post

تواصل اعتصام مناهضي الانقلاب.. فهل تنتصر حرارة القلوب على برودة الطقس؟

تونس السبت 18 ديسمبر 2021

يواصل عدد من المحتجين من مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" الاعتصام في شارع الحبيب بورقيبة على مستوى ساعة ساحة 14 جانفي، وذلك عقب انتهاء مسيرتهم التي شهدها المكان نفسه أمس الجمعة.

ويعتصم مناهضو قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد بقيادة كلّ من أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك والناشط الحقوقي والسياسي الحبيب بوعجيلة وعدد من الناشطين السياسيين والحقوقيين على غرار القيادي المستقيل من حركة النهضة سمير ديلو، ونائبة رئيس مجلس نواب الشعب سميرة الشواشي، والمستشار السابق لرئيس الجمهورية راشد بالطيب وعدد من المواطنين.

وأكد بوعجيلة، صباح اليوم السبت، أن "ليلة 17 / 18 ديسمبر 2021 كانت ليلة قاسية جدًا على المعتصمين، الذين من بينهم نساء وشباب وكهول وشيوخ، قضّوها في العراء تحت درجة حرارة تناهز الـ3 درجات، بسبب منع القوات الأمنية تمكينهم من الحد الأدنى من كلّ الشروط الحياتية"، وفق قوله. وأوضح أنه "تم منعهم من إدخال الأكل والشرب وكل ما يمكن أن يساعدهم على مقاومة البرد من شاي وقهوة، وحتى من دخول دورات المياه"، على حد قوله.

واستطرد بوعجيلة، في بث مباشر على الفايسبوك: "كنا مدركين أن الأمر يتعلّق بمحاولة إحباط عزيمة المعتصمين وكسر اعتصامهم"، وأشار إلى أن "التعزيزات الأمنية لا تزال مشددة إلى حد اللحظة (صباح السبت) وإلى الآن يتم منع مناصرينا من الالتحاق بنا ومدّنا ببعض الأكل والشرب".

ولفت الناشط السياسي إلى أن قيادات المبادرة الديمقراطية حاولت قدر الإمكان الدخول في تفاوض مع القوات الأمنية واقترحت تمكينهم من مكان آخر للاعتصام يُسمح فيه بتوفير أبسط الظروف الملائمة لتنظيم اعتصام بالحد الأدنى الممكن، ولكن القوات الأمنية لم تكن على استعداد للدخول في التفاوض حول أيّ نقطة من النقاط".

وتابع: "المعتصمون، لتفادي البرد، أخذوا يتحركون طيلة الليلة جيئة وذهابًا في المربع الأمني الذي طوقته الحواجز الأمنية وكأننا في 'آريا" (ساحة) سجن"، حسب توصيفه، وطالب بـ"رفع الحواجز لتمكين المعتصمين من أخذ نصيب من الأكل والشرب وقسط من الراحة".

كما أكد بوعجيلة: "ما يحدث لم نره على امتداد 10 سنوات سواء في فترة رئاسة المنصف المرزوقي أو الباجي قائد السبسي. لم تشهد الاعتصامات في عهديهما ما شهدناه مع اعتصامنا هذا"، وأردف: "نندد بما جرى ونقول إننا انتصرنا على البرد وعلى أساليب الوحشية والنقمة والحقد التي لمسناها في هذه الممارسات التي لم يكن لها أي مبرر.. لقد مُورست ليلة تعذيب على المعتصمين والمعتصمات في تونس ما بعد الثورة".

ودعا الناشط السياسي المنظمات الحقوقية والأحزاب المناهضة للانقلاب والمحامين إلى أن يقولوا إن "ما حدث ليلة 17 / 18 ديسمبر 2021 جريمة كاملة الأوصاف". وقال بوعجيلة صباح اليوم "ليلة برد قاسية قضيناها في العراء، مواطنات ومواطنون يدافعون عن الثورة والديمقراطية.. مرت الليلة بالصبر والعزيمة، ننتظر الشمس لتدفئ الاجسام أما القلوب فقد كانت حرارتها كافية لننتصر على الصقيع". وأضاف انه تم حصار الاعتصام بطريقة استثنائية ووحشية حيث وقع منع المشاركين في الاعتصام من ادخال الخيام والماء والأكل. وتابع "نتمنى أن يتعامل معنا الأمن كما تعامل مع اعتصامات أخرى، نحن ممنوعون من الماء والغذاء والدواء ولكن سنصمد بقدراتنا".

من جهته، أكد أستاذ القانون الدستوري والناشط السياسي ضمن ائتلاف "المبادرة الديمقراطية" جوهر بن مبارك، صباح اليوم السبت أن اعتصام معارضي الرئيس سعيّد متواصل. ودعا القيادات السياسية والنواب والشخصيات الوطنية التي تظاهرت أمس الجمعة ضد الانقلاب، أن تحضر إلى مكان الاعتصام وأن تدعمه، ولو معنويًا على الأقل"، وفق قوله.

وأضاف: "من المفروض أن تكون المنظمات الوطنية والحقوقية موجودة لمعاينة آلية التعذيب الممنهج التي تمارسها سلطة الانقلاب بوضع الناس في العراء وتجويعهم"، وفق تصريحه.

وقال القيادي في حركة النهضة المشارك في الاعتصام محمد القوماني إن "الأمن يفرض حصارا واسعا على الاعتصام". وأضاف ان هناك من يعوّل على استسلامهم ولكن سيتواصل الاعتصام مبدئيا، وفق قوله.

واعتبر عدد من المعتصمين أن الليلة الأولى من الاعتصام ضد الانقلاب مرت بثبات وصبر برغم برودة الطقس، وبرغم منع الأمن إدخال الخيام للمكان ومحاصرته. وأكدوا تمسكهم بالدفاع عن الثورة وعن تونس الديمقراطية.

وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صورة لتونسية رفقة زوجها، في ليلة شتوية افترشا الأرض والتحفا السماء في اعتصام ليلة البارحة بعد أن منع الأمن نصب الخيام وجلب الأغطية، لم يطلبا شغلا ولا منحا ولا منصبا بل آثرا التضحية من أجل تونس، ومن أجل الأجيال لاسترجاع الحرية بعد محاولة السطو عليها.

وبدأ، مساء أمس الجمعة، عدد من النشطاء السياسيين والنواب المعارضين للإجراءات التي أعلنها الرئيس قيس سعيد، في تنفيذ اعتصام مفتوح بشارع الحبيب بورقيبة تحت شعار "إسقاط الانقلاب". وطالب المعتصمون سعيد بالتراجع عن الإجراءات السياسية التي أعلنها منذ تاريخ 25 جويلية 2021. وقامت وحدات الأمن بمنع أنصار "المبادرة الديمقراطية" المعارضة لإجراءات 25 جويلية 2021 من نصب خيام للاعتصام في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، بعد أن حاول عدد من المعارضين لرئيس الجمهورية المناصرين للمبادرة نصب خيام في العاصمة للاحتجاج على المسار الذي يتوخاه سعيد.

وكان عضو "المبادرة الديمقراطية" جوهر بن مبارك أعلن صباح أمس عن الدخول في اعتصام مفتوح للمطالبة بعزل رئيس الجمهورية قيس سعيد.

من جهته، قال رئيس الجمهورية الأسبق محمد المنصف المرزوقي، إن مستقبل تونس يكون بعودة الشرعية وعودة السيادة إلى الشعب على حد تعبيره. وأشار المرزوقي في حوار مع "يورونيوز" إلى أن الشعب التونسي الذي خرج الى الشارع سيعيد التوازن وسيرجع البلاد إلى مسارها الصحيح".

واعتبر المرزوقي أن رئيس الجمهورية  قيس سعيد "خان الوعد، وبين بأن إقالة سعيد ستأتي من الشارع على حد قوله. وتابع "العديد من التونسيين سيخرجون للشارع للمطالبة بإقالته وبنهاية بالانقلاب."

وفي تعليقه على الخطاب الأخير للرئيس قيس سعيد، وقراره مواصلة تعليق عمل البرلمان الى حين تنظيم انتخابات جديدة، قال المرزوقي، إن هذا القرار هو "مواصلة للانقلاب". واعتبر المرزوقي أن "تجميد نشاط البرلمان يعني تجميع السلطات بيد شخص واحد وهو ما اعتبره خرقا واضحا للدستور".

من جهتها، دعت حركة النهضة في بيان لها "كافة القوى المناهضة للتمشي الانقلابي الخطير على البلاد الى تصعيد أشكال النضال السلمي والمدني في مواجهة الانحراف بالسلط وضرب الشرعية والدستور وتكثيف العمل المشترك من أجل إنهاء الحالة الإستثنائية واستعادة الديمقراطية وتشكيل حكومة شرعية وناجعة والحفاظ على الحقوق والحريات المكتسبة".

واستنكرت النهضة بشدة محاولات المساس بالهيئات الدستورية التي مثلت نقطة ضوء في مسار البناء الديمقراطي و تَجدُّد محاولات هرسلة وضرب السلطة القضائية وتهميشها في محاولة لتطويعها كأداة لضرب الخصوم السياسيين وتصفية المؤسسات الديمقراطية وأهمها البرلمان والهيئة العليا للإنتخابات، كما حذّرت من مغبة ترذيل القوى الحية للدولة والمجتمع السياسي والمدني ونزعات الإقصاء التي دعت لها بعض الأطراف مؤخرا.

وجددت الحركة رفضها للتدابير الاستثنائية التي أصدرها الرئيس في 25 جويلية باعتبارها انقلابا على الدستور والثورة ونضالات أجيال من التونسيين، كما أكدت رفضها القطعي لمحاولات التمديد لحالة الحكم الفردي المطلق وتحديد مواعيد انتخابية دون حوار مع القوى السياسية والمدنية ولا تشاور مع الهيئة العليا للانتخابات ومحاولة فرض المشروع الخاص بالرئيس الذي يهدد بنيان الدولة ودستورها ومؤسساتها الديمقراطية.

واعتبرت أن التدابير الاستثنائيّة التي أعلنها الرئيس يوم 25 جويلية 2021 مثّلت انتكاسة للمكتسبات الديمقراطية وزادت في تعقيد الأزمة السياسية القائمة وفاقمت الأزمة الإقتصادية والمالية التي صارت تشكّل تهديدا خطيرا لمقومات الاستقرار السياسي والاجتماعي.

وشددت على أن الثورة دشنت مرحلة تاريخية نوعية قطعت مع نظام الإستبداد والفساد وعقود الظلم والقهر وأسست لمرحلة انتقال ديمقراطي اتّسمت بمشهد سياسي مشتّت حكمته التجاذبات والخلافات ووضع اقتصادي واجتماعي صعب لم تقدِر الحكومات المتعاقبة على تحسينه وتحقيق انتظارات عموم الشعب على هذا الصعيد.

وقالت في المقابل انها "تسجل  باعتزاز ما تحقق على صعيد الحقوق والحريات وتركيز الديمقراطية ومؤسساتها الأساسية في إطار دستور 2014 الذي حظي بتوافق عريض، نالت بسببه تونس جائزة نوبل للسلام وأصبحت التجربة الديمقراطية التونسية أيقونة المحافل الدولية".

ويذكر أن مدينة القصرين، شهدت احتجاجات ليلية ومناوشات مع قوات الشرطة. وبحسب شهود عيان، فقد قام محتجون بحي النور من مدينة القصرين، مساء الجمعة، بإحراق العجلات المطاطية في الطرقات. وأطلقت الوحدات الأمنية الغاز المسيل للدموع لتفريقهم بعد أن عمدوا إلى رشق الدوريات بالحجارة. وتمركزت قوة عسكرية بحي النور "للمساهمة في حماية المؤسسات الحيوية".

 

مسر-ت-ج-ام.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً