post

ربع المهاجرين نحو إيطاليا في 2021 تونسيون!

تونس الجمعة 17 ديسمبر 2021

ازداد عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا انطلاقا من سواحل تونس هذا العام بشكل كبير، ما أثار قلق السلطات الرسمية هناك.

وقالت وزارة الداخلية الإيطالية إنه منذ بداية العام وحتى اليوم، وصل 63,246 مهاجرا إلى سواحل البلاد.

وأضاف بيان للوزارة صادر أمس الخميس، أنه ''في الفترة ذاتها من العام الماضي كان عدد المهاجرين الوافدين قد بلغ 33,296 بينما في عام 2019 كان عددهم 11,097 فقط''. وبين أن ''المعطيات، تأخذ بعين الاعتبار عمليات رسوّ قوارب الهجرة وإنقاذ المهاجرين التي تم رصدها بحلول الساعة الثامنة من صباح يوم أمس".

وأشار البيان الى أن ''من بين الـ63,200 مهاجر وصلوا إلى إيطاليا عام 2021، هناك 15106 مواطنون تونسيون (24٪)، ثم يأتي المصريون (8109، بنسبة 13٪)، بنغلاديش (7567، 12٪)، إيران (3848، 6٪)، ساحل العاج (3634، 6٪)، العراق (2534، 4٪)، غينيا (2348، 4٪)، سورية (2192، 4٪)، إريتريا (2187، 3٪)، المغرب (2167، 3٪).

وبحث متخصصون في قضايا الهجرة، أمس الخميس، موضوع الهجرة وتطوّرها لدى الأسر التونسية، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمهاجرين الموافق لـ18 ديسمبر من كل عام.

وقدّم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نتائج دراسة ميدانية شملت قضايا الهجرة بعنوان "جائحة كوفيد 19 وتطور نوايا الهجرة لدى الأسر التونسية"، واعتمدت الدراسة على عيّنة من 1400 أسرة من سبع مناطق.

وخلصت نتائج دراسة بعنوان "جائحة كوفيد-19 وتطور نوايا الهجرة لدى الأسر التونسية" إلى أن 25 بالمائة من المستجوبين يفكرون دائما في الهجرة، وفق ما أكده الباحث في علم الاجتماع ومعد الدراسة زهير بن جنات.

وقال بن جنات، إنّ الدراسة "أجريت في الفترة من 15 جوان إلى 15 جويلية، وهي فترة ذروة التوتر السياسي في تونس وأزمة السلطة التي عاشتها البلاد، وشملت 51.2 بالمائة إناثاً و48.8 بالمائة ذكوراً و24.5 بالمائة تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، و21.9 بالمائة بين 30 و39 عاماً و18.9بالمائة بين 40 و49 عاماً.

وأكدّ بن جنات أن أزمة الإدماج الاجتماعي كان لها دور في تزايد المهاجرين الفارين من البطالة، وبين أن هناك 20.9 بالمائة من المستجوبين غير راضين عن الوضعية المهنية، و20.2 بالمائة غير راضين عن خدمات النقل في منطقتهم، و16.4 بالمائة غير راضين عن ظروف الإقامة في البلد، و 12.3 غير راضين عن ظروف الإقامة مع الأسرة.

وأوضح المتحدث أن هناك 60 بالمائة من العينة حاولوا أثناء جائحة كورونا الهجرة وفشلوا و50 بالمائة حاولوا قبلها. وأضاف أن 10 بالمائة سبق وتقدموا بمطالب للحصول على تأشيرات في فترة فيروس كورونا ولم يحصلوا على الموافقة، و20 بالمائة قدموا طلباتهم قبل كورونا.

من جهته، أكد المسؤول عن الإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أنّ "2021 كانت سنة استثنائية بسبب الوضع السياسي والتطورات والوضع الصحي نتيجة جائحة كورونا وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي". وبين أن السنة استثنائية أيضاً من حيث عدد الواصلين بنحو 15.200 مهاجر إلى حد الآن، وأشار إلى أن السلطات التونسية منعت وصول 25 ألف مهاجر، ما يمثل ضعف الرقم المسجل في 2020.

وضع المهاجرين

ولفت بن عمر إلى أن وضع المهاجرين التونسيين يتسم بالهشاشة، خاصة أن الدول الأوروبية نجحت في الضغط على تونس لترحيل التونسيين، وتمت إعادة نحو 1600 مهاجر هذا العام من إيطاليا إلى تونس، ولا بد من احترام الاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان.

وقالت مسؤولة من منظمة "محامون بلا حدود"، مارتينا كوستا، إنّ "هناك عواقب وخيمة جراء ترحيل التونسيين وخاصة الذين هاجروا إلى إيطاليا، فهم يواجهون هياكل العزل ويخضعون للحجر الصحي ويوضعون في أماكن ومراكز الفرز ثم يرحلون إلى تونس، وعادة الإجراءات سريعة جداً ولا يتم الاهتمام بالمعطيات عن حقوقهم، وظروفهم ووضعهم"، وبيّنت أن "مراكز الفرز هي مراكز احتجاز، وبسبب تصنيف تونس كبلد آمن لا تأخذ مطالب الحماية الدولية بعين الاعتبار وضع المهاجرين التونسيين".

ورأى الباحث في المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة، فيليب ناصر، أن الاتحاد الأوروبي يتابع تحرك الأشخاص من الشمال إلى الجنوب، وبين أن هناك عدة إجراءات تهمّ حرية تنقل المهاجرين منها الاتفاقيات الدولية والأفريقية، وكذلك يتم جمع المعلومات والمعطيات لفهم الظاهرة، وأكد أن المركز الدولي للهجرة ركّز عمله على شمال أفريقيا بالاعتماد على عدة تجارب.

وأضاف أن هناك دعماً هاماَ لفائدة السلطات الأمنية التونسية يقدر بنحو8.3 ملايين يورو أي نحو 20 مليون دينار، خُصّص لمراقبة الحدود، وأشار إلى أن هناك اهتماما بتدريب الوحدات البحرية التونسية لتعزيز قدراتها على مراقبة الحدود.

وأوضح رئيس جمعية الأرض للجميع، عماد السلطاني، أنّ البحر المتوسط تحوّل إلى مصدر حزن للعائلات، وهو يوم حزن على المهاجر وسام عبد اللطيف الذي مات معتقلا في روما بعد أن وجد نفسه معتقلا ومقيّدا في مستشفى بإيطاليا وتوفي في 28 نوفمبر 2021 في ضرب واضح لحقوق الإنسان، ودعا إلى تمكين المهاجرين من حقوقهم ووضع حدّ للترحيل القسري.

مقاربة أمنية

وندد الناطق باسم المنتدى رمضان بن عمر في تصريح صحفي، بالمقاربة الأمنية التي يعتمدها الجانب التونسي والدول الأوروبية في معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي ارتفعت وتيرتها خلال الأشهر الماضية، ضاربة بعرض الحائط جميع المعاهدات الدولية بشأن ظاهرة الهجرة والحق الطبيعي في التنقل والسفر.

وتؤكد أرقام حديثة للمنتدى التونسي بلوغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الحاملين للجنسية التونسية الذين تم احتجازهم في مراكز الإيواء بإيطاليا 2623 من جملة 4387 شخصا، أي بنسبة 59.5%، في حين يستأثر هؤلاء بالنسبة الأكبر في عدد المرحلين مقارنة بجنسيات أخرى.

ولم يخف بن عمر خشيته من إمكانية إبرام تونس اتفاقا غير معلن مع دول أوروبية خاصة فرنسا وإيطاليا، بهدف التسريع في عملية ترحيل المهاجرين غير النظاميين.

وأكد أن السلطات في تونس تعاونت في تفعيل آلية تسريع الإجراءات القنصلية الخاصة بترحيل المهاجرين التونسيين غير النظاميين، على عكس دولتي الجزائر والمغرب اللتين رفضتا التعاون مع فرنسا في هذا الشأن.

وأضاف: "السياسة التونسية في مجال ظاهرة الهجرة غير النظامية باتت تقتصر على دور حارس الحدود الأوروبية من خلال منح الضوء الأخضر للترحيل القسري وإعادة قبول المهاجرين".

وكشف بن رمضان منع السلطات التونسية خلال الـ11 شهرا الأخيرة أكثر من 24 ألف مهاجر غير نظامي من الوصول إلى السواحل الإيطالية؛ وهو رقم يمثل أكثر من 55% من العدد الإجمالي للمهاجرين التونسيين الذين تم منعهم على مدى السنوات العشر الأخيرة.

وقال بن عمر إن "تونس باتت اليوم -وأكثر من أي وقت مضى- مستعدة لتقديم التنازلات في مجال قضية الهجرة على حساب سيادتها وكرامة مواطنيها، في سبيل تحقيق بعض المكاسب السياسية"، واعتبر أن هذا التعاون الأمني المريب مع الجانب الأوروبي جعل من جيش البحر وحرس السواحل مجرد عنصر يأتمر بأوامر وكالة حراسة الحدود الأوروبية.

ويذكر أن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال سبق أن أشاد -في حديثه لوسائل إعلام فرنسية- بتعاون السلطات التونسية في إجراءات ترحيل المهاجرين غير النظاميين، وشدد على أن بلاده اتخذت قرارات صارمة بشأن إعادة المهاجرين الذين لا يحملون تصاريح بقاء في فرنسا.

ولفت أتال -في المقابلة ذاتها- إلى أن قرار باريس بخفض منح التأشيرات لدول تونس والمغرب والجزائر إجراء عقابي، بهدف حثها على تغيير سياستها والموافقة على إصدار تصاريح المرور القنصلية وترحيل المعنيين إلى تونس.

وقدرت وكالة الأنباء الفرنسية -في تقرير لها- عدد التونسيين المهددين بالترحيل من فرنسا بـ3424 شخصا، بزيادة قدرها 43% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وبحسب النائب عن التيار الديمقراطي المقيم في إيطاليا والمتخصص في قضايا وشؤون المهاجرين مجدي كرباعي، أسهمت جائحة كورونا -التي ضربت تونس وكانت لها انعكاسات اقتصادية موجعة على معيشة المواطنين- في الترفيع من نسق الهجرة السرية نحو إيطاليا التي باتت تستقطب جميع الفئات والشرائح العمرية بدون استثناء.

وأكد الكرباعي تضاعف نسق الهجرة غير النظامية نحو الأراضي الإيطالية منذ مطلع جانفي 2021 إلى غاية 30 نوفمبر الماضي ليتجاوز العدد 15 ألف تونسي؛ وهو رقم لم يسجل منذ تاريخ اندلاع الثورة عام 2011.

واستذكر الكرباعي الزيارات المثيرة "التي لم تبح بأسرارها"، وفق قوله، لكل من وزيرة الداخلية الإيطالية لوتشيانا لامورجيزي، والمفوضة الأوروبية المكلفة بالشؤون الداخلية يلفا يوهانسون واستقبالهما من قبل الرئيس قيس سعيد.

هجر-غر-نظام-3.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً