post

بسبب إجراءات سعيّد.. تونس تتراجع في التصنيف العالمي لحرية الصحافة بـ21 مرتبة

صحافة الأربعاء 04 ماي 2022

أحيت المجموعة الدولية أمس الثلاثاء، الثالث من ماي، اليوم العالمي لحرية الصحافة، تحت شعار "الصحافة تحت الحصار الرقمي". وترافق الاحتفال في تونس بهذا اليوم العالمي مع تسجيل تونس تراجعا بـ21 مرتبة في التصنيف العالمي لحريّة الصحافة لسنة 2022، والمقدم من قبل "مراسلون بلا حدود"، حيث تقهقرت من المرتبة 73 إلى 94 عالميا (من أصل 180 دولة).

وأعلنت شبكة "مراسلون بلا حدود" الدولية، تراجع تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، لتحتل المركز 94 للسنة الحالية، بعد أن كانت في المرتبة 73 العام الماضي، بمعدل تراجع بلغ 21 نقطة. وجاء ذلك وفق التقرير السنوي لـ"مراسلون بلا حدود" نشرته على موقعها الإلكتروني، صباح الثلاثاء، تزامنا مع إحياء "اليوم العالمي لحرية الصحافة" الموافق 3 ماي  من كل سنة.

وقالت الشبكة في تقريرها، إن "ترهيب الصحفيين أصبح أمرا شائعا في الساحة التونسية، حيث يتعرض الفاعلون الإعلاميون لأعمال العنف على أيدي المتظاهرين". وتابعت أنه "تم تسجيل حصيلة قياسية جديدة في 14 جانفي الماضي، عندما تعرض المراسل ماتيو غالتييه، الذي يعمل مع العديد من وسائل الإعلام الدولية، للضرب بينما عُنِّف عشرات الصحفيين الآخرين أثناء تغطيتهم مظاهرة احتجاجية".

وأضافت أنه منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، "شهدت تونس انتقالا ديمقراطيا مشوبا بالتقلبات والمطبات، علما أن الوضع الاستثنائي الذي فرضه الرئيس قيس سعيّد في 25 جويلية 2021، أثار العديد من المخاوف بشأن تراجع حرية الصحافة في البلاد".

ووفق منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن أسباب التراجع الحاد في ترتيب تونس، تعود إلى الإجراءات الاستثنائية التي كان رئيس الدولة، قيس سعيّد، قد أعلن عنها يوم 25 جويلية الماضي، واعتبرت أن التشريعات التي تنظم القطاع "تظل منقوصة ولا تؤمن سوى حماية دنيا للصحفيين ووسائل الاعلام".

ولاحظت المنظمة أن العدالة التونسية مازالت تعتمد بالأساس على النصوص القانونية الموروثة من نظام الرئيس الأسبق بن علي، عوض الاستناد إلى المراسيم التي تخدم حرية الصحافة والاعلام، وفق تقديرها. وأضافت أن الأزمة الاقتصادية أضعفت استقلالية الخط التحريري للعديد من وسائل الإعلام الواقعة تحت هيمنة المصالح السياسية والاقتصادية، وأثرت على تعددية المشهد الإعلامي منذ ثورة 2011.

ويشار إلى أن تونس كانت تحتل المرتبة 72 سنتي 2019 و2020 في التصنيف العالمي لحريّة الصحافة.

واعتمد التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي اعدته منظمة "مراسلون بلا حدود" على خمسة مؤشرات جديدة، هي: السياق السياسي والإطار التشريعي والسياق الاقتصادي والسياق الاجتماعي الثقافي والسياق الأمني.

نقابة الصحفيين: حرية الصحافة تواجه الخطر الداهم

وحمّلت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، تراجع تصنيف تونس عالميا في مجال حرية الصحافة والتعبير، والذي تم الكشف عنه أمس الثلاثاء، من قبل منظمة "مراسلون بلا حدود"، إلى السلطة، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، قيس سعيد.

وأوضحت النقابة في بيان أصدرته مساء الثلاثاء، ووضعته تحت عنوان "حرية الصحافة تواجه الخطر الداهم"، أن الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي هذا العام في تونس "في ظل تحديات خطيرة تواجهها المهنة وحرية الصحافة والتعبير في تونس، نتيجة الإجراءات الاستثنائية (ليوم 25 جويلية الماضي)"، والتي اعتبرت أنها "أصبحت خطرا حقيقيا يداهم الحريات بصفة عامة، وحرية الصحافة والتعبير خاصة."

ولاحظ البيان أن تراجع ترتيب تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة والتعبير، والذي وصفته بـ"المخيف"، جاء نتيجة تراجع مؤشرات حرية الصحافة، وارتفاع وتيرة الانتهاكات ضد الصحفيات والصحفيين، والمحاكمات والإيقافات، وتواصل إحالة المدنيين أمام القضاء العسكري، "وانغلاق السلطة وتعتيمها على المعلومة وضرب حق المواطنين في الأخبار والمعلومات وفي معرفة مصير بلادهم."

ودعت نقابة الصحفيين عموم الصحفيين والمصورين الصحفيين ووسائل الإعلام وكل القوى الحية في تونس إلى "التضامن للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير"، وعبّرت عن "استعدادها لخوض كافة الأشكال النضالية للدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للصحفيين، وعن حرية الصحافة والتعددية والحقوق والحريات في البلاد".

وحذرت النقابة من تواصل التعامل اللامبالي مع قضايا القطاع وتجاهل القضايا المستعجلة في الإعلام، كقضية الإعلام والمصادر ونشر الاتفاقية المشتركة وغيرها من الملفات الخاصة بقطاع الصحافة.

الجامعة العامة للإعلام تنبه إلى خطورة تهديد حرية الإعلام

ونبّهت الجامعة العامة للإعلام، في بيان أصدرته مساء الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، مما اعتبرته "خطورة تهديد حرية الإعلام في تونس بأي شكل من الأشكال".

وشددت على أن "حرية التعبير مكسب وطني كرسته ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والذي جاء بفضل نضالات وتراكمات تاريخية لا مجال للتفريط فيها أو التراجع إلى الوراء"، وفق نص البيان.

ولاحظت الجامعة (منضوية تحت راية اتحاد الشغل) أن إحياء هذا اليوم في تونس يتزامن مع "وضع استثنائي تمر به البلاد وتراجع حرية الإعلام في الحقوق المادية والاجتماعية وغياب التفاوض الاجتماعي وتعنت الحكومة، وخاصة المكلف بملف الإعلام، في طرح الملفات التي تهم القطاع، وغياب أي استراتيجية حقيقية تجاه حقوق الإعلاميين".

وأكدت الجامعة في بيانها رفضها "المس بحرية التعبير والزج بالإعلاميين في المحاكمات بسبب آرائهم أو كتاباتهم"، وأكدت أن الوضع الحالي يتطلب من السلطة الحالية منع أي استهداف للإعلاميين وللمؤسسات الإعلامية، خاصة مع تراجع المساحات المخصصة في التلفزات للبرامج الحوارية ومنع ممثلي الأحزاب من المشاركة في البرامج في القناة الوطنية، وغياب أي حوار بين الحكومة والهياكل الممثلة للقطاع، وتزايد مناخ التوتر والتهديد المسلط على الصحفيين والإعلاميين والمصورين وتنامي المحاكمات والإيقافات ضدهم.

وجدّدت مطالبتها بإنهاء التسيير الوقتي لبعض المؤسسات الإعلامية العمومية، والإسراع في إصلاح تلك المؤسسات، ونبهت في هذا الصدد إلى ما وصفته بـ"تعيينات حزبية وعبر الولاءات والمحاباة ودون تشريك هياكل المهنية"، على رأس تلك المؤسسات.

وأكدت الجامعة العامة للإعلام رفضها لبعض الممارسات التي قالت إنها "ستخلق مناخا متوترا، وتعيد للأذهان فترة الدكتاتورية وضرب حرية الإعلام، في وقت تنامى فيه العداء للإعلام وتواصل تجاهل حقوق أبناء القطاع".

وطالبت الجامعة أيضا في بيانها السلطة القائمة، بـ"خلق مناخ من الثقة، بالأفعال وليس بالشعارات"، وشددت على أنها ستعمل على التصدي لكل أشكال تركيع الصحافة والمساس بالحرية، كما ستنطلق الصحافة المكتوبة في سلسلة من التحركات من أجل تحقيق الزيادة في الأجور.

وعددّت الجامعة المؤسسات الإعلامية التي تمر بمعاناة متواصلة، مع وضع استثنائي مهني في مؤسسات أخرى، وتواصل الخوف صلب القطاع من محاولات ضرب حرية التعبير والصحافة داخل المؤسسات وخلق مناخ من الخوف من السلطة القائمة، خاصة مع تواصل التهديدات بالمحاكمات والزج بالإعلاميين في السجن وتشويههم في الصفحات الاجتماعية.

النهضة تندد بـ"التدهور الخطير" للساحة الإعلامية

من جهتها، عبّرت حركة النهضة، في بيان أصدرته، الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، عن "تنديدها الشديد"، بما اعتبرته "تدهورا خطيرا" شهدته الساحة الاعلاميّة في تونس منذ 25 جويلية الماضي، وهو التاريخ الذي قالت إنه تم فيه "الانقلاب على الدستور".

ولاحظت النهضة أن هذا التدهور يؤكده التقرير الأخير لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، والذي أقر بالتراجع الحاد في ترتيب تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة بسبب الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد في 25 جويلية 2021.

وأضاف الحزب في بيانه أن هذا الوضع "يهدّد بنسف كل المكاسب التّي تحققت لقطاع الاعلام، والعودة إلى حجب المعطيات والمعلومات وإطلاق التتبعات الأمنية وسجن الصحفيين والعودة إلى ممارسات النظام الاستبدادي في وضع اليد على المؤسسات الإعلامية(...) وتوظيفها في الدعاية والتضليل لخدمة مشروع الحكم الفردي المطلق"، حسب تقديرها.

وجددت النهضة "تضامنها" مع المطالب المشروعة لأبناء القطاع الإعلامي بالمؤسسات العموميّة والخاصّة، والمتعلقة بتفعيل الاتفاقية الإطارية المشتركة، "وبرفض كلّ محاولات الوصاية على قطاع الإعلام وهندسته عبر المراسيم المسقطة وتهميش هياكله وعدم استشارتها في عملية الإصلاح".

حزب العمّال: الانقلاب يسعى لوضع يده على الإعلام

بدوره، ندد حزب العمال، في بيان أصدره الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، بما اعتبره "انتهاكات مارستها سلطة الانقلاب على حرية الصحافة وعلى كرامة الإعلاميين، في خرق سافر لمضامين المرسوم 115 لسنة 2011"، وطالب بإلايقاف الفوري لكل التتبعات الخاصة بحرية الصحافة والتعبير.

كما طالب الحزب، بمحاسبة كل المتورطين في الاعتداءات على الصحفيين وخاصة يومي 1 سبتمبر 2021 و14 جانفي 2022، وألا تكون محاسبة الأمنيين إدارية فقط بل قضائية أيضا، الى جانب رفع القيود على حق نفاذ الصحفيين إلى المعلومة، ورفع أي قرار بغلق مكاتب القنوات الإعلامية التي تعمل في إطار القانون.

وانتقد ما اعتبره "تعدد الاعتداءات على الصحفيين والمدوّنين وأصحاب الرأي المخالف منذ 25 جويلية، في محاولة لتركيع الإعلام وإعادته إلى بيت الطاعة"، فضلا عن "وضع اليد على الاعلام العمومي، من خلال تعيين إدارة من العهد البنفسجي على رأس التلفزة الوطنية"، وفق تعبيره.

واعتبر أن تدحرج تونس إلى المرتبة 94 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة "يمثل انتكاسة للقطاع"، واستنكر الإمعان في عدم نشر الاتفاقية الإطارية المشتركة للصحفيين بالرائد الرسمي، رغم صدور حكم قضائي إداري في ذلك.

الخارجية: تونس ملتزمة بضمان الحق في حرية الرأي والتعبير

وأكد بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، التزام تونس التام بضمان الحق في حرية الرأي والتعبير في جميع الفضاءات بما في ذلك الفضاء الرقمي والمضي قدما نحو ضمان صحافة حرة ومسؤولة باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لأي نظام ديمقراطي.

وقال بلاغ لوزارة الخارجية، إن حرية الصحافة والإعلام تشكل حجر زاوية في منظومة حقوق الإنسان والحريات ودعامة أساسية للديمقراطية وسيادة القانون.

وأكد البلاغ أن تونس ستواصل من خلال دورها الريادي في مجلس حقوق الإنسان عبر تقديم مشروع القرار المتعلق بسلامة الصحفيين ومشروع القرار المتعلق بحماية حرية التعبير على الانترنت، المضي قدما نحو توفير البيئة التشريعية الملائمة لتعزيز حرية الصحافة وحماية الصحفيين ووضع الآليات الكفيلة بضمان الحق في التعبير ودعم حرية الصحافة ضمن مشهد إعلامي متعدد وحر ومسؤول.

inbound2965201639411757668.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً