post

فشل في دخول طرابلس انطلاقا من معبر وازن ذهيبة.. لماذا يمارس باشاغا مهامه من تونس؟

تونس الإثنين 18 أفريل 2022

يتواصل السجال السياسي في ليبيا بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا، حول أحقية وشرعية كل منهما بصلاحيات السلطة التنفيذية في البلاد، لكنهما فضلا الابتعاد قدر الإمكان عن الخيار العسكري، فيما فرضت بعض التطورات على الساحة  السياسية خيارات أخرى.

وتزامنا مع المشاورات التي تحتضنها العاصمة المصرية القاهرة، بين لجنتين عن مجلسي النواب والدولة حول التوافق على قاعدة دستورية ستفضي لإجراء الانتخابات التي فشلت الأطراف في إجرائها في 24 ديسمبر الماضي، تداولت وسائل إعلام ليبية وتونسية نبأ محاولة باشاغا دخول العاصمة طرابلس انطلاقا من الأراضي التونسية.

لقاءات ماراطونية

وأفادت مصادر مطلعة أن باشاغا أجرى لقاءات ماراطونية جمعته بالعديد من الشخصيات الليبية والأجنبية في تونس. والتقى باشاغا في تونس مع عدد من قادة الميليشيا، وآمري الكتائب المسلحة في مصراتة وصبراتة والزنتان، في إطار المشاورات الجارية استعدادا لدخول العاصمة طرابلس بعد التصويت على حكومته من طرف مجلس النواب منذ فترة، ومن بين هذه الشخصيات التي التقاها باشاغا أسامة الجويلي ومختار الجحاوي وعبد السلام عليلش، ومحمد الحصان.

وأجرى باشاغا لقاءات مع القائد الميداني من مدينة صبراتة عبد الله الخطابي ورئيس مجلس الزنتان فتحي الغزيل. كما عقد باشاغا المتواجد منذ نحو 3 أسابيع بمقر إقامته بتونس وتحديدا بأحد نزل الضاحية الشمالية للعاصمة لقاءات مع ممثل الأفريكوم وعدد من السفراء الأجانب على رأسهم سفير الولايات المتحدة الأمريكية وسفير تشكيا وغيرهم. والتقى مستشارو باشاغا كذلك وفدا عن اتحاد الصناعة والتجارة التونسي يتقدمه رئيسه سمير ماجول، وذلك في مأدبة إفطار بسيدي بوسعيد.

فكيف لتونس أن تستضيف رئيس حكومة وتفتح له المجال لممارسة مهامه بصفة عادية والحال أن ليبيا تشهد انقساما وتنازعا للشرعيات؟ وهل من مصلحة بلادنا الدخول ضمن التنازع الدولي ولعبة المحاور ودعم جهة على حساب أخرى؟ أليس من الأسلم تجنب الخلافات وتجنب الاصطفاف وعدم تمييز طرف على طرف خصوصا وأن طرابلس أقرب لنا من بنغازي؟ وهل يندرج هذا الأمر ضمن دعم برنامج "حفتر" الذي أحيل على التقاعد بعد انتهاء صلاحيته واختيار باشاغا مكانه؟

محاولة باشاغا

وقال المحلل السياسي والكاتب الصحفي الليبي عبد الله الكبير، في تصريح صحفي، إن "باشاغا حاول التواصل مع بعض التشكيلات المسلحة، على غرار قوى الجبل الغربي التي سعت لتأمين دخوله عبر معبر وازن ذهيبة الحدودي مع تونس، لكن القوى العسكرية والمدنية الرئيسية لمدينة نالوت المتاخمة للحدود التونسية رفضت تحمل مسؤولية دخول حكومة باشاغا لتتفادى التورط في اندلاع أي صراع مسلح محتمل في العاصمة، لاحقا".

وأفادت مصادر إعلامية أن السلطات الليبية رفضت، السبت الماضي، عودة رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا عبر معبر "ذهيبة-وازن" لصعوبة تأمينه، بعد أن قضى أياما في تونس.

وأكدت قناة "فبراير" الليبية، الخبر، حيث نقلت عن عميد بلدية نالوت، عبد الوهاب الحجام، قوله إن قوات المدينة تصدت، فجر السبت، لمحاولة قوة تابعة لرئيس المخابرات الليبية أسامة الجويلي تأمين دخول باشاغا من تونس إلى ليبيا عبر معبر "وازن-ذهيبة" الحدودي.

وسارع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، مساء السبت، إلى لقاء السفير التونسي المعتمد لدى ليبيا، ورئيس لواء مكافحة الارهاب اللواء محمد الزين، وكذلك عميد بلدية نالوت عبدالوهاب الحجام.

فشل متوقع

وأوضح الكاتب الصحفي الليبي عبد الله الكبير، أن محاولة باشاغا الدخول إلى طرابلس عبر تونس، كان متوقعا لها الفشل، وذلك لأن المدن الحدودية الليبية لا تريد تحمل مسؤولية دخول باشاغا، الذي قد ينتج عنه اندلاع أي صراع مسلح بالعاصمة طرابلس، بحسب تعبيره.

وأضاف: "لا يمكن تشكيل أو تمكين حكومة بدون توافق بين أغلب الأطراف السياسية في البلاد". وتابع: "الحالة الأخرى التي يمكن أن تقبل بها الحكومة هي فرض نفسها عبر قوة السلاح على كل القوى السياسية ومنها القبول بها محليا ودوليا".

مطالب القوى العسكرية

وفي السياق ذاته، قالت القوة الثامنة التي تعرف بالنواصي، في بيان لها السبت، إن "الصراع السياسي بين الحكومتين كاد أن يتحول إلى صدام مسلح". وحذرت القوة الأمنية باشاغا والدبيبة من "تحويل الصراع السياسي إلى صراع مسلح يأكل الأخضر واليابس في العاصمة".

وطالب القائدان العسكريان بمدينة مصراتة "مختار الجحاوي" و"محمد الحصان" في بيان مصور، الدبيبة وباشاغا بإبقاء الصراع سياسيا، محملان إياهما مسؤولية "إراقة أي دم من أبناء البلاد"، إضافة لتحميل البعثة الأممية "مسؤولية ما قد يحدث من صدام".

وأكد القائدان العسكريان تواصلهما مع بعض القادة العسكريين لفتح قنوات اتصال بين الأطراف قصد تجنيب البلاد الصراع والوصول إلى حل يبدد زعزعة الأمن والاستقرار.

فشل احتواء القوى العسكرية

وقال المحلل السياسي الليبي، بدر شنيبة، في تصريح صحفي، إن "رئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا لم يستطع كسب تأييد القوى العسكرية الرئيسية في المنطقة الغربية التي ترفض تحالفه مع حفتر في تشكيلته الحكومية كونها هي التي واجهت هجوم حفتر على العاصمة طرابلس عام 2019".

وأوضح شنيبة أن تلك القوى العسكرية ترى أن "تمكين اللواء المتقاعد خليفة حفتر من مناصب سيادية في الحكومة لا يخدم مصالحها ولا يتناسب مع تضحياتها التي قامت بها لإفشال خططه بالسيطرة على مفاصل الدولة"، بحسب تعبيره.

واستطرد المحلل السياسي الليبي بالقول إن "موقف بعض التشكيلات المسلحة قد يتغير إذا ما تم تقديم ضمانات لها بالحفاظ على دورها العسكري وعدم لعب حفتر وأعوانه دورا مؤثرا في قرارات الحكومة". وتابع: "بعض هذه التشكيلات تبحث عمن يحافظ على مصالحها ونفوذها وبالتالي فإنها إذا تحصلت على وعود من باشاغا بذلك فقد تغير ولاءاتها".

ضغط على مشاورات القاهرة

واعتبر الكاتب الصحفي عبد الله الكبير أن "محاولة باشاغا في هذا التوقيت لها علاقة مباشرة بالمشاورات التي تجرى في العاصمة المصرية القاهرة بين مجلسي النواب والدولة برعاية من المخابرات المصرية التي ترى بأن الموقف القوي لحكومة باشاغا في هذه المفاوضات يرتبط بحصوله على موطئ قدم في العاصمة طرابلس".

وعلقت اللجنة الدستورية المشتركة بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، مساء السبت، أعمالها إلى ما بعد عيد الفطر، بعد أربعة أيام من انطلاق أشغالها في العاصمة المصرية القاهرة، برعاية أممية.

وتشهد ليبيا حالة انقسام سياسي، وسط مخاوف من الانزلاق لحرب أهلية على خلفية تنصيب مجلس النواب في طبرق مطلع مارس الماضي، فتحي باشاغا رئيسا لحكومة جديدة بدلا من حكومة يرأسها الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عن طريق برلمان جديد منتخب.

وفي 10 فيفري الماضي، أعلن البرلمان التصويت لصالح مقترح لتعديل الإعلان الدستوري. وفي 4 مارس، أعلنت البعثة الأممية في ليبيا، مبادرة لتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب بطبرق والمجلس الأعلى للدولة لوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات.

inbound3592333108671939693.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً