post

دعا إليه اتحاد الشغل.. موظفو القطاع العام ينفذون إضرابا عن العمل

اقتصاد وأعمال الخميس 16 جوان 2022

تعيش تونس، اليوم الخميس 16 جوان، على وقع إضراب عام في 159 مؤسسة ومنشأة عمومية على كامل تراب الجمهورية، كان دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل.

ويأتي الاضراب العام، عقب فشل جلسة صلحية كانت عقدت يوم 13 جوان بين الطرفين الحكومي والنقابي، وغداة انقطاع الحوار بين الاتحاد والحكومة التي أعلنت عن برنامجها للإصلاحات الكبرى بينما أكد اتحاد الشغل رفضه.

ويطالب الاتحاد، بسحب المنشور عدد 20 الذي يفرض على كتاب الدولة والرؤساء المديرين العامين ومديري المؤسسات والمنشآت الترخيص المسبق من طرف الكتابة العامة للحكومة قبل عقد أية جلسة للحوار مع النقابات، الذي أصدرته الحكومة بتاريخ 9 ديسمبر 2021 كما يتمسّك بتطبيق كل النقاط المضمنة بمحاضر الاتفاقيات السابقة وعلى رأسها اتفاق 6 فيفري 2021، وهو اتفاق اطاري ينص على اصدار أوامر حكومية في عدة قطاعات ينتمي بعضها للقطاع العام.

كما دعا اتحاد الشغل طبقا لبرقية الاضراب، إلى إلغاء المساهمة التضامنية لفائدة الصناديق الاجتماعية بنسبة 1 بالمائة، وإنهاء التفاوض حول القانون العام لأعوان المنشآت والمؤسسات العمومية، فضلا عن الشروع الفوري في إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية.

وإزاء الأزمة الاجتماعية والتباين في وجهات النظر، لوّحت الحكومة من جهتها، باتخاذ اجراءات التسخير لتأمين حدّ أدنى من الخدمات، وفق ما صرّح به ناطقها الرسمي نصر الدين النصيبي، وهو ما اعتبره الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري "اجراءات غير دستورية"، وأكد أن تراتيب الإضراب العام ضبطت الحدّ الأدنى من الخدمات بمراكز العمل الحيوية.

وأقرّ وزير التشغيل، بصعوبة تطبيق اتفاق 6 فيفري 2021 الموقّع بين الحكومة السابقة والاتحاد دفعة واحدة جراء كلفته المالية التي تناهز "مليار دينار"، وأكد أن الحكومة اقترحت على الاتحاد خلال جلسة التفاوض 5 زائد 5 (بين الحكومة واتحاد الشغل) تطبيق هذا الاتفاق على 3 سنوات أي إلى غاية سنة 2024.

لكن الطاهري اعتبر أن ما قاله الوزير "مغالطة كبيرة"، وأشار إلى أن وزيرة المالية اقترحت في آخر جلسة تفاوض يوم 13 جوان الجاري، تقسيط تنفيذ هذا الاتفاق على خمس سنوات مع مدة إمهال بسنتين، وهو ما يعني أن "تنفيذ الاتفاق سيتأخر لسنوات يتراوح مداها من 2025 الى 2029".

ولفت الى أن الأوامر الحكومية لتطبيق اتفاق 6 فيفري توقف إصدارها منذ 25 جويلية 2021 بعد أن نشرت لائحة منها بكلفة ناهزت 160 مليون دينار، منتقدا، ما وصفه بـ"تعمّد الحكومة التنصل من احتساب الكلفة المالية لهذا الاتفاق ضمن ميزانية 2022 رغم علمها بكلفته المالية".

ويشمل الإضراب كافة القطاعات الحيوية، حيث توقف العمل في كل المؤسسات والمنشآت التابعة لرئاستي الجمهورية والحكومة، فضلاً عن تعطل الخدمة في قطاعات النقل البري والصحة والتربية والتجهيز والطاقة والتجارة والشؤون الاجتماعية والتشغيل والتخطيط والاقتصاد والثقافة والإعلام العمومي، والاتصالات وخدمات البريد والمؤسسات التعليمية، بما فيها المدارس والجامعات، كما ستتوقف الحركة الجوية في سائر مطارات البلاد وحركة النقل البحري، في وقت تستعدّ فيه تونس لموسم سياحي.

ولفتت بيانات منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى توتر الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، حيث تحدّثت عن تسجيل 734 تحركا احتجاجيا في البلاد خلال شهر أفريل و582 تحركا خلال ماي الماضي. وقالت عضوة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نجلاء عرفة إن 42 في المائة من الاحتجاجات التي تم رصدها خلال شهر ماي الماضي تتعلّق بحقوق العمّال المالية و31 في المائة احتجاجات ضد ضعف الرواتب. وأكدت أن 76 في المائة من مجموع الاحتجاجات ذات طابع اقتصادي واجتماعي و66 في المائة منها ضد سياسات القطاع العمومي التي تتسم بضعف الخدمات العامة والتنصل في تنفيذ اتفاقيات تسوية للعاملين بعقود هشّة.

وتخوض تونس مفاوضات شاقة مع صندوق النقد من أجل الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار، لكن المؤسسة الدولية تشترط جملة من الإصلاحات الموجعة، من بينها رفع الدعم ووقف زيادة الأجور وخصخصة عدد من المؤسسات العمومية التي تواجه صعوبات اقتصادية والتوافق مع الطرف النقابي.

وتتهم الحكومة الاتحاد بعدم الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والمالي الذي تمر به البلاد. ويظهر الاتحاد في موقف قوة لأن الحكومة تحتاج إليه لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد.

وعبّر الاتحاد عن رفضه لما أسماه "الإصلاحات المؤلمة" الرامية برأيه إلى إرضاء صندوق النقد الدولي وهو كذلك يطالب "بضمانات" لجهة عدم خصخصة الشركات التي تحتكرها الدولة وفي مقدّمها "ديوان الحبوب" و"شركة فسفاط قفصة".

وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني اعتبرت في نهاية ماي الماضي أنّ الخلافات بين الاتحاد والحكومة تعرقل مفاوضات البلاد مع صندوق النقد الدولي، وأكدت أنّه "من الصعب جدا" إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية دون دعم المركزية النقابية.

ويقدر خبراء في الاقتصاد تكلفة إضراب عام في القطاع العمومي بقيمة تتراوح ما بين 200 و300 مليون دينار. ويعاني التونسيون من وضع اقتصادي صعب وتصاعد التضخم الذي بلغ 7.8 في المائة على أساس سنوي خلال ماي الماضي، ارتفاعاً من 7.5 في المائة في أفريل السابق له، قرب أعلى مستوى منذ 30 عاماً.

وأعلنت الحكومة بداية الشهر الحالي اعتزامها إلغاء دعم الوقود والغذاء والكهرباء تدريجياً، فضلا عن إيقاف التوظيف في القطاعات العمومية. ونشرت رئاسة الحكومة بنود الخطة التي تمتد خلال الأعوام من 2023 إلى 2026، وتتضمن 43 بنداً تشمل إصلاح الدعم والمؤسسات الحكومية والنظام الجبائي ورقمنة الخدمات الإدارية، إذ تعتزم الحكومة إجراء تعديل شهري على أسعار المحروقات، ومراجعة أسعار غاز الطهي الموجه للاستهلاك العائلي، وتحرير توريد المواد البترولية وزيادة أسعار الكهرباء، ورفع الدعم عن الغذاء.

ويتزامن هذا الإضراب مع توسع دائرة الاحتجاج ضد الرئيس قيس سعيّد في ظل الحوار الوطني الذي تقاطعه كبرى الأحزاب السياسية فضلا عن اتحاد الشغل، ودعوات لمقاطعة الاستفتاء على الدستور الجديد في 25 جويلية المقبل.

ورفض اتحاد الشغل المشاركة في الحوار الوطني، معلّلاً قراره بأنّ هدف هذا الحوار هو "فرض سياسة الأمر الواقع" وإقرار نتائج تمّ "إعدادها من طرف الرئيس"، رغم مساندة المنظمة لإجراءات سعيّد في 25 جويلية الماضي وإقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ثم حلّه.

inbound7307135355775961414.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً