post

العراق.. البرلمان ينتخب عبد اللطيف رشيد رئيسا للبلاد والأخير يكلّف السوداني بتشكيل الحكومة

سياسة الجمعة 14 أكتوبر 2022

بعد نحو عام من الفراغ السياسي، انتخب مجلس النواب العراقي، الخميس 13 أكتوبر 2022، عبد اللطيف رشيد (78 عاماً) رئيساً للبلاد. وأدى رشيد اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية العراق، ليكون الرئيس الخامس للبلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، بعد كل من غازي الياور، ثم جلال الطالباني لولايتين، ثم فؤاد معصوم، وبرهم صالح الذي أكمل سنوات ولايته الأربعة رغم قرار الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر الماضي، إذ أدى إطالة عمر الأزمة إلى بقائه بالمنصب وسط جدل قانوني ودستوري.

ويعدّ رشيد، الوزير السابق والمهندس الهيدروليكي، مرشح تسوية في بلد منقسم، خرج اسمه إلى الواجهة من جديد في اللحظة الأخيرة وفي وقت تريد فيه القوى الموالية لإيران والتي تملك الأغلبية في البرلمان تسريع العملية السياسية وتشكيل حكومة.

ومنذ الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر 2021، لم تتمكن الأطراف السياسية النافذة من الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية وتعيين رئيس جديد للحكومة، رغم مفاوضات عديدة في ما بينها.

وفي انعكاس لحالة التوتر، تعرضت المنطقة الخضراء، التي تضمّ مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، فضلاً عن أحياء مجاورة، لقصف بتسعة صواريخ كاتيوشا، قبيل الجلسة الخميس.

وأصيب عشرة أشخاص بجروح في هذه الضربات التي لم تتبنها أي جهة، وفق مصدر أمني، من بينهم ستة من عناصر الأمن، و4 مدنيين أصيبوا بصاروخ سقط بحيّ مجاور للمنطقة الخضراء.

مرشح تسوية

وبعد ثلاث محاولات فاشلة، نجح البرلمان العراقي أخيراً بانتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب شرفي إلى حد كبير مخصص إلى الأقلية الكردية. وبعد جولة تصويت ثانية، انتخب رشيد الوزير السابق للموارد المائية والذي ينتمي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد الحزبين الرئيسيين الممثلين للأقلية الكردية، بأصوات 162 نائباً، مقابل 99 صوتاً لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح.

وفي جلسة برلمانية مغلقة لم يسمح بتواجد وسائل الإعلام فيها، وبمشاركة 277 نائبا من أصل 329، بعد مقاطعة عدد من القوى المدنية والمستقلة للجلسة تجنبا للاصطفاف في الصراع السياسي الحالي، حصل المرشح لرئاسة الجمهورية عبد اللطيف رشيد، في الجولة الأولى، على 157 صوتا مقابل 99 صوت لمنافسه برهم صالح، ليذهب البرلمان إلى جولة ثانية بسبب عدم حصول أي من المرشحين على ثلثي الأصوات.

وفي الجولة الثانية، حصل رشيد على أغلبية أصوات أعضاء البرلمان العراقي، بواقع 162 صوتا، على حساب منافسه برهم صالح (99 صوتا)، الذي أخفق في الحصول على الدعم الكافي من القوى السياسية الأخرى، بعد تفاهمات وصفت بأنها "مبطنة"، بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وقوى "الإطار التنسيقي"، حيث سحب الأول مرشحه ريبر أحمد، وقرر دعم عبد اللطيف رشيد للمنصب، بهدف منع تمرير برهم صالح لولاية ثانية، في خلاف بدا عليه الطابع الشخصي أكثر من الحزبي بين القوى الكردية المتنافسة.

وتنافس الرئيس الجديد عبد اللطيف رشيد مع الرئيس السابق برهم صالح، الذي سعى للحصول على ولاية ثانية بدعم من حزبه (الاتحاد الوطني الكردستاني)، وسط غياب شبه تام للمرشحين الآخرين الذين بلغ عددهم 30 مرشحا بعد انسحاب مرشح الحزب الديمقراطي ريبر أحمد، والسفير السابق في دولة قطر عمر البرزنجي من السباق قبل نحو ساعتين من بدء الجلسة.

وكان منصب الرئاسة موضع خلاف في الأشهر الأخيرة، وتتولى المنصب عادةً شخصية من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما يدير الحزب الديموقراطي الكردستاني في المقابل حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي. ولكن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يسعى كذلك إلى منصب رئاسة الجمهورية ويرفض اسم برهم صالح، الرئيس الحالي، الذي كان مرشحاً أيضا.

من هو عبد اللطيف رشيد؟

ولد عبد اللطيف جمال رشيد في مدينة السليمانية في عام 1944، وانضم مبكرا إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني. وأصبح رشيد قيادياً في جمعية الطلبة الأكراد في أوروبا، وشارك في الاجتماعات واللقاءات الخاصة بتشكيل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي انبثق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1975.

ونشط لطيف في أوساط المعارضة العراقية وانتخب لعضوية قيادة المؤتمر الوطني العراقي عام 1992 حتى سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003.

وعبد اللطيف رشيد حاصل على إجازة في الهندسة المدنية من جامعة ليفربول منذ عام 1968 ودكتوراه في الهندسة من جامعة مانشستر منذ عام 1976. وعمل أستاذا في جامعة السليمانية بين عامي 1969 و1971.

وبرز اسم رشيد بعد تشكيل أول حكومة عقب النظام السابق، إذ اختير وزيرا للموارد المائية، وظل في هذا المنصب حتى العام 2010. وبعد حقبة الموارد المائية، عين رشيد لمنصب أمين عام منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، قبل أن يصبح مستشارا لرئيس الجمهورية. ورشيد هو عديل الرئيس السابق جلال طالباني، الذي توفي في العام 2017.

التكليف بتشكيل الحكومة

وكلف الرئيس العراقي الجديد عبد اللطيف رشيد، مرشح "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني، بتشكيل حكومة جديدة. ويأمل السوداني وهو نائب لدورتين ووزير سابق، بإخراج العراق من أزمته السياسية الحالية. وقال في أول تصريح له إنه سيقدم تشكيلته الوزارية في أقرب وقت. وأمام السوداني 30 يوماً لتشكيل الحكومة، كما يقتضي الدستور.

ورشّح السوداني لهذا المنصب من قبل الإطار التنسيقي، الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران. ويسعى الإطار الذي يملك أكبر عدد من النواب في البرلمان، إلى تسريع العملية السياسية بعد عام من الشلل والانقسام.

وقال رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد شياع السوداني، عقب تكليفه من رئيس الجمهورية الجديد عبد اللطيف رشيد، إنه سيقدم تشكيلته الحكومية "في أقرب وقت ممكن".

مرفوض من الصدريين

ولا تزال المخاوف باستمرار الأزمة السياسية قائمة في حال عجز السوداني عن إقناع التيار الصدري بقبول حكومته، إذ أن أعضاء التيار المستقيلين من البرلمان كانوا يشكلون الكتلة الأكبر.

وكان طرح اسم السوداني العام الحالي تسبب بشرارة لتظاهرات التيار الصدري واقتحام مناصريه البرلمان العراقي والاعتصام أمامه لأكثر من شهر، إذ أعرب المتظاهرون حينها عن رفضهم القاطع له باعتبار أنه من طبقة سياسية يرفضونها ويتهمونها بالفساد.

وبالنسبة إلى الصدريين، "يبدو السوداني وكأنه من معسكر المالكي"، الخصم التاريخي للصدر، "وهذه مشكلة نظراً لعدم ثقتهم بالمالكي ومحيطه"، كما يشرح سجاد جياد من معهد "سنتشوري إنترناشونال".

عبد-اللطف-رشد.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً