post

كيف واجهت الحكومة الأردنية الشارع الغاضب من تدهور المعيشة؟

اقتصاد وأعمال الأربعاء 19 جانفي 2022

تحاول الحكومة الأردنية تخفيف حدّة الاحتقان لدى الشارع الغاضب من تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن كافة السلع والخدمات والزيادة الكبيرة التي طرأت خلال العامين الماضيين على نسب الفقر والبطالة بسبب جائحة كورونا وتداعياتها.

ووفق مراقبين، فإن الحكومة تدرك حجم الاستياء الشعبي من سوء الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة المواطنين على تحمل مزيد من الأعباء بسبب السياسات الاقتصادية المتراكمة التي تقوم في جلها على رفع الضرائب دون انعكاس ذلك إيجابا على مستويات المعيشة والفقر والبطالة، وبالتالي فإن الحكومة تسعى لاحتواء غضبة الشارع من خلال قرارات توصف بأنها ليست أكثر من تجميلية لسياساتها الاقتصادية.

ويأتي ذلك في ظل محاولات الحكومة أيضا لتمرير قرارات اقتصادية جديدة تتعلق برفع الأسعار بخاصة تعرفة الكهرباء أولا ومن بعدها أسعار المياه دون إثارة الاحتجاجات الشعبية، وذلك من خلال صرف نظر الشارع وتوجيهه للاهتمام بقرارات أخرى اتخذتها الأسبوع الماضي بشأن تخفيضات على أسعار عدد من السلع استثنيت منها المواد الغذائية والمركبات وغيرها والتي تشكل عبئا كبيرا على المواطنين.

وتسعى الحكومة، عبر قرارات تخفيض الأسعار، لكسب شعبية الشارع وتهدئته بالتزامن مع مناقشات البرلمان الأردني لمنظومة التشريعات السياسية وفي مقدمتها تعديل الدستور ومن بعده مشروعا قانوني الأحزاب والانتخاب رغم الانتقادات الكبيرة التي تدور حولها.

وكانت الحكومة قررت تخفيض الرسوم الجمركية على مختلف السلع لتصبح 5% فقط باستثناء السلع التي يوجد لها مثيل محلي كالصناعات الغذائية والهندسية وغيرها، حيث ستصبح الجمارك عليها بنسبة 15% بحلول 2027.

وقالت وزارة الطاقة إنه بموجب برنامج صندوق النقد الدولي، تلتزم الحكومة بخطة مدتها 3 سنوات ابتداء من عام 2021 لتعديل تعرفة الكهرباء "بهدف تحسين استهداف الدعم المقدم للأسر وخفض التكلفة العالية للكهرباء على الشركات".

وأشارت إلى أن قطاع الكهرباء يشكل نحو 20% من الدين العام بسبب تراكم ديون شركة الكهرباء الوطنية التي وصلت إلى حوالي 7.18 مليارات دولار.

وبموجب التعرفة الجديدة للكهرباء سيتم اعتماد ثلاث شرائح ليكون سعر تعرفة الاستهلاك الشهري لهذه الفئة بقيمة 50 فلساً لكلّ كيلو واط ساعة لشريحة الاستهلاك من (1 - 300) كيلو واط ساعة، و100 فلس للاستهلاك من (301- 600)، و200 فلس لكل كيلو واط للاستهلاك الذي يتجاوز 600 كيلو واط.

ووفق تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة قبل الماضي، فإن نحو 15% من الأسر الأردنية قد تفقد الوصول إلى دعم أسعار الكهرباء جزئياً أو كلياً، إثر تطبيق التعرفة الكهربائية الجديدة التي تستعد الحكومة لتطبيقها نهاية مارس المقبل.

وفي سياق متصل، فإن اتفاق النوايا الموقع بين الأردن والإمارات والكيان الإسرائيلي يشكل أحد العوامل الأساسية التي زادت احتقان الشارع، حيث قال رئيس لجنة الطاقة النيابية إن مجلس النواب بأغلبية أعضائه يتمسك بموقفه الرافض من الاتفاق الذي ما زال في إطار النوايا وقيد الدراسة، والأصل أن تتراجع الحكومة عنه حتى لا تؤدي إلى تأزيم الشارع مرة أخرى وتوتر العلاقة مع مجلس النواب خلال الفترة المقبلة.

ويقوم الاتفاق على حصول الأردن على 200 مليون متر مكعب مياه من إسرائيل سنويا مقابل تزويدها بالكهرباء.

واستهلت الحكومة العام الجديد برفع أسعار المشتقات النفطية لتبلغ بعض الأصناف مستويات قياسية غير مسبوقة خاصة البنزين بنوعية 90 و95 أوكتان.

وشهدت أسعار مختلف السلع وخاصة المواد الغذائية ارتفاعات كبيرة وغير مسبوقة خلال العامين الماضيين وبنسبة تجاوزت 70% لبعض المواد مثل الزيوت النباتية وأصناف من الخضار والفواكه، إضافة إلى ارتفاع متطلبات الإنفاق على الرعاية الصحية والوقاية من وباء كورونا. وخسر أكثر من 140 ألف شخص وظائفهم بسبب جائحة كورونا، حسب بيانات رسمية.

ويذكر أن الأردن شهد احتجاجات في ماي من العام 2018 ضد حكومة هاني الملقي بسبب رفع أسعار الكهرباء والضرائب انتهت بإسقاط الحكومة والتراجع عن تلك القرارات.

وأصدرت لجنة المتابعة الوطنية التي تضم عددا من الأحزاب وشخصيات سياسية واقتصادية بيانا صحفيا الجمعة قبل الماضية، قالت فيه إن الدولة الأردنية دخلت مأويتها الثانية مع مطلع العام وقد ازدادت معاناة الأردنيين وتفاقم بؤسهم واستشرى الفقر بينهم وذلك بسبب السياسات الجائرة التي تأخذ الدولة نحو الانهيار.

inbound6641363467357892813.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً