post

بعد طول انتظار.. غدا البرلمان يصوّت لانتخاب رئيس للصومال

العالم السبت 14 ماي 2022

يمثل التصويت البرلماني لانتخاب رئيس للصومال في 15 ماي الجاري خاتمة للانتخابات الصومالية التي تعرضت للتعثر والتأجيل عدة مرات منذ أواخر عام 2020 بسبب الخلافات وحالة الشد والجذب بين الأطراف السياسية الأساسية (الحكومة الفدرالية والولايات)، وهو ما أدى لاستمرار العملية الانتخابية نحو 9 أشهر منذ أوت 2021 الذي انطلقت فيه.

ويتنافس في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها غدا الأحد، 39 مرشحاً، أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو، والرئيس السابق حسن شيخ محمود.

ويختار البرلمان بغرفتيه، الرئيس الجديد للصومال في 15 ماي الحالي، من بين 39 مرشحاً، وهو أكبر عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية في البلاد منذ الاستقلال عام 1960، وذلك بعد استيفائهم الشروط اللازمة للتسجيل، بدفع 40 ألف دولار أميركي وحصول كل واحد منهم على توقيع عشرين نائباً للترشح. ويحق لكل برلماني أن يوقّع لثلاثة مرشحين فقط.

وتعقد الانتخابات الرئاسية في قاعدة حلني للقوات الأفريقية في حي وابري بمقديشو، وسط إجراءات أمنية مشددة، ويتوقع أن يشارك فيها سفراء دول عربية وأوروبية وأفريقية، كما كان الحال في الانتخابات الرئاسية السابقة التي احتضنتها مقديشو.

وتختلف الانتخابات الرئاسية الصومالية عن مثيلاتها في العالم، لاعتمادها على نظام المحاصصة القبلية كأساس لانتخاب أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلسا الشعب والشيوخ) بدلا من التصويت الشعبي المباشر الذي أجري لآخر مرة في الصومال عام 1969 إبان الحكم المدني الذي أطاح به العسكر بقيادة الجنرال محمد سياد بري في العام نفسه.

وخلال حكم العسكر الذي استمر 21 عاما كانت البلاد تحت حكم حزب واحد انفرد بإدارة دفة السياسة، فلم يكن التعدد الحزبي مسموحا به، مما جعل تنظيم انتخابات ديمقراطية أمرا مستحيلا، وبعد الإطاحة بالنظام العسكري من قبل فصائل مسلحة عام 1991 دخلت البلاد في حرب أهلية تسببت في انقسام الصوماليين وتمزق وحدة بلادهم.

ولكن وبعد محاولات عديدة فاشلة اتفق الصوماليون في مؤتمر انعقد بجيبوتي عام 2000 على بناء دولتهم من جديد من خلال التوصل إلى تشكيل حكم انتقالي يعتمد على المعادلة القبلية كحل مؤقت لانتخاب أعضاء البرلمان وتوزيع المناصب، وبعد خروج البلاد من المرحلة الانتقالية عام 2012 وتبني الصوماليين دستورا مؤقتا اتفقوا على تجاوز النظام القبلي كمعيار للانتخابات.

وتم التوافق على تنظيم انتخابات مباشرة عبر صناديق الاقتراع كما يطالب الشعب الصومالي ومن ورائه المجتمع الدولي الذي يمول العملية السياسية في الصومال، غير أن هذا الحلم لم يتحقق كما كان مقررا لا في عام 2016 ولا في 2020.

وعلى غرار ما حدث في عام 2016 فإن الأطراف الصومالية تبنت في 2020 عملية انتخابية غير مباشرة واستمرار الاعتماد على المعادلة القبلية كمعيار لانتخاب أعضاء البرلمان، وذلك على الرغم من الخلافات الشديدة المتسببة في تأجيل العملية الانتخابية عن مواعيدها المحددة نتيجة سعي كل طرف لتحقيق الهيمنة على البرلمان ليمهد له ذلك الفوز بكرسي الرئاسة.

وعلى الرغم من الأخطاء الجسيمة التي شابت الانتخابات وطعنت في نزاهتها من المحسوبية وشراء الولاءات والمحاباة والانتقائية والإقصاء -والتي صنفت بأنها انتخابات صورية بكل المقاييس وتناقض تطلعات الشعب- فإن تقبل نتائجها بات أمرا ضروريا، لأن البديل هو الفوضى والمواجهة المسلحة في نظر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي مختار هارون.

الانتخابات التشريعية

ويشار إلى أنه أسدل الستار على العملية الانتخابية للمجالس التشريعية الصومالية يوم 28 أفريل الماضي، بعد انتهاء عملية التصويت لانتخاب رئاسة مجلس الشعب الصومالي الغرفة الأولى للبرلمان الصومالي.

وفاز الشيخ آدم محمد نور "مدوبي" بأغلبية كبيرة رئيسا للمجلس، وهو سياسي ينتمي لولاية جنوب غرب الصومال، وسبق أن ترأس مجلس الشعب في الفترة ما بين 2007 و2010، إضافة إلى شغله مناصب وزارية في حكومات سابقة.

كما فازت المرشحة سعدية ياسين بمنصب النائب الأول لمجلس الشعب، وهو سابقة لم يحدث في الصومال، ويراها المناصرون لحقوق المرأة نصرا كبيرا ومستحقا، يعزز نضال المرأة للوصول إلى مراكز صنع القرار، واختتم التصويت بانتخاب "عبد الله أبشرو" نائبا ثانيا لمجلس الشعب الصومالي.

وفي تصويت جرى في 26 أفريل الماضي، أعيد انتخاب عبدي حاشي رئيسا لمجلس الشيوخ الغرفة الثانية للبرلمان الصومالي إضافة إلى انتخاب نائبين له.

وبات المسار الانتخابي الصومالي أقرب من أي وقت مضى من نهايته، رغم ما مر به من عراقيل وتعثرات وتأجيلات نتيجة خلافات حادة بين الأطراف السياسية الصومالية والمسؤولين في أعلى هرم السلطة.

وكان من المقرر تنظيم انتخابات عبر تصويت شعبي مباشر في الصومال عام 2020 إلا أن ذلك تعذر، وكخطو بديلة اتفق المجلس الاستشاري الوطني الذي يضم الحكومة الفدرالية والولايات في 17 سبتمبر بنفس العام على انطلاق عملية انتخابية غير مباشرة مبنية على المحاصصة القبلية في البلاد أواخر عام 2020 بمواعيد وجداول محددة.

غير أن خلافات متكررة بين أعضاء المجلس الاستشاري وأخرى بين المسؤولين في أعلى قمة السلطة وقرارات أحادية الجانب تطورت إلى مواجهات مسلحة وضعت البلاد على حافة الانهيار كانت سببا في تأجيل الانتخابات، لكن المجلس الاستشاري أخيرا اتفق أعضاؤه في 27 ماي 2021 على مواعيد وجداول محددة لإجراء الانتخابات بالبلاد.

وانطلقت عملية انتخاب مجلس الشيوخ في الصومال المكون من 54 مقعدا في أوت 2021 واستمرت نحو 3 شهور، فيما انطلقت عملية انتخاب مجلس الشعب المكون من 275 مقعدا في الأول من نوفمبر 2021، واستمرت حتى منتصف أفريل من العام الجاري، وتوجت هذه العملية الانتخابية للمجالس التشريعية بانتخاب رئاسة مجلس الشيوخ ومجلس الشعب في 26 و28 أفريل الماضي على الترتيب.

وبعد المخاض العسير التي شهدته العملية الانتخابية الصومالية جراء التجاذبات والصراعات السياسية في بلد لا يزال في طور التعافي من حرب أهلية دامت قرابة 3 عقود، وإعادة بناء الدولة؛ ينتظر الشعب عملية التصويت لانتخاب رئيس لبلدهم لتكون ختاما للعرس الانتخابي الطويل.

inbound778686295787568073.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً