post

بن جعفر: من يتّهم الدستور بأنه أصل الداء أقول له "نعيب دستورنا والعيب فينا، وما لدستورنا عيب سوانا"

تونس الأربعاء 28 جويلية 2021

في بيان قدّمه للرأي العام على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، قال رئيس المجلس الوطني التأسيسي الدكتور مصطفى بن جعفر: "الآن وبعد أن هدأت النفوس ومرّت خمرة القرارات الرئاسيّة، وتبعا لما أعلن عنه رئيس الجمهوريّة من قرارات وتدابير استثنائية قال أنّها تندرج ضمن صلاحياته في تفعيل الفصل 80 من دستور الجمهورية الثانية، ينبغي أوّلا وقبل كلّ شيء أن نضع كلّ هذا الزخم والهبّة الشعبيّة والاحتجاجات في إطارها".

وأكّد بن جعفر أن الشباب الذي خرج إلى الشوارع في عديد المناسبات وآخرها يوم 25 جويلية مطالبا بالتغيير، ولم تثنه حرارة الطقس ولا خطورة الوضع الصحّي ولا حتّى إغلاق كلّ المنافذ المؤديّة إلى العاصمة هو شباب ضاق بالمنظومة ورموزها الفاشلة ذرعا فأصبح رافضا  لـ"السيستام" بأكمله.
وأوضح الدكتور بن جعفر "أنّ الأوضاع التي تمرّ بها البلاد على المستوى الصحّي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي تدفع حتما إلى الاحتجاج، فهي أوضاع خانقة بأتمّ معنى الكلمة، ولعل أبرزها الحصيلة الكارثيّة للإدارة العبثيّة للأزمة الصحية والتي ترتقي في بعض الحالات إلى مرتبة الإجرام". وأضاف "إن هذا الحراك الشبابيّ رغم تلقائيته و تنوّع شعاراته يعيد إحياء الأمل في التجربة الديمقراطية وفي الجمهورية الثانية التي عمل البعض على تعطيلها بكلّ الأساليب القانونية وغير القانونية، هذا الحراك يريد كنس الفساد والفاسدين، ويريد إعادة قطار التغيير على السكّة الصحيحة".

وبيّن بن جعفر أن إعلان رئيس الجمهورية عن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في إطار الفصل 80 من الدستور، جاء كشكل من أشكال الاستجابة إلى الهبّة الشعبية المواطنيّة العارمة المندّدة بما آلت إليه البلاد من تردٍّ وتأزم على كل المستويات، وفق تعبيره.
وتساءل بن جعفر: هل الأزمة التي تعيشها بلادنا منذ 2015 هي أزمة دستوريّة أم هي أزمة سياسيّة؟ وأجاب بأن الأزمة سياسيّة بامتياز، ومواصلة الجدل حول دستورية القرار الرئاسي قد يكون مفيدا جدا من الناحية النظرية والبيداغوجية والتثقيفية ولكنه عمليّا وعلى أرض الواقع غير مجدٍ ولا طائل من ورائه في ظلّ غياب المحكمة الدستورية حيث أنّها وحدها دون سواها المؤهلة  للحسم في ذلك، وكلنا يعلم من هم المسؤولين عن تعطيل إرسائها منذ أكثر من ست سنوات".

وتوجّه رئيس المجلس التأسيسي لكلّ من يتّهم الدستور بأنه أصل الداء بالقول "كما قال الإمام الشافعيّ بتصرّف: نعيب دستورنا والعيب فينا - وما لدستورنا عيب سوانا! وأضاف "إن الطبقة السياسية مسؤولة عن تصرفاتها وعن أخطائها، ولم أفوت فرصة لإبراز مكامن الداء وحالة الفوضى الهيكلية التي عمّت منظومتنا السياسية والحزبية مع الإشارة في نفس الوقت إلى سبل الدواء ولكن لم تلق دعواتي آذانا صاغية ولا عقولا واعية، وها نحن اليوم إزاء أزمة خانقة سياسيّة ومالية واجتماعيّة وصحية، والحمد لله أنّنا تجنّبنا - إلى حدّ الآن - الوقوع في المحظور، أي الحرب الأهلية والاقتتال فيما بيننا".

وأكد بن جعفر في بيانه "إننا كمناضلين سياسيين، نؤمن بإرادة الشعوب ونؤمن بحقّ المجتمعات في تقرير مصيرها، ونؤمن أن الشعب هو صاحب السيادة دون سواه ولا ينبغي أن يتواصل التلاعب به وبأصواته". وأكد ضرورة التقاط دلالات الهبّة الشعبيّة التي تبعت قرارات الرئيس و"ينبغي على الأحزاب والسياسيين أن يقوموا بنقد ذاتي ّومراجعات عميقة وأن يتواضعوا حتّى يعوا دون أن يسقطوا في منزلق الشعبوية أن الشعب قال كلمته، فالديمقراطية ليست استحقاقات انتخابية فحسب، بل هي مجموعة من التمارين والتجارب أعلاها نبض الشارع وانطباعه العامّ، ومن لا يصغي إلى صوت شعبه يفوته الركب ولا يبقى له عندما يستفيق سوى "غلّطوني" أو "فهمتكم" التي تأتي عامّة بعد فوات الأوان".

وكتب بن جعفر "الآن وقد حصل ما حصل، وبعد أن أعلن الرئيس عن التدابير الاستثنائية التي جاءت على خلفية الخطر الداهم، يجب أن نقول أننا لا نعطي صكوكا على بياض، خاصة وأنّ لنا في تاريخنا آيات وعبر وتجارب في الانقلاب على إرادة الشعب، آخرها انتهى بثورة خلصتنا من براثين الدكتاتورية التي عانينا منها الويلات وطردت الطاغية شرّ طرد، وينبغي أن يكون ذلك درسا يضعه كل من قد تسوّل له نفسه التغوّل والانفراد بالحكم نصب عينيه".
وأكد بالقول "ننتظر من الرئيس أن يقدّم خارطة طريق واضحة المعالم، وأن يضعها كمنصّة للانطلاق بعيدا عن منطق الإقصاء والتشفّي في حوار لا يبيّض الفاسدين ولا يتسامح مع المجرمين، حوار يضع فيه الجميع مصلحة تونس فوق كلّ الحسابات".

أمّا فيما يتعلق بالحقوق والحريات، قال بن جعفر "أتفهّم كلّ المخاوف التي عبرت عنها جل مكونات المجتمع المدني بل وأثمّنها، ولا شك أن الرئيس قيس سعيّد سيقدّم لنا الضمانات الكافية في هذا المجال، ولعلّ ما بادر به الرئيس من لقاءات مع المنظمات الوطنية ومختلف مكوّنات المجتمع المدني لا سيّما الناشطة منها في مجال حقوق الإنسان وما قدمه من تطمينات يمثل رسالة إيجابية في هذا السياق، وعلى كلّ حال لا خوف على تونس". وأضاف "إنّ الشعب التونسي وخاصة الشباب الذي ذاق طعم الحريّة لن يسمح بأي شكل من الأشكال التراجع عنها كلفه ذلك ما كلفه من تضحيات".

وفي انتظار الإعلان عن جملة الإجراءات القادمة من طرف رئيس الجمهورية، قال بن جعفر "نحن نساندك كما ساندناك سابقا عندما دعونا إلى انتخابك في الدور الثاني من الرئاسيّة وقلت وكتبت آنذاك أن في انتخابك فرصة تاريخية لإعادة قطار الثورة والانتقال الديمقراطي على السكّة الصحيحة بعد أن وقع تحويل وجهته منذ انتخابات 2014 لا سيّما عبر التوافق المغشوش بين الحزبين الحائزين على الموقع الأول والثاني في الانتخابات  التشريعية. ذلك التوافق الذي أدى إلى محصّلة كارثية: صفر في تركيز المؤسسات الدستورية وصفر آخر في الإصلاحات الاقتصادية الاجتماعية إضافة إلى صفر ثالث في محاربة الفساد والقطع مع سياسة الإفلات من العقاب... سنواصل مساندة قرارك الشجاع على الرغم من أنّه محفوف بالمخاطر وسنبقى على يقظة تامّة حتى تحقيق أهداف الثورة في إطار الشرعية الدستورية وفاء لتونس الجديدة ولشهدائنا الأبرار".

وختم بن جعفر بالقول "المطلوب من الرئيس أن يأخذ بزمام الأمور وأن يقرّ الإجراءات والمضيّ فيها حتّى نتمكّن بالسرعة اللازمة من العودة في أقرب وقت إلى السير العاديّ لمؤسسات الدولة فيبعث بذلك برسائل الطمأنة الضرورية للرأي العام الوطنيّ والدوليّ".

news/bn-gaafr-mn-ythm-aldstor-banh-asl-aldaaa-akol-lh-naayb-dstorna-oalaayb-fyna-oma-ldstorna-aayb-soana.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً