post

إضراب التلفزة الوطنية.. سيارات أمنية تطوّق المؤسسة والأمن يدخل إلى قاعة البثّ النهائية!

صحافة الخميس 13 جانفي 2022

دخل الطاقم الإداري والتقني بالتلفزة الوطنية في إضراب مفتوح عن العمل اعتبارا من مساء الأربعاء، على خلفية ما اعتبروه "سوء تصرّف" المكلفة الحالية بتسيير المؤسسة عواطف الدالي.

وطالب التقنيون والاداريون والصحفيون المضربون بتعيين شخصية إصلاحية تترأس المؤسسة تكون قادرة على إنقاذها من الوضع الكارثي الذي وصلت إليه رافضين رفع الاضراب دون تنفيذ مطلبهم. وأكدوا أنه لم يعد بالإمكان التعامل مع المكلفة بالتسيير بسبب رفضها الحوار مع النقابات أو حتى مع أبناء المؤسسة. ويرى المضربون، أن قرار الإنتاج أصبح قرارًا سياسيًا خارج إرادة المؤسسة.

وبعد اصدار برقية الاضراب، توجه وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي في ساعة متأخرة من مساء أمس إلى مقر المؤسسة العمومية للتفاوض مع المضربين، خاصة أن الاضراب يهدد بعدم بث نشرات اليوم الموالي.

وأمام انقطاع سبل التفاوض وفشل مساعي الوزير، أصدر والي تونس، المعين حديثا، كمال الفقيه، قرار تسخير أعلم به أعوان التلفزة الوطنية عبر "الفاكس".

وتم تسخير قائمة من الاعوان للعمل مع تعريضهم للعقوبات في حال رفضهم ذلك، كما تم تكليف رئيسي منطقتي الأمن والحرس بتسيير المؤسسة والحرص على تنفيذ التساخير. وتم بثّ نشرة منتصف الليل مع التنصيص أن محتواها بث في نشرة الثامنة مساء.

وأكد كاتب عام نقابة الاداريين والتقنيين في مؤسسة التلفزة التونسية وليد منصر، اليوم الخميس، ان اعوان التلفزة تفاجأوا البارحة بتطويق مقر المؤسسة الوطنية من طرف فرق مختصة وسيارات أمنية من مختلف الوحدات بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ اضراب الاعوان منتصف الليل.

وقال منصر في تصريح إذاعي، إن "اكثر من 50 سيارة أمنية حاصرت البارحة مقر التلفزة حوالي الساعة 10.30 ليلا بالإضافة الى تواجد الوحدة الوطنية لمكافحة الارهاب بمقر المؤسسة معتبرا ما حصل تهديدا ووصمة عار".

وتابع أن قوات من "الأمن المدني" دخلت مقر التلفزة وأن المكلفة بالتسيير دخلت قاعة البث النهائية بمرافقة أمنية في سابقة خطيرة في تاريخ التلفزة كما تم استجوابهم من طرف الأمنيين بخصوص نيتهم العمل من عدمه في حادثة غير مسبوقة، وأشار الى ان الوحدات الأمنية غادرت المكان بعد بث نشرة منتصف الليل.

وبخصوص الاضراب أوضح ذات المتحدث انه كان مقررا منذ 3 اشهر وتم اصدار برقية اضراب واعلام المعنيين دون تسجيل اي تجاوب من طرف الجهات المعنية مما دفع النقابة الى تنفيذ اضرابها على خلفية ممارسات المكلفة بالتسيير، وأشار الى وجود ضغوطات على المؤسسة كما لفت الى امكانية اللجوء الى التساخير للتصدي لإضرابهم.

من جهته، أكد نقيب الصحفيين التونسيين مهدي الجلاصي الثلاثاء، أن هناك قرارا سياسيا بمنع كل الأحزاب من دخول التلفزيون الحكومي والمشاركة في برامجه، ووصف ذلك بأنه يمثل انتكاسة كبرى لحرية الصحافة في البلاد.

وقال نقيب الصحفيين: "منذ 25 جويلية، صدر قرار سياسي بمنع جميع الأطراف من دخول التلفزيون.. وهو أمر خطير للغاية وغير مسبوق يهدد بشكل خطير حرية الصحافة، ويكرس النزعة الفردية في السلطة".

ويتزايد التضييق على الحريّات الإعلاميّة في تونس يوميا، منذ 25 جويلية 2021، تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيّد قراراته الاستثنائية بتجميد عمل البرلمان المنتخب، وإقالة حكومة هشام المشيشي، وتفرده بالسلطتين التنفيذية والتشريعية.

ويعيش الإعلام في وضع يتسم بالضبابية في التعاطي معه، إذ بات عرضة للكثير من الهجمات من قبل الماسكين بزمام السلطة، وعلى رأسهم سعيّد الذي ينظر إلى الإعلام المحلي نظرة فوقية، وفقا لأغلب المتابعين للشأن الإعلامي.

نظرة فوقية ترجمها برفضه إجراء حوارات صحفية مع المؤسسات الإعلامية التونسية ما عدا حوارا واحدا بعد 100 يوم من توليه السلطة. ورفض عقد مؤتمرات صحفية، ومنع الصحفيين من طرح أسئلتهم للاستفسار عن الأوضاع الحالية، وما زاد من تأكيد هذه النظرة الاستعلائية تصريحه الأخير بأنّ الإعلام المحلي "يكذب ولا يقدم الحقائق كما أنه يهتم بمسائل شكلية ويبتعد عن القضايا الجوهرية".

وشنّ سعيّد، في أثناء لقائه، مساء الاثنين الماضي، رئيسة الحكومة نجلاء بودن، هجوما عنيفا على الإعلام المحلي، واصفاً إياه بالكاذب، واتهمه بتزييف الحقائق والاهتمام بالمسائل التافهة وعدم الاهتمام بالقضايا الجوهرية والهامة.

وهاجم سعيّد تعاطي الإعلام التونسي مع الاستشارة الإلكترونية التي أعلنها وتنطلق رسمياً يوم 15 جانفي الحالي، وهي استفتاء حول ستة محاور يعتبرها النظام مهمة لرسم معالم المستقبل. وقال: "كلّ يوم يضعون على أعمدة الصحف الاستفتاء الإلكتروني بين معقوفين، لو وضعوا أنفسهم بين المعقوفين لكان أفضل"، وأضاف: "هؤلاء ينطبق عليهم قول مظفر النوّاب: يكذب يكذب يكذب كنشرة الأخبار".

وكان سعيّد أصدر قرارا بتاريخ 28 جويلية 2021، يقضي بتكليف عواطف الصغروني بتسيير مؤسسة التلفزة التونسية مؤقتًا خلفاً للرئيس المدير العام السابق للتلفزة محمد لسعد الداهش.

وجاء ذلك على خلفية منع إدارة التلفزيون أحد أعضاء نقابة الصحفيين وناشطا حقوقيا من دخول مبنى التلفزيون لبعض الوقت، للمشاركة في برنامج حواري متعللة بتعليمات من الجيش.

وفي المقابل، نفت وزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية نفي إصدار أي تعليمات بهذا الاتجاه، قبل أن يصدر الأمر الرئاسي بإقالة الداهش وتعيين الدالي مكانه مؤقتا. وسبق لعواطف الدالي أن شغلت هذا المنصب لفترة مؤقتة أيضا.

التلفز-التونس.png

من الممكن أن يعجبك أيضاً