post

إقالة رئيس بلدية بنزرت بأمر رئاسي.. انتقادات واسعة وجامعة البلديين تعتبرها سابقة خطيرة في تاريخ تونس

سياسة السبت 03 ديسمبر 2022

أثار قرار إعفاء رئيس بلدية بنزرت، كمال بن عمارة، ضجة واسعة، إذ تحدث البعض عن تدخل السلطة التنفيذية في السلطة المحلية، أي في البلديات، وسط مخاوف من محاولات وضع اليد عليها، ما أثار استياء العديد لا سيما بالنظر إلى أن بن عمارة هو رئيس شرعي منتخب للبلدية.

وأكدت الجامعة العامة للبلديين التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، الجمعة 02 ديسمبر 2022، أن إقالة رئيس بلدية بنزرت بأمر رئاسي "سابقة خطيرة في تاريخ تونس"، حسب رأيها.

واعتبرت جامعة البلديين، في بيان لها، أن هذا القرار "مخالف للقانون ويعتمد على آليات غير منصوص عليها بمجلة الجماعات المحلية خصوصًا فيما يتعلق بعبارة طلب الوالي الاستماع إلى رئيس البلدية زيادة على عدم إثبات التقصير الواضح وعدم التنصيص على رأي المحكمة الإدارية".

وأكدت الجامعة أن "هذه الممارسات تمهد لعودة سطوة وزارة الإشراف (وزارة الداخلية) في العزل والإعفاء من جهة وتنذر بعودة التسلط مركزيًا من خلال أذرعها في الجهات والولايات".

واعتبرت أنه "رغم أهمية عيد الجلاء كمناسبة وطنية، إلا أنها على قناعة بأن الحرص على إبراز مظاهر الزينة وإخفاء الحقائق ووضع المساحيق إنما هي ممارسات بائدة علاوة على كلفتها المادية في هذا الوضع الدقيق للبلاد والذي يقتضي من الجميع وخاصة البلديات المزيد من التقشف وخفض التكاليف الإضافية للزينة مقابل تقديم الخدمات الأساسية"، وفق نص البيان.

تدخل سافر في سلطة محلية منتخبة

من جهته، أدان الحزب الجمهوري، إقالة رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة بقرار من الرئيس قيس سعيّد وباقتراح من وزير الداخلية توفيق شرف الدين، وفقه.

واعتبر، في بيان له، الجمعة 02 ديسمبر 2022، أن ذلك يمثل "تدخلًا سافرًا في شؤون سلطة محلية منتخبة، ومواصلة لثقافة الانقلاب في الهجوم على كل الهيئات والمؤسسات المستقلة والمنتخبة".

وعبر الحزب، في ذات الصدد، عن تضامنه الكامل رئيس بلدية بنزرت والمجلس البلدي ودعمه لكل الخطوات التي يتخذها للتصدي لهذا القرار الذي وصفه بـ"الجائر" وإبطال مفعوله، وفق نص البيان.

وأكد الحزب أن "إقدام الرئيس على هذه الخطوة في خضم حملة انتخابية باهتة لتركيز مجلس نيابي صوري يؤكد استهتار السلطة بكل قواعد ومبادئ النظام الديمقراطي وإصراره على إعادة تونس إلى أحلك فترات الحكم الاستبدادي".

كما دعا الحزب الجمهوري "كل أنصار الديمقراطية والقوى الحية في البلاد" إلى الوقوف في وجه ما وصفه بـ"الانحراف الخطير" وتكتيل جهودهم لإنقاذ تونس من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستفحلة، وفق نص البيان.

جهل السلطة التنفيذية

وكتب النائب عن التيار الديمقراطي، مجدي الكرباعي، في تدوينة له متندّرًا، أن "وزير الداخلية (المعين) يقوم بإعفاء رئيس بلدية بنزرت (المنتخب)- هكذا الديمقراطية في تونس".

وأكد المحامي الناصر الهرابي أن "إعفاء السيد كمال بن عمارة رئيس بلدية بنزرت ينم عن جهل السلطة التنفيذية بقوانين الدولة وبخاصة مجلة الجماعات المحلية".

وأضاف في تدوينة له: "رئيس البلدية منتخب مباشرة من ناخبي جهته ويتم إعفاؤه بتقرير من والي بنزرت، والسبب الأول هو عدم تزيين رئيس البلدية لمدينة بنزرت يوم 15 أكتوبر عند زيارة قيس سعيّد لها، أما السبب الثاني فلأن السيد رئيس البلدية كلف مجموعة من المحامين دراسة إمكانية اللجوء للقضاء الدولي وطلب التعويض عما قامت به فرنسا من مجازر في معركة الجلاء ببنزرت"، وخلص إلى القول: "علو شاهق في خرق القوانين".

أمر رئاسي

وكان ورد في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، بتاريخ 01 ديسمبر 2022، أمر رئاسي يقضي بإقالة رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة، باقتراح من وزير الداخلية، توفيق شرف الدين، وذلك لـ"ثبوت ارتكابه لأخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة للقانون والإضرار الفادح بالمصلحة العامّة"، وفق ما ورد في نص الأمر الممضى من الرئيس قيس سعيّد.

ويشار إلى أن رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة على خلاف مع والي بنزرت (سبق أن عينه سعيّد ويُعرف سابقًا  كأحد الداعمين لحملة سعيّد في انتخابات 2019). وكان رئيس البلدية رفض سابقًا طلبًا من والي بنزرت بتزيين المسلك الرئيسي الذي يمرّ منه قيس سعيّد لحضور احتفالية عيد الجلاء، متعللًا بطلب من متساكني البلدية في هذا السياق.

إقالة متوقّعة

وفي تعليقه على قرار إقالته، قال بن عمارة، في فيديو نشره على صفحة البلدية بفيسبوك، إنه يرفض الأمر الرئاسي وإنه سيتجه إلى المحكمة الإدارية للطعن في القرار وسيقبل ما ستتخذه المحكمة من قرار.

واعتبر بن عمارة أن "قرار إقالته كان متوقّعاً، وهو محاولة لوضع اليد على المجلس البلدي على غرار ما تم من وضع يد على السلطات القضائية والتشريعية وغيرها". وشدد على أنه "مستهدف منذ حوالي السنة بعد استجابته لـ"عريضة بنزرت"، ورفضه تزيين المسلك الرئاسي في احتفالية عيد الجلاء".

وقال، في سياق متصل، إن من أسباب إقالته، إنه "طلب تعويضًا من فرنسا على الانتهاكات التي قامت بها في معركة بنزرت في جويلية 1961، وتوجه لتكليف فريق من المحامين"، واعتبر أنّ هذه الخطوة أزعجت السلطات التونسية. وتحدث عن تلقيه مراسلة من والي بنزرت لمساءلته، لكنه رفضها "لأن الوالي ليست لديه صفة الاختصاص لمساءلته"، وفق تقديره.

بن-عمار.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً