post

لافروف يزور تونس قريبا وسعيّد يعتزم زيارة روسيا وسط انتقادات أمريكية له

تونس السبت 30 أفريل 2022

من المنتظر أن يؤدي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة إلى تونس يومي 9 و10 ماي المقبل، بحسب ما جاء في موقع "الشعب نيوز"، الناطق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل.

وأضاف الموقع ذاته، أن السفير الروسي بتونس والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، سيلتقيان خلال الأسبوع الذي يلي العيد. كما يعمل السفير الروسي على التنسيق لعقد لقاء بين لافروف والطبوبي.

وتعتبر هذه الزيارة الثالثة للافروف لتونس بعد زيارتي 2014 و2019.

سعيد يعتزم زيارة روسيا

وكشف مصدر دبلوماسي تونسي، الخميس، عن وجود مساعي لتنظيم زيارة للرئيس قيس سعيّد إلى موسكو في أقرب وقت ممكن. ويأتي ذلك في وقت لقي فيه سعيد انتقادات أمريكية حادة بسبب إجراءاته المثيرة للجدل، المتعلقة باحتكاره السلطة، وفرض إجراءات يصفها بالاستثنائية، تلقى رفض غالبية القوى السياسية والحزبية التي تؤكد أنها "انقلاب على الدستور وديمقراطية البلاد".

وأعلن الزيارة السفير التونسي لدى موسكو، طارق بن سالم، في تصريحات خاصة لوكالة "سبوتنيك" الروسية. وقال ابن سالم للوكالة الروسية: "نحن الآن نعمل على ضمان زيارة الرئيس التونسي لروسيا في أقرب وقت ممكن". إلا أنه علل الزيارة المحتملة "بمناسبة مشاركة مرتقبة لرائدة فضاء تونسية في مهمة ستنطلق من روسيا إلى محطة الفضاء الدولية"، دون ذكر تواريخ محددة.

وتأتي الزيارة كذلك في وقت تحاول فيه أمريكا والدول الأوروبية فرض عزلة دولية على روسيا، بسبب حربها على أوكرانيا.

وفي 13 أوت الماضي، وقع مجمع "تلنات" التونسي الخاص اتفاقًا مع وكالة الفضاء الروسية، لاختيار وتدريب رائدة فضاء تونسية وإرسالها إلى المحطة الروسية الدولية "آي إس إس" أواخر العام 2022 أو بداية 2023.

انتقادات أمريكية

وسبق أن وجهت الخارجية الأمريكية انتقادات لوضع الحريات في تونس، وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن "تونس كانت من بين قصص النجاح في المنطقة التي قمنا بدعمها، ونؤكد اليوم قلقنا من حل البرلمان في خطوة أحادية". وكانت تصريحاته ردا على سؤال يتعلق بالأوضاع في تونس خلال إفادة أمام لجنة برلمانية لمناقشة ميزانية الوزارة لعام 2023.

وقال: "ندعم عملية إصلاح شاملة وشفافة تضم الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني"، وأضاف أن "المشاركة الضعيفة للتونسيين في الاستشارة الإلكترونية لا تعكس بشكل واضح مسارا شاملا للإصلاح". وتابع بأن واشنطن "تضغط لإنهاء استخدام المحاكم العسكرية في محاكمات المدنيين، خاصة المتعلقة بحرية التعبير".

وأوضح أن "مشروع مساعدتنا يتلاءم مع التطورات التي نواجهها في تونس الآن، لكننا مستعدون لتقديم مزيد من الدعم إذا ما عاد الرئيس سعيد بالبلاد إلى المسار الديمقراطي".

وعبّر عن اعتقاده بأن "ما ينبغي على السلطات التونسية فعله حاليا هو القدرة على الحصول على المساعدة من المؤسسات المالية العالمية، لكن ما يجري حاليا يحيد بهم عن ذلك".

الحياد السلبي

وتمسكت تونس بموقف رسمي محايد إزاء الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا، في ظل تساؤلات حول الأسباب وراء ذلك بعدما دعت جميع الأطراف المعنية إلى "العمل على تسوية أي نزاع بالطرق السلمية، وذلك من منطلق مواقفها الثابتة بضرورة تغليب منطق الحوار كأفضل السبل لفض النزاعات بين الدول".

لكن الموقف الذي اتخذته الخارجية التونسية، لم يكن مقنعاً لحلفائها الاستراتيجيين، واعتبروه مفاجئاً لهم. وهو ما دفع بسفير الاتحاد الأوروبي ماركوس كورنارو إلى اتهام تونس بالتسوية "بين الضحية والجلاد"، واعتبر ذلك "انحيازاً وليس حياداً".

ولم يكن المسؤول الأوروبي وحده المنتقد للموقف التونسي، إذ سبق أن كتب السفير الأميركي السابق في تونس غوردون غراي تغريدة على موقع "تويتر" تساءل فيها "لماذا لا تظهر الحكومة التونسية الشجاعة الأخلاقية وتدين غزو روسيا لأوكرانيا؟".

وقارن بين الموقف الراهن وبين ما حصل "قبل عشر سنوات، حين وقفت حكومة تونس على الجانب الصحيح من التاريخ من خلال استضافة مؤتمر "أصدقاء سورية" الأول في عام 2012.

ولكن الثغرة الأساسية في الموقف التونسي تمثلت في عدم الإشارة إلى المواثيق الدولية، وهو ما اعتبره الغربيون أمراً مقصوداً حتى تتجنب مبدأ الأمم المتحدة القائل بأن من واجب جميع الدول "ألا تهدد باستعمال القوة أو تستعملها ضد سيادة الدول الأخرى أو استقلالها السياسي أو سلامتها الإقليمية"، فأوقعها ذلك في الحرج مع حلفاء تونس الاستراتيجيين أوروبا وأميركا.

وأثار الوضع السياسي الداخلي لتونس مزيداً من الغموض على علاقاتها الخارجية بالدول القريبة منها. فالغرب من خلال الدول السبع الكبار سبق له أن انتقد بشكل جماعي سياسة سعيّد في مجال الحريات والتراجع عن الخيار الديمقراطي. وهو ينظر بعين الريبة لكل خطوة سياسية يقدم عليها يعيد.

وسبق لرئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومكافحة الإرهاب بمجلس النواب في الكونغرس الأميركي، تيد دويتش، أن أعلن بوضوح أن "الديمقراطية التونسية في خطر".

كما جاء على لسان النائب الجمهوري غريك ستوبي أن "الرئيس التونسي ليس صديقاً، وأنه يدافع عن أجندة ضد الولايات المتحدة منذ حملته الانتخابية".

تغيير استراتيجي

وسبق أن راجت بعض الفرضيات، من بينها أن سعيّد الذي عبر عن ضيقه من محاولات التدخل في أسلوب إدارته للحكم من قبل الغربيين، بدأ يفكر في إحداث تغيير جوهري ذي طابع استراتيجي في علاقات تونس الخارجية.

وفي ذلك حرص على تطوير العلاقة مع كل من روسيا والصين، وهو احتمال أصبح يثير قلق الحلفاء التقليديين لتونس، وفي مقدمتهم واشنطن. ويخشى أن تكون لمثل هذه السياسة تداعيات خطيرة لا تستطيع تونس تحملها في هذا الظرف بالذات.

وأصبحت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على تونس واضحة وملموسة اقتصادياً وسياسياً، وهذه التداعيات مرشحة لتزيد من تعقيد حدود المناورة لدى سعيّد الذي بدا واضحاً أن طموحاته تتجاوز الرقعة الصغيرة لتونس، وأن أنصاره يرون فيه "زعيماً أممياً"، وأن طريقة تفكيره تتصادم في العديد من ملامحها مع ما يطلق عليه "ثوابت السياسة الغربية".

وهو من المؤمنين بضرورة تغيير موازين القوى في العالم، ويرفض أن تنفرد أميركا بالقيادة، ويرى من الضروري العودة إلى نظام دولي متعدد الأقطاب، لأن ذلك من شأنه أن يوسع من دائرة المناورة، ويخفف من الضغوط على أي رئيس يريد تغيير أوضاع بلاده من خارج قواعد الديمقراطية التمثيلية.

inbound4117056453742541498.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً