post

كيف أصبح واقع الحريّات في تونس؟

صحافة السبت 25 ديسمبر 2021

عبّر عدد من الصحفيين عن مخاوفهم من تراجع منسوب الحريات في تونس، وذلك بعد الحكم بسجن المدونة والناشطة بالمجتمع المدني، مريم بريبري لمدة أربعة أشهر، بسبب نشرها لفيديو يوثّق اعتداء عون أمن على أحد المواطنين.

وقال نقيب الصحفيين، مهدي الجلاصي، إن هناك مؤشرات خطيرة حول تراجع الحريات العامة في تونس، من ذلك ارتفاع عدد قضايا محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. وأضاف في تصريح إذاعي، أن "الحريات أصبحت مُهدّدة في ظل تواصل الانتهاك للحقوق والحريات وتنامي التضييقات على ممارسة العمل الصحفي".

واعتبر الصحفي حاتم بوكسرة أن "التهديدات قائمة" في ظل تسجيل اعتداءات على الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني، مما يؤشر على وجود تضييقات كبيرة وتقهقر في الحقوق والحريات.

كما أكد عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، زياد دبّار، أن "القوانين والممارسات لم تتغيّر بعد 25 جويلية، حيث مازالت محاكمات الرأي تستند إلى مجلة الاتصالات ومجلة الاجراءات الجزائية دون تطبيق المرسوم عدد 115 الذي يُعتبر المرجع القانوني لما يسمى "جرائم حرية التعبير". وأوضح أن "القضاء التونسي لم يستوعب إلى حدّ الآن، أن محاكمات الرأي لا يجب أن تكون متبوعة بعقوبات سجنية وأنه قد أصبح بذلك مجرّد قضاء تقني".

وأكّد المحامي لدى التعقيب نعمان مزيد ورئيس فرع صفاقس الجنوبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تصريح إذاعي، أنّ محاكمة بريبري شابتها العديد من الإخلالات والخروقات منذ استدعائها بالهاتف لا عبر استدعاء كتابي، واعتبر أنّه من غير المعقول استدعاء متهم في صورة وقوع جريمة وهرسلته بالهاتف.

واعتبر مزيد أنّ الحكم الصادر في حق الناشطة بـ4 أشهر سجنا وخطية مالية بـ500 دينار حكما جائرا خصوصا وأنّه لم يراع الروح التحررية للمرسوم عدد 115 الذي يمثل ضمانة للمدونين والصحفيين وحرية الرأي والتعبير وتمّ بناء على استعمال الفصل 86 من مجلة الاتصالات المتسم بالطابع الزجري. وبيّن المحامي أنّ هيئة الدفاع قامت باستئناف الحكم وفي انتظار تعيين جلسة.

وأفادت الناشطة الحقوقية مريم بريبري، في تصريح إذاعي، أنّ محاكمتها تمت على خلفية مساهمتها في نشر فيديو يوثق اعتداء بالعنف على مواطن في نابل وتنديدها بهذه الحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشارت إلى أنّ نقابة الأمن الداخلي بصفاقس تقدمت بشكاية ضدها بالرغم بأنّه لا علاقة لها بموضوع الفيديو المنشور والمعتدي على المواطن بالعنف في نابل. واعتبرت بريبري أنّ محاكمتها تأتي في إطار التضييق على حرية الرأي والتعبير التي يكفلها الدستور وتشديد الخناق على المدافعين على حقوق الإنسان.

ويذكر أن بريبري تمت محاكمتها على خلفية شكاية تقدم بها كاتب عام نقابة الأمن الداخلي بصفاقس اتهمها من خلالها بتعمد الإساءة إليه. وتجمع عدد من النقابات الأمنية أمام محكمة صفاقس للضغط على وكيل الجمهورية والقضاة بعد أن تركوا بريبري في حالة سراح بعد إحالتها في حالة تقديم.

واعتبر رئيس جمعية لينا بن مهني الصداق بن مهني أنّ محاكمة بريبري هي محاكمة لشباب الثورة خصوصا وأنّها محاكمة لحرية الرأي والتعبير والتدوين فضلا عن تعرضها للهرسلة إلى حين تلفيق قضية لها.

من جهة أخرى، طالب أمين عام الاتحاد الدولي للصحفيين انتوني بيلانجي، في بيان صادر عن الاتحاد أمس الجمعة، بالسحب الفوري للمنشور الصادر عن رئيسة الحكومة نجلاء بودن والمتعلق بقواعد الاتصال الحكومي للحكومة.

وأكّد بيلانجي ضرورة إلغاء هذا المنشور الذي اعتبره "يهدف إلى الحدّ من تعددية وسائل الإعلام"، ووصف حرية الصحافة في تونس بأنّها في حالة "سقوط حر منذ عدّة أشهر".

كما أشار البيان إلى أنّ رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، دعت يوم 10 ديسمبر، في منشور وجهته إلى الوزراء وكتاب الدولة، إلى ضرورة التنسيق مع مصالح الاتصال برئاسة الحكومة بخصوص شكل ومضمون كلّ ظهور إعلامي، والامتناع عن الحضور والمشاركة في القنوات التلفزية والإذاعات المخالفة للقانون ولقرارات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا).

وورد بالبيان أنّ المنشور الذي صدر تحت عنوان "قواعد الاتصال الحكومي للحكومة"، حدّد إجراءات الاتصال الحكومي، ودعا إلى تعيين قائمة المتحدثين الرسميين باسم كل وزارة لاعتمادها عند التعامل مع وسائل الإعلام.

واعتبر الاتحاد الدولي للصحفيين أنّ هذه الخطوة "تقيد بشكل كبير من الحق في الوصول إلى المعلومات، ويمكن أن تخلق الخوف لدى أعضاء الحكومة الراغبين في التواصل مع الصحافة".

وذكر البيان بأنّ رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين ونقيب الصحفيين التونسيين، كانا توجها خلال ندوة حوارية عقدتها المنظمتين حول حقوق الصحفيين كدعامة لصحافة الصالح العام وحقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان في 10 ديسمبر الجاري، بالدعوة إلى رئيس الجمهورية قيس السعيد ورئيسة حكومته لاستئناف مسار الحوار، كحق أساسي للمواطنين التونسيين في الحصول على المعلومات.

وكانت لجنة الحريات التابعة للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أدانت منشورا وجهته رئيسة الحكومة إلى الوزراء وكتاب الدولة، تحت عنوان "حول قواعد الاتصال الحكومي للحكومة". ودعت إلى السحب الفوري لهذا المنشور وتوفير كل الضمانات القانونية لعمل الصحفيين وحق التونسيين في الاطلاع على كل ما يحدث وما يتم اتخاذه من قرارات.

كما عبّرت اللجنة في بيان لها يوم 21 ديسمبر الحالي، عن استهجانها ورفضها لهذا القرار الذي وصفته بـ"المشين والمهين" والذي يتعارض كليا مع الضمانات الدستورية والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الدولة التونسية، واعتبرت أنّ حكومة بودن وبمثل هذا القرار، "باتت تسعى إلى فرض وصاية كاملة على حقوق الصحفيين والمواطنين عموما وإقصائهم وإلهائهم عن مهامهم الوطنية".

وسال-علام.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً