي، إحداث لجنة للإعداد لمشروع تنقيح دستور "جمهورية جديدة" عبر "حوار وطني" استبعد منه الأحزاب السياسية. ويذكر أن أمرا رئاسيا يتعلق بضبط تركيبة كل من اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية واللجنة الاستشارية القانونية، صدر الأربعاء، حدد اسم نور الدين بن عياد رئيسا لاتحاد الفلاحة بدلا من رئيس الاتحاد عبد المجيد الزار الذي لم يدعه سعيد للحوار الوطني.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل أعلن الاثنين الماضي، رفضه المشاركة في حوار "شكلي وجاهز النتائج" حول الإصلاحات السياسية التي اقترحها الرئيس، واعتبر أن ذلك الحوار غير قادر على إخراج البلاد من أزمتها.

من جانبها، أدانت حركة النهضة ما أسمته مواصلة استهداف الثورة ومكتسباتها، وأشارت إلى "فشل" مبادرات الحوار التي دعا إليها الرئيس قيس سعيد. وفي بيان لها، قالت الحركة: "ندين إصرار سلطة الانقلاب على مواصلة استهداف الثورة ومكتسباتها، والإمعان في تفكيك المؤسسات الدستورية والانقلاب الكامل على الشرعية ومكتسبات البلاد الديمقراطية". كما رفضت النهضة "التبشير بحكم تسلطي قائم على الانفراد بالرأي وفرض الخيارات أحادية الجانب وغلق باب الحوار الجدي والمسؤول مع مختلف الأطراف".

وإلى جانب حركة النهضة، تعهدت أحزاب سياسية رئيسية، من بينها التيار الديمقراطي والحزب الدستوري الحر، بالتصدي لقرار سعيّد باستبعادها من الإصلاحات السياسية الرئيسية، بما في ذلك صياغة دستور جديد، واتهمته بالسعي إلى ترسيخ الحكم الاستبدادي. كما عارضت أغلب الأحزاب قرارات سعيد على غرار حزب العمال والمسار وتونس إلى الأمام والقطب، والوطنيين الديمقراطيين الموحّد، والإرادة الشعبية...

ويتهم المعارضون الرئيس بأنه نفذ انقلابا قوّض المكاسب الديمقراطية لثورة 2011 التي أطلقت شرارة الربيع العربي، لكنه يقول إن تحركاته كانت قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من "الخطر الداهم".

inbound8346521995094292076.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً