post

الغنوشي: أتمسّك بصفتي النيابية وأدعو سعيّد إلى التراجع عن إجراءاته غير الدستورية

صحافة الثلاثاء 28 سبتمبر 2021

عبّر رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي في حوار مع ''الجزيرة نت'' نشرته اليوم الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 عن تمسّكه بصفته النيابية على رأس المؤسسة التشريعية.

وأكد الغنوشي أنّه ترأّس المجلس النيابي المنتخب من الأغلبية البرلمانية بعد انتخابات مباشرة من الشعب "واحترامًا لهذا التعاقد ولا يمكن أن ينزع عني هذه الصفة إلا السادة النواب أنفسهم، أو بقرار إرادي مني تقديرا لمصلحة وطنية، ودون ذلك فهو خرق جسيم لمقتضيات الدستور وهروب من معركة الديمقراطية".

وقال "تقديري أنني يوم تقدمت إلى هذا المنصب كان هدفي منكبا على بناء توافق وطني واسع وعدم ترك هذه المؤسسة تسقط في المغالبة أو المغامرة، ولكن بعض الأطراف المؤدلجة والفاقدة لأي برنامج ولأي مشروع اجتماعي واقتصادي لتونس كان همها راشد الغنوشي والنهضة وترذيل البرلمان والإساءة إليه وإلى أشغاله وصورته في الداخل والخارج، خدمةً لأجندة الثورة المضادة والانقلاب على المسار الديمقراطي، وما اقتضاه ذلك من عملية شيطنة واسعة للبرلمان ولرئيسه تمهيدا وتسويقا للانقلاب على الديمقراطية.

واعتبر الغنوشي أن وجوده على رأس المؤسسة التشريعية مثّل "فرصة لتصفية الحسابات الأيديولوجية وتغذية المناكفات السياسية التي لا علاقة لها بسير عمل البرلمان -الذي رغم استهدافه اشتغل بمستوى أعلى من دورتين سابقتين للبرلمان- وحقق عدة إصلاحات قانونية وسن مشاريع لفائدة التونسيين، منها على سبيل الذكر لا الحصر "القانون عدد 38 لتشغيل أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل"، و"قانون التمويل التشاركي"، ولكنه أخفق في قضايا أخرى لم تحظ بالتوافق المطلوب بسبب الحسابات الضيقة للبعض". واستدرك قائلا "لكن ذلك لا يخفي الأجندة المرسومة من قبل بعض الجهات لإسقاط التجربة الديمقراطية حتى وإن كان غير الغنوشي على رأس البرلمان، وقد تعرضت الأستاذة سميرة الشواشي نائبة رئيس المجلس وآخرون إلى اعتداءات لفظية وإهانات كثيرة رغم أنهم ينتمون إلى منظومات حزبية مختلفة".

وذكّر الغنوشي في حواره أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد صرّح بأنه سيحترم الإجراءات الدستورية ولكنّه أخل بها لاحقا، وأعلن أن تعليق البرلمان سيكون لمدة شهر ولكنه قام بتعليقه لاحقا إلى أجل غير مسمى، وهو إجراء غير دستوري ويمسّ مؤسسة سيادية تم انتخابها بنفس شروط انتخاب رئاسة الدولة ولها نفس الشرعية.

ودعا رئيس البرلمان رئيس الجمهورية إلى "التراجع عن هذا الإجراء غير القانوني وغير الدستوري وكل الإجراءات الاستثنائية التي مثلت انقلابا على الدستور وإرادة الشعب، ولذلك فإن فتح باب الحوار والتشاركية في صياغة مشهد جديد أفضل في جميع المجالات".

واعتبر الغنوشي أنّ تمشّي الرئيس سعيد لا ينتمي إلى الأسس الديمقراطية "ولهذا نحن ضد كل عملية اصطناع للشعبية والمشروعية خارج إطار الانتخابات وصناديق الاقتراع، كما أن الحديث عن المشروعية يلغي الرأي المخالف ويختطف الشارع الذي لا يمكن أن يكون على رأي واحد".

وحول المظاهرات التي انتظمت أول أمس الأحد 26 سبتمبر، ذكر أنّه شارك فيها مواطنون من اتجاهات مختلفة ومستقلين ومن المتخوفين على التجربة الديمقراطية بالبلاد، "فهي تدحض بلا شك الادعاء بأن الشارع في صف السياسة التي ينتهجها رئيس الدولة.. وبمقاييس الانتخابات، النهضة هي الحزب الأول، وهذا ما نطقت به الصناديق وإلى أن يحل استحقاق آخر فستبقى كذلك".

وأكد الغنوشي أن حركة النهضة "جزء من المنتظم السياسي الذي يرفض إجراءات الرئيس قيس سعيد، وليست كل المنتظم السياسي أو هي كل المعارضة، فالنهضة مثلما أقرت بأن الدين شأن كل التونسيين وليس اختصاصا نهضويا فكذلك معركة الديمقراطية والتصدي للانحراف بالتجربة نحو متاهات لا نعلمها هي أيضا شأن كل التونسيين، وعليه فالنهضة لا تقدم نفسها المدافع الوحيد عن التجربة، ولا نخفي أننا نحرص على ذلك لأنه من مقتضيات الديمقراطية العمل المشترك والاعتراف بدور الأحزاب الأخرى والمنظمات والمجتمع المدني. وعليه، فالنهضة ستتفاعل بمسؤولية مع كل الأنشطة والفعاليات الهادفة إلى حماية التجربة الديمقراطية وإيقاف التدهور بالشراكة مع أوسع طيف وطني".

وقال الغنوشي "النهضة في تواصل مستمر مع عديد الأطراف السياسية، ولا يضيرها ألا تكون ضمن أي جبهة حاليا، الأهم من الوجود بالجبهة هو الموقف الموحد من الانقلاب، وتوحيد التمشي من أجل المحافظة على دستور البلاد وعلى التجربة الديمقراطية وتحقيق الإصلاحات الكبرى التي ستحسن من مناخ الاستثمار وتوفر فرص التنمية والتشغيل للتونسيات والتونسيين". وأضاف "لقد كنا وحدنا يوم الانقلاب في 25 جويلية الماضي من أعطى التوصيف الصحيح لما حدث، وبعد شهرين لم يبق غير حزب واحد يدافع عن هذا الانقلاب، ومشهد الوقفة في شارع الثورة حيث جمع الشارع آلاف المتظاهرين ومعهم مختلف الوجوه السياسية دال على اتجاه تطور السياسة عودا إلى الإجماع حول الخيار الديمقراطي".

وكشف رئيس حركة النهضة عن موقفه من موجة الاستقالات التي ضربت الحزب، وقال "أنا آسف شديد الأسف لهذه الاستقالات التي لا شك أنها تؤثر على الحركة وعلى تماسكها، إلى جانب أن المستقيلين قد استثمرت فيهم الحركة لعشرات السنوات، ومناضلين ضمن هياكلها وقيادتها. هؤلاء الإخوة سارعوا إلى إعلان الاستقالة رغم أنه كان بالإمكان الحوار والبحث عن الحلول الوسطى في أفق المؤتمر المقبل قبل نهاية هذه السنة، ولكن لكل تقديره". وأضاف "باعتقادي مثل هذه الاستقالات تدفعنا إلى تطوير مؤسساتنا لتكون فضاءات حوار وإدماج لكل التوجهات الموجودة داخل الحركة، والرهان على التجديد في الفكر والسياسة والخطاب وفسح المجال أمام القيادات الشابة للحركة، نحن حريصون على أن يظل للصلح مكان وألا يفسد الخلاف للود ولسابق العشرة قضية".

راشد-الغنوش-1.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً