post

البث تحت وطأة الخوف.. تقرير لمنظمتين حقوقيتين يوثّق انتهاكات غير مسبوقة ضدّ الصحافة في تونس

صحافة الجمعة 20 ماي 2022

اتهم المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان ومنظمة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان" السلطات في تونس بتوسيع "الانتهاكات" ضد العمل الصحفي منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد عن الإجراءات الاستثنائية في 25 جويلية 2021.

وتعاني تونس منذ 25 جويلية الماضي، أزمة سياسية حادة، حين بدأ الرئيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية؛ منها حل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتقديم موعد الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر المقبل.

وقال التقرير المشترك المعنون بـ"البث تحت وطأة الخوف" إن "الإجراءات الاستثنائية وفّرت مناخا ملائما للسلطات لتوسيع انتهاكاتها ضد العمل الصحفي، خاصة بعد الاستغناء عن النصوص الدستورية بتدابير استثنائية على هيئة أوامر رئاسية بصبغة تشريعية، وتغليب أحكامها على نصوص الدستور".

ولفت إلى "إصدار السلطة التنفيذية في تونس منذ 25 جويلية 2021 عددا من الأوامر مسّت على نحو واضح باستقلالية وحرية العمل الصحفي". وأضاف التقرير أنه "تم استحداث قواعد قانونية تقيد حريّة الصحافة، ووضع معايير للنشر، ومنع الوزراء من الظهور في الإعلام، في محاولة على ما يبدو لفرض رقابة غير شرعية على وسائل الإعلام، وإخضاعها لوصاية مقنعة من الجهات التنفيذية".

وأشار إلى دور أمر رئاسي لعام 2021 في إضفاء الشرعية على الإجراءات التقييدية ضد الصحافة. وأضاف التقرير، أنّ السلطات التنفيذية والأمنية في تونس "باتت أكثر جرأة بعد الإجراءات الرئاسية على انتهاك حقوق الصحفيين ووسائل الإعلام، إذ اقتحمت قوات الأمن التونسية -عقب يوم واحد فقط من إعلان تلك الإجراءات- مكتب قناة الجزيرة وأغلقته من دون إبراز أمر قضائي، وطردت جميع العاملين فيه وصادرت مفاتيحه.

ووثق التقرير "اعتقال الأجهزة الأمنية التونسية 14 صحفيا منذ إعلان الإجراءات الاستثنائية وحتى أفريل 2022". وشملت "الاعتداءات" التي استهدفت قطاع الصحافة في تونس، وفق التقرير، "حملات تشويه استهدفت عددا من الصحفيات من خلال التخوين والترهيب النفسي والتهديد، مما قد يحول دون قدرتهن على ممارسة نشاطهن المهني بشكل طبيعي".

وأضاف التقرير أن الصحفيين " أصبحوا يمارسون نوعا من الرقابة الذاتية خشية تعرضهم للمضايقات الرسمية أو المحاكمات، لا سيما بعد أن اعتقل بعضهم بالفعل".

ونبّه التقرير إلى أنّ الانتهاكات ضد الصحافيين بلغت مستوى غير مسبوق في 8 أفريل 2022، عندما قضت المحكمة العسكرية بتونس بسجن الصحفي "عامر عياد" 4 أشهر على خلفية تهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير، وهي المرة الأولى التي يُحاكم فيها صحفي أمام محكمة عسكرية.

وحول تعرّض الصحافيين لاعتداءات جسدية من أفراد الأمن، أورد التقرير إفادة للصحفية التونسية "زينة الماجري"، إذ قالت: "أثناء الاحتفال بذكرى الثورة بتاريخ 14 جانفي 2022، كنت أصور في شارع محمد الخامس حيث كانت تقام الفعالية الرئيسية، وكان هناك مجموعة من أنصار حركة النهضة لا يتجاوزون 30 شخصًا، يحيط بهم عدد كبير من الأمنيين، وقد باشروا بضرب المشاركين في الفعالية، وعلى إثر ذلك قمت بعمل بث مباشر عبر "فيسبوك" لتوثيق الحدث، فباغتني أحد أفراد الأمن وأخذ هاتفي مني عنوة وأخبرني بأنني أصور بشكل غير قانوني".

وأضافت "بعد ذلك أعادوا لي هاتفي وطلبوا مني عدم التصوير، فعاودت التصوير مرة أخرى حتى أقوم بواجبي، وعندها حضر 6 من رجال الأمن برفقة شرطية واعتدوا عليّ بالضرب، واقتادوني إلى سيارة تابعة للأمن ومن ثم نقلوني إلى مركز أمن وسط العاصمة".

ودعا المرصد الأورومتوسطي و"صحفيون من أجل حقوق الإنسان" إلى إجراء تحقيق مستقل في جميع حوادث الاعتداء على الصحفيين والكيانات الصحفية، بما في ذلك حوادث الاعتداء الجسدي واللفظي والاحتجاز التعسفي واقتحام المؤسسات الصحفية، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، والتوقف عن إصدار القرارات التقييدية ضد العمل الصحفي.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي وصحافيون من أجل حقوق الإنسان الرئيس "قيس سعيّد" على احترام الحق في حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة، ووقف حملة التحريض ضد الصحفيين والمدونين والمؤسسات الصحفية، والالتزام بالدستور التونسي والقوانين الوطنية الناظمة للعمل الصحفي، والمواثيق والصكوك الدولية -التي صدّقت عليها تونس- ذات العلاقة بحماية حقوق الصحفيين.

تراجع حرية الصحافة

وتراجعت تونس 21 مرتبة في مؤشر عام 2022 لحرية الصحافة الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود، لتحتل المرتبة الـ94 من أصل 180 دولة، ما أثار قلقاً وردود فعل غاضبة لدى الأطراف الصحفية في البلاد، وعلى رأسها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والجامعة العامة للإعلام والاتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي.

وأصدرت نقابة للصحفيين بيانا في الغرض، حمّلت فيه مسؤولية هذا التراجع "الخطير" للسلطة، وتحديداً الرئيس قيس سعيّد. وأشارت إلى أن ما حصل "جاء نتيجة تراجع مؤشرات حرية الصحافة، وارتفاع وتيرة الانتهاكات ضد الصحفيات والصحايين، والمحاكمات والتوقيفات، وتواصل إحالة المدنيين أمام القضاء العسكري، وانغلاق السلطة وتعتيمها على المعلومة، وضرب حق المواطنين في الأخبار والمعلومات وفي معرفة مصير بلادهم".

ودعت النقابة الصحفيين والصحفيات ووسائل الإعلام إلى التضامن للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير، وعبّرت عن استعدادها "لخوض كافة الأشكال النضالية للدفاع عن حقوق الزميلات والزملاء المادية والمعنوية وعن حرية الصحافة والتعددية والحقوق والحريات في البلاد".

واعتبرت الجامعة العامة للإعلام، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، أن وضع القطاع الإعلامي سيئ، وحمّلت السلطات المسؤولية عن هذه الوضعية برفضها الحوار لحلحلة الملفات العالقة. ودعت، في بيانها الذي صدر بالمناسبة، إلى "وحدة الصف داخل القطاع، ومقاومة أي ردة للحريات وللعمل النقابي وللحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمادية، في ظل تواصل العمل بالمنشور الـ 20 الذي كبّل عملية التفاوض وأفرز توتراً اجتماعياً، خاصة مع تجاهل تام من السلطة الحالية لملف الإعلام".

ودعا الاتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي الصحفيين والصحفيات ووسائل الإعلام إلى "توحيد الصفوف، والإعداد لخطوات نضالية موحدة، وإحداث خلية أزمة".

inbound1358480181120174660.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً