post

التقى تبون.. ما سبب زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية إلى الجزائر؟

المغرب العربي الثلاثاء 19 أفريل 2022

في أوّل خروج له من طرابلس منذ تعيين البرلمان فتحي باشاغا رئيسا جديدا للوزراء، أدّى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة زيارة إلى الجزائر. والتقى الدبيبة، الاثنين، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وسلمه خطته لإجراء الانتخابات ضمن جهود لحشد دعم إقليمي ودولي لها.

وتوقعت أوساط ليبية أن يكون الهدف من زيارة الدبيبة إلى الجزائر هو إخراجها عن الحياد الذي تبديه منذ بدء أزمة الشرعية في مطلع مارس الماضي عقب تعيين البرلمان لحكومة جديدة برئاسة باشاغا.

وقالت هذه الأوساط إن الدبيبة بعد أن نجح -على ما يبدو- في استمالة أغلب الميليشيات وقياداتها غرب طرابلس، بدأ العمل على فك عزلته الإقليمية والدولية بزيارة الجزائر التي من المتوقع أن يطلب منها إصدار بيان يعترف به رئيسا للحكومة ويعارض تولي باشاغا السلطة.

ولم تستبعد الأوساط ذاتها أن يتلقى الدبيبة ردا إيجابيا من الجزائر المعروف عنها توتر علاقتها بالسلطات شرق ليبيا وخاصة حفتر الذي يدعم حكومة باشاغا التي جاءت بعد مصالحة بينهما تم الإعلان عنها خلال الزيارة التي قام بها باشاغا إلى بنغازي في نهاية ديسمبر الماضي.

وتلتزم أغلب الدول -باستثناء مصر وروسيا اللتين دعمتا حكومة باشاغا- الحياد في حين تكتفي سفارات بعض الدول المؤثرة في الصراع (مثل الولايات المتحدة وتركيا) بالدعوة إلى الهدوء وضبط النفس وتجنب العودة إلى الاقتتال.

ورافق الدبيبة كل من رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد، ورئيس جهاز المخابرات العامة محمد خليفة، ورئيس جهاز الأمن الداخلي لطفي الحراري..

واعتبر بعض المختصين في الشأن الليبي أن الوفد المرافق للدبيبة -خاصة قائد الأركان ومديري الأمن والمخابرات- يحمل دلالات عميقة على أهمية وطبيعة الزيارة التي قادت رئيس الحكومة الليبية إلى الجزائر، حيث تظهر رغبته في تعميق تعاون بلاده مع الجزائريين في المجالات الأمنية والعسكرية، بغية قطع الطريق أمام منافسه باشاغا، في أي محاولة منه لحسم الصراع ميدانيا.

وأُقيمت للدبيبة والوفد المرافق له مراسم استقبال رسمية بمطار هواري بومدين الدولي حضرها رئيس الوزراء الجزائري ووزيرا الداخلية والاتصال وعدد من المسؤولين بالحكومة الجزائرية، إضافة إلى البعثة الدبلوماسية في الجزائر العاصمة.

وقالت الحكومة الليبية، إن الدبيبة سلّم تبون الإطار العام لخطة "عودة الأمانة للشعب" لإجراء الانتخابات، خلال لقائهما في العاصمة الجزائرية. وأوضحت أن هذا الإطار يتضمن "الإجراءات التي قامت بها الحكومة لتنفيذ الانتخابات وكذلك الرؤية العامة بهذا الشأن". وشددت على أن الخطة "تتطلب دعما إقليميا ودوليا لتنفيذها".

وأعرب تبون عن دعمه لهذه "الخطوات والتنسيق الدولي بشأنها والتحضير لعقد مؤتمر دولي تستضيفه الجزائر داعما لإجراء الانتخابات في ليبيا"، وفق البيان.

وهذه الخطة أعلنها الدبيبة في 12 فيفري الماضي، وتستهدف إجراء انتخابات برلمانية في 30 جوان القادم لإنهاء جميع الأجسام السياسية الموجودة، بما فيها حكومته.

وجراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية ولا سيما بشأن قانوني الانتخاب، تعذر إجراء انتخابات رئاسية في 24 ديسمبر 2021، ضمن خطة ترعاها الأمم المتحدة.

وبالتوازي مع خطة الدبيبة، اجتمعت في القاهرة الأسبوع الماضي لجنة ليبية مشتركة من مجلس النواب بطبرق (شرقا) والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) لوضع قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وذلك بمبادرة من الأمم المتحدة.

وعقب لقائه تبون، قال الدبيبة إنه بحث "عددا من الملفات، أهمها عقد الانتخابات القادمة بليبيا"، وفق التلفزيون الرسمي الجزائري. وأوضح أنه قدم تصوّر حكومته لـ"إنجاز هذا المشروع (الانتخابات) المهم والمرور بليبيا من دائرة الانتقالية إلى دائرة الاستقرار واختيار الشعب". وتابع بأن اللقاء تطرق إلى الدور المهم المأمول من الجزائر في دعم الانتخابات وإجرائها في أقرب وقت ممكن.

وقال الدبيبة إنه بحث مع تبون إمكانية عقد مؤتمر على مستوى وزراء خارجية الدول حول الانتخابات في ليبيا. وأفاد بأنه تم التطرق إلى ضرورة زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة في مجال النفط والغاز في ظل الظروف العالمية الراهنة، بهدف زيادة الإنتاج والتنسيق في التحكم في الأسعار وتسويقها.

وفي السابع من أفريل الجاري، استقبل الرئيس الجزائري، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة نجلاء المنقوش، لبحث تطورات الملف الليبي. وأكدت الجزائر آنذاك دعمها لجهود حكومة الوحدة الليبية للوصول "إلى انتخابات نزيهة وشرعية".

وكان الملف الليبي حاضرا خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مطلع أفريل إلى المغرب والجزائر، حيث التقى وزراء خارجية البلدين ناصر بورية ورمطان لعمامرة في الرباط والجزائر، قبل لقائه بالرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون.

وقال بلينكن آنذاك "إن ليبيا إذا أرادت أن تُبنى مرة أخرى بطريقة ديمقراطية، فهي بحاجة إلى انتخابات من الصفر"، حيث عرض مساعدة الجزائر في تنظيمها، وهو الأمر الذي اعتبره ممكنا للغاية ويحتاج فقط إلى الإرادة السياسية، وبعد ذلك يمكن للجميع المساعدة في إعادة بناء ليبيا عبر البرلمان والحكومة والرئيس، وفق رأيه.

وتأتي زيارة الدبيبة إلى الجزائر في ظل أزمة مؤسسات تعيش على وقعها ليبيا حيث يتواصل السجال السياسي في ليبيا بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا، حول أحقية وشرعية كل منهما بصلاحيات السلطة التنفيذية في البلاد.

inbound7144166985089076195.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً