post

في الذكرى 102 لتأسيس النادي الإفريقي.. هل يستعيد فريق باب جديد أمجاده ويعود للتتويجات؟

رياضة الثلاثاء 04 أكتوبر 2022

يُحيي "شعب الإفريقي" اليوم الثلاثاء 4 أكتوبر 2022، ذكرى تأسيس فريقه الـ102. أكثر من مائة سنة مرّت على انطلاق مسيرة نادي باب الجديد الذي وُلدَ من رحم الإرهاصات الأولى للحركة الوطنية المناهضة لمعاهدة الحماية الفرنسية ونظام الميْز العنصري المسلّط على التونسيين.

وأُريدَ لهذا النادي، منذ اللحظات الأولى لتأسيسه، أن يكون رافدا من روافد النضال والمقاومة والتمسّك بالهوية العربية الإسلامية في زمن أراد فيه الفرنسيون طمس هذه الملامح في المجتمع التونسي استعدادا لتحويل البلاد الى مستعمرة فرنسية لا تاريخ لها ولا حاضر ولا مستقبل.

102 سنة.. تاريخ يحمل لمحبّي الأحمر والأبيض ذكريات امتدت لأكثر من قرن من الزمن دافع خلالها الفريق عن كيانه ووجوده وحصد ألقابا وبطولات بفضل تضحيات رجالات كانوا يمثلون صفه الأول.

قصة كفاح

يوم 4 أكتوبر 1920 أمضى الوزير الأكبر الطيّب الجلولي وثيقةَ تأسيس النادي الإفريقي ليعلن رسميا عن ميلاد أحد أعرق الأندية التونسية والعربية والإفريقية. وانطلقت المسيرة من باب الجديد من مقهى الفرجاني الحاج عمار مرورا بمخزن الصوف بالمركاض ليبعث فريق بزخم كبير على عديد الأصعدة.

ورغم أنّ الإفريقي كان بُعث رسميا سنة 1920 إلا أنّ مؤرخي النادي ما انفكّوا يؤكدون أنّ مسار التأسيس لم يكن مقتصرا فقط على مشوار الحصول على توقيع الطيب الجلولي بل انطلق كفكرة حملها الآباء المؤسسون قبل سبع سنوات من تاريخ نشأة نادي باب الجديد بصيغته الحالية.

ويذهب الكثير من المؤرخين لمسيرة الأحمر والأبيض الى أنّ النادي بدأ يتشكّل في أذهان مؤسّسيه منذ انخراطهم في نادي المُذَنّب الذي أسّسه الصحفي الفرنسي لويس فالونتان بتلاميذ الأقسام النهائية بالمعهدين الصادقي والعلوي سنة 1913. ولم يكن نادي المُذَنّب الأفقَ الذي يُلبّي طموحات ذلك الشباب المتحمّس فكانت القطيعة حتمية خاصّة مع رئيس متسلط على غرار فالونتان.

وبعد الانفصال عن المُذَنّب تقرر إحداث ناد يجمع شتات الشباب المسلم خصوصا مع الحضور القوي للجاليات الأجنبية (فرنسية وإيطالية ومالطية) بالتوازي مع الفرق اليهودية.

وفي سنة 1915 تمّ تأسيس “الملعب الإفريقي” الذّي ضمّ في صفوفه، على سبيل الذكر لا الحصر، قائدَ نادي المُذَنّب صالح السوداني، لتنطلق المسيرة بخطى سريعة إلى أن حان موعد الصّدام مع الاحتلال الفرنسي نتيجة أحداث عنف جدّت خلال مباراة جمعته بملعب تونس العاصمة (Stade Tunisois) في مارس 1918.

وحصل نادي باب الجديد في النهاية على الموافقة لينطلق في النشاط كأقدم ناد تونسي مسلم لا يزال قائما إلى اليوم بل هو الأقدم في منطقة المغرب العربي تليه مولودية الجزائر التي تأسست يوم 7 أوت 1921 ثم الوداد المغربي في 8 ماي 1937 فالاتحاد الليبي في 29 سبتمبر 1944.

تتويجات

 ويعد فريق النادي الإفريقي لكرة القدم أحد المتراهنين التقليديين على لقب البطولة إلى جانب منافسيه النجم الرياضي الساحلي والنادي الصفاقسي والترجي الرياضي التونسي. وتوج الفريق بإحدى عشر كأسا وباثني عشر بطولة وثلاث كؤوس سوبر. ويضم النادي عدة اختصاصات أخرى أهمها كرة اليد، كرة السلة، السباحة، كرة الماء..

والنادي الإفريقي أيضا هو أول فريق تونسي يتحصل على كأس إفريقيا للأندية البطلة في بداية التسعينات سنة 1991 كما فاز بالكأس الأفروآسيوية للأندية سنة 1992 والبطولة العربية للأندية الفائزة بالكؤوس سنة 1995 ودوري أبطال العرب سنة 1997 وكأس شمال إفريقيا للأندية البطلة في مناسبتين والكأس المغاربية للأندية البطلة في ثلاث مناسبات سنة 1974 و1975 و1976 والكأس المغاربية للأندية الفائزة بالكؤوس سنة 1971.

وحقق الفريق إنجازا باهرا في موسم 1991-1992 عندما فاز بالبطولة والكأس وكأس إفريقيا للأندية البطلة لكرة القدم والكأس الأفروآسيوية للأندية محققا بذلك الرباعية التاريخية بقيادة الروماني بلاتشي.

متنفس الجماهير

ومرّت السنوات وتعاقبت الأجيال على فريق خُلق من رحِم حلم صنعه رجال وآمن به جمهور انطلق في وضع اسمه على طاولة التتويجات التونسية والقاريّة، حاصداً ألقاباً في كل الرياضات، وزارعاً عشقاً في قلوب جماهير تعلّقت بألوان الأحمر والأبيض.

وطوال قرن من الزمن، لم يكن النادي الافريقي مجرّد نادٍ، لقد تحوّل الفريق إلى شعار ونظام حياة وطريقة عيش، في وطن أصبحت فيه الرياضات الجماعية والفردية مُتنفّساً تلجأ إليه الجماهير دفاعاً عن حريّتها وتعبيرا عن آرائها.

وسجل فريق باب جديد منذ تأسيسه تتويجات تجاوزت حدود الوطن ورفعت راية تونس عالياً، ربّما بقيت في الأذهان تلك الألقاب التي رفعها فرع كرة القدم، لكن النادي الإفريقي يملك في خزينته ألقاباً بقيت خالدة في التاريخ وراسخة في أذهان محبيه من الشمال إلى الجنوب.

وعلى غرار الفروع الأخرى، شهد فرع كرة القدم مرور أساطير منذ تأسيسه، أسماء كالصادق عتوقة، منير القبائلي، الهادي بن عمار، محمد صالح الجديدي، علي رتيمة، أحمد الزيتوني، عيد الرحمان الرحموني، نجيب غميض، الطاهر الشايبي، منصف الخويني، حسن بعيو، مختار النايلي، الهادي البياري... هي أسماء لعمالقة لا يمكن أن ينسوا من الذاكرة.

معدن الجمهور

ولكن قصّة النادي الافريقي الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاه الثاني بعد المائة لم يصنعها لاعبون ومسؤولون ومدربّون فقط، بل كانت قصّة صنعها أيضاً جمهور لبّى نداء الواجب ودافع عن ألوانه، مضحيّاً بكل ما يملك حتى يواصل النادي مسيرته.

ولا يمكن لأحد أن ينسى الأزمات التي هزّت نادي باب جديد منذ 2016 والتي هدّدت كيانه وجعلت جماهيره تنتفض وتثور على وضع كاد يعصف بالفريق ليتحدوا ويضعوا اليد في اليد ويضربوا مثلا في الوفاء النادر لجماهير خلقت مفهوما جديدا سيظل راسخا في الأذهان أطلقوا عليه اسم ''اللطخة" التي بدأت بفكرة لتتحوّل فيما بعد إلى ظاهرة تحدّثت عنها وسائل الإعلام في العالم، وصلت حتى إلى مكاتب الفيفا، التي أضحت على يقين أن نادٍ يملك ذلك الجمهور سيخرج حتماً من الأزمة التي يعيشها.

وفي ظرف قياسيّ التفّت الجماهير حول فريقها ومسؤوليها وضخّت أموالاً عجزت هيئات سابقة عن توفيرها، والهدف كان واحداً ألا وهو خلاص كل العقوبات التي سلّطها الاتحاد الدولي لكرة القدم على النادي الإفريقي، وبعد أن كان الجميع يعتقد أنّ الفريق وصل إلى حافة الهاوية حتى أن البعض ذهب إلى إمكانيّة مغادرته للقسم الشرفي وانهياره، خرج المارد من قمقمه ليعلن أنّ لا مستحيل مع "جمهور الغالية".

وطيلة ثلاث سنوات، ضخّت جماهير النادي ودون تردّد، مبلغاً ناهز 11 مليون دينار في خزينة الفريق وفي حساب تم فتحه للغرض بغاية فضّ نزاعات الفريق مع الفيفا وإنقاذه من عقوبات كانت تتربّص به.

وبفضل هذه الجماهير الوفيّة بلغ النادي الافريقي برّ الامان، وها هو يحتفل اليوم بعيد ميلاده الثاني بعد المائة، في يوم ستخّلد فيه أسماء شخصيات تداولت على رئاسة النادي على غرار كلّ من البشير بن مصطفى، مصطفي صفر، محمد العاصمي، عبد العزيز الأصرم، محمود المستيري، فريد مختار، رضا العزابي، حمادي بوصبيع، شريف بلّامين، حمودة بن عمار، فريد عباس، كمال ايدير... وآخرهم يوسف العلمي الذين تواجدوا وأثبتوا حبّهم للأحمر والأبيض في كل مرة كان فيه النادي في حاجة إليهم. فهل يستعيد النادي الإفريقي أمجاده ويعود للتتويجات المحلية والعربية والقارية؟

الفرق.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً